إبراهيم سمعان
يبدو أن الإسرائيليين لم يكن لديهم هذا العدد من الأصدقاء في الشرق الأوسط كما هو الحال اليوم، خاصة أن عملياتهم المناهضة لإيران في سوريا تهدّد المنطقة بحرب مدمرة.
موقع “هاف بوست” في نسخته الفرنسية نشر تقريرًا عن إمكانية مساعدة هؤلاء الأصدقاء الجدد، ومن بينهم الإمارات والسعودية لإسرائيل في أي حرب محتملة ضد طهران.
وقال الموقع: أولًا هناك أصدقاء قدماء لإسرائيل في المنطقة هم مصر والأردن وتركيا، وهناك جدد أصبحوا كثيرين منذ أن قرر دونالد ترامب خنق إيران اقتصاديًاً وتصفية القضية الفلسطينية، وهم بالأخص السعوديون والإماراتيون المنخرطون لسنوات في حملة دبلوماسية دولية ضد جارتهم الشرقية.
وأضاف “في ظل العلاقات المصرية الإسرائيلية المتوهجة خلال السنوات الأخيرة، احتفلت السفارة الإسرائيلية كالعادة يوم 8 مايو 2018، بمناسبة الذكرى 70 لتأسيس إسرائيل- وبدقة أكثر النكبة الفلسطينية– لكن هذه المرة في فندق كبير في ميدان التحرير بالعاصمة القاهرة.
أما في الأردن- وعلى الرغم من وجود معارضة قوية لتطبيع العلاقات مع هذا الجار الذي يستمر في توسيع المستوطنات في الضفة الغربية- إلا أنّ التوترات في نهاية المطاف لم تنتهِ معه، وكان آخرها في يوليو 2017 عندما قتل اثنيان من الأردنيين برصاص حارس السفارة الإسرائيلية في عمان.
واستطاع القاتل العودة إلى تل أبيب واستُقبل من قبل بنيامين نتنياهو نفسه، ولم يتم استكمال إجراءات النيابة ضده، ربما لأنها كانت تهدف فقط إلى تهدئة غضب الرأي العام الأردني.
وأشار “هاف بوست” إلى أنه بالنسبة لتركيا، التوترات مع إسرائيل، أقوى من الأردن واستمرت لفترة أطول، انتهى بها الأمر إلى التهدئة، فبعد وفاة تسعة أتراك في الهجوم الذي شنته البحرية الاسرائيلية ضد سفينة تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة، أعيدت العلاقات مع إسرائيل من قبل البرلمان التركي في أغسطس 2016.
وجاء ذلك بعد أن تعهّدت الحكومة الإسرائيلية بتعويض عائلات الضحايا وفي مقابل ذلك، تتخلى أنقرة عن الإجراءات القانونية التي تم اتخاذها ضد المسؤولين عن هذا العمل الحقيقي للقرصنة.
وبالنسبة لهذه البلدان الثلاثة، فإن الرغبة في الحفاظ على علاقات مستقرة مع إسرائيل تغذيها مصالح الطاقة: فالثلاثة مهتمون بالغاز، الذي سيصدر قريبًا، بعد أن أصبحت إسرائيل مؤخرًا دولة غازية صغيرة.
ويؤكد الموقع إذا كان خط الأنابيب الذي سيستثمر في التصدير بتركيا لم يتحقق على أرض الواقع، فإنّ التعاون في الغاز مع الأردن ومصر أصبح أكثر وضوحًا، تم توقيع عقد تصدير بقيمة 10 مليارات دولار مع الأولى (سبتمبر 2016)، وآخر بقيمة 12 مليار دولار مع الثانية (فبراير 2018).
ومن المفارقات، أن مصر التي كانت توفر الغاز لإسرائيل قبل سنوات قليلة، أصبحت بون مضطر! يجب أن تنتظر بداية استغلال حقلها البحري في ظهر لتضمن مرة أخرى اكتفاءها الذاتي بالغاز.
ويقول “هاف بوست”: لكن في إطار الاستعداد لحربها الإقليمية، يمكن لإسرائيل أن تعتمد بشكل خاص على أصدقائها الجدد في الخليج، الذين يكرسون الكراهية لإيران. ومع هؤلاء يتقدم التطبيع خطوات إلى الأمام تحت مباركة دونالد ترامب.
وتابع “في مارس 2018، كشف النقاب عن لقاء جمع بين السفير الإماراتي في واشنطن وبنيامين نتنياهو. ومع ذلك، لم يكن هذا أول اتصال إسرائيلي إماراتي على هذا المستوى العالي، ففي نيويورك 2012 رئيس الوزراء الإسرائيلي التقى رئيس الدبلوماسية الإماراتية، بعد ساعات من إعلانه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ضرورة منع إيران من أن تصبح دولة نووية.
وبين الموقع أنه بالنسبة للسعودية، في بداية أبريل 2018، صرَّح محمد بن سلمان، ولي العهد، بأن لإسرائيل الحق في العيش بسلام، ولم يكن مضمون هذا الإعلان جديدًا (فمبادرة السلام التي طرحتها المملكة عن طريق جامعة الدول العربية لا تزال سارية، وعلاوة على ذلك، يتضمن هذا الاعتراف الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة).
لكن الملاحظ في هذه التصريحات أمران آخران؛ أولاً، توقيتها: حيث صرح محمد بن سلمان بعد أيام فقط من بدء المظاهرات الفلسطينية لعودة اللاجئين وقتل فيها العشرات برصاص القوات الإسرائيلية، فضلًا عن مئات الجرحى. ثانيًا، اقترن هذا بعرض للتعاون الاقتصادي، ليس مع السعودية فحسب ولكن مع كل المساحة الجغرافية الاقتصادية في الخليج.
وفي النهاية يؤكد “هاف بوست” أنه في المناخ الحالي للتوتر الإقليمي، فإن تسارع تطبيع العلاقات بين إسرائيل من جهة، والسعودية والإمارات من جهة أخرى، هو أكثر أهمية لأن هاتين الولايتين المفاتيح الخليجية التي تربطها حدود بحرية مع إيران.
ولفتت إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه حاليا هو: هل السعوديون الذين فتحوا في مارس 2018 سماءهم أمام الرحلات المدنية المتجهة لتل أبيب، سيغلقونها أمام سلاح الجو الإسرائيلي؟
اضف تعليقا