العدسة _ إبراهيم سمعان
حذَّر الكاتب البريطاني روجر بويز، من وقوع حرب عالمية ثالثة تكون شرارتها مواجهة تصفية الحسابات بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية.
وأضاف الكاتب فى مقال بصحيفة تايمز البريطانية، أن هناك متغيرين حدثا فى الآونة الأخيرة سوف يساعدان على إشعال فتيل تلك الحرب الأول هو تحركات الحرس الثوري فى شرق سوريا والثاني ظهور”جون بولتون، وبومبيو”، مشيرًا إلى أنَّ الحل الوحيد لوقف هذه الحرب هو دق إسفين بين روسيا وإيران.
وإلى نص التقرير
لقد كبرت وأنا أنتظر اندلاع الحرب العالمية الثالثة، منذ خريف 1962 إلى ربيع عام 2018، يبدو أنَّ معركة هرمجدون محتملة الحدوث قريبًا.
نهاية عطلة الأسبوع الماضي لم تحمل أي شي مختلفٍ، انتظرت حدوث كارثة مثيرة بشدّة، كأن يضل القصف الجوي الذي تقوده الولايات المتحدة طريقه ويستهدف المجال الجوي الذي تسيطر عليها روسيا فى سوريا، لكن بدلًا من ذلك، لم يقتل أحد وحصل على صفعة على مِعْصمه المزين بساعة رولكس؛ عقابًا على قتله المدنيّين بالغاز.
لكن على أي حال الحرب الكبيرة فى طريقها للاندلاع، فأنا متأكد هذه المرة، حان الوقت لتخرج “ملاكمة الظل” بين إسرائيل وإيران للعلن، فإسرائيل تميل لتوجيه ضربات لإيران على شاكلة “دودة ستكسنت” التي عطلت برنامج إيران النووي فى 2010، وفى المقابل أيضًا تعمل إيران بشكل رئيسي عبر وكلاء مثل حزب الله اللبناني (تمويل وتدريب وتسليح).
لكن بعد أن أسقطت القوات الإيرانية طائرة بدون طيار فوق إسرائيل فى فبراير الماضي، يبدو أنَّ الوقت قد حان لخلع القفازات والبدء فى معركة بين الطرفين فى العلن.
وقبل أيام من شنّ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هجومًا على منشآت الأسلحة الكيماوية للأسد، تحركت عناصر عسكرية إسرائيلية إلى المجال الجوي اللبناني، وأطلقت النار على قاعدة طائرات بدون طيار إيرانية فى سوريا، كانت القاعدة فى محافظة حمص، على بُعْد 135 ميلًا من مرتفعات الجولان، وتعدّ هذه العملية جزءًا من تكتيكات إسرائيل المتقدمة.
وفى المقابل شهدت الأيام الماضية ترديد إشاعات أنَّ إسرائيل ضربت المزيد من الأهداف فى سوريا، وأنباء وقصص عن انفجارات غامضة، يزعم نظام الأسد أن إسرائيل هي من نفذتها، ويلمح إعلام نظام بشار الأسد أن الجيش السوري استهدف بهجمات إلكترونية مجهولة.
ومن الواضح أنَّ الأسد يشعر بالتوتر من احتمال التوصُّل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل؛ حيث تحصل حكومة نتنياهو على مزيدٍ من الحرية التحرك فى مواجهة إيران.
الحرس الثوري
وشهدت الآونة الأخيرة حدوث تغيرين بارزين، يجعلان من المحتمل نشوب حرب شاملة؛ فقد قام الحرس الثوري الايراني ببناء المزيد من البؤر الاستيطانية والثكنات الدائمة فى سوريا؛ تحسبًا للانسحاب الأمريكي، والميليشيات الشيعية تمتلئ بالباكستانيين والأفغان ويدفع لهم 800 دولار شهريًا، ووعدوا بإقامة فى إيران، ويقسمون بالولاء لآية الله على خامنئي وليس للأسد.
