نشرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أمس “الاثنين” 16 أبريل، ملفًا تحت اسم “الإمارات ليكس”، تتضمن سلسة من التسريبات حصلت عليها لبرقيات سرية صادرة عن السفارتين الأردنية والإماراتية في بيروت، تكشف النقاب عن الأدوار التي يمارسها سفيرا هذين البلدين في لبنان، وتشير إحداها إلى أن ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد يعمل على تفكيك السعودية.

وتشير الصحيفة إلى أن البرقيات تتحدث عن الفترة التي سبقت إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من رئاسة الحكومة يوم 4 نوفمبر الماضي في كلمة متلفزة من الرياض، وذلك قبل أن يتراجع عنها لدى عودته إلى بلاده.

ونشرت الصحيفة برقية للسفير الأردني جاء فيها أنه التقى ظهر الأربعاء الموافق 20/9/2017 سفير دولة الكويت السيد عبد العال القناعي (عميد السلك العربي)، وهو من المقربين من الشيخ صباح الأحمد رئيس الدولة.

وأدرج السفير الأردني أهم المعلومات التي حصل عليها خلال اللقاء، وأرسلها ملخصة لمسؤوليه في عَمان كما يلي:

ـــ إن تصريح الشيخ صباح الأحمد بعد لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أزعج كلاً من السعودية والإمارات وقطر والأمريكان، حيث تأكد الشيخ صباح بعد لقائه الرئيس ترامب من عدم جدية الأمريكان في إيجاد حل للأزمة بين الدول الأربعة وقطر، بالإضافة إلى عدم رغبة السعودية والإمارات في حل الأزمة أيضاً.

ـــ أكد سفير الكويت أن السعودية خسرت في كل مكان، وخاصة في لبنان، وزيارة السبهان واجتماعه مع قوى 14 آذار يعكسان تخبط السياسة السعودية، والزيارة لن ينتج منها إلا توتر إعلامي فقط، وهي ليست سوى محاولة من السعودية لإثبات وجودها في لبنان.

ـــ يعتقد أن الشيخ محمد بن زايد يقوم بالعمل على تفكيك المملكة العربية السعودية.

ـــ ذكر سفير الكويت، أن إمام الحرم المكي “عبد الرحمن السديس” في تصريحه الأخير الذي أشاد فيه بالملك سلمان والرئيس ترامب غير مسبوق في تاريخ إمامة الحرم الشريف، ذلك لتدخله في الشؤون السياسية، وهذا ما سيفقده الصدقية الدينية لدى المسلمين في الداخل والخارج.

ـــ إن قيام السعودية باستقبال أحد شيوخ آل ثاني المقيم في السعودية منذ فترة طويلة، حيث اكتُشف وجوده بمحض الصدفة من قبل السلطات السعودية نتيجة تقدمه ببلاغ بفقدانه بعض الإبل من مزرعته المقيم بها، حيث تم استدعاؤه للقاء الملك سلمان واكتشفوا أنه ليس بالمستوى الذي يمكن الاعتماد عليه، لذلك اتجهوا إلى ابن أحد الشيوخ الآخرين الذي يمت بصلة إلى الشيخ سحيم (وزير الخارجية السابق الذي جرى اغتياله) للقيام بدعمه والترويج له لأحقيته بقيادة البلاد.

ونشرت الصحيفة في البرقية الثانية، المؤرخة يوم 28/09/2017، محضر ما سمعه السفير الأردني في بيروت من السفير الإماراتي هناك، وجاء فيه أن الأخير أبلغه ما يلي:

ـــ السعودية تتخبّط في الداخل والخارج خاصة في لبنان، ورغم عدم رضاهم عن الحريري إلا أنه لا غنى عنه؛ حيث نصحت الإمارات بعدم الاعتماد على أشرف ريفي وزير العدل السابق في طرابلس، وذلك لالتفاف الحركات الاسلامية حوله، علماً بأن المساعدات التي يتلقّاها ريفي هي من رجل الأعمال في دبي خلف حبتور وليست من الحكومة الإماراتية.

ـــ الشيخ “محمد بن زايد” غير راض عن “سعد الحريري” لأسباب خاصة؛ حيث تمّ دعم الحريري من قبل الشيخ محمد بن زايد عندما رفعت السعودية الدعم عنه، إلا أن الحريري أدار ظهره للإمارات بعد ذلك، وقد حاول السفير الإماراتي ترتيب زيارة للحريري، إلا أن طلبه قوبل بالرفض. كما لم ينكر السفير قيام الشيخ محمد بن زايد بتقديم المشورة والنصح للسعودية، إلا أنهم في الإمارات غير راضين عن طريقة عمل السعودية.

