العدسة – باسم الشجاعي
يحاول “عبد الفتاح السيسي”، منذ الانقلاب العسكري على الرئيس الأسبق “محمد مرسي” في الثالث من يوليو 2013، ومع المسؤولين في الحكومة، إقناع المصريين بضرورة تقديم تضحيات للبلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية “طاحنة” هو المسؤول الأول عنها.
ووصل الأمر به إلى حث الناس على التبرع ولو بالإكراه، من خلال صندوق “تحيا مصر” الذي يتولى “السيسي” رئاسته بصفة شخصية، دون أن يخضع لأي رقابة داخلية في البلاد، كما هو المعتاد في الموسسات الرسمية.
آخر تلك الدعوات، ما قام به محافظ كفر الشيخ اللواء “السيد نصر”؛ حيث أصدر قرارًا بخصم راتب يوم شهريًا بدءا من أبريل المقبل، ولمدة عام، من جميع موظفي المحافظة، حوالي 80 ألف موظف، وذلك لصالح صندوق “تحيا مصر”؛ بحجة ما وصفه بـ”رد الجميل”.
خطوة محافظ كفر الشيخ التي أثارت الجدل في مصر، حتى وصفها البعض بـ”الإتاوة”، جاءت استكمالا لمسيرة بدأها “عبد الفتاح السيسي” منذ توليه منصب رئيس الجمهورية؛ حيث لم يفوت مناسبة عامة، إلا ويدعو المواطنين لدعم الاقتصاد بالتبرع من خلال صندوق “تحيا مصر”.
البداية بصبح على مصر
وفي السطور التالية موقع “العدسة” يسلط الضوء على دعوات “السيسي” للمصريين التي طالب فيها بالتبرع لصالح الاقتصاد.
البداية كانت في فبراير 2016؛ دعا “السيسي” الشعب المصري بالمساهمة في نهوض الاقتصاد المصري، وذلك خلال كلمة له في مؤتمر “رؤية مصر 2030”، قائلًا: “والله العظيم لو ينفع اتباع لأتباع علشان نعمل للناس ما يليق بيهم”، لافتًا إلى أن صندوق تحيا مصر جمع مبلغ 4.7 مليار جنيه، منها مليار جنيه من الجيش.
“السيسي”، أضاف: “لو أن 10 مليون مصري ممن يمتلكون موبايلات صبح على مصر بجنيه واحد، يعني في الشهر 300 مليون جنيه وفي السنة 4 مليار جنيه..”.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات في 2017، فإن مشتركي الهاتف المحمول بمصر بلغ نحو 97.23 مليون.
“سيبوا لمصر الفكة”
وأما في سبتمبر 2016، طالب “السيسى” من البنوك، المصرية الحصول على المبالغ المالية ذات الفئة الصغيرة “الفكة” التى يتم تداولها فى المعاملات البنكية لصالح مشروعات تطوير العشوائيات.
وقال “السيسي”: “ما ينفعش ناخد الفكة زى الخمسين قرش والجنيه وتتحط فى حساب حاجة زى كده، يعنى بصرف شيك بمبلغ 5. 1255 جنيه أو 80 قرشا وأية حاجة ما قدرش أخد الفكة دى تحقق رقم كبير جدا نضعه فى مشاريع زى كده ويبقى كل الناس تساهم والناس فى مصر عاوزه تساهم بس أجده فين يعنى هاوصل اللى عاوز اقدمه إزاى مش قادر ومش عارف”.
ويبلغ عدد العاملين بالقطاع الحكومي نحو 5 ملايين فرد عام “2016-2017″، بحسب تقرير رسمي صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
“جنيه” من الراتب الشهري
واستمرارا على نفس المنوال، قال “السيسي”، خلال اتصال هاتفي اعتاد عليه مع الإعلامي “عمرو أديب” الذي يقدم برنامج “كل يوم” على قناة “one” الفضائية، في مايو الماضي: “إذا حصّلنا من كل موظف جنيه مصري شهريا لصالح الفقراء، فنتحدث عن حصيلة 7 ملايين جنيه شهريًا، وهذا رقم بسيط لكننا نريد أن نتكاتف”.
مجمع الأديان بالعاصمة الإدارية
وفي يناير 2017 ، دعا “السيسي” للتبرع لبناء مجمع الأديان في العاصمة الإدارية الجديدة، الجاري إنشاؤها حاليًا، ونشر صور شيكات تبرعه شخصيا كبداية لمشروع بناء كنيسة ومسجد في المدينة الجديدة، وذلك خلال مشاركته فى قداس عيد الميلاد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
استكمال جامعة زويل
أما في مطلع العام الجاري، طالب “السيسي”، خلال كلمته بمناسبة الاحتفال بمرور عام على مشروع محور قناة السويس، باستكمال مشروع جامعة العالم الراحل الدكتور “أحمد زويل”، قائلًا: “بطلب من المصريين إكمال هذا المشروع من خلال التبرع لصندوق تحيا مصر، وأن يكون فيه تبرع باسم جامعة زويل حتى ينتهي هذا المشروع”.
ما هو صندوق “تحيا مصر”
منذ ما يقرب من 4 أعوام، وتحديداً في 24 يونيو 2014، أعلن “السيسي” إنشاء صندوق تبرعات لدعم ما وصفه بـ”المشروعات القومية” تحت اسم “صندوق تحيا مصر”، وهو ما يمثل الوعاء لحملات التبرع التي يدعو لها “السيسي”
وطوال الفترة الماضية، لم تعلن الدولة عن طريقة إدارة الصندوق بشفافية كاملة، إلا أن المؤشرات تؤكد أن الإدارة الحقيقية لهذا الصندوق لمكتب “السيسي” شخصيًا بالمشاركة مع القوات المسلحة.
وعلى مدار السنوات الأربع الماضية، بلغت حصيلة الصندوق ما يقرب من 10 مليارات جنيه، وفق ما أعلن المدير التنفيذي للصندوق، “محمد حمدان عشماوي”.
إلا أن الأرقام التي أعلنها “عشماوي” تبدو غير منطقية قياسًا بالأرقام الضخمة التي أعلنت الشركات الخاصة والجهات الحكومية الكبرى التبرع بها للصندوق حتى قبل إنشائه.
إذ تبرعت عائلة ساويرس بثلاثة مليارات جنيه، ومجموعة محمد الأمين بمليار و200 مليون جنيه، والجيش بمليار جنيه، ومجموعة عامر للاستثمارات السياحية بنصف مليار جنيه، ورجل الأعمال محمد أبو العينين بربع مليار جنيه، ورجل الأعمال أحمد أبو هشيمة بمبلغ 100 مليون جنيه، إلى جانب حصيلة تبرعات البنوك المصرية وشركات التأمين المحلية والأجنبية.
سنوات من العمل خارج الرقابة
من المستحيل معرفة مدى دقة هذه الأرقام أو أوجه إنفاق أموال الصندوق؛ حيث هناك معلومات موثقة من الجهاز المركزي للمحاسبات، تؤكد تلقي الجهاز تعليمات صريحة من رئاسة الجمهورية، مؤيدة بفتوى أصدرها مجلس الدولة في شهر أكتوبر الماضي، بعدم مباشرة أي دور رقابي على أموال وأنشطة صندوق “تحيا مصر” سواء على المستوى المحاسبي أو القانوني، كاستثناء وحيد من بين كل الجهات التي تدير المال العام، والتي ينص الدستور المصري على خضوعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.
اضف تعليقا