العدسة – معتز أشرف

فجور في الخصومة يتزايد من البحرين ضد دولة قطر رغم العلاقات الجيدة السابقة التي وقفت فيها الدوحة بجانب أبناء البحرين، ولكنه فجور يتوزاى مع موافقة الديكتاتور البحريني الحاكم حمد بن عيسى آل خليفة على تبعية واضحة للأمير السعودي الطائش محمد بن سلمان وسياسيات المملكة التي اشترت المنامة بدعم مالي مفتوح عقب مشاركتها في الحصار علي قطر، لتتواصل محاولات الاستفزاز والعدوان وآخرها اختراق المجال الجوي للدوحة!

تصدٍّ قطري!

مندوبة الدوحة الدائمة لدى الأمم المتحدة علياء أحمد بن سيف آل ثاني أوضحت للأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش، والرئيس الدوري لمجلس الأمن سفير هولندا كاريل فان اوستريم، أن مقاتلة بحرينية اخترقت مجال بلادها الجوي يوم الأحد 25 مارس الجاري، وبعثت قطر مذكرة إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة تتهم فيها البحرين باختراق مجالها الجوي.

واعتبرت الدوحة الحادث “خرقًا خطيرًا وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي”. وأشارت إلى “أن تكرار الانتهاكات للسيادة القطرية سيزيد التوتر” في المنطقة، فيما لم يرد وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة على الاتهامات، وكتب في تغريدة الأربعاء وصلة جديدة من الهجوم علي قطر التي قالت إنها “لن تتردد في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية سيادتها وللدفاع عن حدودها ومجالها الجوي والبحري وأمنها القومي، وفقاً للقوانين والضوابط الدولية”.

وتعد هذه هي المرة الثانية التي تعلن فيها قطر التقدم بشكوى ضد البحرين لـ”انتهاك” مجالها الجوي، بعد “خرق” آخر يوم 28 فبراير الماضي، وتأتي الشكوى القطرية غداة إعلان البحرين، الثلاثاء، تقديم شكوى لدى منظمة الطيران المدني الدولي ضد قطر، متهمة إياها “بتعريض حركة الطيران المدني للخطر في المنطقة” في خطة المزاعمة المستمرة من دول الحصار ضد قطر!

خصومة فاجرة !

وبحسب تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر فالخصومة البحرينية فاجرة، وتشمل قائمة انتهاكات المنامة مع بدايات الحصار نحو 560 انتهاكا موثقا قامت به السلطات البحرينية ضد مواطنين قطريين، منها نحو 240 شكوى انتهاكات لمّ شمل الأسرة و60 شكوى بشأن انتهاك الملكية و40 شكوى انتهاك حقوق العمل و30 شكوى انتهاك حق التعليم و130 شكوى انتهاك ضد الحق في التنقل و20 شكوى الحق في الخدمات الصحية و40 شكوى ضد انتهاك الحق في الإقامة ضد البحرين، كما يوجد 28 حالة لطلاب قطريين كانوا يدرسون في جامعات البحرين تم طردهم من أصل 213 حالة من دول الحصار تم طردهم من جامعاتهم ومنها جامعة الخليج بالبحرين، وقد قدم الطلاب عشرات الشكاوى ضد الجامعات التي درسوا فيها في البحرين والسعودية والإمارات، موضحين أشكال التعسف والانتهاك التي مورست عليهم، أما في ملف التجار الذين أجبروا على ترك محلاتهم وتجارتهم في البحرين فأكثر من أن تحصى ولا يزال الأهالي عالقين في البحرين يخافون زيارة أهلهم في قطر تحسبًا للملاحقة والتجريم ولا تزال الخطوط الجوية مقطوعة بين المنامة والدوحة رغم حديث البحرين عن أنه لا وجود لمشاكل إنسانية، رغم أن اللجنة القطرية سجلت ما يزيد على 3500 شكوى حقوقية ضد دول الحصار تم رصدها من جانب الانتهاكات من قبل المختصين باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان حسب النوع والدولة، كما أجبرت دول الحصار نحو 706 طلاب وطالبات يدرسون في جامعة قطر على العودة إلى بلدانهم بينهم طلاب من البحرين.

ووصلت حدة القطيعة التي بدأت في يونيو 2017، إلى مستوى تدوال البحرين دعاوي قضائية ضد نشطاء معارضين بها تتهمهم بالتخابر مع قطر؛ حيث أعلنت نيابة المنامة، أن الشيخ علي سلمان الذي يمضي عقوبة بالسجن لتسع سنوات سيحاكم بتهمة “التخابر” مع قطر، وذلك عقب قرار الحصار الرباعي الذي شاركت فيه البحرين السعودية ومصر والإمارات، رغم أن سلمان أوقف في العام 2014، وحكم عليه في يوليو 2015 بالسجن لأربعة أعوام بعدما أدين بتهمة “التحريض” على “بغض طائفة من الناس” و”إهانة” وزارة الداخلية، وقررت محكمة الاستئناف زيادة المدة إلى تسعة أعوام بعدما أدانته أيضاً بتهمة “الترويج لتغيير النظام بالقوة”، قبل أن تقرر محكمة التمييز في خطوة نادرة خفض العقوبة إلى أربع سنوات!!.

