العدسة – معتز أشرف

“إذا رفض سنوقف الدعم ونستبدله فورًا، و”عباس” سيقبل بـ”صفقة القرن” بإرادته أو مرغمًا”، هذا ما نقلته تقارير إعلامية مهمة، منسوبًا للأمير السعودي الطائش محمد بن سلمان قبل أيام، ليجدد ويوثق حقيقة الدور المتصهين الذي يلعبه الفتى المراهق في “صفقة القرن” المشبوهة، التي تواترت تسريباتها المبدئية على إهدار كافة ثوابت القضية الفلسطينية، نرصد أدوار الفتى المتصهين في تلك الصفقة محل الرفض العربي والإسلامي .

الابتزاز والتهديد

ظهر محمد بن سلمان في دور “البلطجي” الذي يمارس الابتزاز والتهديد بصورة فجة لتحقيق الصفقة، وهو ما رصدته تقارير إعلامية متواترة قبل أيام، كشفت عن أن السعودية أبلغت مصر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيتوجه -بإرادته أو مرغمًا- بعد عقد المجلس الوطني نحو المفاوضات المباشرة مع إسرائيل برعاية أمريكية، وفق الرؤية التي سيطرحها “ترامب”، وهو ما سيمهد الطريق أمام “تحالف عربي ــ إسرائيلي” لمواجهة إيران.. بحسب الصحيفة.

وذكرت الصحيفة في تقرير لها، أن السلطات السعودية مارست في الشهر الماضي ضغوطًا كبيرة على القاهرة لثنيها عن محاولاتها دفع رئيس السلطة، محمود عباس، إلى التراجع عن خطواته ضد قطاع غزة، وتأجيل عقد المجلس الوطني ليشمل جميع الفصائل، ومنها “حماس” و”الجهاد”، وذلك بعدما شكا عباس إلى الرياض الضغط المصري، فيما تزامنت الضغوط السعودية مع ضغوط إسرائيلية أخرى لمنع القاهرة من تحسين الواقع الاقتصادي في قطاع غزة، وإبقائه مهددًا  بالانهيار، وذلك بتنسيق مع أمريكا وإسرائيل، لتقييد “حماس” سياسيًّا  وعسكريًّا خلال الفترة الحالية، بما يتيح المجال لإعادة إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقا لـ”خطة السلام” التي ينوي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، طرحها خلال الفترة المقبلة، وفي حال رفض “عباس” العرض السعودي وامتنع عن التفاوض مع إسرائيل، فستوقف السعودية دعمها للسلطة، ولن تعارض العمل على إيجاد بديل عنها في أقرب وقت.

وكانت صحيفةميدل إيست آيالبريطانية كشفت في أواخر العام الماضي أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لوّح للرئيس الفلسطيني محمود عباس في السابق باستبداله بالمفصول من حركة “فتح” محمد دحلان، ونقلت الصحيفة البريطانية عن مصادر فلسطينية، وصفتها بالمطلعة، طلب “بن سلمان” من “عباس” الاستماع إلى المخطط الأمريكي، لأن “الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة التي لديها نفوذ حقيقي على إسرائيل، وهي البلد الوحيد الذي بإمكانه أن يضغط على إسرائيل في أية عملية سلام، ولا يمكن لأية جهة أخرى القيام بذلك، لا الاتحاد الأوروبي، ولا روسيا، ولا الصين”، وهو ما أكدته صحيفة التايمز في تقرير لمراسليها من القدس، حيث أفادت بأن ولي العهد “طالب محمود عباس بقبول أي عرض يطرحه “ترامب” أو يستقيل”.

الرشاوى المالية

الدور الثاني المرسوم للفتى المراهق محمد بن سلمان، هو تغطية الصفقة ماليًّا، وتقديم الرشاوى المطلوبة لتمرير الصفقة وإقناع الطرف الفلسطيني بها، وإحداث مواجهة بها مع الفصائل المقاومة، وهو ما كشفه مؤخرًا جوفري أرونسون، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والقضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي في معهد دراسات “الشرق الأوسط”، الذي قال في مقال مهم على موقع “ذا أمريكان كونسيرفاتيف” نقلًا عن مصادره لتفاصيل آخر اجتماع بين محمود عباس أبو مازن ومحمد بن سلمان، حيث قال “بن سلمان”: “الوقت قد حان للخطة البديلة، وهي دولة فلسطينية في قطاع غزة، بدعم من أراض مصرية غير محددة في شبه جزيرة سيناء”، وعندما سأل الزعيم الفلسطيني عن وضع الضفة الغربية والقدس الشرقية في هذا المخطط، رد ولي العهد قائلًا: “يمكننا الاستمرار في التفاوض حول هذا الموضوع ولكن بين دولتين وسنساعدكم”.

