ربى الطاهر
الإرهاب هو سيد الموقف، ودونه مليونا فلسطينى رهن الإصابات أو القتل، لا يخفف من ذلك تلك التصريحات التي دائمًا ما تشجب وتدين، فالواقع الميدانى يسرد مئات من القصص الدامية فآلة الحرب الإسرائيلية تستهدف كافة الفلسطينيين على اختلاف أعمارهم أو حالاتهم، أو حتى ذوي الإعاقة منهم، الجميع مستهدف من خلال ذلك الرصاص الذي لا يقتل أجسادهم فقط، بل يمزق أحلامهم، ويبدد آمالهم في العبور إلى منطقة العيش الكريم.
وتروى الحكايات، لتكتشف أنها تختلف فيما اتفقت عليه جميعها، وهذه إحدى الحكايات التي سطرها الصهاينة في كتاب جرائمهم الذي لم يعد يُحتمل، إنها قصة الشهيد القعيد فادي أبو صلاح (29 عامًا)، الذي أصيب عام 2008، جراء قصفه بطائرة استطلاع أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إلا أن عجزه لم يعجزه، فلم يمتنع عن الزحف إلى مناطق المواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، وخرج بإصرار إلى ميدان النضال يرمي الصهاينة بالحجارة، ويبث الحماس والهمة في قلوب من حوله، ولم يكترث لكونه قعيدًا ويعيش بنصف جسد، فانضم لصفوف المشاركين في فعاليات مسيرة العودة الكبرى، فتلقى رصاصات الغدر، ولم تخطئه رصاصات القناص الإسرائيلي، الذي أدرك أنه الأيقونة التي تحمس الشباب الغزاوي، ليلحق جسده بأطرافه التي فقدها وسبقته إلى الجنة بإذن الله.
وقد غمرت التغريدات بعد استشهاده موقع “توتير” تحكي عن “صلاح”، الذي فقد قدميه ولكنه لم يفقد يديه وقلبه، واحتوت الكثير منها التنديد بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبارها عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، حسب ما جاء في قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أحمد بن راشد بن سعيّد
حساب موثّق @LoveLiberty
فادي أبو صلاح (29 عامًا)، بُترت قدماه في عدوان صهيوني سابق على قطاع #غزة، كان يشارك في #مسيرات_العودة_الكبرى كلّ يوم، حتى استُشهد هذا اليوم إثر “قنصه” برصاص جنود العدو، رحل فادي، وترك وراءه أمة تتخبط؛ منها من يشارك في حصار أهله، ومنها من يرميهم بفساد العقيدة، وهو يغني: إلا صلاتي!.
محمد العوضي
حساب موثّق @mh_awadi
كلما أسرف أراذل العرب المتصهينون في التآمر والانبطاح والتطبيع مع #إسرائيل
.. ارتقى أشرف الخلق شهداء في #مسيرة_العودة_الكبرى على أرض #فلسطين #غزة
وكلما تمادت #أمريكا وتجبر #ترامب إنحيازًا وظلمًا
.. تنادت جموع المخلصين نصرة لقضية الأمة الأولى
وتبقى #القدس_عاصمة_فلسطين_الأبدية
ويروي حمزة أبو صلاح، شقيق الشهيد فادي كيف أنه كان يعاني في ممارسه أبسط أمور الحياة؛ بسبب استهداف الجنود الصهاينة له بعد إصابته التي فقد على إثرها أطرافه في عدوان 2008، ويقول: كان فادي أبًا لخمسة من الأبناء، الابن الأكبر فيهم يبلغ السابعة من عمره، وقد اعتاد على التجول بكرسيه في الخروج مع الشباب لإلقاء الحجارة على الجنود الصهاينة الذين كانوا لا يعيرون ما يفعله اهتمامًا، كونه قعيدًا ولا حول ولا قوة له، فنضاله لا يشكل خطرًا عليهم بحد ذاته، إلا أن ما كان يثيره في قلوب الشباب من حماس أدرك خطورته الصهاينة، وعلى الفور وجهوا إليه رصاصاتهم الغادرة.
وكما هو الوضع دائمًا، يصمت المجتمع الدولي تجاه تلك الجرائم، ويظل يناشد الحقوقيون بمواجهة إسرائيل بجرائمها، فقد طالب الحقوقي محمد أبو حمدة، محكمة الجنايات الدولية والمنظمات الرسمية والمجتمع الدولي بمحاكمة إسرائيل وجنودها كمجرمي حرب، لاستهدافهم شخصًا قعيدًا، لا يمثل أي خطر على هذا الاحتلال الغاشم، فلم يكن المشاركون -ومنهم عدد كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة- يحملون أسلحة -كتلك التي يحملها جنود الصهاينة- في وجوههم حتى يتم اقتناصهم بهذه الطريقة الوحشية.
وأضاف أن هؤلاء المعاقين وغيرهم من العزل افقدوا الاحتلال عقله، فأصبح لا يفرق بين معاق وصحيح، أو طفل وشاب، أو رجل وامرأة، فقد أصبح الجميع أمامه سواءً، الكل هدف لقنابله ورصاصاته، على مسمع ومرأى من العالم أجمع، وفي صمت مطبق من المؤسسات الدولية، سوى استنكارات وإدانات لا تسمن وتغني من جوع.
