العدسة- معتز أشرف
انتهاكات بالجملة وسجل أسود يلاحقان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في زيارته إلى لندن على هامش معرض للخيول، صعدت الغضب والحملات المناهضة والمطالبات باعتقاله بسبب جرائمه المستمرة بحق المعارضين، وهو ما نتوقف عنده.
حصار وغضب
وسط حصار وغضب، تأتي زيارة ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة إلى لندن، حصار يقوده تكتل المعارضة البحرينية في بريطانيا، الذي دعا في بيان الخميس السلطات البريطانية إلى اعتقال ملك البحرين فور وصوله إلى لندن؛ بسبب ما وصفوه بانتهاكات لحقوق الإنسان، معتبرين أن استقبال ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية لملك البحرين لا يخدم مصالح المملكة المتحدة، وغضب متواصل تنظمه منظمة “حملة ضد تجارة الأسلحة” البريطانية غير الحكومية.
ودشن الغاضبون حملة في بريطانيا ضد الزيارة تركز على سجلّ البحرين في الاعتقال التعسّفي والتعذيب، والاختفاء القسري، والمحاكمات غير العادلة، وإجراءات التجريد من الجنسية لعدد من المعارضين، كما ستتضمّن توزيع منشورات تشرح “الجرائم التي ترتكبها سلطات البحرين”، وبدأت الحملة بمسيرة لباصات وشاحنات تحمل لافتات غير مرحّبة بالزيارة جابت شوارع لندن، إلى جانب وقفات احتجاجية أمام سفارات البحرين والسعودية والإمارات، تستمرّ لمدة 3 أيام، كما أطلق عدد من النواب في البرلمان البريطاني عريضة ضد زيارة الملك ونجله، للمطالبة بالتزامهما بمعايير حقوق الإنسان، كما رُفعت شكوى إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرّها لندن، ضدّ رعاة معرض “وندسور للخيول” لمشاركة ملك البحرين في الحدث الذي تحضره ملكة بريطانيا، والذي يسهم -بحسب الشكوي- في تصدير “صورة مزيّفة” إلى العالم حول حقيقة ما يجري في البحرين من استمرار القمع والتعذيب وأحكام الإعدام المسيسة.
سجل أسود
وتصدرت البحرين السجل الأسود للانتهاكات ضد حقوق الإنسان بجدارة، ولازالت تنافس على المقدمة مع دول الحصار، وفق ما تقول تقارير أممية متواترة، وفي تقرير المقرر الخاص المعنيّ بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ميشيل فورست، حول الانتهاكات التي تورطت فيها بعض الدول ضد العمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، كشف عن تصدر البحرين القائمة الأممية المناهضة للمدافعين عن حقوق الإنسان، وتصدرت البحرين قائمة الانتهاكات على مستوى العالم بعدد 9 نماذج.
وفي السياق ذاته، أصدرت منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان، تقريرًا حقوقيًّا بعنوان: “مملكة الاضطهاد”، يهدف إلى رصد انتهاكات حقوق الإنسان ضد علماء الدين في البحرين، وذلك في الفترة ما بين عامي (2017-2011)، وقد شملت هذه الانتهاكات إصدار أحكام الإعدام والمؤبد وإسقاط الجنسية والترحيل القسري والاعتقال التعسفي، إضافة إلى تعرض العديد منهم للإهانة والتعذيب الجسدي، ويكشف التقرير أن العدد الإجمالي للانتهاكات بلغ 313 انتهاكًا منذ عام 2011 إلى عام 2017، وأن السلطات الأمنية في البحرين قامت باعتقال (89) عالم دين بشكل تعسفي، في حين أن الأحكام القضائية استهدفت 50 عالم دين في قضايا مختلفة بأحكام قضائية قاسية ومجحفة وصلت إلى حد الإعدام والمؤبد وإسقاط الجنسية، وغرامات مالية مغالية جدًّا، كما استمرت السلطات في الانتهاكات بحق علماء الدين، حيث بلغ عدد المحكومين بالإعدام منهم 3، وأسقطت جنسية 19 من ضمنهم ثلاثة من كبار علماء البحرين برتبة آية الله، وهم: الشيخ عيسى قاسم، والشيخ محمد سند، والشيخ حسين نجاتي، والذي تم ترحيله قسريًّا في شهر أبريل 2014، كما تم إصدار أحكام المؤبد ضد 8 منهم دون حصولهم على ضمانات قضائية عادلة، ومخالفة بذلك المعاهدات والمواثيق الدولية.
