العدسة – جلال إدريس:
لاتزال قضية هروب الشيخة لطيفة آل مكتوم، ابنة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، واعتقالها من جديد، مليئة بالتفاصيل المثيرة والجديدة التي يكشفها بين الحين والآخر بعض من ساعدوها على الهروب.
وعلى مدار الـ 24 ساعة الماضية، ظهرت تفاصيل جديدة تتعلق بعملية الهروب والعودة مجددًا إلى دبي؛ حيث كشف الجاسوس الفرنسي السابق هيرفي جوبير– الذي ساعدها على الهروب– قبل أن يتم القبض عليها مجددًا، في تصريحات لصحيفة “لوفيجارو” الفرنسية، بعضًا من تفاصيل عملية الهروب، غير أنه أكّد اعتقالها مجددًا، وانقطاع الاتصال بها بعد ذلك.
التصريحات ذاتها أكدتها سيدة “ألمانية” قامت بتنظيم مؤتمر صحفي، ادَّعت فيه أنها صديقة الشيخة لطيفة، وأنها كانت تعمل مُدرّسة لها في دبي وتعطيها دروسًا خصوصية، غير أنها قررت مساعدتها على الهروب بعدما تعاطفت معها، ومن ثم رافقتها في رحلة الهروب من دبي عبر البحر إلا أنّ قوات من الكوماندوز الهندي، وقوات إماراتية خاصة حاصروهم في عرض البحر وأعادوهم قسرًا إلى دبي وقاموا بسجن “المدرّسة” أسبوعين قبل إطلاق سراحها، دون أن تعرف مصير الشيخة “لطيفة آل مكتوم” بعد ذلك.
“العدسة” حصلت على نسخة مسجلة من المؤتمر الصحفي، لصديقة الشيخة “لطيفة” وتستعرض في هذا التقرير تفاصيل ما قالته عن عملية الهروب، وعملية الاعتقال، والتعذيب والتنكيل الذي تعرضت له الشيخة “لطيفة” على يد قوات إماراتية، كما تكشف بعضًا من تفاصيل الحياة الخاصة للشيخة لطيفة قبل الهروب.
كيف تعرفت على لطيفة؟
في البداية حرصت “السيدة الألمانية” صديقة الشيخة لطيفة، على كشف جانب من الحياة الشخصية للشيخة لطيفة، حيث أكدت أن سبب خروجها للإعلام وعقد مؤتمر صحفي، هو كشف جانب من قصة “لطيفة” لمساعدتها للحصول على حظ الحرية.
وتقول السيد الألمانية: “تعرفت على لطيفة عام 2010 عندما كنت أقطن في دبي بواسطة إيميل، حيث طلبت مني “لطيفة” لأول مرة أن أعطيها دروسًا خصوصية، والحقيقة أني رفضت في البداية بسبب انشعالي في دبي، لكن بعد لقائي بها وافقت على التدريس لها بسبب اهتمامها بالفن البرازيلي”.
وتابعت “بدأنا التدريب على نحو يومي، وفي البداية كنت أرى لطيفة، فتاة خجولة جدًا تنظر في الأرض عندما تتكلم مع الآخرين، كذلك كانت لطيفة تمارس الرياضة، لذلك كنت متعبة عند لقائنا كنا نجلس ونتكلم وهكذا تعرفنا أكثر”.
وأوضحت أن لطيفة كانت تنظم ندوات وقد استضافت بعض الأصدقاء وكانت من محبي الحيوانات، خصوصًا بعدما تعرضت لتجربة السجن عام 2002 بسبب محاولة سابقة للهروب، بعد خروجها من السجن وجدت نفسها مرتاحة برفقة الحيوانات”.
وعن حبها للحيوانات قالت “كانت لطيفة تذهب للمزرعة وتلعب مع الخيول؛ فهي لم تكن تثق بالناس في ذلك الوقت”.
وأكملت “في 2012 بدأنا نتعلم الغوض فكانت هواية جديدة لها يوميًا، حيث وجدت نفسها، وهكذا بدأت حياتها تمتلئ وتعرفت على أصدقاء جدد، وهكذا بدأت شخصيتها تتغير، وتشعر أكثر بثقة في نفسها في المواقف الاجتماعية، وتكتشف أشياء أخرى عن شخصيتها”.
