العدسة – جلال إدريس

بكل عبارات الأسى والحزن نعى مئات المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي، العامل المصري الذي لقي حتفه داخل الأراضي السعودية، جراء إطلاق ميلشيات الحوثي اليمنية صاروخًا باليستيًّا باتجاه العاصمة السعودية الرياض، وأسقطته النظم الدفاعية الخاصة بالمملكة.

الصاروخ الباليستي الذي هز أرجاء الرياض، لم يقتل الوافد “المصري” فحسب، لكنه قتل وبدد كل المزاعم السعودية عن قرب انتهاء الحرب في اليمن، وفضح أكاذيب “محمد بن سلمان” ولي العهد السعودي، الذي يدعي، بين الحين والآخر، أن الخطر الحوثي قد انتهى للأبد.

وتتزامن الصواريخ الحوثية التي أمطرت سماء السعودية، ليلة الاثنين 26 مارس 2018، مع مرور 3 أعوام على “عاصفة الحزم” السعودية ضد الحوثيين في اليمن، الأمر الذي يعني أن حرب “بن سلمان” لم تجنِ ثمارها بعد، وأن قوة الحوثيين تزداد يومًا بعد يوم، وأن الدعم الإيراني لهم لم يتوقف بعد.

7 صواريخ في ليلة واحدة!

وفقا لما أعلنته قيادة التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن رسميًّا، فقد تم اعتراض 7 صواريخ باليستية أطلقتها ميليشيا الحوثي الإيرانية باتجاه مدن سعودية ليلة الاثنين.

وقالت القيادة في بيان لها، إن قوات الدفاع الجوي السعودي اعترضت ودمرت 7 صواريخ باليستية أطلقت باتجاه المملكة؛ 3 صواريخ باتجاه الرياض, وصاروخان باتجاه جازان, وصاروخ باتجاه خميس مشيط، وآخر باتجاه نجران.

وأضافت أن الصواريخ تم إطلاقها لاستهداف المناطق الآهلة بالسكان في المدن السعودية, ما أدى إلى استشهاد مقيم من الجالية المصرية، ووقوع أضرار مادية.

وقد تسبب سقوط إحدى الشظايا على منزل سكني في استشهاد مقيم “مصري” وإصابة اثنين آخرين جميعهم يحملون الجنسية المصرية.

وفاة العامل المصري، وجدت تفاعلا كبيرا من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين استنكروا استهداف الأحياء السكنية والمدنيين العزل، وتداولوا صورًا للعامل المتوفى وهوية إقامته.

ووفقا للأوراق الرسمية، فإن العامل هو (عبد المطلب أحمد حسين علي) ويعمل سائقًا، وهو من مواليد 18- 1- 1979، تنتهي إقامته في 10 – 8- 1442هـ.

110 صواريخ في 3 أعوام

المثير في الأمر! أن إطلاق صواريخ باليستية على مدن ومحافظات سعودية، ليس هو الأول من نوعه، لكنها عملية تكررت أكثر من مرة على المملكة، حيث أطلق الحوثيون ما يصل لنحو 110 صواريخ باليستية على أطراف متفرقة بالمملكة خلال ثلاثة أعوام.

ووفقا لتقارير دولية، فقد أظهر الحوثيون خلال الأشهر القليلة الماضية، تطورًا بالقوة الصاروخية الباليستية القادرة على تهديد السعودية، إذ أطلقت الجماعة، خلال شهري نوفمبر وديسمبر، صاروخين بعيدي المدى؛ استهدف أحدهما مطار الرياض الدولي، والآخر مقر الحكومة السعودية (قصر اليمامة).

وقد أعلنت السعودية اعتراض الصاروخين، لكنها وجهت أصابع الاتهام لإيران بتزويد الحوثيين بالصواريخ، على الأقل، في ما يتعلّق بتلك التي استهدفت الرياض.

تطوير القدرات العسكرية للحوثيين

من زاوية أخرى، فإن القدرات العسكرية للحوثيين تتطور بشكل كبير، ولا تتوقف فقط عند حد الصواريخ الباليستية، والتي على ما يبدو أن إيران لم توقف دعمها لهم، رغم الحصار الخانق المفروض عليهم برًّا وبحرًا وجوًّا من قبل دول التحالف العربي.

