ترجمة – إبراهيم سمعان:

كشفت صحيفة “جلوب آند ميل” الكندية، أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، له من التداعيات ما يتجاوز إيران.

وأوضحت في تحليل لـ “إريك ريجولي”، أن تداعيات القرار ستضرب في كل اتجاه، لتسفر عن عدد من الرابحين والخاسرين غير الجمهورية الإسلامية.

واعتبر “ريجولي” أن السعودية وروسيا من أبرز الرابحين، بينما شركات الطيران وشركات الصناعة الأوروبية من أبرز الخاسرين، كما توقع أن تترجم خسائر بعض الشركات الأوروبية إلى مكاسب لشركات صينية.

وإلى نص المقال:

العقوبات هي حرب اقتصادية، لكنها ليست كرصاصة القناص، في الاقتصاد العالمي المترابط إلى حد كبير، يمكن الشعور بتداعيات العقوبات ضد دولة واحدة، وخاصة إذا كانت بلدًا كبيرًا، في كل مكان، ما يفترض أن يكون ضربة موجهة يمكن أن تتحول إلى قنبلة، مع حدوث تداعيات على نطاق واسع ولكن لا يمكن التنبؤ بها.

وهذا هو الحال فيما يخص إيران، الدولة الكبيرة من الناحية النظرية، عندما سحب دونالد ترامب بلاده من الاتفاقية النووية الدولية مع إيران، وأعاد ما وصفه بـ “أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية” ضدها.

لن تكون إيران الضحية الوحيدة، وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون ألم بلدٍ ما مكسبًا لبلد آخر. وفيما يلي تقرير عن الرابحين والخاسرين من العقوبات في مجال الاقتصاد والأعمال.

شركات صناعة الطيران (خاسرة)

بسبب العقوبات التي تم فرضها، والتي تم تشديدها تدريجيًا، منذ سقوط الشاه في الثورة الإيرانية عام 1979، تمتلك إيران أحد أكثر أساطيل الطائرات تهالكا في العالم، حوادث التحطم متكررة بشكل مروع بالمعايير الغربية، عندما تم رفع العقوبات إلى حد كبير في عام 2015، وهو العام الذي تم فيه إبرام الاتفاقية النووية، هرعت شركتا “بوينج” و”إيرباص” إلى إيران، ووقعتا على “طلبيات” تبلغ قيمتها حوالي 40 مليار دولار أمريكي (حسب سعر القائمة).

هذه “الطلبيات” الآن ليست سوى ذكرى جميلة، حيث ألغى وزير الخزانة الأمريكي “ستيف منوتشين”، يوم الثلاثاء، التراخيص الممنوحة لشركتي “بوينج” و”إيرباص” لتصدير الطائرات إلى إيران (نعم إيرباص شركة أوروبية، لكن لأن لديها فروعًا أمريكية، وتتعامل مع بنوك أمريكية، فبالتالي ليس لديها خيار سوى الامتثال للعقوبات”.

أيضًا، تستحق شركة “بومباردييه” لصناعة الطائرات الشفقة، ففي حين أنها لم توقع أية صفقات إيرانية بشأن طائرات أو قطارات، إلا أنها كانت تتحدث إلى بعض شركات الطيران الإيرانية. وذكر تقرير إعلامي إيراني حديث أن شركة “قشم” للطيران كانت تدرس شراء 10 طائرات من “بومباردييه”.

نفط سعودي (رابح)

العقوبات المستوحاة من “ترامب” تجعل السعودية رابحة من 3 جوانب، لقد شعرت المملكة بسعادة غامرة عندما أعيدت العقوبات، لأنها وإيران أعداء، يحاول البلدان تقطيع أوصال الشرق الأوسط، وحتى الآن، إيران في وضع أفضل (لاحظ المكاسب التي حققها حزب الله المدعوم من إيران في الانتخابات اللبنانية يوم الأحد).
ويأتي الانتصار الثاني من الارتفاع الحاد في أسعار النفط منذ أعلن “ترامب” الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، يوم الأربعاء، ارتفعت أسعار النفط بنسبة 3%، لتصل بذلك إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2014، وذلك في ضوء احتمال ضرب صادرات النفط الإيرانية، التي تبلغ الآن 2.5 مليون برميل في اليوم، أي ما يعادل 3% من الطلب العالمي، بينما يعتمد اقتصاد السعودية بشكل شبه كامل على صادرات النفط، ويسهّل ارتفاع الأسعار سد فجوة ميزانيتها الهائلة.

