العدسة – جلال إدريس

“سليط اللسان، متعجرف، مغرور” أوصاف سلبية متعددة بات يطلقها نشطاء ومغردون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على رئيس هيئة الرياضة السعودية  والمستشار بالديوان الملكي برتبة وزير “تركي آل الشيخ”.

الرجل الذي لا يبلغ من العمر سوى 36 عاما، لم يعد أحد يَسْلم من لسانه، والذي على ما يبدو بات متخصصا في الهجوم على من يرغب في مهاجمتهم محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لكن بطريقة غير رسمية.

الكويت ومن بعدها المغرب، ومن قبلهما قطر، ثم رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، جميعهم طالهم هجوم “آل الشيخ” الحاد، ونالوا من تغريداته السيئة عبر حسابه الرسمي بـ “تويتر”، والتي في أغلبها تصمت عليها السلطات السعودية، وكأنها توافق على تجاوزاته وتطاولاته.

المشترك في كل من هاجمهم “آل الشيخ” أن جميعهم اختلفوا مع “محمد بن سلمان” أو مع التوجهات الجديدة للمملكة العربية السعودية، وهو ما يعني أن الرجل أصبح “اللسان المسموم” لمحمد بن سلمان، يطلقه على مخالفيه وخصومه.

هجوم دائم على قطر

لا يتوقف “تركي آل الشيخ” عن الهجوم المستمر والدائم على دولة قطر، متبنيا في ذلك موقف ولي نعمته “محمد بن سلمان” الذي لا يترك هو الآخر مناسبة أو حديث إعلامي إلا ويكيل الاتهامات لقطر، ثم يدعي أن قضية “قطر” قضية صغيرة ولا تشغله.

من تلك الإساءات المتواصلة لـ”تركي آل الشيخ” عبر حسابه الرسمي بـ”تويتر”، ما كتبه في ديسمبر الماضي ضد قطر واصفا إياها بـ”دويلة التزوير”.

وقال آل الشيخ، ماذا تبقى يا دويلة التزوير؟ بعد تزوير صورة ملك المغرب وترويج سخيف لصورة يوسف السركال وأحمد عيد، ثم الترويج لتصريح قديم لخالد الروضان.. شاحت الوجوه”.

“آل الشيخ” زعم أيضا في تغريدات له عبر حسابه الرسمي بتويتر في يناير الماضي أن الحملات الإعلامية التي تهدف أن تنال منه، تأتي من إعلام دولة قطر، الذي تجاوز ذلك إلى الدخول في حياته الشخصية، بحسب زعمه.

وواصل آل الشيخ هجومة على قطر ورموزها الإعلامية قائلا «تعلمون جميعا موقفي الواضح تجاه الدويلة والذي أدى لقيام إعلام الظل وخلايا عزمي بنشر أكاذيب وافتراءات في كل أمر يخصني وتجاوز ذلك لحياتي الشخصية والعائلية وهذا أهون ثمن أدفعه في سبيل وطني ولهم أقول: هذه الحملات لا تزيدني إلا قوة وشراسة على أعداء الوطن».

وفي إطار هجومه المتواصل على قطر، يستغل “آل الشيخ” علاقاته بالفنانين ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، في الترويج لبذاءاته وما يكتبه من إساءات، لتصبح تغريداته منتشرة خلال ساعات على أغلب مواقع التواصل الاجتماعي.

إساءة وتطاول على الكويت

بذاءات وإساءات لسان “بن سلمان” المسموم، انتقلت من دولة “قطر” إلى دولة “الكويت، والتي يعرف الجميع أن علاقة  “السعودية” بالكويت ليست على ما يرام، بسبب الموقف المحايد الذي اتخذته “الكويت” من الأزمة الخليجية، وتفضيلها لعب دور الوسيط في حل تلك الأزمة.

في واقعة تعكس خروجا على جميع الأعراف الدبلوماسية، قام “آل الشيخ” في يناير الماضي، بشن هجوم عنيف على وزير الشباب والرياضة الكويتي “خالد الروضان” واصفا إياه بالمرتزق، وذلك على إثر قيام الأخير بتوجيه الشكر لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لدوره في رفع الإيقاف عن الرياضة الكويتية.