“فتاة” لا تكترث لأموال أبيها
الصديقة الألمانية للشيخة “لطيفة” أكدت أيضًا أن لطيفة شخصية محترمة ولطيفة، ودائمًا تجد طريقها لمساعدة الآخرين، ولا تحب أن تكون ممنونة لمساعدة غيرها.
كما أوضحت أن “لطيفة” لا تكترث لثروة عائلتها ولا تحب إظهار ذلك عليها، عن طريق اللبس الفاخر والبذخ، وأسلوب حياتها يختلف عما هو متعارف عليه في الخليج من سائق وخدم، ولكنها كانت تهتم أن يحصل الموظفون على أجورهم، كذلك لم تأخذ معها أي شيء ثمين، عند تجهيزها للهروب”.
وتابعت “هذا يظهر أنه لا شيء يربطها بالإمارات، وما تريده فقط هو الخروج”.
رحلة الهروب عبر البحر
أوضحت صديقة الشيخة لطيفة، أنّ “لطيفة آل مكتوم” عملت الكثير من أجلها حينما كانت في دبي، لذلك، عندما طلبت مساعدتها في الهرب، ومرافقتها في تلك الرحلة الشاقة، لم تتردد، خصوصًا أنها كانت بمثابة عائلتها طوال فترة إقامتها في دبي لمدة 7 سنوات.
وأوضحت أنهم “غادروا شواطئ عمان على متن قارب صغير، وفي هذه الفترة كانت “لطيفة” مسرورة جدًا، لكن بدأ يساورها الخوف بسبب معرفتها بإمكانيات والدها خصوصًا مع الدول المجاورة لبلاده، وأنه سيحاول إرجاعها”.
وقالت: “بعد مرور ثمانية أيام في البحر، هوجمنا على يد الكومناندوز الهندي؛ حيث كنا وقتها ننام في قعر القارب ونأخذ قسطًا من الراحة للاستعداد للرحلة الطويلة، لكننا فجأة سمعنا إطلاق نار مرعب فأختبأنا في الحمام نعانق بعضًا من الخوف”.
وتابعت “امتلأ القارب بالدخان فلم نستطع التنفس فاضطررنا للخروج على السطح، ونحن على الدرج رأينا الأسلحة الموجهة بالليزر علينا، و كنت لحظات مرعبة”.
وأضافت: “القوات ألقتني على الأرض وكبلوا يدي، ورأيت بقع دم على الأرض فظننت أن أصدقائنا قد قتلوا، لقد كنت مرعوبة، لكن الأشد رعبًا هو عندما جروني إلى حافة السفينة ووضعوا وجهي قرب الماء، وقالوا لي: (أغلقي عينكي وخذي نفسك الأخير سنفجر دماغك، ووجهوا الأسلحة الأوتوماتيكية إليّ، ووقتها ظننت أنني سأموت حقًا ، لقد كنت مرعوبة”.
وأردفت قائلة “بعدها بقليل، أُخذت للأمام ورأيت لطيفة ملقاة على الأرض، بينما أحد الغزاة يهددني بالقتل كنت لطيفة بكل شجاعة تدافع وتقول لا تقتلها، إلا أنّ رجل الأمن استمر بالسؤال، من هي؟ لكن لطيفة تردّد إني أطلب اللجوء السياسي، لكنهم لا يستمعون لها، وخلال كل هذا كانوا يطلبون مني أن أغلق عيني ويهددونني بالقتل”.
اقتلوني ولا ترجعوني لأبي
أوضحت السيدة الألمانية، أنّ هذه اللحظات كانت آخر مرة ترى فيها “لطيفة”؛ حيث سمعت بعض القوات يتحدثون باللغة العربية، وكانت لطيفة تطلب منهم أن يقتلوها وألا يرجعوها لأنها ظنت أنهم رجال أبيها.
وتابعت “قاموا بجرّها وهي تركلهم وتصرخ، وأنا انهمرت في البكاء بعدما أخذوها، لكنهم طلبوا مني أن لا أظهر عواطفي وإلا قتلني ذلك الهندي”.
وتؤكد: هذه آخر مرة رأيت فيها صديقتي لطيفة، بعدها أخذها جندي إماراتي أحكم السيطرة على القارب اسمه أحمد، كما بدى هو قائد هذه العملية، قال لي إذا أردت القفز للبحر لن نعترض، لأنك بهذا ستريحينا من مشاكلك.