ويأتي المكسب الثالث من الاحتمالات التي تحسنت فجأة بخصوص الاكتتاب العام الأولي لـ”أرامكو” السعودية، “أرامكو” المملوكة للدولة، هي أكبر منتج للنفط في العالم، واقترح السعوديون أن الاكتتاب العام قد يقدر قيمته بنحو تريليوني دولار، وهو رقم خيالي، وفقًا لبعض المحللين، ومع ارتفاع أسعار النفط الآن بنسبة 57% في العام الماضي، يمكن لـ”أرامكو” الاقتراب من هذا التقييم.

الصناعة الأوروبية (خاسرة)

أكبر الشركات الصناعية في الاتحاد الأوروبي في حالة مزاجية سيئة، إيران سوق محتمل بحجم إيطاليا أو إسبانيا، وربما أكبر، أو كانت هكذا حتى قام السيد “ترامب” بتشغيل آلة العقوبات. ليس مطلوبًا من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على الطريقة الأمريكية على إيران، لكنه محاصر بسبب ما يسمى “العقوبات الثانوية” – وهي العقوبات التي تستهدف البنوك والشركات الدولية التي تتعامل مع إيران، في الواقع، ستجبر هذه العقوبات الصناعة الأوروبية على الاختيار بين القيام بالأعمال التجارية مع الولايات المتحدة أو مع إيران، خمن من يفوز؟
إذا كان هناك طريقة للأوروبيين للالتفاف حول العقوبات الأمريكية، فهي ليست واضحة على الفور، العديد من أكبر الأسماء الصناعية للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك “سيمنس” الهندسية الألمانية العملاقة، والفرنسية لصناعة السيارات ” Groupe PSA “، وشركة أنابيب النفط “سايبم”، كل منها كان يتطلع لصفقات بمليارات الدولارات في إيران، أما الآن فربما قد حان الوقت لتقبيل إيران قبلة الوداع، استخدم ريتشارد جرينيل، سفير الولايات المتحدة في ألمانيا، تغريدة على تويتر كي ينقل رسالة فحواها: أن الشركات الألمانية التي تتعامل مع إيران يجب أن توقف العمليات على الفور.

نفط روسيا وطائراتها (رابحون)

روسيا كالسعودية، هي اقتصاد نفطي، وحدت روسيا والسعودية القوى لخفض إنتاج النفط لرفع الأسعار، ونجحت المناورة، مما جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سعيدًا، بعد كل شيء، يجب عليه أن يمول حربه الصغيرة في سوريا لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

في الوقت نفسه، فإن الفراغ في مجال طائرات الركاب الإيرانية الذي تركته “بوينج” و”إيرباص” سيحتاج إلى من يَشْغَله، وأفادت تقارير أن شركات الطيران الإيرانية قد وقّعت صفقات لشراء طائرات “سوخوي إس إس جيه -100” الروسية، وهي أصغر قليلًا من طائرات “بومباردييه سي سي” الجديدة، لقد كانت سوخوي ذكية، حيث وجدت وسائل لتقليص مكونات الطائرات المصنوعة في أمريكا إلى أقل من 10%، وكان ذلك أفضل للتغلب على أية عقوبات.

شركة البترول الوطنية الصينية (رابحة بشكل محتمل)

قبل إعلان السيد “ترامب” للعقوبات، كانت شركة “توتال”، وهي شركة نفط فرنسية كبيرة، تأمل في عزل نفسها عن أية عقوبات، عن طريق تحصين مشروعها الإيراني، الأمر الذي من شأنه أن يجعلها وشركاءها يطورون حقلًا إيرانيًّا ضخمًا للغاز البحري، أفادت “داو جونز” أن شركة “توتال” تعمل بجد لتقليل المحتوى الأمريكي في المشروع، والمعروف باسم “ساوث بارس”، من خلال ضمان عدم وجود برامج أمريكية أو مشاركة مواطنين أمريكيين، إذا لم تنجح هذه الإستراتيجية، فإن شركة “توتال” ترغب في نقل حصتها البالغة 50.1% في المشروع إلى شركة البترول الوطنية الصينية، وهي حاليًا شريك أقلية في “ساوث بارس”، إذا حدث ذلك، فإن الصين ستكون لاعبًا كبيرًا في أكبر حقل للغاز في العالم، الذي تشترك إيران وقطر في ملكيته.