وفقًا للمصدر الذي نقل عنه الباحث الأمريكي، عرض “بن سلمان” على الرئيس الفلسطيني 10 مليار دولار لتجميل الصفقة المُرَّة التي عرضها، وقال المصدر: “لا يستطيع “عباس” أن يقول لا للسعوديين، إلا أنه لا يستطيع أن يقول نعم”.

وذكر الكاتب أن صحيفة “نيويورك تايمز” قدمت تقريرها الخاص عن الاجتماع، وأكدت فيه -نقلًا عن مصادر فلسطينية وعربية وأوروبية- على أن ولي العهد عرض دعمًا ماليًّا كبيرًا على الفلسطينيين، وحتى الدفع مباشرة إلى “عباس”، إلا أن “عباس” رفض وقتها، بحسب مصادر “نيويورك تايمز”، ووفق تقارير إعلامية عربية تطرقت لنفس الاجتماع قال “بن سلمان” لـ”عباس”: “أغلق صفحة القدس وحق العودة واللاجئين، واتجه لدولة في قطاع غزة، وستنهمر عليك الأموال”.

التمرير والإقناع

الدور الثالث للفتى المراهق، هو التمرير السياسي للصفقة، وهو ما برز نشاطه فيه خلال الفترة الماضية، حيث صرح خلال مقابلة مع صحيفةTIMEالأمريكية، بأن المملكة وإسرائيل تواجهان عدوًّا مشتركًا، لكن العلاقات بينهما لن تتم إقامتها إلا بعد السلام مع الفلسطينيين، لأن كلًّا منهما له الحق في العيش والتعايش”، مشيرًا إلى أن والده، الملك سلمان بن عبدالعزيز، أخبر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بأن “هناك مقولة في المملكة العربية السعودية تقول إن أهل مكة أدرى بشعابها”، وفي السياق ذاته نقلت “معاريف” عن “بن سلمان” قوله: “منذ 40 عامًا، والقيادة الفلسطينية تُفوِّت الفرص، حيث رفضت جميع المقترحات التي قُدِّمت لها، لقد حان الوقت كي يقبل الفلسطينيّون بالاقتراحات والعروض، وعليهم العودة إلى طاولة المفاوضات، أو فليصمتوا ويتوقّفوا عن التذمّر”.

“الأمير محمد بن سلمان اعترف بحق إسرائيل في الوجود” كان هذه الجملة، مثار دهشة من المراقبين، لكنها كشفت في العلن للمرة الأولى دور الفتى المراهق في الصفقة، وقال موقع “بي بي سي “: “يبدو من هذه التصريحات أن محمد بن سلمان وضع المطالبة بالأرض من قبل الفلسطينيين والإسرائيليين على قدم المساواة، وهو أمر لم يسبق أن صدر عن القادة السعوديين في الرياض، ولوحظ أيضًا أن تصريحات الأمير السعودي لم تشر إلى مبادرة السلام العربية التي أطلقتها الرياض عام 2002، والتي تتبنى حل الدولتين لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أن تصريحاته الأخيرة حول حق الإسرائيليين في الأرض، اعتبرت خطوة جريئة في علاقة المملكة مع تل أبيب”، فيما تساءلت صحيفة دي دويتشت فيله الألمانية الشهيرة: “تصريحات مثيرة للجدل أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال لقائه مع مجلة (ذا أتلانتيك) الأمريكية، والتي أشار خلالها إلى حق الإسرائيليين في أن يكون لهم أرض خاصة بهم، فهل تمهد تصريحاته الطريق لـ”صفقة القرن”؟ لكنها استدركت قائلة: “السعودية كانت قد نددت بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل العام الماضي، لكن مسؤولين عربًا  قالوا إن الرياض تتفق على ما يبدو مع إستراتيجية أمريكية أوسع بشأن خطة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين لا تزال في مراحل الإعداد الأولية”.

وأكدت تقارير إعلامية أن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وافق -خلال لقاءات مباشرة مع مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى- على شكل التسوية المطروحة والمعروفة بـ”صفقة القرن””، وأوضحت المصادر أن “إسرائيل متمسكة بما يمكن تسميته بدولة فلسطينية بحدود غير متصلة، وتدعمها في ذلك الولايات المتحدة التي تشترط وجودًا  عسكريًّا  بين أوصال ما يتم تسميته بالدولة الفلسطينية المنصوص عليها في التسوية”.

صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، كلمة سر في الصفقة وراعٍ مهم للفتى المراهق في هذا المسار، وهو ما أشارت له العديد من التقارير التي تحدثت عن أمسيات مشتركة للحديث عن الصفقة، ونقلت “هآرتس” عن مصدر كبير في البيت الأبيض قوله إنه “لا يوجد للإدارة جدول زمني للإعلان عن الخطة حتى الآن، ومن بين الاعتبارات التي ستؤثر على موعد النشر: الوضع السياسي في إسرائيل، والوضع الأمني في غزة والضفة الغربية، وردود أفعال العالم العربي على قرار “ترامب” المتوقع بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران”