العدسة – معتز أشرف

انتقام جديد من أسرة د. عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية في عهد د. محمد مرسي، قاده رجال الرئيس المصري المنتهية ولايته عبدالفتاح السيسي بحق د. عصام وابنه جهاد، الناطق السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وصل أمس إلى منحنى تصاعدي خطير داخل سجن العقرب، ما يفتح ملف الانتقام المستمر في ظل حديث مصادر خاصة عن تربص السيسي بالدكتور عصام الحداد منذ أن كان في الرئاسة، بعد رفض الأخير بعض إجراءات السيسي المخالفة للقيم العسكرية وقسمه أمام رئيسه.

انتهاك جديد

جهاد الحداد، الناطق السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، تعرض للضرب المبرح بالأمس من قبل ضابط جهاز الأمن الوطني أحمد سيف وحراس سجن العقرب، بعد أن اقتحم المسؤول زنزانة “جهاد” الانفرادية في عنبر 2 وبدأ بضربه، واستهدف عمدا رأسه، بحسب بيان نشرته الصحيفة الرسمية للدكتور عصام الحداد اليوم.

وقال البيان: “ترك  “الحداد” في شلل مؤقت، وضرب بوحشية في زنزانة انفرادية، رغم معرفة سلطات السجون معاناة جهاد من الدوار غير المتكرر في فقدان الوعي، ولقد ترك “جهاد” في حالة من الشلل المؤقت مع جروح وكدمات على جسده ورأسه، قد تكون الضربات إلى الرأس سببت نزيفًا داخليًّا، تم رفض جميع طلبات نقل المستشفى، وتوقع البيان أن تنكر سلطات السجن زيارته المقررة للتغطية على فظائعهم، وحمل وزارة الداخلية مسؤولية سلامة جهاد الحداد، وتحتفظ والدته بحقها في ملاحقة وزارة الداخلية المصرية وتحميلها المسؤولية عن صحة ابنها .

وكتبت السيدة “منى إمام” زوجة د. عصام الحداد ووالدة جهاد على صفحتها الرسمية اليوم: “بلغني أنه تم الاعتداء بالضرب الشديد أمس على ابني المهندس جهاد الحداد في سجن العقرب، بواسطة ضابط أمن الدولة أحمد سيف، الذي أمر بإدخال المخبرين المجرمين عليه وضربه في زنزانته الانفرادية.. وأن جهاد حالته سيئة، وتم ضربه على رأسه حتى إنه فقد القدرة على الحركة، وهناك احتمال إصابته بنزيف داخلي.. وأن جهاد قدم بلاغًا بذلك، وطلب نقله للمستشفى وهو ما لم يحدث، واليوم الأحد، زيارة جهاد ولا أعلم ما سيحدث.. لو منعونا من الدخول فهذا تأكيد للخبر وحسبى الله ونعم الوكيل!، جهاد يعاني أساسا” من نوبات دوار وإغماء وتشنجات”.. وتعرض لنوبتين في فبراير الماضي وأجمع الأطباء على ضرورة عمل أشعة مقطعية على المخ، والسجن رفض عمل أي فحص له.. تعمد ضربه على رأسه “علقة موت”، كما بلغني معاناة قتله!، أنتظر زيارة اليوم لمعرفة ما حدث.. لو منعوا زيارة زوجته فهو تأكيد للخبر، وهذا بلاغ للمنظمات الحقوقية الدولية والمحلية لإنقاذ ابني جهاد الحداد وزوجي الدكتور عصام الحداد الذي يرفضون عمل عملية قسطرة القلب له منذ ٦ أشهر، مما أدى إلى تدهور حالة قلبه وتعرضه لنوبات متتابعة!، وزارة الداخلية وإدارة السجن وضابط أمن الدولة أحمد سيف، يتحملون كامل المسؤولية عن هذا الاعتداء المجرم!”.

رحلة تربص

وبحسب أسرة د. عصام الحداد، مساعد الرئيس مرسي لشؤون العلاقات الخارجية والتعاون الدولي، فإنه تعرض لرحلة تربص طويلة منذ يوليو 2013، حيث تم احتجاز د. عصام الحداد قسريًّا دون سند قانوني منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013، حيث تم احتجازه تعسفيًّا مع آخرين من الفريق الرئاسي في دار الحرس الجمهوري بالقاهرة، كما تم منعه من التصرف في أمواله، وقد طالبت منظمات حقوقية عدة مرات – من بينها منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش – بإطلاق سراحه وإعطائه كافة حقوقه خلال أشهر يوليو، أغسطس، نوفمبر، وديسمبر 2013 وكذلك فبراير 2014، وقد تبنت مجموعة العمل على الاحتجاز التعسفي التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة رأيا في ديسمبر 2013 (رقم 39/2013) يقضي بأن “الحداد” احتجز بدون اتصال مع العالم الخارجي مع أعضاء آخرين من الفريق الرئاسي بأرض الحرس الجمهوري، بدون أي سند قانوني.

