العدسة – معتز أشرف                          

واصل محمد بن زايد سياساته التي باتت تضع الإمارات على حافة الخطر، سواء في الأوضاع الداخلية أو الخارجية، وبحسب مراقبين للشأن الإماراتي، فقد قام “بن زايد” بمحو الثوابت والأعراف والقوانين بما يهدد السلم الداخلي وواصل استنزاف الإمارات في حروب خارجية باتت تدور في فراغ وبلا نهاية أو نتيجة، نستعرض مظاهر ذلك في سياق التقرير التالي:

 

سياسات خاطئة

وبحسب تقدير موقف لمركز “إيماسك للدراسات والإعلام” المراقب للشأن الإماراتي، فإن الإمارات بدأت تجني سنوات من السياسة الخارجية المُقلقة للغاية، ما سينعكس على الدبلوماسية الإماراتية بشكل كبير خلال المستقبل القريب، حيث تشير قضيتان لعبت فيهما الدولة دورًا خلال السنوات الثلاث الماضية، وهما التدخل الإماراتي في اليمن، ووقوع الإمارات في دائرة شكوك بشأن دعم حملة دونالد ترامب الانتخابية عام 2016، إلى اهتزاز الدبلوماسية الإماراتية وعلاقاتها الخارجية في المستقبل القريب.

وفيما يخص تحقيقات “مولر”، أشار المركز إلى أن لجنة التحقيق الخاصة بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، التي يرأسها المحقق الخاص روبرت مولر، قامت بالتركيز على اجتماعات عُقدت عام 2016، بين ممثلين عن الإمارات ومسؤولين عن حملة “ترامب” الرئاسية، ورغم أن اللجنة متخصصة في التدخل الروسي، إلا أن تكرار اسم الإمارات طوال الشهرين الماضيين يظهر مدى خطورة الوضع بالنسبة للدبلوماسية الإماراتية التي تكافح من أجل النفوذ في إدارة “ترامب” الجديدة، حيث كان اجتماع “سيشل” هو نقطة الارتكاز والبداية التي أوصلت المحققين الأمريكيين إلى فتح ملف للإمارات وتأثيرها على الإدارة الأمريكية الجديدة، وهي الأزمة الأكثر سطوعًا في الولايات المتحدة وفي الغرب، وتعود التفاصيل إلى أبريل2017، عندما نشرت “واشنطن بوست” تقريرًا عن اجتماع حضره مسؤولون إماراتيون مع مستثمر روسي مقرب من “فلاديمير بوتين”، إضافة إلى “إريك برنس” مؤسس “بلاك ووتر” والمستشار غير الرسمي لفريق “ترامب” خلال فترة الانتقال الرئاسي، في يناير 2017.

وأوضح المركز أن اجتماعًا سابقًا قد حدث بالفعل في 2016، عندما رتب” برنس”، وهو مستشار أمني لأبوظبي، الاجتماع بين جويل زامل، وهو خبير معلومات “إسرائيلي” قريب من أبوظبي، ونجل “ترامب” البكر، وممثلين آخرين من الإمارات والسعودية، كان “زامل” مسؤولًا عن استخدام شركته “Psy Group” لتطوير حملة تلاعب عبر شبكات التواصل الاجتماعي استخدم فيها آلاف الحسابات الوهمية بهدف دعم انتخاب دونالد ترامب إلى جانب “جورج نادر” مستشار أبوظبي السياسي، وأحد أبرز أذرعها في الولايات المتحدة، والذي شارك في كلا الاجتماعين، والسبب في إدراج هذا الاجتماع الذي لم يعلن عنه من قبل، ضمن التحقيقات التي يجريها “مولر”، يرجعه بروس فاين -الذي شغل منصب نائب وزير العدل الأمريكي- إلى تحديد ما إذا كان “ترامب الابن” قد قبل المساعدة من الإمارات أو السعودية لصالح حملة والده، أو أن “نادر” كان يعمل وكيلًا أجنبيًّا غير مسجل لأبوظبي خلال هذا الاجتماع، وهو ما قد يعدّ جرمًا في كلا الحالتين إذا ما تم إثباته، وهو ما أكده جون فريدريكس -العضو في حملة الرئيس ترامب- حيث أشار إلى أن تركيز “مولر” على هذا الاجتماع السري سيضع الإمارات بالتحديد في وضع محفوف بالمخاطر، من خلال وكيلها جورج نادر، ما يعني أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بمصداقيتها الدبلوماسية في العالم، مع إمكانية مواجهة اتهامات أمريكية على خلفية أنشطتها غير القانونية المحتملة خلال الحملة الانتخابية.

وفيما يخص اليمن، أشار المركز إلى أن الدور الإماراتي عامة يتيح الكثير من علامات الاستفهام والتوترات في المنطقة، ويضع الدولة بجوار متوتر من تلك المواقف، سواء كان الأمر متعلقًا بسلطنة عُمان، التي بدأت فعليًّا بمواجهة الوجود الإماراتي في جزيرة سقطرى ومحافظة المهرة بدعم من بريطانيا، أو مع المملكة العربية السعودية التي تنظر بقلق للدور المتزايد، مشيرًا إلى أنه خلال شهر مايو 2018 قامت الإمارات بانتهاك المواثيق الدّولية بإرسال قوات عسكرية إلى “جزيرة سقطرى” دون طلب من الحكومة اليمنية، ولأن الجزيرة بعيدة تمامًا عن أي نفوذ لميليشيات الحوثي المدعومة من إيران أو لتنظيم القاعدة، اعتبر هذا العمل انتهاكًا للسيادة.

