كتب- باسم الشجاعي:

مع الذكرى السنوية الأولى للحصار الذي تقوده السعودية والإمارات ضد قطر، تُبدي الدوحة بشكل متزايد قدرتها على تجاوز مفاعيل الحصار إلى مستوى جديد.

وتبنت قطر لتتجاوز أزمة الحصار خلال العام الماضي مجموعة من السياسات السلمية، من خلال الاستثمار في تطوير بُنَى إنتاجية وتحتية واستثمارية صلبة، آتت أكلها.

ولكن مع  استمرار أمد الأزمة والتي تدخل عامها الثاني وعدم ظهور ملامح حل في الأفق تنبئ بانتهائها في وقت قصير، هل سيدفع الأمر بقطر لاتخاذ قرارات “حادة” ضد “الرباعي العربي”؟

ومع صعوبة التنبؤ حاليًا بنهاية هذه الأزمة، إن كانت إلى تصعيد أو تصدع في حلف الحصار مع تلاشي أثره وفقدانه فاعليته.

ويبدو أنّ السيناريو الأول- وهو جمود الأوضاع على ما هي عليه- هو الأقرب خلال المستقبل القريب المنظور ما لم تحدث مفاجآت “غير متوقعة”، وعلى رأسها التدخل العسكري.

هل نحن على أعتاب عملية عسكرية قريبًا؟

يعد أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تدخلها دولة قطر ضد رباعي الحصار، هو قطع الإمدادات البترولية عن دول الخليج العربي، وعلى رأسها دولة الإمارات التي تدفع المنطقة نحو “أزمة كبرى”، عبر محاولة “استفزاز” الدوحة لجرِّ المنطقة إلى تصعيد عسكري.

فتعطيل الدوحة لإمدادات الغاز الطبيعي المسال لدول الحصار العربي سيكون له تأثير “سلبي” على الأسعار وتأمين احتياجات الطاقة في بعض البلدان، وذلك بحسب ما أكدت وكالةبلومبيرجالاقتصادية الأمريكية الشهيرة.

“بلومبيرج”، أكدت أنه في حال استمر الصراع في التصاعد، فإنَّ السلاح الخطير في يد قطر هو قطع صادرات الغاز الطبيعي إلى الإمارات من خلال خط أنابيب دولفين.

ومشروع دولفين للغاز هو مشروع غاز طبيعي مشترك لدول قطر والإمارات وعُمان.

ويعدّ المشروع هو الأول لنقل الغاز الطبيعي المكرر عابر لحدود الدول الخليج، وأكبر شراكة مرتبطة بالطاقة تم تنفيذها في المنطقة، ويؤمن أكثر من ثلث احتياجات الإمارات من الغاز.

الوكالة الأجنبية، لفتت في تقرير لها صدر في وقت سابق، إلى أن دبي استوردت من الدوحة 1.25 مليون طن من الغاز الطبيعي في عام 2016، ما يعادل 40% من إجمالي وارداتها من الغاز الطبيعي، التي بلغت 3.12 ملايين طن، وبالتالي ستتأثر الإمارات سلبًا في حال توقف إمدادات الغاز القطري إليها”.

قطر تستعد

وفي حالة لجأت قطر لهذا السيناريو، من المؤكد أن الأمور ستزداد تعقيدًا، خاصة مع حديث بعض التقارير الإعلامية عن تحركات “مريبة” عسكرية لدى دول الحصار، وهو ما دفع الدوحة لترتيب أولوياتها العسكرية، مما أزعج دول الحصار.

فخلال الأيام الأخيرة، كشف المغرد السعودي الشهير “مجتهد” عن رصد “تحركات عسكرية سعودية مفاجئة وغريبة باتجاه قطر”.

وقال –في تغريدة لهالاثنين” 4 يونيو، والتي تزامنت مع الذكرى الأولى لحصار قطر- إنّ “هناك محاولات اختراق بحري وجوي وحشد بري”.

وبيّن أن “التحرك غريب؛ لأنهم يدركون عجزهم العسكري عن عمل شيء، ويعرفون مخاطر ومضاعفات هذا التحرك”.

وانتهى “مجتهد” إلى سؤال لم يُجب عنه؛ حيث قال: “هل هو (التحرك العسكري) لمجرد التخويف؟”.

وعلى ما يبدو أنّ الدوحة لن تدخر جهدًا في الدفاع عن نفسها واستعدادًا لأي سيناريو تصعيد محتمل؛ حيث قال  “خالد بن محمد العطية، وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري: إنّ بلادنا تطمح بأن تكون عضوًا كاملًا في حلف شمال الأطلسي “ناتو”.

“العطية” أكد أن قطر أصبحت من أهم دول المنطقة في نوعية التسليح، وباتت تطمح لعضوية كاملة في حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

وقال: إن “قطر لديها تعاون فعلي وحقيقي مع الناتو يتطور يومًا بعد يوم، وهذا التعاون قد يفضي إلى استضافة قطر لإحدى وحدات الناتو أو أحد مراكزه المتخصصة”.

كما أعلن عن إنشاء منظومة جوية لحماية المجال الجوي القطري مع بريطانيا، ستبدأ خدمتها الفعلية بداية من عام 2021.

المسؤول القطري أوضح أنّ هذا أول سِرْب يتم إنشاؤه في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945.

“العطية” أضاف أن دولة قطر والمملكة المتحدة تنشئان هذا السرب المكوَّن من طائرات (التايفون) ليقوم بمهام واجب الدفاع عن الدولتين، وجميع المهام الدفاعية.

كما يأتي هذا القرار القطري، بعد أيام مما نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية، بشأن رسالة من العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، التي أخبره فيها بأن الرياض قد تتخذ إجراء عسكريًا ضد قطر إذا حصلت على صواريخ “أس 400” الدفاعية من روسيا.

هل الخيار العسكري مطروح؟

فعلى ما يبدو أن الخيار العسكري مطروح، ولكن لا يعلم أحد كيف سيكون، ولعل ذلك يعيد للأذهان تصريح أمير الكويت الشيخ “صباح الأحمد الجابر الصباح”، الذي أثار الجدل في وقتها– سبتمبر من العام 2017- عن “وقف عمل عسكري”، في ظل الأزمة الجارية بين قطر من جهة والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى.

ولكن لا تستخدم القوة العسكرية في العلاقات الدولية بشكل شرعي إلَّا في حالتين فقط؛ الأولى في حالة الدفاع عن النفس، وهي ليست حالة دول الحصار مع قطر، والثانية في حالة الترتيبات المنصوصة عليها في ظل الأمن الجماعي، حين يصرح مجلس الأمن باستخدام القوة ضد دولة معتدية أو انتهكت السلم والأمن الدوليين.

وبالتالي فإنَّ أي استخدام للقوة في حالة الأزمة القطرية، هو استخدام غير شرعي ويحرمه القانون الدولي تحريمًا قاطعًا.

كما تحظى قطر بعلاقات دولية وثيقة مع دول مهمة، وخاصة علاقات الدوحة مع الناتو، وهو ما فسر طلب دول الحصار من قطر إنهاء التعاون العسكري مع الناتو، شرطًا من بين 13 أخرى لحل الأزمة.

وما زالت قطر دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي، ولم يجر تجميدها أو انسحابها من المجلس، ويعد مستبعدًا أن تشن دول في المجلس حملة عسكرية ضد بعضها.