العدسة _ ربى الطاهر
الكثير من الشعراء عمدوا إلى مدح الصداقة والأصدقاء، ومجدوها بأشعارهم، فيقول الشافعي:
سلامٌ على الدنيا إذا لم يكن بها *** صديقٌ صدوقٌ صادق الوعد منصفًا
وقال المتنبي في شعره:
شر البلاد بلاد لا صديق بها *** وشر ما يكسب الإنسان ما يَصِمُ
فالصداقة هي الحصن الذي يحتمي به الإنسان من قسوة هذه الحياة، والملاذ الذي يلجأ إليه الإنسان من تلك الوحدة المميته، وهي رزق فقد تجد من هو من المحظوظين فيه، وقد تجد من هو قليل الحظ فيه، وهذه العلاقة ليست مجرد علاقة تقارب بين شخصين، ولكنها علاقه تناصح ومساندة وصون من الانحراف.. فهي علاقة يعرف فيها الإنسان معنى الدفء والسكينة والراحة النفسية… إلا أن هذه النعمة قد تنقلب إلى نقمة في أحيان كثيرة، ليس فقط عندما يكون الصديق يجرك إلى الانحراف والمعصية، ولكن عندما يتحول أيضًا من جانب للدعم والمساندة إلى عبء ومصدر للمتاعب والقلق بشكل مستمر، وهنا يجب عليك فورًا التخلص منه.
وتتعدد النماذج التي قد تكون مصدرًا لإزعاج أصدقائها، ومن هذه الأنماط المؤذية من الصداقات، ما يطلق عليه الأصدقاء الأعداء وقد اصطلح على هذا التعريف بالإنجليزية بالـ “Frenemies” وهؤلاء الأشخاص يتصفون بعدم مقدرتهم على التعامل الطبيعي في منظومة الصداقة فلا يحققون السعادة والراحة والسكينة لأصدقائهم ولا لأنفسهم، بل إنهم قد يوترون حياة المقربين منهم، لذا فوجوب الابتعاد عنهم وعن صداقتهم يصبح ضرورة وأنفع من الاستمرار معهم على كافة النواحي.
فهل يقترب منك شخص يتصف بهذه الصفات؟
ليس من الصعب اكتشاف أن لديك شخص يدخلك في دوامة علاقة مسمومة.. خاصة وأن هذه العلاقات تترك آثارها السلبية على العديد من جوانب حياتك النفسية، وقد تترك لك مشاعر بعدم الثقة بالنفس أو التقليل من قدراتك الشخصية وإمكانية حكمك على الأمور بشكل صحيح، والاطمئنان إلى قراراتك، ولهذا تشعر طوال الوقت وأنت داخل هذه العلاقة بتوتر وإرهاق ذهني لا سبيل لمعرفة دوافعه بمجرد أن تتعامل مع مثل هؤلاء الأصدقاء الـ”Frenemies”.
ويتميز هؤلاء الأصدقاء بمواصفات سلبية مشتركة منها:
-1 السلبي.. كثير الشكوى
قد لا تخطئ التقدير حين تحدد هذا الشخص عندما تجده عبوس الوجه، في تلك الجلسة الودودة المليئة بالضحكات ذات الجو الدافئ، فتجد حديثه ينصب حول الانتقادات دائمًا سواء كانت من الجو العام وسياسة البلد، أو من الاضطهاد الذي يتعرض له العالم أجمع، وقد تشعرك كتاباته على مواقع التواصل الاجتماعي بأن هناك أزمات حادة، وليست الدنيا بهذه البساطة التي كنت تتخيلها، كما أن المعاناة هي أصل الحياة، وهي الحالة العامة التي تسيطر على الناس.. وبالطبع لن تشعر بالسعادة طالما أن صديقك مهموم، فلا إراديًّا سترتدي نفس النظارة السوداء تعاطفًا معه، وستتفاعل مع هذه الحالة الكئيبة وتصاب بالعدوى بلا تردد.
2- موجود فقط حين يحتاجك
وهذا النوع منتشر بكثرة في تلك الأيام، حيث لا تتوانى لحظة عن مساندته والوقوف بجانبه في أي من المواقف التي تستدعي ذلك، في حين لا تجده كذلك عندما تقع أنت في مشكلة ما، فقد يهرع إليك بمجرد أن يتعرض لموقف صعب أو يقع في ورطة ما أو حتى حين يحتاجك ليمر من حالة اكتئاب أو مزاج سيئ… وبمجرد أن تمر أنت بأزمة قد يختفي تمامًا، مما يجعلك تشعر بالأسى والوحدة كذلك لتخليه عنك وقت الشدة.
