العدسة – معتز أشرف
في ظل البحث عن حلول سياسية تقر السلام في اليمن، مازال شعب الحجاز يبحث عن جنوده في دفاتر جيش آل سعود على خلفية المواجهة مع الحوثيين في الحد الجنوبي.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لازال رغم التذمر بين جنوده، متجمدًا في موقعه لا يعرف الإجابة عن السؤال الأبرز وسط الجنود، وهو: “كم جنديًّا مقتولًا بيد الحوثيين يريد الأمير؟!”، خاصة مع وصول الأعداد إلى 103 قتيلًا في شهر مايو فقط.
نرصد الأزمة ومؤشراتها المستقبلية.
دماء مهدرة!
وبحسب تقرير موثق بالأسماء والصور، بلغ عدد الذين سقطوا من الجيش السعودي، خلال مشاركتهم في حرب اليمن في شهر مايو المنصرم 55، فيما بلغ عدد الجرحى خلال الفترة ذاتها 53 جريحًا بناء على ما تم رصده من وسائل الإعلام السعودي، ليبلغ إجمالي إحصائية شهور مارس وأبريل ومايو 210 قتلى و116 جريحًا.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية “واس”، فإن عدد الذين سقطوا بهذه الاشتباكات بلغ 42، نشرت أسماؤهم وصورهم، وبإضافة التغريدات وأخبار المواقع السعودية المختلفة، فإن إحصائية الذين سقطوا والجرحى – بحسب موقع راصد الخليج- بلغت 22 جريحًا خلال شهر مايو المنصرم.
وفي المقابل، نقل موقع “المسيرة نت”، التابع للحوثيين، تصريحًا عن مصدر عسكري لما يسمونه الجيش واللجان الشعبية، أكد فيه “أن الأعداد الحقيقية للقتلى والجرحى من الجيش السعودي تفوق ما يجري الإعلان عنه في الإعلام السعودي؛ كون النظام السعودي درج على إخفاء خسائره على مدى السنوات من عدوانه على اليمن”.
وكشفت وسائل إعلام الحوثيين في وقت سابق أن خسائر الجيش السعودي خلال شهر أبريل الفائت بلغت 82؛ الذين سقطوا و41 جريحًا في إحصائية سابقة تم رصدها من وسائل الإعلام السعودية، فيما لم تعلن وكالة الأنباء السعودية الرسمية سوى عن 53 قتيلًا فقط، وفي شهر مارس الماضي بلغت خسائر الجيش السعودي 55 سقطوا و53 جريحًا، بناء على رصد لوسائل الإعلام السعودية، نشره “المسيرة نت” المقرب من الحوثيين، ليبلغ إجمالي إحصائية شهور مارس وأبريل ومايو معًا 210 سقطوا و116 جريحًا.
توثيق للتذمر
السعودية تتكتم على أعداد القتلى بشكل كبير ومتواصل وسط تذمر لجنودها، وبحسب مراقبين يمنيين، وصل إجمالي قتلى المملكة بتلك الجبهة، منذ الحرب الجارية باليمن، إلى ما لا يقل عن ثلاثة آلاف قتيل، وسط تذمر كبير في صفوف الجنود السعوديين المرابطيين في تلك الجبهة من سوء أوضاعهم المعيشية، وفي ظل عجز المملكة عن تأمين حدودها مع الحوثيين، وفي ظل استمرار الاستنزاف العسكري الكبير في تلك الجبهة، رغم حجم الإنفاق المالي الكبير من المليارات التي تتكبدها المملكة في شراء الأسلحة والذخائر وغيرها، خاصة مع زيارة العاهل السعودي للجبهة منذ إطلاق بلاده عاصفة الحزم باليمن عام 2015.
وفي إحصائية لوكالة الأناضول في أغسطس 2017، اخترقت بها حاجز التعتيم، قالت إن حصيلة ضحايا الجيش السعودي في المعارك الدائرة على حدودها الجنوبية مع اليمن، ارتفعت إلى 50 قتيلًا، خلال نحو 3 أشهر، و94 جنديًّا منذ العاشر من مايو 2017 حتى أغسطس من العام ذاته، وفق إحصائية أخرى منهم، بحسب وكالة “واس” السعودية الرسمية، الجندي سعيد عبدالله الشهراني، من منسوبي القوات البرية
وفي أول أبريل من العام الجاري، قتل خمسة جنود سعوديين في اشتباكات مع الحوثيين في الحد الجنوبي، ليرتفع بذلك عدد القتلى من الجيش السعودي في اليومين الماضيين وقتها إلى 12، بالتزامن مع بث الإعلام الحربي التابع للحوثيين صورًا لما قال إنه كمين مُحكم استهدف دورية عسكرية سعودية محملة بالجنود في جازان، وأضاف أنه أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم.