ولم يكن فادي هو النموذج الأول الذي يُجرِم الاحتلالُ بحقه وفي ظل إعاقته، بل استهدف جيش الاحتلال مسبقًا الشهيد القعيد إبراهيم أبو ثريا، شرق جباليا، في بداية فعاليات مسيرة العودة، ذلك الشاب الفلسطينى ذو الـ29 عامًا، الذي مثله مثل الكثيرين من أهالي فلسطين المقعدين، لم تمنعهم إعاقتهم من المشاركه في المواجهات بالحجارة مع الجيش الإسرائيلى، أو المشاركة في الفعاليات التي تهدف لنصرة القدس المحتلة، فقد كان إبراهيم يذهب يوميًّا إلى الحدود الشرقية لحي الشجاعية شرق مدينة غزة وهي خطوط التماس مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، ليشارك بتلك المواجهات التي اندلعت قبيل استشهاده، برصاص الصهاينة
وأخبَر أحد جيرانه أنه فقد أطرافه – مثله مثل فادي- في قصف طائرة تابعة لسلاح جو الاحتلال في عام 2008، وكان يعيش مع والده الذي أنهكه المرض، ووالدته وأخ و4 من الأخوت، حيث كان ينتمي إلى أسرة فقيرة، وقد التحق إبراهيم بالعديد من المهن البسيطة حتى يساعد أسرته، فقد كان يغسل السيارت أحيانًا، وأحيانًا أخرى يبيع العطور، وربما يبيع الدخان.
واشتهر إبراهيم بين جيرانه بطيب خلقه وحسن تعاملاته، حتى إن الجميع كان يعتبره أخًا له، بالإضافة إلى الأطفال الذين كانوا يتعلقون به، ولم يذكر أحد أنه شكا من أي أمر يضيق به، سواء كانت إعاقته أو حتى ظروفه الصعبة التي كانت تمر بها أسرته، وكان دائم الاعتماد على نفسه، حتى في الانتقال، إذ كان يرفض المساعدات التي تعرض عليه بدفع كرسيه المتحرك.
وكان إبراهيم دائم المشاركة في الفعاليات والمظاهرات ضد جيش الاحتلال، بل إنه كان يحمس الشباب للاستمرار في التظاهر في مواجهة الرصاص الحى الذي يطلقه جنود الاحتلال الصهيونى، حتى طالته رصاصات العدو في إحدى تلك المواجهات، منذ عدة أشهر.
وربما كانت الدعوة لمسيرة “العودة الكبرى” التي شارك فيها عشرات الآلاف من الفلسطينيين هي السبب في إصابة الجيش الإسرائيلى بتلك (الهيستريا)، حيث لم يعد يميز إلى من يصوب طلقاته، هل إلى الأصحاء، أم إلى المعاقين، حيث استهدفت تلك الدعوة القيام بمسيرة مليونية تجتاز السياج الحدودي الإسرائيلي الفاصل شرق قطاع غزة، كما دعت لقيام خيام صمود على الحدود بين قطاع غزة والجانب الإسرائيلي، تزامنًا مع “يوم الأرض”، لتجديد المطالبة بتطبيق القرار الأممي رقم 194، والذي ينص على عودة اللاجئين إلى أراضيهم التي احتلتها إسرائيل في العام 1948، وكما تضمنت مطالبهم كذلك رفع الحصار عن قطاع غزة.
وقد بدأ الأمر بدعوة على مواقع التواصل الاجتماعي، تطور بعدها ليكون مبادرات فردية، ليزداد إلى حركة تساندها الفصائل المختلفة، وصمم القائمون على تلك الدعوة صفحة خاصة بها على موقع “فيسبوك”، باسم “مسيرة العودة الكبرى”، محدثين الأخبار الخاصة بالتحركات بشكل دائم، وأكدوا من خلالها ان التحركات بدأت بالفعل، ودعوا جميع الأفراد إلى المشاركة لإنجاح هذه المسيرة، بعدها أعلن ثلاثة من الإعلاميين والكتاب إقامتهم خيامًا بالقرب من الشريط الحدودي، وأعلن الصحفي مثنى النجار نصب أول خيمة للتأكيد على حق العودة.
وبدأت المسيرة في 30 مارس الماضي، وكان مخططًا لاستمرارها حتى 15 مايو من الشهر الحالي، حيث يوافق ذلك التاريخ ذكرى “النكبة” السبعين، وتلك الأحداث التي تحييها فلسطين في الـ30 من مارس كل عام، هو ما أطلقوا عليه يوم الأرض لإحياء ذكرى استشهاد ستة من الفلسطنيين على يد الجيش الصهيوني في المقاومة عام 1976، وبمجرد الدعوة احتشد الجميع لدعوة الأرض، دون أية تفرقة بين الفصائل، الكل تحت راية فلسطين، لتثبت للعالم أن النضال الشعبي قائم، وهو أقوى أشكال المقاومة، وأنهم أصحاب قضية لن تموت.
اضف تعليقا