العدسة – ربى الطاهر

يحتفل العالم بيوم السعادة في 21 مارس سنويًا، وبمناسبة هذا اليوم قامت شبكة الحلول المستدامة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة بنشر التقرير السنوي عن السعادة بين شعوب العالم، ويعد هذا التقرير هو الخامس في الترتيب منذ بداية إصداره في العام 2012، وقد دعا  التقرير الدول إلى تعزيز الأمان الاجتماعي والمساواة لزيادة رفاهية مواطنيها، خاصة وأن الحكومات وكذلك المنظمات الدولية والمجتمعات المدنية  تسعى لرفع مؤشرات السعادة التي تخصها لتوضح مدى التخطيط الجيد  الذي تعتمد على تطبيقه وآلية صناعة قرارتها.

ويعتمد هذا التقرير على قياس 38 مؤشرا للسعادة، بدءًا من النظام السياسي، وانتهاءً بالتعليم ونسبة انتشار الفساد والحرية في اتخاذ القرارات الحياتية ومعدلات الصحة العامّة، ويضم هذا التصنيف 155 دولة حول العالم ويعتمد في تصنيفهم على المسح العالمي  الذى يجريه معهد Gallup عن أحوال السعادة حول العالم، وقد اضاف التقرير هذا العام معيارا جديد اعتمد على تحليل الظروف المحيطة بأجواء العمل في كل الدول على اختلافاتها إلى جانب الوضع الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية وآلية توزيع الثروة.

وقد اعتلت النرويج تلك القائمة لتكون أكثر دول العالم سعادة ، بمعدل تقييم يعادل 7.5، وكانت الدول الإسكندنافية هي الأسعد في العالم؛ فقد جاءت في المرتبة التي تليها الدنمارك، وكانت قد تراجعت مرتبة واحدة عن تقرير العام السابق، في حين كانت آخرَ دولتين في ذيل تلك القائمة دولتان عربيتان.

وبعد الدنمارك جاءت أيسلندا في المرتبة الثالثة وتلتها سويسرا  ثم فنلندا ثم هولندا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا والسويد ليحتلوا المراكز العشرة الأولى حسب ترتيبهم، أما المركز الحادي عشر فقد احتلته إسرائيل متقدمة بذلك على بريطانيا وأمريكا، أما فلسطين فقد جاء ترتيبها بالنسبة للقائمة العالمية رقم 103 وبالنسبة للترتيب العربي كانت الدولة الثالثة عشرة عربيًا.

وبحسب التقرير فإن  الدول التي تربعت على عرش المراكز الأربعة الأولى قد حققت نسبا مرتفعة في أهم العوامل الرئيسية للسعادة والتي تمثلت في “الرعاية، والحرية، والسخاء، والأمانة، والصحة، والدخل، والحكم الجيد” .

المراكز التي احتلتها الدول العربية

اما بالنسبة للدول العربية فقد حققت الإمارات العربية مركزًا متقدما على المستوى العالمي؛ حيث جاء ترتيبها رقم 21 عالميا والأولي على المستوى العربي، وبذلك تكون الإمارات قد تقدمت عن التقييم السابق بـ 7 درجات؛ حيث كان آخر تصنيف لها في المركز الـ 28 عالميا، وتلتها في الترتيب العربي قطر؛ فقد كانت ثانى الدول العربية من حيث الترتيب ولكنها رقم 35 على المستوى العالمي وبُنِيَ ذلك على ارتفاع مستوى الدعم الاجتماعي والصحة العامة والناتج الإجمالي المحلي للفرد الواحد، وكانت المملكة العربية السعودية في الترتيب الثالث على مستوى الدول العربية بينما احتلت الرقم 37 عالميا، وذلك حسب نفس الاعتبارات التي تم القياس عليها بالنسبة لسابقيها كما أضيف إليها كذلك  حرية اتخاذ القرارات الحياتية، ولكنه أمر يثير الاندهاش خاصة على المستوى العملي.

ومثل الترتيب  لباقي الدول العربية سواء كان ذلك على المستوى العربي أو على المستوى العالمي كما هو فيما يلي:

تنصبت الكويت في المركز الرابع عربياً وا لـ 39 عالمياً، أما البحرين فقد  جاءت بالمرتبة الخامسة عربياً و 41 عالمياً،

وتلتهم الجزائر في الترتيب السادس عربياً و 53 عالمياً، وبعدها ليبيا في المرتبة السابعة عربياً و68 عالمياً، و الأردن في المرتبة الثامنة عربياً و 74 عالمياً، والمغرب في المرتبة التاسعة عربياً و 84 عالمياً، و لبنان في المرتبة العاشرة عربياً، و88 عالمياً، والصومال في المرتبة الحادية عشرة عربياً  و93 عالمياً، وتونس في المرتبة الثانية عشرة عربياً، 102 عالمياً، وفلسطين في المرتبة الثالثة عشرة عربياً، و 103 عالمياً.

