العدسة _ جلال إدريس
مع مرور عام على حصار قطر الذي فرضته دول الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) تتزايد التساؤلات حول تأثير هذا الحصار على “الدوحة” على كافة المستويات، (السياسية والعسكرية والاقتصادية).
والمتابع للشأن القطري يدرك ببساطة أن النفوذ السياسي لقطر ازداد وتوسع بعد فرض الحصار عليها، بينما أصبح وضعها الاقتصادي أقوى من قبل الحصار، ليبقى الوضع العسكري هو الأهم في تلك المعركة.
والحقيقة أن قطر توسعت في دعم نفسها عسكريًا بصورة غير مسبوقة خلال عام الحصار الأول، لترد من ناحية على المزاعم التي تدعي أنها معزولة سياسيًا، ومن ناحية أخرى لتؤمن نفسها من أي محاولات تفكير بغزوها عسكريًا من قبل دول الحصار.
ووفقًا لتقارير عربية فإنَّ قطر وقعت على مدار 12 شهرًا فقط أكثر من 33 اتفاقيّة عسكرية مع الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وتركيا، بقيمة كلية تجاوزت 25 مليارًا و800 مليون دولار أمريكي، “العدسة” ومن خلال التقرير التالي ترصد أبرز تلك الصفقات العسكرية، التي أبرمتها قطر مع دول العالم خلال عام الحصار الأول:
“تفعيل القاعدة التركية”
كانت “تركيا” هي القبلة الأولى للقطريين في الردّ على الحصار العربي، وذلك بالرغم من أنَّ إغلاق القاعدة التركية المُقرر إنشاؤها على الأراضي القطرية كانت أولى مطالب دول الحصار من قطر.
وفي يونيو الماضي، دخلت اتفاقية التعاون العسكري التي وقعتها قطر وتركيا حيّز التنفيذ بعد مصادقة البرلمان التركي عليها واعتمادها من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وسط أزمة سياسية خليجية تسعى لعزل ومحاصرة قطر، وتمثل الاتفاقية المتعلقة بإقامة قاعدة عسكرية ونشر قوات تركية في قطر تتويجًا لمسار من التعاون بين البلدين في مجالات عدة، من بينها المجال العسكري، حيث وقعا اتفاقية للتعاون في مجال الصناعات الدفاعية عام 2007.
وجرى بموجب هذا الاتفاق فتح قاعدة عسكرية تركية في قطر، والقيام بتدريبات عسكرية مشتركة، كما نصَّ الاتفاق على إمكانية نشر قوات تركية على الأراضي القطرية.
وفي 18 يونيو 2017، أعلنت وزارة الدفاع القطرية، وصول أولى طلائع القوات التركية إلى الدوحة، عقب الأزمة الخليجية، وقد أجرت هذه القوات أولى تدريباتها العسكرية في كتيبة طارق بن زياد بالعاصمة الدوحة.
ووصلت أول دفعة من القوات البرية التركية من فيلق طارق بن زياد إلى الدوحة في أكتوبر عام 2015، تتألف من 130 جنديًا وعدد من المدرعات العسكرية، ولاحقًا انخفض عدد الجنود إلى 94 جنديًا، ثم ارتفع بعد ذلك إلى مائتي جندي ومستشار عسكري.
ويتوقع أن يصل عدد القوات التركية في هذه القاعدة إلى خمسة آلاف جندي في إطار هذه الاتفاقية.
صفقة الطائرات الأمريكية
بعد أيام قليلة من الحصار العربي المفروض على الدوحة، وقعت الدوحة وواشنطن اتفاقًا بشأن مكافحة الإرهاب وتمويله، في يوليو الماضي، والذي يقتضي بتحديد الخطوط العريضة للجهود المستقبلية التي يمكن لقطر القيام بها من أجل تعزيز كفاحها ضد الإرهاب، والتصدي بنشاط لقضايا تمويله.
وأعلنت الدوحة، في 14 من يونيو الماضي، أي بعد تفاقم أزمتها بأقل من عشرة أيام، توقيعها على عرض شراء طائرات إف- 15 بقيمة 12 مليار دولار، من الولايات المتحدة الأمريكية، في خطوة اعتبرتها قطر تأكيدًا على دعم واشنطن العميق لها.
وبحسب وكالة سبوتنيك الروسية، فإنَّ واشنطن كانت قد وافقت في نوفمبر الماضي على صفقة محتملة لبيع ما يصل إلى 72 طائرة أف- 15 كيو إيه إلى قطر مقابل 21.1 مليار دولار.
كما وقعت وزارة الدفاع القطرية، في أبريل الماضي اتفاقية شراء منظومة دفاع جوي من شركة “Raytheon” الأمريكية في إطار صفقة تبلغ قيمتها 2.5 مليار دولار.
اتفاقية السفن الإيطالية
وفي أحداث صفقاتها العسكرية، وقعت قطر صفقة لشراء سبع قطع بحرية من إيطاليا بقيمة خمسة مليارات يورو، في إطار اتفاق تعاون عسكري بين البلدين، بحسب ما أعلنه وزير الخارجية القطري.
وأعلن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن الصفقة خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإيطالي أنجلينو ألفانو في الدوحة بعد محادثات بشأن مساعي إنهاء النزاع بين قطر والدول العربية الأربع المقاطعة لها.