3- لا يتوقف عن انتقادك
بالتأكيد أن أية علاقة تبنى على الصراحة فإنها تكون علاقة قوية ومتينة بما في ذلك الصداقة أيضًا، ولكن هذه الصراحة لابد أن يرافقها أيضًا أمانة في التعبير عن الرأي، فلا ينكر أحد أهمية تلك الصراحة الأمينة، خاصة فيما بين الأصدقاء، فذلك من عوامل استمرار الصداقة وتقويتها… إلا أن هذا لا علاقة له بما يقوم به الأشخاص الـ” Frenemies”، فقد تجد واحدًا منهم لا يتردد في انتقاد صديقه في كل ما يفعله، حتى يصل صديقه لدرجه الخوف من الحديث معه، أو مصارحته بما يجيش في صدره؛ حتى لا يهطل عليه هذا السيل من اللوم المعتاد، بدلا من النصح والدعم الذي قد يكون في أمس الاحتياج إليهما، وهذا النوع يبرع في توجيه النقد والاتهام أكثر من العطف والمساندة.
4- سريع الغضب.. عنيف النزعة
وقد تفاجأ برد فعل هذا الصديق الذي يسهل استثارته بأتفه الأخطاء التي قد تقع منك تجاهه فهو لا ينفعل فقط حين تتعمد الإساءة إليه، ولكنه لا يفرق بين ما قد تتعمده، أو ما يحدث عن غير قصد، فهؤلاء الأشخاص لا يتفهمون أعذارًا، ويشعرون بالمتعة بمواصلة الآخرين الاعتذار لهم، سواء كان ذلك بمبرر أو بدون مبرر، فهم يدفعون الآخرين للخجل وإشعارهم بالذنب، حتى يستمروا في استرضائهم، وهو أمر تشعر معه بأنك قد قللت من منزلتك، بالإضافة إلى عدم التوصل إلى حل فعلي للمشكلة التي قد تواجهها معهم.
5- لا يفرح بنجاحاتك
وقد تجد من الأصدقاء من لا يتمكن من إظهار مدى غضبه لأية خطوة للأمام تحققها أو أي نجاح، لذلك فهو يتعمد الاختفاء عند المناسبات الهامة التي تخصك، فلا يمكن أن تراه في احتفال خاص بنجاح أو تفوق دراسي أو ترقية في العمل أو أي نجاح على المستوى المهني أو العاطفي… فهو بالإضافة إلى كونه غيورًا وأنانيًّا، فهو لا يتحمل أن يجدك محط اهتمام الآخرين، ولو لفترة قصيرة لا تتجاوز ساعات الاحتفال.
6- نرجسي
ويتصف هذا الشخص بأنه دائم التحدث عن نفسه وإنجازاته، وسرد الأحداث التي يمر بها يوميًّا، وكيف أنه محط اهتمام الآخرين، ولا يدع أية فرصة لفتح مجالات أخرى للكلام في موضوعات أخرى، بخلاف الحديث عن شخصه، ولذلك فهو لا يعطي فرصة للمحيطين بالحديث عن أنفسهم أو عما قد يمرون به.. وهذا النوع من الأشخاص قد يصدر للآخرين الشعور بالتدني وتحقير الذات، وترسيخ فكرة أنك شخص أقل من أن يكون محط إعجاب أو اهتمام الآخرين، وبالتالي، يقل تقديرك لذاتك وأهميتك ومكانتك لدى من تحب.
7- ذو تأثير مؤذ
وعادة فإن هؤلاء الأشخاص لديهم الخطط والاقتراحات غير الملائمة، بل إنهم يدفعون أصدقائهم ويضغطون عليهم لفعل الأشياء التي قد تتنافى مع مبادئهم، حتى مجرد مجاراة الأصدقاء، ولو لم تفعل يدس سمه لإشعارك بأنك لا تتماشى مع العصر، ويسعى لتهميشك، وقد يجتهد ليجبرك على تجربة أشياء مؤذية دون النظر إلى عواقبها… وربما ليس هناك أكثر من تلك القصص التي سمعناها من أشخاص دخلوا عالم الإدمان فقط لمجاراة أصدقائهم والدخول في عالم الإثارة والمخاطرة الذي يستمتع به أصدقاؤهم الراغبون في تقليدهم، وربما يتخطى الأمر الإدمان إلى المجازفة بالتخلص من الحياة كذلك.
وكانت هذه هي بعض الصفات للأصدقاء الذين ينبغي عليك التخلص منهم فورًا، وأن تبعدهم عن دائرة اهتمامك، لكي تتمكن من الحياة بأريحية، وتتخلص من وجود شخص مزعج لا يهتم سوى بدفعك للخلف.. ولكن تعرف على الأصدقاء الذين تشعر معهم بالراحة والهدوء النفسي وتقدير الذات، وعليك بالتدقيق في اختيارك حتى لا تتعرقل بسبب صديق سوء .
اضف تعليقا