العدسة – معتز أشرف

بوقاحة الفاسد الذي تلاحقه العقوبات داخليا، أطلق رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، الملطخة يداه بدماء الفلسطينيين، رذاذ لسانه على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لمحاربة الأخير للإرهاب في سوريا وتبديد الحلم الكردي الصهيوني في عفرين، لتبدأ جولة كرامة جديدة بطلها الرئيس التركي الذي صفع تجاوزات الفاسد الصهيوني الذي ينتظر السجن، العديد من الصفعات، نرصدها وأبعاد الوقاحة الصهيونية، التي يبدو أنها لم تستطع ضبط النفس أمام نجاح تركيا في عفرين ومساندتها للحق الفلسطيني .

دروس أردوغان!

عقب العدوان الصهيوني على مسيرات العودة، تصدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لوقاحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فيما اعتبره مراقبون يمثل تصعيدًا جديدًا بين البلدين قد يدفع لتأزم العلاقات مجددًا، بعد أن عاد التوتر بين إسرائيل وتركيا والحرب الكلامية بين أردوغان ونتنياهو، عقب إعلان “ترامب” القدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر، ليهدد الاتفاق الذي توصلت تركيا وإسرائيل إليه في 2016 بتطبيع العلاقات بينهما بعد ست سنوات من الفتور، إثر قتل القوات الإسرائيلية الخاصة 10 نشطاء أتراك على متن سفينة مساعدات كانت تسعى لكسر الحصار على غزة، حيث وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد (أول أبريل نيسان) بـ”الإرهابي”، في تصعيد لتبادل الإهانات بينهما بعد انتقاد أردوغان لرد الجيش الإسرائيلي على مظاهرات العودة، وقال أردوغان موجهًا حديثه إلى نتنياهو: “أنت ضعيف جدًّا، نحن نكافح الإرهابيين، لكن ذلك لا يعنيك، لأنكم دولة إرهاب”، بحسب ما ذكرت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء في تركيا، وأضاف: “ليس علينا عار الغزو يا نتنياهو، أما أنت فغازٍ، وفي الوقت الحالي موجود في تلك الأراضي بصفتك غازيًا، وأنت في الوقت نفسه إرهابي”، وفي خطاب آخر قال إردوغان: “أنتم دولة إرهابية، معروف ما فعلتموه في غزة، وما فعلتموه في القدس، لا يوجد من يحبكم في العالم”، وذلك بعد أن اتهم، السبت، إسرائيل بارتكاب “هجوم غير إنساني” ضد أبناء فلسطين المحتلة في مسيرات العودة، واعتبر أن إسرائيل سوف تلقى جزاءها على ما تقوم به من ظلم تجاه الفلسطينيين”.

أزمة الفاسد!

وسط انتقادات كثيرة في الداخل، حرك نتنياهو عقارب الأحداث إلى تركيا للإفلات من ضغط الداخل، بحسب مراقبين، وتعرض لعملية غصن الزيتون التي تشنها تركيا في سوريا، وزعم أن القوات التركية المشاركة في تلك العملية “تمارس الظلم ضدّ الأبرياء في منطقة عفرين” بريف محافظة حلب السورية، كما زعم أن الجيش الإسرائيلي “هو أكثر الجيوش أخلاقا في العالم، ولن يقبل المواعظ ممن يقوم على مر السنين بقصف السكان المدنيين دون تمييز”، وكتب نتنياهو في تغريدة له على تويتر: “هذه هي الطريقة التي تختارها أنقرة لإحياء الأول من أبريل، الذي يعرف في العالم بكذبة أبريل”، فيما وصف أردوغان سابقا بأنه شخص “يقصف القرى الكردية”، في طريقة توحي بالتوتر.

جاءت خطوة نتنياهو في أعقاب دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت له إلى الاستقالة من منصبه في ضوء التحقيقات الجارية معه بشان الفساد، والاقتداء به، حيث استقال الأول عام 2009 بعد التحقيق معه وإدانته، وقال أولمرت في مقابلة مع صحيفة “جورزاليم بوست”: ” اقتراحي لنتنياهو هو عمل ما يجب فعله للحفاظ على كرامة واحترام مكانة رئيس الوزراء الإسرائيلي، فيجب أن يفعل الشيء الصحيح، بناء على ما يعرفه هو وعائلته ومحاموه حول قضيته، وأن يفعل ذلك بطريقة لا تقوض كرامة مكتب رئيس الوزراء ونفسه كرئيس للحكومة”، خاصة أن أولمرت نفسه قد اضطر للاستقالة من منصبه عام 2009 بعد توجيه لائحة اتهام ضده بتهم الفساد، إذ أدين بها وأمضى في السجن 16 شهرًا، وأضاف: “عندما رأيت أن الادعاءات ضدي تتداخل مع أدائي، استقلت.. أنا لم أُجبر.. لم تكن هناك مشكلة بالنسبة لي لمواصلة العمل مع ائتلاف مستقر لمدة عامين آخرين، ولكنني أردت ألا أضع نفسي في موضع تتأثر فيه المصالح الوطنية لإسرائيل من خلال التحقيق معي”.

