العدسة – إبراهيم سمعان

نشر الصحفي الجزائري المقيم بفرنسا محمد بن شيكو، كتابه الجديد عن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، والذي أثار ضجة كبيرة في هذا البلد رغم تجاهل وسائل الإعلام له.

كتاب الصحفي الجزائري الذي جاء تحت عنوان “لغز بوتفليقة.. فحص إشعًاعي لرئيس الدولة” جاء في الوقت الذي أثار فيه حزب “جبهة التحرير الوطني”- الحاكم في الجزائر – الجدل بدعوته رئيس البلاد إلى الترشح لولاية رئاسية خامسة رغم مرضه وعد استطاعته التحرك.

وكان نظام “بوتفليقة” أودع هذا الصحفي السجن بتهمة تهريب الأموال عبر مطار هواري بومدين وأغلق جريدته “لوماتان” اليومية عام 2004، فقط لأنه انتقد الرئيس في كتاب بعنوان “بوتفليقة بهتان جزائري”.

ووفقا لما ذكره موقع ” ledesk” الناطق بالفرنسية، فإن الكتاب الجديد لهذا المعارض التاريخي للرئيس “بوتفليقة”، صدر عن دار نشر “Riveneuve”، ومتوفر في فرنسا منذ 22 مارس.

ويشير الكاتب أنه في عام 2018، والعصر الرقمي والإنترنت، لا يعرف الناس من يرأسهم، هناك رئيس يحكم البلاد منذ تسعة عشر عامًا، لكنه معاق، ولا يمكنه التنقل إلا على كرسي متحرك، لم يعد يستطيع التحدث، أطرافه خاملة تمامًا.

ويضيف الكاتب “نعم، هناك رئيس، لكنه رئيس لا يستقبل أحدًا، لم يخاطب الناس منذ سبع سنوات، رئيس مخفي، يخرج فقط في مناسبات خاصة، لبعض الوقت من أجل التقاط الصور، فقط لإثبات أنه لا يزال على قيد الحياة”.

ويوضح “بن شيكو” في كتابه أنه داخل هذا البلد، رؤساء الدول الأجنبية يتجنبون الذهاب إليه، ومن يقوم بالذهاب إلى هناك يغادرون في كثير من الأحيان دون أن يلتقوا برئيس الدولة، والسفارات الأجنبية لم تعد تعرف إلى من تسلم خطابات الاعتماد.

ويشير إلى أن الكتاب يحلل شخصية واحد من آخر رؤساء الدول من جيل الاستقلال الإفريقي، الغير قادر على ترك السلطة، في بلد ثلاثة أرباع سكانه دون الـ 30 عامًا، فهو عبارة عن قصة الانحدار الجزائري، لرئيس وعد في عام 1999 بالقضاء على الفساد، وتحديث الممارسة السياسية، ومحو البطالة، وبدلا من ذلك عزز سلطته المطلقة وزادت الرقابة، وألغى الحوار.

وفي الوقت الذي طرح فيه الكتاب بباريس، ظلت الصحافة الجزائرية صامتة إلى حد كبير وهو علامة، كما يقول ” ledesk”، على أن هذا العمل يزعج أعلى نقطة في قصر المرادية.

من جهتها استغربت “tamurt.info” هذا الأمر، وتساءلت لماذا لم تنشر وسائل الإعلام الجزائرية أو الصحف الورقية والإلكترونية أو حتى القنوات التليفزيونية أي شيء عن الكتاب الجديد لمحمد بن شيكو.

وأوضحت أنه من المنطق، حتى لو اختلفت هذه الصحف مع الآراء التي طرحها الصحفي في كتابه، كان يمكنهم التعليق على نشر الكتاب كما يشاءون، ووفقاً لقناعاتهم السياسية الخاصة، لكن عدم فعلهم ذلك دليل على أن وسائل الإعلام تم تدجينها بشكل حقيقي من قبل نظام “بوتفليقة”.

ويتولى “بوتفليقة” السلطة منذ عام 1999، وانتخابه لفترة رئاسة أخرى سيكون مصدر إحباط للشبان الجزائريين القلقين من البطالة وإجراءات التقشف في اقتصاد تسيطر عليه الدولة ويرزح تحت وطأة انخفاض أسعار النفط، ففي هذا البلد يتطلع الكثير من الشبان الجزائريين للخارج، ويريدون السفر عبر البحر في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا.

وأثار ظهور نادر علني للرئيس الجزائري هذا الأسبوع، لافتتاح مسجد أعيد ترميمه ومحطتين لمترو الأنفاق، علامات استفهام حول وضعه الصحي، حيث بدا عليه الوهن رغم تأكيدات السلطة ومقربين منه بأنه في صحة جيدة ولا يزال متوقدًا.

ورغم أن “بوتفليقة” لم يقل إنه يريد الترشح مجددًا، لكن الحملات الرئاسية السابقة جاءت بعد تصريحات مشابهة من جبهة التحرير تدعوه لاستمراره، ويقول أنصار “بوتفليقة” إن ذهنه لا يزال متوقدًا، رغم أنه يحتاج لمكبر صوت للحديث.