العدسة – جلال إدريس

يبدو أن التحقيقات الموسعة التي يقودها المحقق الأمريكي المستقل “روبرت مولر” لن يتوقف مداها عند محاصرة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” فحسب، لكن أثرها سيطال أعضاء بالكونجرس الأمريكي أيضًا.

ووفقًا لما تناقلته صحف ومواقع عربية وأجنبية فإنَّ “جورج نادر– المستشار الخاص لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، اعترف أمام المحقق مولر بأنَّه قدّم رشاوى لأعضاء في الكونجرس بقيمة 2,5 مليون دولار من دولة الإمارات!”.

الاعترافات، إن صحت بالفعل، فإنَّ ذلك يعني أن دائرة الخناق تتزايد حول شيوخ دولة الإمارات بنفس القدر التي تتزايد فيه على الإدارة الأمريكية، خصوصًا وأن الاعترافات تأتي بعد نحو شهر تقريبًا من المفاجأة التي فجرتها صحيفة “نيويورك تايمز” عبر تقريرها المنشور في الثالث من مارس الماضي، بشأن تمويل الإمارات لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن طريق رجل الأعمال الأمريكي الجنسية جورج نادر الذي يقدم نفسه مستشارًا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، واستخدام أبو ظبي للمال السياسي بهدف التأثير على القرار الأمريكي.

الأدلة التي ساقتها الصحيفة تتهم مستشار محمد بن زايد، الذي استدعي من رحلة خارجية للإدلاء مرة أخرى بشهادته أمام المحققين الذي قاموا بدورهم باستجواب عدد من الشهود، بشأن علاقاته بمسؤولين كبار في إدارة ترامب، وعن دور محتمل له في تحويل مال إماراتي لصالح جهود ترامب السياسية، تشير إلى تقديمه رشاوى لبعض المشرعين الأمريكيين عن طريق إليوت برودي، أحد كبار جامعي التبرعات لحملة ترامب، من أجل تبني موقف عدائي ضد قطر.

2.5 مليون دولار

لكن الجديد هذه المرة أنَّ اعترافات جورج نادر تزامنت مع تقرير “تحقيق” نشرته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، خلص إلى أنَّ الإمارات دفعت ملايين الدولارات لأعضاء في الكونجرس من أجل بناء موقف أمريكي متشدّد ضد دولة قطر المجاورة.

وقالت الوكالة في تحقيق نشرته (الاثنين 26 مارس 2018): إنَّ إليوت برويدي المقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تلقى 2.5 مليون دولار من جورج نادر مستشار الإمارات، ثم وزّع تبرعات كبيرة على أعضاء بالكونجرس حين كانوا يدرسون تشريعًا يستهدف قطر.

ولفتت الوكالة إلى أنَّ “نادر” الآن هو أحد الشهود في التحقيق الأمني الخاص الذي يبحث التمويلات الأجنبية وتأثيراتها في السياسة الأمريكية.

وأشارت الوكالة إلى أنَّ “نادر” حول المبلغ إلى “برويدي”- أحد أبرز جامعي التبرعات لصالح ترامب- عبر شركة كندية في أبريل 2017، ثم وبعد شهر من تحويل المبلغ قام “برويدي” برعاية مؤتمر في واشنطن لمحاولة ربط قطر بالإرهاب، وخلال المؤتمر تحدث النائب الجمهوري إد رويس، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، وأعلن أنه بصدد تقديم تشريع سيؤدي إلى تصنيف قطر دولة داعمة للإرهاب.

رشاوى للتحريض ضد قطر والإخوان

من جانب آخر كشفت “أسوشييتد برس”، النقاب عن حزمة من الرشاوى التي قدمها نادر لبرودي في أبريل الماضي، في صورة منح وتبرعات؛ حيث أرسل مبلغ 2.5 مليون دولار إلى كبير جامعي التبرعات لحملة ترامب، من خلال شركة في كندا، وفق ما أفاده مصدران رفضا كشف هويتيهما بسبب حساسية المسألة.

مصدر منهما أفاد- بحسب الصحيفة- أنه بعد استلام برودي الأموال من نادر بشهر تقريبًا قام برعاية مؤتمر عن العلاقات المزعومة بين قطر وجماعات التطرف الإسلامي، وخلاله أعلن عضو الكونجرس الجمهوري، إد رويس رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، أنَّه كان يطبق تشريعًا من شأنه أن يصنف قطر على أنها “دولة إرهابية” مقابل رشاوى على شكل تبرعات دعائية بقيمة 5400 دولار وهو الحد الأقصى المسموح به بموجب القانون.

ويعدّ هذا المبلغ جزءًا من مبلغ بقيمة 600000 دولار قدمها برودي لأعضاء الكونجرس من الحزب الجمهوري واللجان السياسية للجمهوريين مقابل التشريع ضد قطر، وفق ما أفاد تحليل سجلات الكشف عن تمويل الحملات الانتخابية الذي قامت به “أسوشييتد برس”.

تأمين صفقات مع الإمارات

وفي التحقيقات ألمح نادر إلى إمكانية حصول كبير جامعي التبرعات لحملة ترامب على عقود لشركته الأمنية الخاصة “سيرينوس”، تفوق قيمتها المليار دولار، هذا بخلاف مساعدته في تأمين صفقات مع الإمارات بأكثر من مائتي مليون دولار.

وفي 25 من مارس العام الماضي، أرسل برودي لنادر عبر البريد الإلكتروني برنامجًا يتضمن حملة للإدارة الأمريكية وحملة علاقات عامة تستهدف التحريض على قطر وتنظيم “الإخوان المسلمين”، وبحسب الرسالة فإنَّ الاقتراح يحدد تكلفة الحملة وهي 12.7 مليون دولار.

مقربان من برودي قالا: إنَّ الخطة أعدَّها طرف ثالث لإطلاع مانحين أمريكيين متفقين معنا على هذه الرؤية، وإن بعضًا فقط مما تضمنته تمّ تنفيذه، غير أن “نيويورك تايمز” أشارت في تقريرها إلى أنَّ نادر قدم لبرودي نحو 2.7 مليون دولار، مقابل خدمات استشارية وتسويقية له، لكن الصحيفة تذهب إلى أنَّ هذا المبلغ ربما يكون كلفة إقامة عدد من المؤتمرات التي نظمت في اثنين من مراكز الأبحاث في واشنطن، هما “مركز هادسون” و”مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”، التي تضمنت انتقادًا قويًا لقطر والإخوان.