فساد موثق!

أبعاد الازمة الداخلية تقف بوضوح وراء قفزات نتنياهو الوقحة في مواجهة الرئيس التركي، وبحسب الشرطة الإسرائيلية، فإن هناك “أدلة كافية” ضد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في قضيتي فساد تتمثل بـ”قبول رشاوى وتزوير وخرق للثقة، فيما كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية في وقت سابق أن الشرطة اعتقلت رجل الأعمال شاؤول أولوفيتش، وعدة أشخاص بعضهم مقرب من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للتحقيق في شبهات الفساد في شركة الاتصالات “بيزك”.

يدور محور “القضية 4000” حول رجل الأعمال، شاؤول أولوفيتش، الذي يملك موقع “واللا” الإلكتروني، وشركة “بيزك” وغيرها من الشركات، ويشتبه بتلقيه تسهيلات من نتنياهو، ويشتبه بأن نتنياهو قدم تسهيلات لشركة “بيزك” مقابل تغطية داعمة من موقع “واللا”، الذي يعتبر الأكثر انتشارا في إسرائيل له، وبالأخص لزوجته سارة، وقد حول إلى الشرطة للتحقيق معه بعد أن أدارته في البداية سلطة الأوراق المالية، وحسب الشبهات، فإن نتنياهو قام بوقف إصلاحات لا تصب في صالح شركة “بيزك” للاتصالات، مقابل قيام رجل الأعمال شاؤول أولوفيتش من مالكي “بيزك” وموقع “واللا” الإخباري بتغطية أخبار رئيس الحكومة بصورة إيجابية في الموقع، كما تلاحق التحقيقات مع نتنياهو ملفات فساد معروفة بأسماء “القضية 1000″ و”القضية 2000” و”القضية 3000″ولكن “القضية 4000” بحسب صحيفة هآرتس، أقوى بكثير من الملفات الثلاثة السابقة، وسيكون فيه مفاجآت، وقد يحدث ضجيجا وانفجارا في الوسط السياسي الإسرائيلي، لتورط شخصيات كبيرة فيه، حيث أوصت الشرطة بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو بشبهات تلقي الرشاوى والاحتيال وخيانة الأمانة في ملفي التحقيق “1000” و”2000″، وحققت الشرطة على مدى أكثر من سنة مع نتنياهو، ومقربين منه بشبهة الفساد في ثلاثة ملفات رئيسية.

 لماذا عفرين؟

وبحسب مراقبين، فإن النجاح التركي في دحر الإرهاب في عفرين بسوريا وإسقاط الممر الإرهابي على طول الحدود مع سوريا، تسبب في غضب وإحراج رئيس وزراء الكيان الصهيوني، علي خلفية العلاقات الواسعة بين أكراد شمال العراق ودعم إسرائيل لهم في محاولة للتمدد حتى حدود تركيا، خاصة أن العملية العسكرية كانت لها انعكاساتها في إسرائيل أيضًا، ووفق الصحافة الإسرائيلية، وهو ما سجله موقع إسرائيلي بارز تحت عنوان “طموحات أردوغان قد تؤدي لتصعيدات خطيرة بالمنطقة”، وقالت القناة السابعة الإسرائيلية المعروفة بـ “أوتز شيفا” في تحليل نشرته على موقعها الإلكتروني مؤخرًا أن أحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الكبيرة ورغبته في السيطرة قد يتسببون في حدوث تصعيدات خطيرة جدًّا، فيما نجحت أنقرة وفق تحليلات متواترة في إحباط المخطط الصهيوني الكردي بعد 58 يومًا من القتال المتواصل، حيث سقط مجددًا “حلم الدولة الكردية” المدعوم من تل أبيب، حيث إن عفرين بالنسبة للأكراد، هي إحدى المقاطعات الكردية الثلاث في سوريا، والمحافظة عليها والدفاع عنها يعتبران مسألة وجودية، كما يطمح أكراد سوريا إلى وصل المدينة بالمناطق الكردية الأخرى، وربطها مع منبج وعين العرب وتل أبيض والقامشلي، على طول الشريط الحدودي مع تركيا، كما أنها تشكل الجسر الجغرافي لوصل هذا المشروع بالبحر المتوسط إذا أتاحت الظروف ذلك، كما صرح بذلك العديد من المسؤولين الأكراد، غير أن هذه المنطقة تعد خطًّا أحمر لتركيا التي تؤكد أنها لن تسمح بإقامة كيان كردي على حدود تركيا الجنوبية مع سوريا، كما أن الرئيس التركي قال إنه لن يسمح بإقامة “ممر إرهابي يبدأ من عفرين، ويمتد إلى البحر المتوسط”، وهو ما أثار غضب نتنياهو وكشفه أمام العالم.