وقالت الأسرة إن “د. عصام الحداد، الذي يبلغ من العمر ستين عاما، محروم من أبسط حقوقه القانونية كمعتقل، وفقا للقانون المصري أو القوانين الدولية، حيث تم منعه من توكيل محام، وكذلك منعه من لقاء أي محام، ولم يتم التحقيق معه مطلقا حتى اللحظة في التهم الموجهة له، كما رفضت النيابة العامة إصدار تصريحات زيارة لأسرته أو للمحامين، ومنذ وصوله إلى سجن العقرب، تم فرض إجراءات جديدة علي جميع الزيارات للسجن شديد الحراسة وأقل ما توصف به ظروف احتجاز د. عصام الحداد هي أنها لا إنسانية، فهو محتجز انفراديا في زنزانة تفتقد لأي معيار من معايير الآدمية، حيث لا يدخلها الضوء، ولا توجد بها تهوية، كما تم نقل ابنه جهاد الحداد، الذي تم اعتقاله في سبتمبر 2013، إلى نفس السجن يوم 25 يناير 2014، ولكن إلى عنبر آخر غير الذي يحتجز فيه والده، وفي ظروف أشد قسوة، ويفصل د. عصام عن ابنه جهاد مسافة 10 أمتار تقريبا، وفي هذه المسافة القصيرة توجد أربع بوابات. وعندما انتبه مسؤولو السجن إلى أن المعتقلين في العنابر المختلفة يمكنهم أن يروا بعضهم البعض من خلال قضبان البوابات، أغلقوا الفتحات بين قضبانها بالصاج حتى لا يتمكن المعتقلون – ومن بينهم الأب وابنه – من رؤية بعضهم البعض ولو بالصدفة، مؤكدة أنه تعرض للاحتجاز القسري والاعتقال التعسفي، وغياب أية مصداقية للتهم الموجهة له، فضلا عن عدم خضوعه لمحاكمة عادلة، بالتزامن الانتهاكات المتكررة للمعايير القانونية والدولية.

وتتابعت الانتهاكات بحسب الأسرة، حيث قالت في بيان في عام 2016، نشرته رابطة أسر معتقلي العقرب: “لم يترك هؤلاء المجرمون لهم شيئًا يربطهم بالحياة إلا حرموهم منه.. ونحمل وزارة الداخلية ومصلحة السجون ومسؤولي #سجن_شديد١، المسمى#مقبرة_العقرب المسؤولية الكاملة عن حياة الابن والزوج”.

وفي عام 2017، تواصلت الانتهاكات وامتدت إلى العام الجاري، وأصدرت الأسرة بيانات جديدة في الأشهر الثلاثة الماضية، تتحدث عن استمرار ذات المعاناة والمكابدة والانتقام الممنهج ضد د.عصام الحداد وابنه جهاد.

مقال “جهاد”

ورفض جهاد الحداد وأبوه د. عصام، بحسب مصادر خاصة، الانتهاكات المستمرة بحقهما وباقي المعتقلين، وشاركا في إضرابات متتالية بسجن العقرب، إلا أن جهاد نسب إليه مقال في جريدة “نيويورك تايمز” الأمريكية من محبسه، وكانت ضربة مربكة لنظام السيسي تحدث عنه كثيرون من المقربين من النظام، وصبوا جام غضبهم عليهم، خاصة بعد أن تحدث المقال عن انتهاكات سجن العقرب والنظام بقوة.

وقال جهاد في المقال المنسوب له: “نحن لسنا إرهابيين، ففلسفة حركة الإخوان المسلمين استلهمناها من خلال فهمنا للإسلام الذي يقوم بالأساس على قيم العدالة الاجتماعية والمساواة وسيادة القانون، ومنذ إنشاء الحركة سنة 1928، عاش الإخوان في وضعين؛ إما العيش في بيئة سياسية معادية، أو في مجتمع النهضة الأكثر تهميشًا، ولذلك، لطالما تحدثنا وكتبنا عن هذه المظالم، لكن لم يصغ لنا أي أحد، وأنا كلي أمل أن ترى هذه الكلمات التي أكتبها هذه المرة النور” مضيفا: “لا شيء يُحسب لنا أكثر من التزامنا المستمر بمنطق اللاعنف والإصرار على المقاومة السلمية، على الرغم من عنف الدولة الذي لم يسبق له مثيل، فعلى مدار الأربع سنوات الماضية، احتكر الجنرال عبدالفتاح السيسي السلطة عن طريق قمع المعارضة، وترأس حملة قمع وحشية لها”.