وقال “آل الشيخ” في تدوينة له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر” رصدتها “وطن”: ”الروضان؛ باختصار؛ هو: الارتزاق تحت مظلة المناصب وضد الحقائق المثبتة، لن يضر هذا المرتزق علاقات السعودية التاريخية بشقيقتها الكويت، وما قاله لا يمثل إلا نفسه، وكما قال شاعر مضر: والنفوس إن بغيت تعرفها إرم الفلوس”.

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قد استقبل في مكتبه بقصر البحر، وفدا كويتيا برئاسة خالد ناصر الروضان وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشئون الشباب، لتقديم الشكر لدولة قطر على الدعم الذي قدمه لرفع الإيقاف عن الرياضة الكويتية، بحضور الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير قطر.

لكن الأمر لم “يرق” على ما يبدو لـ”بن سلمان” فحرض “لسانه المسموم” للهجوم على “الوزير الكويتي” بصورة “كشفت عن حجم الأزمة الدبلوماسية” بين الكويت والرياض.

وفي إطار ردها على تلك “البذاءات” عبّرت الكويت، على لسان نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله، آنذاك، عن أسفها لإساءة المستشار في الديوان الملكي السعودي، تركي آل الشيخ، لأحد أعضاء الحكومة الكويتية، وذلك وفقاً لوكالة الأنباء الكويتية “كونا”.

وقال الجارالله، “إن بلاده عبرت خلال اللقاء مع السفير السعودي، عن أسفها وعتابها للإساءة التي وجهت للفاضل الوزير خالد الروضان الذي يحظى بثقة تامة وتقدير بالغ من الجميع، وعبرنا عن استهجاننا لتلك الإساءة لما تمثله من مساس بعلاقاتنا الأخوية المتميزة والحميمة مع السعودية”.

سخرية من ساويرس

بذاءات وإساءات “تركي آل الشيخ” انتقلت إلى مصر أيضا، لكن هذه المرة ضد “نجيب ساويرس” أحد أبرز رجال الأعمال في مصر، والذي نشبت مشادة كلامية بينه وبين “آل الشيخ” عبر تويتر، بعدما وجه أحد متابعي ساويرس، سؤالا حول أنباء عن بيع نادي الأهلي ليرد عليه ساويرس “اتباع بالريال” فتدخل آل شيخ قائلا” الاهلي لا يقدر بثمن … وحاول تبعد عن الموبايل، وأنت مش مركز.. فاهمني طبعا !”.

الغريب أن “ساويرس” بدا مرتبكا بعد تغريدة “تركي آل الشيخ” وقام بحذف تغريدته التي قال فيها أن الأهلي بيع بالريال، وعاد ليكتب مجددا، “الأهلي بالفعل لا يقدر بثمن، ولم يباع عندما زرته ولم يباع عندما زرته أنت، أنا أرد على ما قالوه وقتها هذا هو المقصود لأنهم أشاعوا ذلك، عند زيارتي، وستجد من يشيع المثل بعد زيارتك، وأي مساعدة مقبولة ومقدرة كأهلاوي صميم، وأنا مركز ولا أقصد أي إساءة”.

من جانبهم تفاعل مغردون مع الموضوع بتدشين هاشتاج #الشيخ_تركي_كفيل_بيبو . واقتبس عنوان الهاشتاج من هتافات جماهير الزمالك، حسب ما قاله مغردون، بينما حذر آخرون من سلطة المال على الرياضة وطالبوا بحماية كرة القدم المصرية.

لكن مراقبين أرجعوا سبب هجوم “آل الشيخ” على ساويرس، ليس لأنه علق على توغله في الكرة المصرية، بل لكون “ساويرس” أحد رجال الأعمال الذين أعلنوا موقفهم الرافض من الإجراءت التي اتخذها “محمد بن سلمان” ولي العهد السعودي، ضد الأمراء ورجال الأعمال السعوديين نهاية العام الماضي.

دعا رجل الأعمال المصري الملياردير «نجيب ساويرس»، الشخصيات المؤثرة في المملكة إلى الوقوف أمام ولي العهد، الذي أشار إليه بـ«هذا الشاب»، مضيفا: «علينا أن نقول له: لا، هناك سيادة القانون والنظام، لديك عملية شفافة، أين المحكمة؟ ما الدليل؟ من هو القاضي؟».