وفي تسجيل سابق، هدد “عبدالملك الحوثي” زعيم الحوثيين، بإطلاق صواريخ على المنشآت النفطية السعودية، مؤكدًا أنها جميعا باتت في مرمى صواريخ الحوثيين، متفاخرًا بأن الصاروخ الذي وصل “ينبع” لم تعترضه صواريخ الباتريوت، وأن الطائرات بدون طيار التي طورتها جماعته حلقت مئات الكيلومترات داخل المملكة، وستبدأ عملها قريبا في القصف.

وبموازاة ذلك، تمكُّن القوة الصاروخية من إنجاز مرحلة ما بعد الرياض، واستمرار العمل على تطويرها للوصول إلى أي هدف في السعودية والإمارات، تحدث الحوثي أيضًا عن قدرات بحرية، قال إن بإمكانها الوصول إلى الموانئ السعودية، والضفة الأخرى من البحر الأحمر.

“الحوثي” ذهب إلى ما هو أبعد من مناطحة الدولتين الخليجيتين، فتحدَّى الولايات المتحدة مباشرة بالكشف عن جهود لتطوير منظومات الدفاع الجوي للتصدي للطائرات الأمريكية الحديثة، معتبرًا أن مقاتليه لا يواجهون التحالف العربي فقط، بل يحاربون أيضًا التكنولوجيا العسكرية الأمريكية الحديثة التي تستخدمها القوات السعودية والإماراتية في اليمن.

تفنيد أكاذيب “بن سلمان”

ما يثير في الأمر، أن الصواريخ الحوثية المتعاقبة على السعودية، تتزامن مع تصريحات لمحمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين يؤكدون فيها أن الحرب اليمنية قاربت على الانتهاء.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد تطرق خلال جولته الخارجية الحالية إلى الملفات الساخنة في المنطقة، معلنا أن الحرب في اليمن اقتربت من نهايتها وتحقيق أهدافها المتمثلة في استعادة الشرعية.

صورايخ الحوثيين التي باتت تمطر سماء السعودية مابين الحين والآخر، تثبت بما لا يدع مجالًا للشك، أن تصريحات “بن سلمان” كاذبة، وأن ادعاءاته بشأن اقتراب نهاية الحرب غير حقيقية، كما تثبت أن “السعودية” باتت في ورطة حقيقية بشأن تلك الحرب، فلا هي قادرة على حسمها لصالحها، ولا هي قادرة على الخروج منها.

وفي الوقت الذي تتطور فيه منظومة الصواريخ الحوثية، تتراجع وتيرة الضربات الجوية للتحالف في أغلب المحافظات، خاصة وأن الحرب باتت عمليًّا بين “السعودية” والحوثيين، بعد أن بات قاصرًا الدور الإماراتي على دعم وشراء مرتزقة وميليشيات بالداخل اليميني، للسيطرة على مصافي النفط والمقدرات البترولية في اليمن.

فضيحة منظومة الدفاع

فضيحة أخرى تكشف وهمية “المزاعم السعودية” بإن مضادتها الصاورخية قادرة على سحق الإيرانيين واليمنيين، تمثلت في نشر “محمد علي الحوثي” رئيس اللجنة الثورية العليا في اليمن، مجموعة من مقاطع الفيديو التي يظهر فيها فشل منظومة صواريخ “الباتريوت” السعودية.

وظهر في مقطع الفيديو الذي نشره الحوثي عبر حساب منسوب له على موقع “تويتر”، صاروخ ينطلق من الأرض، ولكن سرعان ما يتحول ويعود ليسقط بالقرب من ملتقطي الفيديو.

ولا يمكن التحقق مما إذا كان الفيديو المنشور تم تصويره في السعودية، أو أنه مرتبط بالصواريخ الباليستية السبعة التي أطلقها “أنصار الله” بالأمس.

وعلق “الحوثي” على مقطع الفيديو بقوله: “هذه مضادات السعوديين تعود بين المواطنين، ثم يقولون إن صواريخ الشعب اليمني تستهدفهم”.

وتابع: “القوة الصاروخية اليمنية أعلنت أماكن استهدافها، فعلى السلطات السعودية تحمل مسؤولياتها عن نيرانها الصديقة”.