وقال الشيخ محمد، إنه سعيد بإعلان إتمام الصفقة بين القوات البحرية الأميرية القطرية وإيطاليا.
وذكر أن قيمة الصفقة تقدَّر بنحو خمسة مليارات يورو، لكنه لم يذكر مزيدًا من التفاصيل، أو يكشف عن أسماء الشركات المشاركة في الصفقة.
طائرات “تايفون” البريطانية
العلاقات العسكرية بين قطر وبريطانيا شهدت تطورًا خلال العام الأول لحصار قطر، وتوجت تلك العلاقات بعد صفقات مشتركة بين البلدين كان أبرزها صفقة الطائرات المقاتلة من نوع “تايفون”.
ووقعت قطر مع بريطانيا في ديسمبر الماضي عقدًا لشراء 24 طائرة من طراز تايفون في صفقة تقدر قيمتها بنحو 6 مليار جنيه إسترليني، حسبما أعلنت الحكومة البريطانية عبر موقعها الإلكتروني.
وقال بيان الحكومة: إنّ ”وزير الدفاع جافين ويليامسون ونظيره القطري خالد بن محمد العطية أشرفا على توقيع صفقة لـ24 طائرة من طراز تايفون، بناءً على خطاب نوايا جرى توقيعه في سبتمبر الماضي”.
كما شهد اجتماع “العطية ويليامسون” التوقيع على اتفاقية إنشاء السرب العملياتي المشترك، والذي يشمل سرب العمليات المشتركة والتدريب ومنظومة الحرب الإلكترونية.
صفقة أسلحة فرنسية
وفي ديسمبر الماضي أيضًا أعلنت قطر توقيع صفقات أسلحة وإنجاز مشاريع بنى تحتية بقيمة 14 مليار دولار مع شركات فرنسية، على هامش زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للدوحة.
وستشتري قطر، بموجب هذه الصفقات، 12 طائرة حربية من نوع رافال، ونحو 500 عربة عسكرية، و50 طائرة إيرباص لنقل المسافرين. وستتولى مجموعة شركات فرنسية إنجاز شبكة قطار الأنفاق في العاصمة الدوحة بقيمة 3،5 مليارات دولار.
وتشرف الشركات الفرنسية على تشغيل وصيانة شبكة الأنفاق التي يتم إنجازها في إطار التحضير لتنظيم نهائيات كأس العالم 2022.
وعبرت قطر أيضًا عن رغبتها في طلب 490 عربة عسكرية من طراز في بي سي آي، التي تصنعها شركة نكستر الفرنسية الحكومية، وقيمتها، حسب قصر الإليزيه، نحو 1،5 مليار دولار.
دبابات ألمانية
كما أبرمت قطر صفقة أسلحة مع ألمانيا لشراء 62 دبابة متطورة من نوع «ليوبارد- 2»، أهم الدبابات الهجومية الألمانية، و24 عربة «بي زيد اتش 2000» من شركة كراوس مافاي فيغمان الألمانية، وبلغت قيمة الصفقة ملياري يورو.
وبعد أيام من قطع الدول الأربع العلاقات مع قطر، كشف وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابرييل، عن اتفاق جديد توصل إليه مع الدوحة أثناء زيارته الأخيرة إلى المنطقة.
وكشف الوزير غابرييل عن الاتفاق مع الدوحة لفتح جميع ملفاتها الأمنية المتعلقة بتمويل الإرهاب أمام الاستخبارات الألمانية، مبديًا ولو بطريقة غير مباشرة استعداد الدوحة لتقديم معلومات بشأن أشخاص أو جماعات يشتبه بتورطها بالإرهاب.
وأخيرًا.. منظومة الدفاعات الروسية
ونجحت الدوحة مؤخرًا في شراء منظومة الصواريخ الروسية الموجهة أس-400، وهي الصفقة التي اعترضت عليها السعودية وبشدة وأبلغت اعتراضها لـ”موسكو” من أجل إقناعها على سحب الصفقة.
وعلق مدير مركز تحليل التجارة العالمية للسلاح، إيغور كوروتشينكو، على شراء قطر لتلك المنظومة الدفاعية الهامة قائلا: “قد تكون مهتمة في شراء منظومة الصواريخ “إس-400″ لأن شراءها أصبح في الآونة الأخيرة مسألة هيبة وضمان الأمن لعدد من دول العالم ذات طموحات سياسية وعسكرية”.
ويذكر أنه، حتى الآن وقعت روسيا عقودًا على تصدير أنظمة “إس-400 تريومف” مع الصين [في مرحلة التنفيذ] وتركياـ حيث سبق للجانب التركي قد أعلن في وقت سابق أنه يخطط لاستلام الأنظمة حتى عام 2019 ـ فضلًا عن إبداء الاهتمام بإضفاء الطابع المحلي للإنتاج.
كما وقعت موسكو ونيودلهي مذكرة التقاهم حول شراء “إس-400” خلال قمة ثنائية في غوا في عام 2017، ومن المتوقع أن يتم التوقيع على اتفاقية ملزمة قانونيًا بهذا الشأن حتى نهاية هذا العام.
وسبق لمساعد الرئيس الروسي، فلاديمر كوجين، أن أعلن في وقت سابق أنه هناك 10 دول في العالم التي ترغب في شراء “أس-400”.
اضف تعليقا