أما فيما يخص الترتيب الذي حصت عليه مصر فقد تراجع لتصبح في المرتبة الرابعة عشر عربياً و 104 على المستوى العالمي، وتذيلت باقي الدول العربية المراتب الأخيرة في تقرير السعادة، وهذا يعنى أنها تحتل المراتب الأولى في قائمة أكثر الدول حول العالم تعاسة، والذي ينعكس ذلك من الحالة النفسية  السيئة للمواطنين.

فقد جاءت العراق في الترتيب الـ117 عالمياً، وموريتانيا احتلت رقم 123عالمياً، أما السودان الشمالية فقد كانت في الترتيب الـ130، وقد سبقت بذلك السودان الجنوبية في التصنيف بـ17 نقطة حيث حصلت السودان الجنوبية على المرتبة الـ147، وسبقتها اليمن بمركز واحد حيث حصلت على الترتيب رقم 146، ثم جاءت سوريا لتكون رقم 152 في تلك القائمة التى تحتوى على 155 دولة وهذا يعنى أنها رابع أتعس دولة في العالم.

ومن أسفل القائمة جاءت الدولة الأتعس على المستوى العالمي هى إفريقيا الوسطى التي  احتلت المرتبة الأولى عالمياً حيث حصلت على الرقم 155 وهو الأخير في تقرير السعادة العالمى، وجاءت بعدها من حيث التعاسة جمهورية بورنودي، ثم  تنزانيا لتأتى بعدهم سوريا في المركز الرابع وتلتها رواندا.

تقييمات الدول الكبرى

أما فيما يخص الدول الكبرى والدول الأوروبية فلم تصل إحداهم إلى المراتب العشرة الأولى من حيث السعادة؛ فقد جاءت الولايات المتحدة الأمريكية، في الترتيب الرابع عشر عالميا بينما كانت المملكة المتحدة في المرتبة السادس عشر عالميا، وجاءت ألمانيا في المرتبة رقم 19 عالميا، ثم فرنسا بعدهم بدرجات لتحصل على الترتيب الـ 31، ثم إسبانيا في المرتبة الـ 34، فيما جاءت روسيا لتحتل المرتبة الـ 49،  ثم اليابان التى جاءت في الترتيب رقم  51  وبعدها بعدة درجات جاءت الصين في المرتبة 79، أما  إيران  فقد جاءت في المرتبة 108 عالمياً.

ولم يكن هذا التقييم مجرد تصنيف معرفي لتلك البلاد التي تتخذ خطوات جيدة لتوفير خدمات أكثر راحة لمواطنيها والعكس، ولكنه كان ذا تأثيرات هامة في بعض الدول؛ حيث قد ترتب عليه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ حيث أثرت على الحالة النفسية لمواطنيها بعدما سارت بهم إلى اتجاهات غير مريحة مما أدى إلى انخفاض تقييمها عن التصنيف السابق.

وعلى الرغم مما تركته الثورات العربية  كأبرز الأحداث العالمية من آثار سلبية على مواطنيها مثلما حدث في مصر وتونس وسوريا والبحرين، فقد اتخذت خطوات في بالارتفاع في معدّل الناتج الإجمالي المحلي للفرد الواحد في تلك الدول العربية إلا أن المؤشرات أظهرت تناسبًا عكسيًا مع مؤشرات السعادة حيث يسير معدل السعادة الإجمالي إلى التراجع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

المؤشرات التى اعتمدت عليها مقاييس السعادة في التصنيف:

لم يعتد كثيرا بنسبة الثراء سواء كانت للدول أو حتى الأفراد في هذا التصنيف بينما انصبّ الاهتمام على معايير أخرى كانت هى الأهم في اعتماد هذا التصنيف وكان أهمها على الإطلاق هي الحالة النفسية للمواطنين والتي تؤثر بدورها على نسبة اطوال أعمارهم، وكذلك  نسبة الحرية المتاحة لاتخاذ القرارات الحياتية، ومدى توفرالدعم الاجتماعي، ونسب ومعدلات الصحة الأمّة، كما اعتمد كذلك على قياس نسبة الكرم ونسبة انتشار الفساد ومدى مكافحته والناتج الإجمالي المحلي للفرد الواحد ، وقد أضيف مؤخرا في هذا العام مؤشرات ظروف العمل ومعاشات الأفراد، ودرجة الموازنة بين الحياة الاجتماعية والعملية، والنظر كذلك بعين الاعتبار إلى فرص العمل المتاحة واستقلالية الأفراد في عملهم.

آلية التصنيف:

ويعتمد هذا التصنيف على استفتاء يعرف  باسم The Gallup World Poll  وهو استفتاء عالمي يقوم بإدارته معهد جالوب Gallup، حيث يعتمد على توجيه سؤال واحد يطرح على الأفراد من أكثر من 155 دولة في العالم، ويتم تأمين تلك المعلومات حتى يسمح لهؤلاء من خلال هذا السؤال تقييم حياتهم على مقياس ما بين 0 إلى 10، تكون أقلها هي رقم صفر وهي الأسوأ بينما عشرة تعد هى الأفضل، وكان من بين الأفراد الذين قدموا أقل التقييمات العالمية هم مواطنو سوريا، وافريقيا الوسطى وبوروندي  حيث تراوحت تقييماتهم ما بين 2 إلى 3.