ربى الطاهر

نشرت جامعة تورنتو الكندية، دراسة جديدة تبرئ “المكرونة” من تلك التهم المنسوبة إليها بالتسبب في زيادة الوزن، بل والأكثر من ذلك أفادت الدراسة أن وجودها ضمن قائمة النظام الغذائي قد يكون أحد عوامل خسارة الوزن، ولكن ذلك يتحقق بالانتباه إلى الكمية التي يتم تناولها.

وبالتأكيد، فإن نتائج هذه الدراسة أدخلت البهجة على الكثيرين من عشاق المكرونة؛ حيث أثبتت أنها لا تصنف ضمن قائمة الأطعمة التي تسبب السمنة، بل على العكس، فوجودها على مائدة الطعام وانضمامها لنظام غذائي يهدف إلى إنقاص الوزن قد يساهم بقدر كبير في الوصول إلى الأهداف المرجوة إذا ما تم مراعاة بعض النقاط الهامة بداية من اختيار النوع المناسب من “الباستا” بالإضافة إلى الكمية المستهلكة.

ونظرًا للشهرة التي اكتسبتها المكرونة أو “الباستا”، وكذلك بعض الأطعمة الكربوهيدراتية في إفساد أية خطة لاتباع حمية غذائية فإن المختصين قاموا بالبحث في إمكانية تناول المكرونة وسط قائمة طعام منخفض السكريات، وهل سيتسبب ذلك في زيادة الوزن أم أنه سيكون أكثر فائدة في خسارته.

وقد سجل الباحثون ملاحظاتهم من خلا ل 32 تجربة قاموا بإجرائها، وأكدوا أن الأشخاص الذين تناولوا الوجبات الغذائية منخفضة السكريات بالإضافة إلى وجبة من المكرونة، لم يحافظوا على أنفسهم من أية زيادات في الوزن فقط، ولكنهم تخطوا ذلك إلى فقدان أوزانهم في غالبية الحالات، وحتى في حالة إن كانت متوسط هذه “الباستا” يصل إلى رطلين أي ما يعادل تقريبًا  كيلو جرامًا واحدًا.

وأفاد أحد الباحثين المشاركين في هذه الدراسة، وهو الدكتور سيفين بيبر، أن التجارب التي أجريت لم تدل على اختلافات في قياسات الوزن، بل إن العكس هو ما قد حدث؛ فقد أظهر المؤشر انخفاضًا في الوزن حتى وإن لم يكن كبيرًا، وحدث ذلك بدون تعمد من المشاركين في تخفيض أوزانهم فقد أرادوا فقط الحفاظ على أوزانهم إلا أن هذا الانخفاض لم يكن متعمدًا.

ولكن هذا لا يعني مطلقًا الإسراف في تناول المكرونة أو “الباستا” بغرض إنقاص الوزن، حيث إن الإقبال على تناول أي نوع من أنواع الأطعمة بكثرة من شأنه أن يزيد الوزن، لذلك فلابد من مراعاة تناولها باعتدال وبكميات مقبولة، فقد أقبل المشاركون في التجربة على تناول ثلاث وجبات أسبوعية، بما لا يتجاوز نصف كوب في كل مرة، مع الانتباه إلى أنه كان يتم اختيار أنواع معينة من المكرونه التي تصنع من الدقيق الكامل، والذي من شأنه العمل على رفع معدلات السكر في الدم بدرجات بسيطة، ما يعني منح الشعور بالشبع سريعًا.

مكرونة نباتية

وعلى صعيد آخر قدم خبراء التغذية نوعًا جديدًا من المكرونه لعاشقيها المحرومين من تناولها بسبب اتباعهم لحمية غذائية لإنقاص الوزن، وقد تم مراعاة خلوها من الكربوهيدرات وتزويدها بالفيتامينات والمعادن لتناسب النظام الغذائي الصحي.

وربما أتاحت المكرونه الجديدة والتي تعرف باسم “زودلز” البديل لهؤلاء الذين يرغبون في إضافة المكرونة إلى نظامهم الغذائي الصحي، ووفرت لهم مكرونة شهية خالية من الكربوهيدرات.

وتمتاز المكرونة التي أطلق عليها اسم “زودلز”، بالعديد من الفوائد الصحية؛ فهي تحتوي على القليل من الكربوهيدرات، وفي نفس الوقت غنية بالفيتامينات والمعادن، وذكرت كريستيانا فيدمان، خبيرة التغذية أن المكرونة زودلز تساعد الكثيرين ممن يتبعون نظامًا غذائيًّا صحيًّا على الالتزام بأنظمتهم الغذائية العادية بالإضافة إلى كونها تساعد على تناول المزيد من الخضروات يوميًّا لذلك فهي تعتبر البديل الصحي بالنسبة لهؤلاء.

وأضافت “فيدمان” أن هناك مكرونة مصنوعة من الخضروات، مثل تلك المكرونة “الإسباجيتي” التي تعد من الكوسة، وربما الاتجاه الآن بدأ نحو إحلال المكرونة محل الخضروات، وربما ساعدت الكوسة بشكلها وقوامها تحولها إلى شرائح أو حلزونيات شبيهه بالمكرونة.