ووفق منتدى البحرين لحقوق الإنسان، تم رصد 995 انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان في مطلع عام 2018 فقط، توزعت خلال شهر بين الاعتقال التعسفي، والمداهمات للمنازل، والمحاكمات غير العادلة، وقمع الاحتجاجات السلمية، وتقييد حرية التنقل، ومنع صلاة الجمعة، والمواد الإعلامية المحرضة على خطاب الكراهية، والاختفاء القسري، والتعذيب، وسوء المعاملة بينهم أطفال.
انعقاد محاكم عسكرية سرية تحاكم مدنيين، ظاهرة لافتة في مملكة الاضطهاد، دفعت أربع منظمات حقوقية بحرينية لإصدار تقرير بعنوان (الموت أو الاعتراف)، يرصد الانتهاكات الواقعة جراء انعقاد محاكم عسكرية سرية تحاكم مدنيين انتزعت اعترافات بعضهم تحت وطأة التعذيب، وتم اتهامهم بمحاولة ارتكاب جرائم ضد قوة دفاع البحرين بينهم الناشط الحقوقي محمد المتغوي، والسيد علوي حسين، وهو المرافق الشخصي لآية الله الشيخ عيسى قاسم (أعلى مرجعية دينية للشيعة في البحرين)، ونهاية الشهر الماضي طالبت جمعية الوفاق الوطني البحرينية المعارضة المجتمع الدولي- لاسيما واشنطن ولندن- بالتدخل لوقف الإعدامات السياسية في البحرين، ووقف “امتهان كرامة المكون الشيعي في البحرين”.
مملكة الخنق والقمع
وفي تقرير بعنوان “البحرين: الحكومة تخنق المعارضين، اعتقالات وتخويف وسوء معاملة”، أبرزت منظمة “هيومان رايتس ووتش” في تقريرها السنوي مطلع العام الجاري، الانتهاكات المروعة التي يشرف عليها النظام البحريني، وقالت: “إن البحرين واصلت قمع حقوق الإنسان في 2017، حيث قامت الحكومة بمضايقة وسجن وملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان وأقربائهم، بتهم لا أساس لها، وتسامح البحرين مع المعارضين يكاد يكون معدومًا، ما يلغي التقدم القليل الذي أحرزه البلد بعد الإصلاحات الواعدة إثر انتفاضة 2011″.
الخوف من الملاحقة والتجريس دفع السلطات البحرينية إلى منع 20 ناشطًا حقوقيًّا ومحامين وشخصيات سياسية معارضة من السفر في سبتمبر الماضي، لتحول دون مشاركتهم في اجتماعات جنيف المتعلقة بالاستعراض الدوري الشامل لـ”مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة” حول البحرين.
ورصدت المنظمة إسقاط السلطات أيضًا الجنسية عن 156 مواطنًا في 2017، ليصبحوا عمليًّا بدون جنسية، كما أقرت قانونًا يسمح بمحاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية في 2017، حكمت المحاكم البحرينية بالإعدام على ما مجموعه 14 شخصًا، منهم سيد علوي، مهندس مدني، وهو أحد 6 أشخاص حكمت عليهم محكمة عسكرية بالإعدام يوم 25 ديسمبر 2017، بتهمة أعمال إرهابية مزعومة.
وبحسب رصد المنظمة، فقد حصل تدهور واضح في أوضاع حقوق الإنسان في البحرين في منتصف 2016، لما حلّت السلطات جمعية “الوفاق”، أهم جماعة معارضة في البلاد، وسجنت أبرز ناشط حقوقي، ومارست مضايقات في حق رجال دين شيعة، وحاكمتهم بسبب الاحتجاج السلمي على إسقاط الجنسية تعسفًا عن الزعيم الروحي لـ الوفاق، الشيخ عيسى قاسم حتى تسبب هذا القمع المنهجي للحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات في تقويض احتمالات التوصل إلى حلّ سياسي للاضطرابات الداخلية في البحرين، وفق ما قالت “هيومان رايتس ووتش”.
اضف تعليقا