وفي السياق ذاته، نشر المغرّد السعودي مجتهد تفاصيل عن خسائر قوات العدوان السعودي في اليمن، فأكد على صفحته على “تويتر”: “عدد القتلى السعوديين عند الحدود ٤ أضعاف الرقم المعلن، والمحزن أن الحوثي تمكن من نشر أسمائهم ورتبهم، بينما لا يعرف (المتحدث باسم قوات العدوان على اليمن، العميد أحمد عسيري) عدد القتلى الحوثيين”، بموازاة ذلك، أطلق عدد من الناشطين الموالين لآل سعود تغريدات تنتقد القيادة العسكرية للعدوان في اليمن، وتهاجم في الوقت نفسه قناة “الجزيرة” على خلفية عدم وصف قتلى الجيش السعودي بالشهداء.
وكشف “مجتهد”، بعد عام من الحرب، أن خسائر القوات المسلحة السعودية في حرب اليمن، خلال عام ونصف، بلغت 3500 قتيل، 6500 جريح، و430 مفقودًا، فضلًا عن تدمير وإعطاب 1200 دبابة ومدرعة، و4 طائرات أباتشي، وطائرة F16، وتدمير 3 زوارق بحرية وإصابة 2 آخرين.
تكاليف باهظة
وطبقًا لموقع “دويتشه فيله”، فقد نشر دراسة تحليلية، بمناسبة مرور عامين على الحرب في اليمن، حملت عنوان “آثار الحرب على اليمن في اقتصاد السعودية”، اعتبرت فيها صحف أمريكية بارزة أن “اليمن فيتنام السعوديّة”، حتى إن صحيفة “واشنطن بوست”، أكدت أن الحوثيين تمكنوا من تحقيق إنجازات وانتصارات ميدانية غير متوقعة في معاركها الدائرة مع القوات السعودية في العمق السعودي.
وذكرت الصحيفة أن الحكومة السعودية، تتعمد إخفاء كل تلك الحقائق؛ خوفًا من السخط الشعبي الذي سيواجهه وزير دفاعها “بن سلمان”، مؤكدة أنه على الرغم من أن السعوديين يفترضون أن الوقت في صالحهم، إلا أنه مع إطالة مدة الحرب فقد تتصاعد حالة التذمر بسبب ارتفاع تكلفتها في ظل ظروف صعبة نسبيًّا.
ووفق تقديراتٍ أوليةٍ بناها معدّو الدراسة على تكاليف حروب أخرى مشابهة، أوضحوا أن التكلفة وصلت بحلول منتصف أبريل 2015، أي بعد عشرين يومًا فقط من بدء الحرب، نحو 30 مليار دولار، وهي تكاليف تشغيل 175 طائرة مقاتلة، وتكلفة وضع 150 ألف جندي سعودي قيد التعبئة العسكرية فقط، ناهيك عن النفقات الأخرى، والتي تقدر بالمليارات.
محمد بن سلمان يتحمل مسؤولية هذه التكاليف الباهظة، بحسب كثير من المراقبين، وهو ما عبر عنه الكاتب البريطاني الشهير «ديفيد هيرست»، مؤكدًا أن أول مغامرة عسكرية يطلقها الأمير السعودي «محمد بن سلمان» البالغ من العمر اثنين وثلاثين عامًا، بوصفه وزيرًا للدفاع، آلت إلى فشل ذريع من الناحية التكتيكية والإستراتيجية، وأضاف في مقال نشره موقع «ميدل إيست آي» البريطاني مؤخرًا أن الأمير السعودي الشاب، الذي يشاد به في الدوائر الغربية على أنه سيكون رأس الحربة في الحملة ضد إيران، لم ينجح إلا في توحيد اليمنيين ضده، وهو إنجاز نادر في عالم شديد الاستقطاب.
وفي أقوي تأكيد على ما يقوله المراقبون عن فشل “محمد بن سلمان “، ما كشفه رئيس هيئة أركان الجيش السعودي المُقال الفريق أول ركن عبد الرحمن بن صالح البنيان، بعد أسبوع من إقالته، عن الطريقة التي أدار بها ولي العهد السعودي الحرب على اليمن، واصفًا قرار محمد بن سلمان بالمتسرع، وأن الحرب تمت بطريقة عشوائية.
وكشف رئيس هيئة الأركان المقال في تصريح له لمجلة “دير شبيجل” الألمانية، عن تفاصيل الحرب التي أعلنتها السعودية ودول التحالف على اليمن بإشارته إلى أن “بن سلمان” لم يحسب كيف سيكون وضع الجيش السعودي حين اتخذ قرار الحرب، ونفذ قصفًا على اليمن بأكملها، ولم يأخذ بالنصائح بضرورة التركيز على الحدود اليمنية السعودية.
وأكد الجنرال السعودي المقال، أن الحرب التي شنتها بلاده على اليمن قد فشل فيها الجيش السعودي، ولولا قوات باكستانية و سودانية إلى جانب قوة مصرية لم يتم الإعلان عنها لكانت هزيمة الجيش السعودي في اليمن كبيرة، وطالب “البنيان” بإيقاف الحرب التي انهكت الجيش السعودي وقتلت وجرحت من ضباطه وجنوده الآلاف على يد قوات صنعاء المتوغلة في الأراضي السعودية.
اضف تعليقا