العدسة – معتز أشرف

“جادةُ العار” صرخة لبنانية تصدرت المنشورات في “فيسبوك” و”تويتر”، استنكارًا لتسمية اتوتستراد “الزيتونة باي” في لبنان باسم الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، متناولًا ما يحدث في اليمن من جرائم سعودية، بالتزامن مع سخونة المعركة الانتخابية المتصاعدة ودور السعودية فيها، ليؤكد قطاع ليس بهين في لبنان استمرار المواجهة المفتوحة مع ديار سلمان الأب والابن حتى، ولو في تسمية الطرق باسمهما.

انتفاضة غضب!

لم تهنأ أذرع السعودية في لبنان بالإعلان عن تدشين “جادة الملك سلمان بن عبدالعزيز”، حيث أطلق لبنانيون حملة موسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم ” #جادة_العار”، تصاعدت وانتشرت فور تدشينها، فانهالت التعليقات والصور التي ترفض وتدين هذا التصرف الذي اعتبروه مذلا في حق لبنان، حيث استنكروا اتخاذ بلدية العاصمة قرار التسمية دون استشارة اللبنانيين، في إطار ما وصفته بـ “تعزيز العلاقات التاريخية اللبنانية – السعودية، وضرورة المحافظة عليها” في خضم أجواء سياسية دقيقة وغير مستقرة تسبق الانتخابات النيابية المقررة في 6 مايو المقبل.

واعتبر المغرد علي اتاني القرار بأنه سقوط لبيروت، قائلا: اليوم سقطت بيروت واحتلها العدو الصهيوني، اليوم مجزرة صبرا وشاتيلا، اليوم اغتيل المفتي حسن خالد، اليوم اغتيل رشيد كرامي، اليوم تدنس بيروت، علينا أن نكون كلنا الشهيد خالد علوان، والبطل حبيب الشرتوني”.

وقالت المغردة زينب كرم على حسابها بتويتر: “في الوقت الذي يسعى الانبطاحيون من بلادي لإذلالنا وإخضاعنا، ومحاولة جعل لبنان كرخانة سعودية بتدشين #جادة_العار.. تأتي الانتصارات المدوية.. لتذكرنا بسيادة عروبتنا، وتجعلنا فخورين بالشعار الذي أصبح رمز نضالنا: “هيهات من الذلة!”، فيما أضافت المغردة ملاك وهبي وهي تنشر صورة تجمع بين مسؤولي السعودية ولبنان: هذه لوحة بعنوان “لما يجتمعوا ولاد الحرام عبيد المال والأموال”.

وبلغة حادة قالت المدونة سارة علي عيسى: “قالها جمال عبد الناصر سابقًا، ونعيدُ القول: إنَّ جزمة كُل شهيد من الشهداء هي أشرف وأطهر من تاج ملك السعودية!”، فيما قال المغرد فادي، وهو ينشر صورة لحذاء عسكري عليه بقع دماء: “كل نقطة دم على هالبوط ، أشرف وأطهر من أكبر راس خليجي وأمريكي وإسرائيلي وكل خائن لوطنو”.

وأضافت المدونة زينب ناجي على موقع “فيسبوك” وهي تنشر صورة لقاء سعودي بالحريري: “الصورة تتضمن: عملاء وقتلة، خونة، أذلاء، خانعين، خاضعين، عبيد المال و#آل_سعود، لكم ذلكم ولنا شوارع أسميناها بالتحرير والمقاومة وباسم شهداء ضحوا ليحيا الوطن عزيزًا كريمًا”، فيما نقل نشطاء صورًا لغاضب يرفع الحذاء على لوحة التدشين.

جرائم السعودية في اليمن كانت حاضرة بقوة في التعليقات، ومنها تعليق “الشيخ فادي رضا“، حيث قال: “ألا تخجلون؟!، ألا تستحون؟!، ألا تعقلون؟!، ألا تفقهون؟! فالإنسان يقتل في اليمن وأنتم تكرمون القاتل”، فيما استنكر حساب هدهد، على “فيسبوك” تسمية شارع باسم من ارتكب جرائم الحرب في اليمن قائلا: “لعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به، ومش بس رضيت، كرمت الفاعل وسمت شارع باسمه”، كما قال المغرد “أبو الفضل شومان“: “سامحونا يا أهل اليمن… سامحونا يا شهداء سوريا… سامحونا يا أطفال العراق… نحن ما خصنا بـ #جادة_العار، رئيس حكومتنا بيشتغل خادم عند آل سعود”.