وكان «ساويرس»- قد وجه دعوة، لولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»، بوقف شن حملة ضد رجال الأعمال تقوض سيادة القانون في المملكة، وتعوق الاستثمار.

وأضاف «ساويرس»- الذي تعمل مجموعة «أوراسكوم» المملوكة لعائلته في قطاعات شتى من البناء والتشييد إلى الاتصالات- في تصريحات نقلتها “رويترز”،  أنه ينبغي أن تتصدى شخصيات مؤثرة «لهذا الشاب» في إشارة إلى الأمير «محمد بن سلمان».

وشكك «ساويرس»، خلال مؤتمر الحوار المتوسطي في روما، في دوافع ولي العهد لمكافحة الفساد، وتساءل: «هل أنت لست جزءا من هذا؟ من أين حصلت على أموالك؟ ألم تفعل هذا؟ ما هو النظام؟».

وتوقع “ساويرس” الذي لا يمتلك استثمارات كبيرة في السعودية، أن يغادر قادة الأعمال السعودية في المستقبل، قائلا: «أعتقد بعد ما حدث في السعودية لن يستثمر أحد هناك».

تلك التصريحات، على ما يبدو أنها لم تُمحَ من ذاكرة “بن سلمان” وأن لسانه المسموم “تركي آل الشيخ” انتهز فرصة تعليق “ساويرس” على تدخله في شؤون النادي الأهلي، ليطلق لسانه عليه، في محاوله لتصفية حساباته مع ولي نعمته “محمد بن سلمان”.

وأخيرا.. إساءة واستعلاء على المغرب

دولة “المغرب” كانت آخر محطات إساءات “آل الشيخ” للدول العربية، حيث  كتب المسؤول السعودي بمنصة تويتر الأحد18 مارس 2018، أن الدولة التي تسعى لاستضافة كأس العالم في 2026 لم تطلب من الرياض أن تدعم ملفها، في إشارة منه إلى المغرب البلد الذي تقدم لاستضافة كأس العالم.

وأضاف آل الشيخ، في تغريدة تبدو استعلائية أكثر من كونها تهجمية أنه إذا طُلب من السعودية دعم ملف المغرب فإن الرياض ستبحث عن مصلحتها أولا، مضيفاً “اللون الرمادي لم يعد مقبولاً” فيما بدا أنها رسالة ضد موقف المغرب من أزمة قطر والتي اختارت الوقوف على الحياد ورفض الانضمام لدول الحصار الأربع ممثلة بالسعودية ومصر والإمارات والبحرين.

تغريدة “آل الشيخ” أثارت غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، واعتبروها إساءة وبذاءة تستحق الرد من السلطات في المغرب، بينما أكد كثير من المغردين “أن المغرب لم تطلب و لن تطلب  شيئا من السعودية، والمغرب ليست بحاجة لدعمها بالأساس، لأن الجميع يعلم أن القرار الأول والأخير بيد أبو ايفانكا الذي أخد البلايين من السعودية، وفقا للمغردين”.

في حين ربط سياسيون أيضا إساءات وبذاءات “آل الشيخ” ضد المغرب بموقفها من “الأزمة الخليجية” حيث إن المغرب قررت مع بدء فرض الحصار على قطر، إرسال طائرات محملة بمواد غذائية إلى قطر.

ودعا المغرب دول الخليج لـ”ضبط النفس، والتحلي بالحكمة؛ من أجل التخفيف من التوتر، وتجاوز هذه الأزمة، وتسوية الأسباب التي أدت إليها بشكل نهائي، انسجاماً مع الروح التي ظلت سائدة داخل مجلس التعاون الخليجي”.

كما أن العاهل المغربي الملك محمد السادس كان من أوائل الزعماء الذين زاروا قطر إذ قام في منتصف نوفمبر 2017، بزيارة إلى الدوحة.

كل ذلك أزعج السلطات السعودية بشكل كبير، ويبدو أنها قررت أخيرا “إطلاق لسانها المسموم” على المغرب، في محاولة لافتعال أزمة دبلوماسية مع المغرب، قد ترى السعودية أنها تستطيع من خلال تأديب المغاربة على موقفهم الرافض لـ”حصار قطر”.