ـــ أعلن صباح اليوم عن توجّه كلّ من سامي الجميّل، سمير جعجع، وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري إلى السعودية حيث نشرت الصحف في عناوينها سعي السعودية لتشكيل جبهة سياسية جديدة ولملمة قوى 14 آذار، في محاولة منها لإثبات وجودها في لبنان، والذي اعتراه الضعف لصالح حزب الله ومحالفيه. إلا أن السفير الاماراتي أبلغني أنها خطوة متأخرة وبدون جدوى.

كما نشرت صحيفة “الأخبار” برقية من السفير الإماراتي إلى بلاده بتاريخ 18 أكتوبر  الماضي، وتحدث فيها عن “توارد معلومات عن أن لبنان صوّت لصالح قطر في انتخابات منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (يونيسكو)، وأن الحريري كان على علم بذلك، وقد التقى مع وزير الخارجية جبران باسيل على أهداف مشتركة من هذا التصويت: الأول أن الحريري يريد إيصال رسائل إلى السعودية لأنها غير مهتمة بأمره، ولأن لديه علاقات اقتصادية مع قطر، وهو ما يثير حنقاً سعودياً كبيراً عليه، لأن هناك معلومات عن تلقي الحريري دعماً مالياً يفوق مئة مليون دولار. أما باسيل فهو يريد مواجهة السعودية لأنها غير راضية عن أداء رئيس الجمهورية ميشال عون والعهد بكامله، ولأنها تريد محاصرته بسبب موالاته لحزب الله وإيران، وبالتالي أراد الرد على مواقف السعودية من خلال هذه الرسالة”.

كما يتحدث السفير الإماراتي في برقيته عن أن “التصويت فجّر أزمة داخل تيار المستقبل، إذ خرج وزير الداخلية نهاد المشنوق للرد على كل هذه التنازلات، كما خرج معترضاً على تصويت لبنان لقطر والوقوف بوجه مصر والسعودية ودول خليجية أخرى”.

ويشير الشامسي -بحسب البرقية- إلى أن “المشنوق يرى أن مصر كان لها دور أساسي في التسوية الرئاسية وفي التقريب بين السياسيين اللبنانيين، وهو يتحدث بالمواقف الإستراتيجية وليس بالحسابات الضيقة”.

وتشير معلومات متابعة للعلاقة بين الحريري والمشنوق -بحسب برقية السفير الإماراتي- إلى أن “وزير الداخلية اللبناني يعتبر مواقف رئيس الحكومة متراجعة جداً ومن شأنها أن تخسره في الانتخابات النيابية، وهو يقدم الكثير من التنازلات لصالح تحالف نادر الحريري وجبران باسيل، ولذلك يأخذ مواقف تؤيد كل ما ينتهجه التيار الوطني الحر”.

كما “يرى المشنوق أن الحريري يقدم الكثير من التنازلات، وكان آخرها التشكيلات القضائية التي أقرت بداية أكتوبر 2017.

وبعد أن كان الحريري يعترض على هذه التشكيلات، عُقد اجتماع بين نادر الحريري وجبران باسيل قبل إقرار التشكيلات بيوم واحد، وانتهى إلى موافقة الحريري من دون تعديلات، وهذا ما أدى إلى حصول إشكال داخل تيار المستقبل، وانعكس في انتقاد المشنوق لسياسات الحريري”.

وتشير البرقية إلى أن “المشنوق يذهب في مجالسه الخاصة إلى اعتبار أن الحريري يتخذ مواقف ضد السعودية بشكل غير علني، وذلك لإيصال رسائل لها بضرورة الحصول على أموال، لأنه غير قادر على الاستمرار بدون الحصول على دعم مالي، وهو يزايد على الحريري لأنه يشعر أنه مهدد في الانتخابات النيابية، لأن استطلاعات الرأي تقول إنه صاحب الأصوات الأقل، وذلك بسبب مواقفه المؤيدة لحزب الله منذ إحضاره رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا إلى طاولة الاجتماع التي ضمت القادة الأمنيين في وزارة الداخلية. لذلك يلجأ المشنوق إلى التصعيد لإعادة كسب الأصوات”.

كما يكشف السفير الإماراتي في برقيته أن “لكل من الحريري والمشنوق حساباته الخاصة، فللحريري حسابات سياسية تتلاءم مع وجهة نظر باسيل وحزب الله للبقاء في السلطة، بينما المشنوق يجد أن عليه التصعيد في المواقف الكلامية ضد هذه التسوية لتعزيز قاعدته الشعبية عبر الإشارة إلى عدم الوقوف إلى جانب باسيل الذي أيّد قطر في انتخابات اليونيسكو بمواجهة مصر التي يعتبر المشنوق نفسه رجلها الأول في لبنان. فالحريري يعتبر أن التسوية هي الأساس ويجب الحفاظ عليها مهما كلف الأمر، أما المشنوق فيعتبر أن على الحريري اتخاذ قرار بوقف التنازلات كي لا يخسر الانتخابات”.