العدسة – معتز أشرف

أطلقت أسرة الدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب لمصر، ولجنة بريطانية مستقلة نفير التحذير من تعرُّض الرئيس المصري الشرعي بحسب وصف أنصاره، لقتل بطيء قد يؤدّي بحياته، ما فتح الباب للحديث عن سيناريوهات وضع مرسي في السجن، وهل بات وشيكًا الإعلان عن وفاته في السجن كما حدث لآخرين، أم أن الديكتاتور المصري عبد الفتاح مازال حريصًا على إبقاء مرسي أطول فترة ممكنة تحت ضغط الألم حتى يأتي القضاء والقدر كما يقول البعض.

مخاوف الأسرة!

نجل د.محمد مرسي الطبيب أحمد، فجّر مخاوف الأسرة من مساعي نظام السيسي للتخلص من حياة والده، وقال في بيان عاجل إلى من يهمه الأمر أيًّا كان اتجاهه أو انتماؤه: ” تواترت الكثير من الأنباء عن سوء الحالة الصحية للسيد الوالد الرئيس مرسي بصورة لم يسبق لها مثيل وسط تجاهل تام من قبل سجّانيه وبناءً عليه: نحمِّل قائد الانقلاب السفاح المسئولية الكاملة عن حياته، ونحمِّل وزير الداخلية القاتل كامل المسئولية عن حالته وتلقّيه العلاج المناسب، ونحمل عباس كامل (الظلّ) كامل مسئوليته عمّا يحيكه من مؤامرات للتخلص من حياته، ونأمل شرفاء الوطن العربي والمصري والإسلامي تبني قضية والدي الحقوقية وحقه الأصيل في الرعاية الصحية المناسبة ودعوات المخلصين”.

عبد الله النجل الأصغر للدكتور محمد مرسي، كان أطلق شرارة المخاوف في مطلع مارس، مؤكدًا أن الانتهاكات التي يتعرض لها الرئيس مرسي في محبسه، بعد الانقلاب العسكري تخطّت حدود الانتهاك السياسي إلى الانتهاك الإنساني، وقد شهد الشعب المصري ومن بعده شعوب العالم ما تعرض له الرئيس من مهازل وانتهاكات حدثت أثناء محاكمته، ومنعه من الحديث، أو مقابلة فريق دفاعه القانوني، فضلًا عن منع زيارة الأهل علي مدار سنوات الاعتقال واعتقال نجله ومحاميه أسامة مرسي، ومن قبله اعتقالي أنا أصغر أبنائه، وإني لأعجب أشد العجب من بعض الساسة والنشطاء الذين يحاولون حصر قضية الرئيس مرسي داخليًا وتركها تموت بين أروقة المحاكمات السياسية الهزلية التي يطعن الرئيس وأسرته فيها ولائيًا.

وأضاف أن جدران الزنزانة الانفرادية المعزولة عن العالم هي بمثابة قتل بطيء للرئيس، عن طريق الإهمال الطبي المتعمد وسوء الرعاية والمعاملة والحصار الشديد، مستغربًا أن يتحدث بعض الساسة والنشطاء الذين قصروا أو صمتوا منذ الانقلاب العسكري، وحتى الآن عن تلك الانتهاكات، ليخرجوا عن صمتهم ويتحدثوا عن تدويلي للقضية ويهاجمونه، ولذا سأظلّ أتحدث وأتكلم عن الخطر الذي يهدّد حياة الرئيس ومنع الزيارة عنه تمامًا، ولن أتوارى لحظة عن فضح هذا النظام المجرم وجرائمه.

من جانبه، أكد عضو فريق الدفاع عن مرسي المحامي محمد الدمياطي المخاوف المثارة بشأن صحة الرئيس مرسي، متسائلًا عن سبب الرفض المصري لأي زيارات دولية للرئيس طالما لا يُخشى ظهور مخالفات للعهود والمواثيق الدولية في حال تمّت الزيارة، وفي وقت سابق كشف مرسي بنفسه أمام جنايات القاهرة جانبًا مما يتعرض له من معاملة قاسية بلغت حدّ منعه من مقابلة أهله ومحاميه، وأن هناك أشياء يودّ مناقشتها مع محاميه تمسّ حياته الشخصية.

تحذير بريطاني!

الهيئة البرلمانية البريطانية، المكلفة بالتحقيق في ظروف اعتقال الدكتور محمد مرسي، حذّرت من وفاته بسبب “سوء الرعاية الصحية والمعاملة الوحشية وغير الإنسانية” التي يتعرض لها، وأعربت عن قلقها العميق من ظروف اعتقاله بعد حصولها على أدلة جديدة في إطار التحقيقات التي تجريها، وقالت هيئة التحقيق في أول تقرير لها: إنّ كل التقارير تشير إلى أن المعتقلين من جماعة “الإخوان المسلمين” وحزب “الحرية والعدالة” تجري معاملتهم بطريقة قاسية.

وأضافت: “لم تقدم لنا الحكومة المصرية سببًا يجعلنا نعتقد بأن مرسي يعامل بشكل أفضل من ذلك”، وحملت عبدالفتاح السيسي المسئولية المباشرة عن تعذيبه، وتابعت “وجهت إلى مجمع سجن طرة، المعروف أيضًا باسم سجن العقرب (حيث يعتقل مرسي)، تنديدات وانتقادات قاسية؛ لأن السجناء فيه لا يعاملون طبقًا للقانون المصري ولا طبقًا للقانون الدولي”، مشددة على أن تصريحات مرسي ونجله عبد الله حول صحته والمعاملة التي يتلقاها تتوافق مع التقارير الصادرة عن “هيومن رايتس ووتش”، ومنظمة “العفو الدولية”، كما أضافت أنَّ مرسى “لا يتلقى عناية طبية كافية، وبشكل خاص فيما يتعلق بالإجراءات اللازمة للسيطرة على مرض السكر لديه وعلى ما يعانيه من مرض في الكبد”، لافتةً إلى أنّ عواقب ذلك “يحتمل أن تشمل التدهور السريع للحالات المرضية المزمنة التي يعاني منها، وهو ما قد يؤدي إلى الموت المبكر”.

