إبراهيم سمعان

لاحقت الجرائم التي ترتكبها القوات السعودية في اليمن الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارته الرسمية الأولى لفرنسا منذ تعيينه وليًا للعهد والتي تستمر ثلاثة أيام.

هذه الزيارة، التي تأتي بعد جولة خارجية لابن سلمان شملت مصر، وبريطانيا، ثم الولايات المتحدة التي أقام بها 3 أسابيع، تهدف للترويج للخطة الإصلاحية لولي العهد وتعزيز العلاقات المتوترة بين الرياض وباريس جراء الأزمات الإقليمية، بدءًا من سوريا إلى الاتفاق النووي الإيراني مرورًا باليمن والوضع في لبنان.

وبحسب “راديو فرنسا الدولي” ستشمل محادثات محمد بن سلمان مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مناقشة مختلف الأزمات الإقليمية، بما في ذلك الحرب في اليمن، فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، قادت السعودية ائتلافًا لمحاربة الحوثيين، أسفر عن سقوط آلاف الضحايا المدنيين، وتتسبب بأسوأ كارثة إنسانية، ما دعا المنظمات الحقوقية في فرنسا تتساءل هل ينبغي الاستمرار في بيع الأسلحة للمملكة؟

 

وقال “الراديو”: فرنسا هي ثالث أكبر مصدر للأسلحة في العالم، والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتان تخوضان حربًا في اليمن هما من بين العملاء الرئيسيين لصناعة الأسلحة الفرنسية.

وتحذر العديد من منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية من احتمال استخدام الأسلحة الفرنسية في ارتكاب جرائم في حرب اليمن؛ وذلك بناء على أن المخاطر الأخلاقية، وأيضًا القانونية وفقًا لمعاهدة تجارة الأسلحة (التي صادقت عليها فرنسا) تحظر بيع الأسلحة التي يمكن استخدامها في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

 

ونقل الراديو عن الدكتور جان فرانسوا كورتي، مدير العمليات الدولية في منظمة “أطباء العالم” القول: “لقد اختارت حكومتنا تقديم الدعم العسكري والسياسي والاستراتيجي والاقتصادي للتحالف الذي تقوده السعودية”، مضيفًا فرنسا “تدعم بلدًا لا يحترم القانون الإنساني الدولي ويمكن اتهامه بارتكاب جرائم حرب”.

 

وأطباء العالم هي أحد المنظمات غير الحكومية العشرة التي تدعو إيمانويل ماكرون لاتخاذ إجراء حول هذا الموضوع؛ حيث يستعد الرئيس الفرنسي لاستقبال محمد بن سلمان مجددًا الثلاثاء بعد أن دعاه الأحد إلى عشاء خاص بمتحف اللوفر.

 

كما دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، وهي إحدى المنظمات الموقعة على بيان حول الحرب في اليمن بمناسبة هذه الزيارة، فرنسا لتعليق صادراتها من الأسلحة إلى السعودية، وقالت: “يجب على فرنسا وقف بيع الأسلحة إلى السعودية؛ لأنها لم توقف الهجمات غير القانونية ضد المدنيين”.

 

واستنكر بينيدكت جينيرود المسئول بـ”هيومان رايتس ووتش” في فرنسا “إشارة الإفلات من العقاب التي ترسلها باريس إلى ولي عهد المملكة ” من خلال الاستمرار في تزويده بالمعدات العسكرية.

ويقول الراديو بالنسبة للسلطات الفرنسية، تؤكد أن صادرات الأسلحة تخضع لرقابة صارمة وأنه لا يوجد أي تعليق على وقف مبيعات المعدات الدفاعية لدول التحالف العربي في حرب اليمن. علاوة على ذلك، تعترف المنظمات الإنسانية والحقوقية بأنّه لا يوجد حتى الآن دليل على استخدام سلاح فرنسي في انتهاك القانون الدولي في اليمن.

 

من جهته يقول السعوديون: إن الائتلاف يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، ويُذكر أن الرياض مستهدفة بنيران القذائف المنسوبة إلى التمرد الحوثي في ​​اليمن.

 

“لا نريد الحرب وحكومتنا لا تريد الحرب. نحن ندعو إلى حل سياسي، لكننا لا نستطيع أن نجلس مكتوفي الأيدي بينما تسقط الصواريخ على عاصمتنا” تقول رفيدة أبو عليان، عضو المجلس الاستشاري الذي يعين الملك أعضاءه.

 

وأضافت رفيدة التي هي ضمن الوفد السعودي الرسمي الموجود في باريس إلى جانب محمد بن سلمان: “لا نريد ضحايا بين شعبنا، لا نريد أن ننفق كل هذه الأموال على حرب لم نكن نريدها، ولكن بالطبع علينا الدفاع عن أنفسنا!”.

 

ومع ذلك، يؤكد الراديو، أن الملف قد يصبح أكثر حساسية بالنسبة للسلطات الفرنسية، ليس فقط بسبب تعبئة المنظمات غير الحكومية، ولكن أيضًا؛ لأن بعض الدول ترفض الآن بيع السلاح للتحالف العربي في اليمن.
أما في فرنسا، هذه القضية مطروحة الآن في البرلمان، وقد طالب العضو في الأغلبية الرئاسية، سيباستيان ندوت، الأسبوع الماضي بإنشاء لجنة تحقيق برلمانية حول هذه المسألة.

والأحد، احتج ناشطون حقوقيون يمنيون وفرنسيون في العاصمة باريس على زيارة محمد بن سلمان لفرنسا؛ حيث قام حوالي 20 متظاهرًا برفع أعلام يمنية بالقرب من برج إيفل واستنكروا دور السعودية في الصراع القائم في اليمن.

وقالت مجموعة السلام من أجل اليمن: إن الحكومة السعودية مسؤولة إلى حد كبير عن القتلى والأزمة الإنسانية التي يشهدها هذا البلد، مشيرة إلى أن الصراع خلّف أكثر من 10 آلاف قتيل وشرد أكثر من 3 ملايين شخص، إضافة إلى انتشار الأمراض والمجاعة وتدمير البنية التحتية.