إبراهيم سمعان
بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني الموقَّع في فيينا بين طهران ودول 5+1 عام 2015، ما هي الخيارات التي قد يستخدمها النظام في الجمهورية الإسلامية للرد على واشنطن.
صحيفة “euroalgerie” الناطقة بالفرنسية رصدت في هذا الصدد 6 خيارات للرد الإيراني على إعلان الحرب الأمريكية ضدهم، واصفة ذلك بأنه لغز ربيع 2018.
وأوضحت الصحيفة أنّ الإيرانيين لم يُؤخذوا على حين غرة؛ فهم يعرفون بطبيعة ثقافتهم وفكرهم، أن خصومهم الأمريكيين غير عادلين بشكل أساسي، ولا يحترمون التزاماتهم الدولية، وأنهم مهووسون بالحرب وجنون العظمة.
وأضافت لقد درس الإيرانيون بلا شك احتمالات الانتقام، فعلامات المواجهة تأتي من الممالك العربية والكيان الصهيوني، فمن استمع لخطب نصر الله الأخيرة يفهم اقتراب الحرب والقبول بمواجهتها والتصميم على الفوز فيها من خلال الإعداد، كما أنّ الفلسطينيين يعلمون أنّ هذه الحرب حاسمة لمستقبلهم، وسوف يدخلون فيها بالجسد والروح.
وأشارت إلى أنّ أول هذه الخيارات هو إعلان انسحابهم من المعاهدة الدولية، وهو ما سيدلّ على بدء المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من الصهاينة والعرب، فحرب القرن ضد إيران تتشكل، لكن من جانب القوة العظمى هذا الأمر قد يدخلها أزمة داخلية، وعلى الجانب الآخر يجب على الإيرانيين أن يتصرفوا من أجل بقائهم.
وتابعت يمكن للصواريخ الباليستية والطائرات الأمريكية أن تلحق الكثير من الضرر بطهران، لكن في الوقت ذاته منطقة العمليات وأهداف الإيرانيين تنتشر في فلسطين ولبنان واليمن وباكستان والعراق والمملكة العربية السعودية وسوريا وأفغانستان وحتى الخليج العربي.
وبيّنت الصحيفة أن الإيرانيين لديهم عقيدة الاستشهاد والتحضير للقتال، يملكون مصانع عسكرية تنتج الصواريخ وأدوات الحرب الإلكترونية والتدابير المضادة، إننا نتحدث بالفعل عن وصول المقاتلين الشيعة الباكستانيين في سوريا لضمان ارتياح قوات حزب الله التي ستكرس نفسها بعد الانسحاب إلى المواجهة في الجنوب اللبناني مع الكيان الصهيوني.

هذه المرة، لن تكون مواجهة لبضعة أيام أو أسابيع، بل حريق عام سيغير الشرق الأوسط بالكامل، ففي حرب البقاء هذه، ليست فقط مسألة سلطة، بل هي إرادة وعقيدة، كل من سيكون قادرًا على اللدغ أكثر فأكثر على أصبع خصمه سيفوز بالمعركة.

الخيار الثاني، تكتب الصحيفة، سيكون بتجاهل “الرقص الشرقي” لترامب وترك الأوروبيين يتعاملون مع عواقب الانسحاب، وفي الواقع ، كانت المعاهدة التي مزقتها الولايات المتحدة هي فرصة لأوروبا: مليارات اليوروهات من المشاريع في كل مكان، مما يوفّر لهم إمكانية العمل والازدهار والأمن لشركاتهم وسكانهم.

إنّ القرار الأحادي من جانب الولايات المتحدة لا يقوِّض هذه الفرص فحسب، بل يعلن عن الانعزالية الأمريكية والحرب التجارية التي ستتفشى في أوروبا وبقية العالم.
أما ثالث هذه الخيارات، بحسب “euroalgerie”، هو فتح إيران أراضيها للقواعد العسكرية والاستراتيجية الروسية وتعزيز التعاون مع بكين وموسكو ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن من الناحية المالية.
فالروس هم أيضًا عرضة للعقوبات الاقتصادية والمالية الأمريكية، ومن مصلحتهم تعزيز التعاون مع إيران وتعزيز المشروع الأوروآسيوي؛ حيث تحتل أفغانستان مكانة خاصة في هذا المشروع، وقد يكون الوقت قد حان لأنصار هذا المشروع لطرد الأمريكيين وتهدئة البلاد إلى المسار الصحيح من أجل السلام والتنمية.
كذلك يمكن لتركيا وأردوغان، اللذان جرحا في تقديرهما الذاتي من قبل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، إذا ما وضع الخليفة العثماني الجديد جانبًا نرجسيته وحديثه المزدوج، لتعويض جزء لا يكاد يذكر من الحصار الأمريكي.
رابعًا، إعادة تفعيل برنامجها النووي وإنتاج آلية نووية على المدى القصير والمتوسط، ففي مواجهة التهديد الذي يمثله الأقوياء، يبقى فقط أن يكون لديهم قوة ردع إذا أردوا الاستمرار في الوجود وتهدئة نوايا الحرب. وحتى إذا طبقت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات اقتصادية ومالية ضد إيران، فإنّ لدى الأخيرة فترة سماح في صالحهم: وهي الفترة التي يتم فيها إلغاء المعاهدة من قبل الأمم المتحدة.
عدم الرد على ترامب والعمل مع الأوروبيين من أجل اتفاق جديد، هذا هو خامس الخيارات، كما تقول الصحيفة، التي قالت إنَّه في هذه الحالة ستكون المفاوضات طويلة والوقت معقدًا لإضعاف موقف أمريكا أو الأزمة الداخلية المتفاقمة، ناهيك عن إمكانية وضع سيناريوهات أخرى خلال هذه الفترة.

أما الخيار الأخير سيكون تغيير النظام، الغربيون لا يعرفون ولا يريدون أن يعرفوا عقلية الشعوب، لقد توقعوا أن روحاني سيكون رجلًا مواليًا لهم في حين أن ثقافته الفلسفية والدينية والعلمية وضعته لفترة طويلة في قلب جهاز صنع القرار النووي الإيراني.
اليوم، من المحتمل أن يعتمد الغرب على ثورة اجتماعية يتفاقم فيها الحصار، وعلى المال السعودي الذي سيمول أعمال الشغب والتمرد داخل البلاد، لكنهم ينسون المعادلة السياسية الدينية، فالمواطنون الذين انتخبوا أحمدي نجاد ليصبح رئيسًا، كان يعني استعدادهم للمواجهة، وبتشجيع روحاني، كانوا يقصدون استعدادهم للمفاوضات.

ينسى الغربيون أن “الصقور” الإيرانيون لم يتفقوا أبدًا مع المفاوضات وأنّ “خيانة” أمريكا ستثبت أنهم على حق، وأن هناك فرصة كبيرة لأن يشدّد روحاني مواقفه أو يفسح المجال لغيره، أي للقائد الذي سيدير المواجهة على المستوى السياسي مع العلم أن حراس الثورة والجيش الإيراني لديهم عقيدة المقاومة المسلحة ضد الإمبراطورية والصهيونية.