وقالت الهيئة: إن ظروف اعتقال مرسي “تشمل معاملة وحشية وغير إنسانية ومهينة ترقى إلى التعذيب، معتبرةً أن ذنب التعذيب لا يتحمله فقط من يمارسونه بشكل مباشر، وإنما يتحمله أيضًا المسؤولون عنه والمقرون له”، مضيفة: “لقد وجدنا أن ظروف اعتقال الدكتور مرسي تلقى الاهتمام المستمر لدى كافة الرتب ومستويات المسؤولية لدرجة أن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي يمكن من حيث المبدأ أن يتحمل المسؤولية عن جريمة التعذيب، وهي الجريمة التي تقع ضمن الولاية الجنائية الدولية.

الإهمال والانتحار!

مهما كان الوضع الحالي، فالمرصود وفق المراقبين، في إنهاء الحياة في السجون المصرية بالنسبة للسياسيين، يكون عن طريق الإهمال الطبي حتى الموت “ويكون الأمر قضاء وقدرًا”، أو الانتحار “ويكون الأمر تحت الضغط النفسي للمعتقل السياسي”، وتواترت في عهد السيسي العديد من التقارير الحقوقية التي تتحدث عن القتل البطيء للمعتقلين خاصة القيادات ومنهم السيد مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين والمهندس عبد العظيم الشرقاوي عضو مكتب الإرشاد بالجماعة الذي يعتبر من القيادات العليا للجماعة..

ومن التقارير: تقرير مشترك لمركز “النديم لمناهضة العنف والتعذيب” و”المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، تحت عنوان “يا تعالجوهم يا تفرجوا عنهم: الإهمال الطبي في السجون جريمة”، أكدا فيه تدني مستوى الخدمات الطبية داخل السجن بالإضافة إلى غياب آليات المراقبة والمتابعة لأداء أطباء السجن، والنقص الحادّ في أنواع كثيرة من الأدوية الضرورية داخل مستشفى وعيادة السجن، ورصد واقع الرعاية الصحية المتدنية للمسجونين في عدد من السجون المصرية، بالإضافة إلى شهادات السجناء وذويهم، بهدف تسليط الضوء على المنظومة الصحية داخل السجون، لا سيما بعد تزايد حالات الوفاة نتيجة الإهمال الطبي والامتناع عن توفير الرعاية الطبية اللازمة المنصوص عليها، في الدستور المصري والقوانين والمواثيق الدولية الموقعة عليها مصر، والخاصة بالحق في الحياة، والحق في الصحة، والحق في السلامة الجسد، فيما لا تزال قصة المجند المصري سليمان خاطر معروفة ومتداولة عن قتل السلطات المصرية وقتها له في السجن وإعلانها انتحاره في تناقض كبير كشف في وقت لاحق زيفه.

القتل البطيء!

وبحسب مصادر خاصة أكّدت لـ”العدسة” أنّ العلاقة بين الدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب لمصر ووزير دفاعه الجنرال عبد الفتاح السيسي حظيت بتقلبات لم تتخطَّ حدود اللياقة الدبلوماسية بين رئيس ووزيره؛ حيث بدأت مع اختياره بحرص السيسي على الحضور الدائم لقصر الرئاسة والتقرب الشديد من مرسي والحرص على صلاة الظهر معه في القصر وترديد عبارات التشجيع له والتحريض على توجيه ضربة لمعارضيه كالتي حدثت في “مذبحة القلعة”، ثم انتقلت مع التوتر السياسي المفتعل بحسب وصف المصادر إلى التعليق على القرارات، خاصة فيما يخص سيناء بطريقة غير إيجابية منها أنها طلب من مرسي بعض الإجراءات والتوقيعات قبل انطلاقه في حملة مواجهة خطف الجنود في سيناء في ذلك الوقت المبكر، إلى أن انتهى به الحال في الصورة الشهيرة التي جمعت بينه وبين الرئيس مرسي ورئيس الوزراء د هشام قنديل، إلى إعلان عدم قدرته على ترك المشهد دون تدخل من الجيش لصالح التجمعات المعارضة، رافضًا لأي حلول قدمها الدكتور مرسي بطريقة لم تكن دبلوماسية وأثارت غضب الرئيس مرسي وقتها.

ووفق المصادر التي كانت مقرّبة من الدكتور محمد مرسي، فإنها ترى أن السيسي لن يقدم على قتل مرسي في محبسه؛ حيث يريد أن يستمر في معاناته خلف الأسوار كما هي لأطول فترة ممكنة، حتى يكون موته “قضاء وقدر” تحت تأثير الخوف من خروجه معافى، وحتى إذا قضت الظروف سواء داخلية أو خارجية خروجه فيكون خروجه غير مضرّ بسبب الظروف الصحية التي قد يصل لها مع الوقت مع استمرار المنهج الحالي في التعذيب النفسي والإهمال الصحي، إلا المصادر في نفس الوقت أعربت عن قلقها في أن يستمر هذا النهج المميت تحت تعنت من رجال السيسي في قتله، وهو ما يفتح الباب لسيناريوهات مجهولة ومخيفة. بحسب المصادر.