إبراهيم سمعان

أكدت صحيفة “أيريش اكسامينر” الأيرلندية، أن الإصلاحات التي يقوم بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في السياسات الخارجية والاقتصادية قد تزعزع استقرار البلاد.

وأوضحت في المقال الذي كتبه “شلومو افينيري”، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة لعبرية بالقدس، والمدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أن أخطر لحظة بالنسبة لحكومة سيئة، عادة ما تكون تلك التي تبدأ فيها إصلاح نفسها، وذلك بحسب المؤرخ ورجل الدولة الفرنسي في القرن التاسع عشر أليكسيس دي توكفيل.

وأضاف “افينيري”: “الإصلاح بعد كل شيء، يعني ضِمنًا أن القواعد والمؤسسات التقليدية فقدت مصداقيتها بالفعل، لكن الهياكل البديلة لم تتأسس بعد”.

ودلل على ذلك بالقول: “كان المثال الكلاسيكي “لتوكفيل” هو نظام لويس السادس عشر، الذي سرعان ما أدت إصلاحاته إلى الثورة الفرنسية، وإعدامه هو شخصيًّا في 1793″.

وتابع: “مثال آخر هو جهود ميخائيل جورباتشوف لإصلاح الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات من القرن الماضي، لكن في النهاية، انهار الاتحاد السوفييتي، وتمت إطاحة جورباتشوف من السلطة”.

ومضى الكاتب قائلا: “اليوم، يمكن أن يحدث شيء مشابه للغاية لولي العهد السعودي الشاب محمد بن سلمان بينما يخطو لتحديث مملكته”.

وأضاف: “طالما حافظت المملكة العربية السعودية على استقرار داخلي (نسبي) عن طريق نشر ثروتها النفطية الهائلة بين رعاياها، وفرض المذاهب الإسلامية الأصولية السعودية القائمة على التقاليد الوهابية المتشددة على المجتمع السعودي”.

وأردف: “بعد تأسيس المملكة في عام 1932، تمتع العديد من السعوديين بمستويات عالية من المعيشة لم يسبق لها مثيل، وتحول مئات من أفراد العائلة المالكة السعودية من شيوخ صحراء إلى أعضاء أثرياء للغاية من النخبة المالية الدولية”.

وتابع: “مع ذلك، وفي السنوات الأخيرة، كان على النظام السعودي أن يقلق بشأن مستقبله، حيث تراجعت أسعار النفط بعد الربيع العربي 2011-2012، الذي أسقط الحكام في تونس ومصر وليبيا واليمن، وتحدى بشدة حكم عائلة الأسد في سوريا”.

ومضى الكاتب يقول: “من جانبه، تلقى محمد بن سلمان الرسالة، منذ أن عين وليًّا للعهد في يونيو 2017، أدخل إصلاحات كاسحة للنظام السعودي”، موضحًا أن بعض أعماله حظيت بتغطية صحفية دولية مواتية، ليس أقلها قراراته التي تسمح للنساء بقيادة السيارة وتقليص سلطة الشرطة الدينية، التي طالما فرضت قواعد اللباس العام.

واعتبر “افينيري” هذه خطوات إيجابية نحو تحرير المملكة من العناصر الوعظية للوهابية.

وأضاف: “مع ذلك، يمكن أن تكون السياسات الجديدة الأخرى إشكالية لا تزال خطة “بن سلمان” لتنويع الاقتصاد السعودي لتقليص اعتماده على النفط في مرحلة التحضير، لكن في غضون ذلك، أطلق حملة “مكافحة الفساد”، والتي رفعت الأعلام الحمراء للمراقبين الخارجيين”.

وتابع: “منذ نوفمبر الماضي، ألقى “بن سلمان” القبض على مئات من أعضاء النخبة السعودية – بمن فيهم الأمراء ورجال الأعمال ذوو الملامح الدولية – لأسباب مريبة، ودون أي اعتبار لسيادة القانون”.

وأضاف: “مما لا شك فيه أن السعودية تفتقر إلى قانون أساسي من القوانين أو الحقوق القانونية، وقد يكون الكثير من السعوديين المحبطين يرحبون بحقيقة أن أولئك الذين اعتقلوا في التطهير قد وافقوا، تحت ضغط، على إعادة بعض من الثروات التي تكون بشكل غير سليم إلى الخزانة التي يسيطر عليها بالطبع ولي العهد”.

ومضى قائلا: “لكن حتى إذا نجح “بن سلمان” في تعزيز قوته وتحبيب الناس فيه على المدى القصير، فقد أصبح من الواضح أنه ينوي الحكم باعتباره مستبدًّا، عندما يخلف والده الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود”، مشيرًا إلى أن هذا سيكون خروجًا جذريًّا عن تقاليد المملكة في تقاسم السلطة بين الأمراء ضمن نظام لامركزي للغاية.

وأردف: “الأسلوب السياسي الصارم لـ”بن سلمان” له أيضًا تداعيات دولية بالنسبة للمبتدئين، فقد اتخذ خطًّا متشددًا ضد إيران والطموحات الإقليمية لهذا البلد، مما أدى إلى تفاقم الانقسام السني الشيعي”.

وتابع: “نهج “بن سلمان” – الذي يتضمن تصريحات تفتقر للمعلومات تقارن النظام الإيراني بألمانيا النازية – يحظى بدعم دول سنية أخرى مثل مصر والأردن، ومن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنها لا تبشر باستقرار المنطقة”.

وأضاف: “علاوة على ذلك، كان التدخل العسكري لـ”بن سلمان” في اليمن فاشلًا، كما أن قراره بفرض حظر على قطر جاء بنتائج عكسية، وبالمثل، انتهت محاولته في أواخر العام الماضي لإقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري عام 2017 بحالة من الفشل”.

وشدد “افينيري” على أنه من الصعب القول إلى أين تتجه السعودية، لافتًا إلى أن البلد يحتاج بالتأكيد إلى إصلاحات شاملة، لكن بانتظار الحكم بشأن ما إذا كان نهج “بن سلمان” هو النهج الصحيح.

ومضى يقول: “إذا نجح، فسوف يخرج بسمعة كإصلاحي، ومع ذلك، فمن الواضح أنه غير مهتم بإقامة مؤسسات تمثيلية أو تعزيز حكم القانون، لذا فإن بلده سيصبح ديكتاتورية شخصية”.
وتابع: “بدلًا من ذلك، قد تؤدي ميول ولي العهد السلطوية والفشل في السياسة الخارجية المحرجة إلى معارضة داخلية، سواء من النخب التقليدية التي توعد ببترها، أو من الأقلية الشيعية الكبيرة في المقاطعة الشرقية للمملكة، والتي قد يتطلع أعضاؤها إلى إيران كحامية”.

وأضاف: “على الصعيد الدولي، يمكن لتصعيد ولي العهد السعودي مع إيران أن يخرج عن نطاق سيطرته”.

واختتم بقوله: “على الرغم من مشترياتها الأخيرة من الأسلحة من الولايات المتحدة، إلا أن السعودية لا تستطيع الصمود في مواجهة عسكرية مع إيران، إذا حدثت مثل هذه المواجهة، فيجب أن نأمل في ألا تؤدي إلى حرب إقليمية أوسع”.