الذهاب إلى السجن في دبي
تابعت صديقة الشيخة “لطيفة” قائلة: (في الصباح رأيت قاربين هنديين يرافقوننا وأخبروني أننا عائدون لـ”دبي”.
وأكدت أن كل أجهزة الاتصال صُودِرت منهم، وبعدها استمروا في رحلة العودة إلى دبي.
أكّدت صديقة الشيخة “لطيفة” أنّ رحلة العودة استمرت تقريبًا ستّة أو سبعة أيام، حتى وصولوا إلى الإمارات وهي مكبلة الأيدي والأعين، ثم بعدها أخذت إلى مبنى تابع لأمن الدولة وهي ضمن المباني التي يحتجزون فيها عناصر داعش.
وأضافت قائلة “بدأ مشوار الفحوصات الطبية والتوقيع على أوراق الاعتقال، لقد انهرت، لقد فهمت أنني أصبحت في السجن، بدأوا يهددوني بالسجن مدى الحياة أو الإعدام، بسبب خيانتي الحاكم وطعنة في الظهر لمساعدتي ابنته بالهروب من الإمارات وفقًا لما قالوه لي”.
إهانات وتعذيب أثناء الاعتقال
وتابعت “في اليوم التالي، زادت الإهانات، ولم يصدقوا روايتي أني صديقتها وكنت أهتم وأعتني بها، كذلك أرادوا معرفة الجهة المنظمة خلف خطة الهروب”.
وقالت: “لقد كانوا يصفون لطيفة بأنها شخص “تافه، لا يقرر لنفسه” وكانوا يسخرون منها ومن حريتها، بعد أسبوعين أطلق سراحي بعد أن وقعت أوراق بالعربية وتعهدات.
وتابعت: “على مرّ الأسبوع الأول، كنت أتلقى مكالمات تهديد من موظفي الأمن هناك، وكنت أعرفهم من أصواتهم يذكرونني بالتعهد وأن الشيخ بإمكانه الوصول إلىّ في أي مكان إن أراد ذلك”.
العودة إلى ألمانيا
بعد الإفراج عنها تقول صديقة “الشيخة لطيفة” لم أصدق أنني خرجت إلا بعد اعتلائي على متن الطائرة وطيرانها.
وأضافت “إنني سعيدة أنني ذاهبة إلى الوطن، وكنت أظن أنهم يبحثون عني، ولم يكن لي علم عما ينشر في الإعلام.
أي أنني لستُ بأمان في أي مكان إن أدليت للصحافة عما جرى.
وتقول: (خلال الثمانية أيام الحرية في عرض البحر، كان حلم لطيفة الاستلقاء تحت النجوم، وكنت أقول لها سيكون لنا ليالي كثيرة.
وأردفت قائلة “أعترف أني منعت لطيفة أن تشعر بالحرية ، ويبدو أنّ هذه الثمانية أيام هي الفترة الوحيدة من الحرية لها”.
أين لطيفة الآن؟
تؤكد “صديقة الشيخة لطيفة” أنها لم تعد تعرف مكانها الآن، وأنها بعد خروجها من سجن دبي وعودتها لوطنها، شاهدت للمرة الأولى الفيديو الذي أعدداه في شقتها في دبي”.
وتقول: ( لقد انهرت عيناي أمام عائلتي، عندما استوعبت أنه يجب على الاستمرار في المكافحة من أجلها، وسبب وجودي في هذا المؤتمر الصحفي هو التأكيد المعلومات التي نشرت من قبل).
واختتمت كلامها قائلة “بالرغم من صعوبة وجودي أمام الكاميرا لكني أفعله من أجلها وأتمنى أنتم كذلك تفعلون من أجل حريتها”.
ووفقًا لمراقبين فإنّ تضافر الروايات المتعلقة باختفاء “لطيفة آل مكتوم” بعد القبض عليها مرة ثانية أثناء محاولتها الهرب من جحيم أبيها، ربما تعني أنّ محمد بن راشد قتل ابنته ليتخلص من صداعها للأبد، ولكي لا تتمكن من الهرب مرة ثالثة، فتفضحه وتكشف الكثير من خباياه السوداء التي يحاول كتمها بالادعاء بالمدنية والحضارة والنهضة المزيفة.
اضف تعليقا