العدسة – ابراهيم سمعان 

على الرغم من انخفاض عائدات النفط، بلغ نمو قطر 2.1 ٪عام 2017 ومن المتوقع أن يصل إلى 2.6 ٪ هذا العام، وفقًا لصندوق النقد الدولي.

 

تحت هذه الكلمات استشهدت صحيفة “lexpression” الناطقة بالفرنسية على نجاح الدوحة في إفشال الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر عليها قبل عام.

 

وقالت الصحيفة: بفضل ثرواتها وصادراتها من الغاز تمكنت قطر من الحد من تأثير الحصار الذي فرضته المملكة العربية السعودية وحلفاؤها، والحفاظ على نمو قوي، رغم تأثر بعض القطاعات، بعد عام من بدء الأزمة.

 

وأضافت: “الإمارة الصغيرة، أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، حشدت ثرواتها لتخفيف الصدمة على نظامها المالي وتأمين إمدادات غذائية بديلة واستخدام طرق شحن أخرى لوارداتها ومسارات جوية لنقل الركاب”.

وأشارت إلى أنه في 5 يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر فجأة العلاقات الدبلوماسية مع قطر، واتهمتها بـ”تمويل الإرهاب”، وفرضت حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا على تلك الدولة، التي هي جزء من مجلس التعاون الخليجي، كما انتقدوا الدوحة لعلاقاتها بإيران المنافس الرئيسي والعدو اللدود للرياض.

 

لكن وفقا لمحللين، توضح الصحيفة، خصوم قطر الذين يكافحون بسبب انخفاض أسعار النفط كبّدوا أنفسهم خسائر باهظة نتيجة الأزمة، حيث عانت بشكل كبير برامج التكامل لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الست التي كانت تتقدم ببطء شديد، في حين تم التشكيك في بقاء هذه المنظمة الإقليمية.

 

وتابعت بالنسبة إلى قطر، فإن الجزء الأسوأ من الأزمة “انتهى”، فبحسب تقرير لمعهد “كابيتال إيكونوميكس” صدر في مايو ضخت الدوحة عشرات المليارات من الدولارات في اقتصادها لتعويض انخفاض الودائع البنكية وتمكنت من إعادة القطاع المصرفي إلى طبيعته.

 

كما قال صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له “لا يزال أداء النمو قويا” في قطر، يمكن “إدارة التأثير الاقتصادي والمالي المباشر للأزمة”، فعلى الرغم من انخفاض عائدات النفط، بلغ نمو قطر 2.1٪ عام 2017، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.6٪ هذا العام.

 

ونقلت الصحيفة عن أندرياس كريج، الأستاذ في كلية الملك في لندن القول”عانى الاقتصاد القطري على عدة جبهات، لقد أثبتت الروابط اللوجستية الجديدة أنها أكثر كلفة على المدى القصير. لكن قطر نجحت في تحويل هذه الأزمة إلى فرصة”.

 

وأشار إلى أن التنويع الاقتصادي حقق قفزة هائلة إلى الأمام؛ فقد افتتحت الدوحة ميناء حمد لتجاوز جبل علي في دبي، كما تسارعت المشاريع الضخمة المرتبطة بكأس العالم 2022، كما استمرت صادرات الغاز والنفط، وتوفير الإيرادات الحيوية للبلاد.

 

وأضافت “lexpression” لإظهار أنها لا تزال تتعامل مع الغربيين، زادت قطر من العقود العسكرية مع الولايات المتحدة (طائرات F-15) ، بريطانيا (طائرات تايفون) ، فرنسا (رافال) وإيطاليا (السفن الحربية). بل وتتفاوض مع موسكو من أجل الحصول على نظام الدفاع الصاروخي أس -400  الأمر الذي أغضب السعوديين، رغم أن خصوم قطر، وخصوصا الرياض، وقعوا اتفاقات أسلحة كبيرة في الأشهر الـ 12 الماضية.

 

من جهته لفت المحلل نيل بارتريك إلى أنه في بداية الحصار كلف الأمر قطر كثيرا تجاه احتياطاتها (المالية) والأصول الاستثمارية، لكن تمكنت الدوحة من التعامل مع الأزمة من خلال علاقاتها بإيران وتركيا وسلطنة عمان، وهي دول زادت معها من حجم التجارة.

ورغم أن الحصار كانت له آثار سلبية في قطاعات العقارات والسياحة والنقل الجوي، يؤكد كريج أنه “لا ينبغي التقليل من شأن الآثار الاقتصادية للحصار على المنطقة كلها،  فالخسائر الناجمة عن تعطل التجارة الحرة في عشرات المليارات من الدولارات شملت جميع البلدان”.

 

ويؤكد أن دبي، على وجه الخصوص، تكبدت خسائر بمليارات الدولارات بسبب عدم قدرة الشركات القطرية على العمل هناك، كما جفت الاستثمارات القطرية في العقارات وفقدت الرياض وأبو ظبي مداخيل صادراتهما الغذائية إلى قطر، ومن المفارقات في هذه الأزمة استمرار تدفق الغاز القطري باتجاه الإمارات عبر خط أنابيب الغاز.