وعلي طريقة المفلس الذي يبحث في دفاتره أعلنت البحرين عقب قرار الحصار أن ” قطر اقتطعت أراضي منا ومن حقنا استعادتها”، وقالت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية، في تقرير عن السيادة والأرض في المملكة، أن من حقها مطالبة قطر إعادة الحقوق التي سلختها الدوحة عن جسم المنامة على امتداد قرن من الزمن، فالبحرين تنازلت عن الكثير من حقوقها الموثقة تاريخياً، والموثقة دولياً حفاظاً على العلاقات بين البلدين، وعلى علاقات الأخوة بين الشعبين، ورضيت بتأجيل المطالبة بحقوقها المشروعة إكراماً للإخوة في مجلس التعاون فضلا عن سحب السفير البحريني من قطر في عام 2014، والمشاركة في الحصار علي قطر في 2017.

ذيل الرياض!

الفجور في الخصومة الذي يقوده الديكتاتور البحريني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، يقف وراءه ملك تابع للرياض شكلا وموضوعا بحسب مراقبين، حيث أكد بن عيسي أن حل أزمة قطر في الرياض، وتساءل بطريقة تكشف تبعيته للأمير الطائش: “منذ بداية الأزمة، لماذا لم يذهب أمير قطر إلى الرياض لشرح موقفه، وهذا واجب من الأخ الأصغر للأخ الأكبر حسب عاداتنا وشيمنا؟ ولماذا لم يطلب قوات درع الجزيرة لحفظ الأمن وهذا من واجباتها الأساسية المتفق عليها في مجلس التعاون بدلا من دعوته لقوات من الخارج”، وهو التساؤل الذي يعتبره مراقبون تأكيدا جديدا أن ملك البحرين مجرد أداة بيد المملكة العربية السعودية، وكشفت تطورات الأحداث منذ بدء حصار قطر، أن ملك المنامة ينفذ كل ما يملى عليها من الأب السعودي، الذي نجح وفق تقارير متواترة في السيطرة على قرار البحرين السياسي، عبر تقديم كافة أنواع الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري؛ حيث قررت الرياض دعم الاقتصاد البحريني بمليارات الدولارات، كما قدمت تسهيلات إلى طيران الخليج البحرينية لا تتوفر عادة للشركات الأجنبية، في مقابل ذلك لم تخرج المواقف الخارجية للبحرين مطلقًا عن فلك السعودية، وتميل المواقف البحرينية مع الرياض حيث مالت، وليس أدل على ذلك من أزمة قطر الأخيرة التي تماهت فيها الدبلوماسية البحرينية بالمطلق مع الموقف السعودي، إلى حد خروج وزير الخارجية بتصريحات يهاجم فيها جماعة الإخوان المسلمين برغم كون فرع الجماعة في البحرين هو أبرز حلفاء آل خليفة في مواجهة المعسكر الشيعي، وعندما هبّت رياح الربيع العربي في البحرين عام 2011، سارعت السعودية على دعم حمد بن عيسي بدخول قوات درع الجزيرة ضد الثوار، وأطلقت السعودية حزمة مشاريع في البحرين، قدرت في وقت سابق  بـ533 مليون دولار أي ملياري ريال، لترقية البنية التحتية وتنفيذ مشاريع خدمية تسهم في دفع عجلة الاقتصاد البحريني ضمن برنامج التنمية الخليجي المعروف بـ”مارشال الخليج” الذي يهدف إلى تمويل مشاريع خدمية وبنية تحتية لترقية الاقتصاد البحريني بـ10 مليارات دولار، وتم إقرار المشروع في مارس عام 2011، وشاركت في تمويله كل من السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر، ومع الاتفاقيات الجديدة تصل المنحة السعودية للبحرين إلى 1.469 مليار دولار (5.5 مليار ريال) تم ضخها في مشاريع خدمية وبنية تحتية.

وبحسب مراقبين فإن ملك البحرين المتضرر الأكبر بين دول الخليج من مشاركته في الحصار،  حيث لدى الدول الثلاث  قطر والسعودية والإمارات تنوع في الاقتصاد ومعدلات نمو مقبولة، واستثمارات أجنبية ضخمة، وصناعات عملاقة خاصة المرتبطة بالنفط والغاز والبتروكيماويات، لكن في المقابل البحرين لا تملك مئات أو حتى عشرات المليارات من الدولارات من الاحتياطيات النقدية للدفاع عن عملتها الوطنية، الدينار، ولا تملك صندوقا سياديا يمتلك ثروات ضخمة في الخارج يمكن تسييلها وبيعها لمواجهة أزمة اقتصادية طارئة، كما ليست لديها إمكانيات مالية للمحافظة على تصنيفها الائتماني، أو دعم قدراتها الاقتصادية لمواجهة عمليات العنف التي تتعرض لها من وقت لآخر، وبسبب هذا الوضع خفضت وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني توقعاتها المستقبلية للاقتصاد البحريني من مستقرة إلى سلبية، كما كشف مصرف البحرين المركزي عن أن الدين العام للمملكة زاد بنسبة 23% ليصل إلى 23.7 مليار دولار، وهو مستوى يعتبر الأعلى في تاريخ البلاد، ويعادل نحو 76% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي والبالغ 31 مليار دولار، وهو الأمر الذي قد يفسر بوضوح فجور البحرين في الخصومة مع قطر في ظل أزمتها الاقتصادية المتزايدة، حيث تجد من يعوضها عن الخسائر التي يتعرض لها الاقتصاد البحريني جراء المشاركة في حصار قطر برا وبحرا وجوا .