ورأت “فيدمان” أن هناك أنواعًا أخرى من الخضروات تصلح لأن تتحول إلى مكرونة، فكل الأنواع ذات القوام الجامد تصلح لأداء هذا الغرض، ومن هذه الأنواع التي تمتلئ بها قائمة الخضروات: الجزر والخرشوف والكرنب الساقي والفجل والبطاطا والخيار وأعواد البروكلي والبنجر الأحمر، ويمكن لأي طاهٍ بالمنزل صناعة هذه المكرونة من معظم الخضروات، على هيئة شرائط، وكل ما يحتاجه هو مِقشرة بطاطس بسيطة، أو قد يستخدم حتى السكين، إلا أن بعض الخضروات قد تتطلب في تحويلها إلى مكرونة، استخدام آلة صنع الأشكال الحلزونية، وذكرت أن بعض الدرنات الخضرية مثل البطاطس لا تصلح معها إلا هذه الطريقة لتحويلها إلى مكرونة، وقد يحدد شكل صناعة المكرونة وأفضل الطرق لإعدادها، ذوق المتلقي وكذلك تذوقة أيضًا، وذلك بالنسبة لكل أنواع الخضروات.

وتفضل “فيدمان” كذلك إعداد المكرونة الرودلز نيئة، وذلك من منطلق الاستفادة الصحية من الأغذية حيث إن تقديم الخضروات نيئة يجعلها تحافظ على العناصر الغذائية الموجودة بها والتى قد تفقدها بالطهي.

وتقول إنه ربما يفضل البعض سلقها قليلا، لذلك يمكن وضعها سريعًا وأوَّلًا أيضًا في بعض المياه المغلية، إلا أنها تتبع بشكل خاص صناعة المكرونة من البطاطا أو من أي نوع من أنواع الخضار التي لديها على هئية كعكات أو ما يشبه الهامبورجر، ثم تضيف إليه صلصة الكاري وحليب جوز الهند.

اختيار التوقيت المناسب

وقد أثبتت الدراسات أن المكرونة في حد ذاتها ليست هي المسؤولة عن زيادة الوزن، ولكن ما يتسبب في ذلك هو تلك الإضافات التي توضع لها أو معها مثل الجبن بأنواعه أو القشدة، وكذلك أنواع الصلصة المختلفة، وجميع هذه الإضافات تساهم في زيادة السعرات الحرارية، وبالتالي زيادة الوزن.

وقد أفادت الجمعية الألمانية للتغذية، أن عدد السعرات الحرارية في المكرونة لا تزيد عنها في الأرز، فكل 100 جرام من المكرونة يحتوى على 134 سعرًا حراريًّا، ويتوقف الأمر بالأساس على نوع الدقيق المصنوع منه المكرونة.

وربما يتوقف عامل أن تكون المكرونة هي نفسها من عوامل تخفيض الوزن على بعض الشروط التي تتمثل في اختيار الدقيق الغامق في صناعة المكرونة، وتلعب كذلك طريقة الطهي دورًا مهمًّا في ذلك أيضًا، حيث ينصح الخبراء بعدم غلي المكرونة لدرجة كاملة؛ لأن ذلك يساعد في التخلص من الدهون، وعدم تخزينها إضافة إلى المواد المضافة إليها، فمن المفضل الاعتماد على أطعمة ذات سعرات حرارية منخفضة وإضافة الخضروات أو التونة.

كما تناولت دراسة أخرى أفضل توقيت لتناول الأطعمة التي تحتوى على الكربوهيدرات، وخلصت إلى أن المساء هو التوقيت المناسب لذلك للحفاظ على الرشاقة، وقد اعتمدت التجربة على إخضاع مجموعتين من الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد، وتم إعطاء المجموعة الأولى بعض الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات خلال المساء فقط، في حين تناولت المجموعة الثانية نفس الأطعمة خلال الوجبات الثلاث.

وانتظم الفريقان على هذا النظام الغذائي خلال الدراسة لمدة ستة أشهر، ثم تم إجراء فحص للدم لأشخاص العينة، والتي ظهر منها أن احتواء عينات الدم على ثلاثة هرمونات؛ هي هرمون “الليبتين”، وهو هرمون الشبع، حيث يفرز خلال النهار بكميات قليلة ويزيد ليلا، وهرمون “الغريلين”، وهو المسؤول عن الجوع، وتزيد نسبته في الدم عادة خلال فترات النهار ويتراجع ليلا، وأخيرًا، هرمون “أديبونكتين”، وهو المسؤول عن عملية الأيض، ويظهر بكميات بسيطة لدى من يعانون من السمنة.

واتضح من النتائج أن تناول الكربوهيدرات مساءً يعيد نسب إفراز الهرمونات الثلاثة في الدم، حيث ارتفع معدل إفراز هرمون “الليبتين” نهارًا، في الوقت الذي انخفض فيه إفراز هرمون الجوع “الغريلين” نهارًا، ثم ارتفع بعد ذلك ولكن بمعدل ضعيف؛ ونتيجة لهذه التعديلات، ارتفعت نسبة إفراز “الأديبونكتين”، وهو ما ترتب عليه انخفاض الشعور بالجوع؛ وبالتالي، تم تسجيل نقصان في الوزن بالإضافة إلى انخفاض في نسب السكر والكوليسترول في الدم، وهذا يعني أن تناول الكربوهيدرات في التوقيت المناسب قد يكون من وسائل تخفيض الوزن.