في المقابل، دشن سعوديون هشتاج “#سعوديين_ضد_دعم_لبنان” ردًّا على الهجوم الشعبي اللبناني، وقالت المغردة السعودية مني القرشي: “هذي مقارنة بين عدد البنانيين في السعودية وإيران وحجم التحويلات!، والله إنهم ليسوا أغلى ولا أقرب لنا من القطريين، ويفترض طردهم وقطع العلاقات معهم طالما يحملون الولاء لحزب الله وإيران، وإعلامهم يسيء لحكومتنا أكثر من الجزيرة”، فيما أضاف مستخدم آخر على توتير: “على كثر ما دعمتهم السعوديه وموظفة نص عيالهم وشيبانهم مكان عيالنا السعوديين، مع ذلك ما يبين بعينهم  مسوين هاشتاق اليوم ومسمينه #جادة_العار ادخلوا وانصدموا”.

جرائم اليمن

وبسبب جرائم آل سلمان في اليمن، طالب 17 نائبًا في مجلس العموم البريطاني من مختلف الأحزاب في عريضة رفعت لرئيسة الوزراء “تيريزا ماي” في وقت سابق بإلغاء الزيارة التي تمت بعدها للأمير “محمد بن سلمان” إلى العاصمة البريطانية لندن، وأكد النواب الموقعون على العريضة أن ولي العهد السعودي ارتكب جرائم حرب في اليمن، بصفته وزيرًا للدفاع وممارسة، الانتهاكات بحق المدنيين وصفوها بالخطيرة خلال الحرب التي يشنها على اليمن، أدت إلى نشوب أزمة إنسانية كبيرة، وبحسب العريضة، فإن “بن سلمان” وجه بشكل مباشر للقصف في اليمن، ما أدى إلى سقوط عشرات آلاف الضحايا بين قتيل وجريح، وأوضحت أن الحرب تسببت في انتشار المجاعة والكوليرا على نطاق واسع، كما شدّدت العريضة على أن الحرب في اليمن تسببت في خلق أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ومع ذلك، لا تزال المملكة المتحدة تبيع الأسلحة للسعودية.

وقالت صحيفة الجارديان البريطانية إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تدخل عسكريًّا في اليمن عندما كان وزيرًا للدفاع عام 2015 بهدف هزيمة الحوثيين وإضعاف النفوذ الإيراني، لكنه فشل في تحقيق الهدفين، واستمر في تحويل اليمن الفقير إلى ساحة للأوبئة والمجاعة والعنف، ومع ذلك استمرت الإدارة الأمريكية في الاقتراب من السعودية، فيما أوضحت أن الكارثة في اليمن غير مقبولة، كما أن من الممكن تفاديها، لكن تشجيع الإدارة الأمريكية للرياض جعل الأخيرة ترتكب أعمالا باليمن يُقال إنها تشمل جرائم ضد الإنسانية.

وقالت الصحيفة: إن “خوف” السعودية العميق من إيران يقف في قلب الكثير من حسابات “بن سلمان” بشأن سياسته الخارجية وأخطائها، الأمر الذي يسبب قلقًا متزايدًا وسط حلفاء الرياض الغربيين، ومشتري النفط وبائعي السلاح، مشيرة إلى غضب ألمانيا من الدور المزعوم للرياض في إجبار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة بسبب رفضه الضغط على حزب الله الذي تدعمه إيران”.

شهادة أممية!

وبحسب الأمم المتحدة، فإن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ومع دخول الصراع عامه الرابع يحتاج أكثر من 22 مليون شخص، أي ثلاثة أرباع السكان، إلى المساعدة والحماية، فيما يموت طفل تحت سن الخامسة كل 10 دقائق لأسباب يمكن تجنبها، كما يعاني أكثر من 18 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، أي الجوع، ولا يعلم 8.4 مليون شخص كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، قال موضحًا أبعاد مأساة اليمن في المؤتمر الذي نظمته الأمم المتحدة والحكومة السويسرية قبل أيام: “يتعرض المدنيون للهجمات العشوائية والتفجيرات والقناصة والعبوات غير المنفجرة وتبادل إطلاق النار والاختطاف والاغتصاب والاعتقال التعسفي، وكل 10 دقائق يموت طفل تحت سن الخامسة، نتيجة أسباب يمكن تلافيها، نحو 3 ملايين طفل تحت الخامسة وامرأة حامل ومرضعة، يعانون من سوء التغذية الحاد”، مضيفا أن وضع اليمن اليوم كارثين ولكنه شدد على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي للحيلولة دون أن يصبح اليمن مأساة طويلة الأمد، مؤكدًا أهمية العمل من أجل إنهاء الصراع، والتسوية السياسية التفاوضية، عبر الحوار اليمني-اليمني الجامع، هي الحل الوحيد.