وأوضح المركز أن الموقف الذي تأجج لاحقًا في مجلس الأمن الدولي برسالة يمنية تُبلِغ المجلس بانتهاك الإمارات لسيادتها، ورد من الدولة بعد سحب القوات العسكرية من الجزيرة باعترافها بسيادة اليمن على سقطرى، هو واحد فقط من عِدة مشكلات بين الحكومة اليمنية وأبوظبي، أبرزها: السجون السرية التي تديرها الدولة في المحافظات الجنوبية، وعددها 18 سجنًا سريًّا، حيث قام الكونجرس الأمريكي بطلب من وزارة الدفاع الأمريكيّة بإجراء تحقيقات في تلك السجون، إذ إن أبوظبي التي تعتبر حليفًا لواشنطن هي من تديرها، مع اتهامات بضلوع جنود تابعين للولايات المتحدة في عمليات التعذيب الوحشية، فضلًا عن أن الإمارات، تدعم ميليشيات محلية بدلًا من قوات الأمن الحكومية في المحافظات المحررة من الحوثيين، إلى جانب سلطة موازية للحكومة اليمنية (مثل المجلس الانتقالي الجنوبي) وتدعو هذه السلطة والميليشيات المحلية إلى الانفصال، ولا تعترف بشرعية الرئيس “عبد ربه منصور هادي”، صاحب تفويض العمليات العسكرية وتواجد الإمارات في البلاد، في نفس الوقت تدعم الدولة، عائلة علي عبدالله صالح، الرئيس اليمني الراحل الذي قتله حلفاؤه الحوثيون في ديسمبر الماضي، وتسعى العائلة التي أزيحت من السلطة عام 2011، إلى العودة مجددًا، حيث تدعم القوات الإماراتية قوات “طارق صالح”، الذي رفض الاعتراف بالحكومة الشرعية مع قيادة حملة عسكرية دربتها ومولتها الدولة للانتقام لمقتل “عمه”.

أسبوع مشين

في نفس السياق، وثق آخر تقرير رصدٍ أسبوعي من مركز “إيماسك للدراسات والإعلام”، استمرار محمد بن زايد فيما أسماه “محو الثوابت الداخلية وتهديد الإمارات خارجيًّا”، وقال: “تمحى الثوابت، والأعراف والتقاليد، وحتى السياسة الداخلية الرزينة، التي تستمع للشعب وتناقش تطلعاته، لقد استهدفوا الأعراف والتقاليد، وعذبوا النساء باتهامات سياسية، طرق تعذيب تقشعر لها الأبدان ووضع مزرٍ في السجون الرسمية، أما الحروب الخارجية، فالمسؤولون باتوا يتحدثون بصراحة أنها ستدوم بلا نهاية، كما يحدث في اليمن، في وقت تخوض الدولة حروبًا خارجية في عدة دول أخرى”.

واستعرض التقرير حالة “أمينة العبدولي” التي كشف عنها المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بعد حصوله على تسجيل لأمينة أحمد سعيد العبدولي من السجن يوم السبت 19 مايو 2018، تتحدث فيه عن التعذيب في سجن الوثبة في أبوظبي، وتدعو “أمينة” منظمات حقوق الإنسان للتدخل من أجل وقف حالات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في سرية في سجن النساء.

وسلط التقرير الضوء على الموقف الإماراتي المهزوز بحسب وصف التقرير من القدس، قائلًا: “أما في القدس فيظهر موقف الدولة مهزوزًا، رغم التصريحات والإدانات الرسمية لوحشية الاحتلال الإسرائيلي أثناء مواجهة المقاومين الفلسطينيين، إلا أن الموقف من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس عاصمة فلسطين ظهر مواربًا دون إدانة، إلا إدانة تعود إلى 2017 عندما أعلن عنها، حيث يظهر التطبيع بشكل كبير في الاقتصاد والأمن وحتى في الرياضة، فعقب نقل السفارة قال مسؤول إسرائيلي إنه سيزور الإمارات بناءً على طلب من الحكومة، ونتيجة لذلك أطلق ناشطون مقدسيون وسمًا على تويتر “لا نشعر بالجوع”، رفضًا لوجبات رمضانية تقدمها الإمارات”.

ورصد التقرير آخر تطورات ما كشفته التحقيقات من تدخل إماراتي وسعودي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 لصالح دونالد ترامب، مشيرة إلى رهان هاتين الدولتين على “ترامب” في اتباع سياسة خارجية جديدة مختلفة عن سياسة باراك أوباما، التي لم تكن مرضية لأبوظبي والرياض، ولا تخدم مصالحهما، لاسيما فيما يتعلق بالملف الإيراني وغيره من ملفات منطقة الشرق الأوسط.

ولفت التقرير الانتباه إلى أن فضيحة الإمارات في جزيرة سقطرى اليمنية أثارت مخاوف بشأن انتهاك أبوظبي للمواثيق الدولية، ويقدم إشارات مقلقة بشأن سيادة الدول في الشرق الأوسط، كما نقل التقرير عن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، اتهامها للنظام الإماراتي باستخدام منظمة الشرطة الدولية “الإنتربول” لتحقيق أهداف خاصة، مستغلة بذلك الدعم الذي تقدمه للمنظمة، موضحة أن “الإنتربول” وسم بعض المطلوبين بـ”شارة حمراء” بناء على طلب من الإمارات ومصر، دون انطباق المعايير عليهم.