لدى إيران الآن نفوذ في أربع عواصم عربية، دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء، ومع تواجدها بسوريا تطمع إيران بالحصول على المزيد: ممر برّي يمتد من الحدود العراقية إلى لبنان والقدرة على جعل إسرائيل- حليف أمريكا فى الشرق الأوسط – تحت سيطرتها.
بعبارة أخرى تريد السيطرة على مساحات شاسعة من جنوب وشرق سوريا، لتكون فى نطاق سهل لإطلاق النار على إسرائيل ولزعزعة استقرار الحدود الأردنية السورية.
فى المقابل يتم تدريب ضباط الموساد عند دخولهم بيئة معادية للبحث عن القائد، عصب أي ساحة حرب حركية، ولا عجب إذًا، أن لديهم بعض التوتر من مواجهة رئيس فيلق القدس “قاسم سليماني” فى شرق سوريا، حسب تقديرات الإسرائيليين، هذا المكان الذي يمكن أن تحدث فيها مواجهة الحرب السورية.
بولتون وبومبيو
التحول الكبير الآخر فى واشنطن، هو وصول “جون بولتون” لمنصب مستشار الأمن القوي و”مايك بومبيو” فى منصب وزير الخارجية الأمريكية الأمر سيسلط الضوء على إيران.
وقد حدَّد وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، شروط غارات نهاية الأسبوع الماضي على سوريا، ولكن مع بولتون وبومبيو، اللذين يشككان فى نظام طهران، فإنَّ الأمور على وشك التركيز بشكل كبير على اقتلاع التقدم الإيراني عن السيادة الإقليمية، فكلاهما- بولتون وبومبيو- يعتقد أن طموح إيران يتحدَّى المصالح الرئسية للولايات المتحدة.
وما لم يتوصل الكونجرس والأطراف الأوروبية إلى صفقة إيران إلى طرق لتشديد التفتيش على المواقع العسكرية، من المرجَّح أن يعيد ترامب فرض العقوبات فى 12 مايو، ويعوق الخطوة التي طالما باهت بها إدارة أوباما نفسها، باعتبارها انتصارًا لسياسيات حكمه.
أزمات متعددة
ما يلي هو سلسلة من الأزمات المتعددة التي يمكن أن تمثل وقودًا لحرب قادمة: تعجيل العمل فى إيران على إنتاج قنبلة نووية، برنامج نووي مماثل للإيراني فى السعودية، ربما بمساعدة باكستانية، انشقاق بين الإدارة الأمريكية والأوروبيين، توجيه إسرائيل ضربات جوية على المنشآت الإيرانية، ورد انتقامي من قبل حزب الله على إسرائيل، واعتمادًا على ما تقرره إدارة ترامب فى شرق سوريا، توتر فى العلاقات المتبادلة بين روسيا وأمريكا.
قد لا تكون هذه هي الحرب العالمية الثالثة، ولكنها فى كل الأحوال أوضاع حرب قبيحة جدًا، عالم غير مقيد بالأفكار التقليدية للردع أو الاحتواء، ومازلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا تأمل أن يتمكنوا من إدخال تعديلات على الصفقة الإيرانية لكي يقبل عليها ترامب، الذي يربط أزمته الخارجية مع إيران بموعد الانتخابات المحلية فى الولايات المتحدة.
دق إسفين
واحدة من الخدع السياسية الواقعية والتي تقلل من نجاح فرص نشوب حرب عالمية، هو دقّ إسفين بين روسيا وإيران، وأن تنجح موسكو فى كبح جماح حليفها، قبل أن تتحول الحرب بين إسرائيل وإيران إلى حرب بين روسيا وإسرائيل.
وتكره موسكو، التي أحرجت بشدة فى قضية سكريبال، دور المنبوذ، وتكره أيضًا وضعها فى سلة مع قوى يائسة مثل سوريا وإيران، الذي يعتقد كلاهما أنَّ المستقبل هو حرب دائمة.. لكن الخلل فى هذا المنطق؟ أن الكرملين لم يلتزم أبدًا بأي طريقة عملًا انطلاقًا من شعور العار.. سوف تكون الحرب، أخشى من صيف دامٍ وطويل.
اضف تعليقا