إبراهيم سمعان
سلطت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية فى تقرير ميداني من القاهرة الضوءَ على تأثير هزيمة المنتخب المصري من نظيره الأوروجوياني فى بداية مشواره فى كأس العالم بهدف مفاجئ فى الدقائق الأخيرة من المباراة، مشيرة إلى أن الهزيمة زادت من أوجاع المصريين الذي يعيشون أوضاعًا معيشية صعبة.
وإلى نص التقرير
بعد لحظات من تسجيل منتخب أوروجواي، هدفًا خاطفًا فى الدقيقة 89 من الشوط الثاني خلال المباراة التي جمعته بنظيره المصري فى مونديال روسيا 2018، تحطمت آمال المصريين بالفوز بأول مباراة فى كأس العالم منذ عقود، وركّزت الكاميرات التليفزيونية على الوجه المُتَجَهّم للنجم المصري محمد صلاح أثناء جلوسه على مقاعد البدلاء.
ولكن وعلى بُعد 2000 ميل فى القاهرة، كان محمد صلاح آخر (محاسب)، قلّل من خسارة منتخب بلاده أمام أوروجواي، حيث قال إنه بعد سبع سنوات من الفوضى والأوقات الصعبة، المهم فى الأمر أنَّ مصر أخيرًا تلعب فى كأس العالم، وتتواجد على المسرح العالمي لكرة القدم.
وأضاف المحاسب صلاح ( 47 عامًا) الذي يحمل بالصدفة اسم نجم ليفربول، إنَّ الفرعون المصري المعروف بـ”مو صلاح” والذي احتفل بعيد ميلاده الـ 26 خلال المباراة “بالنسبة للمصريين الوصول إلى كأس العالم إشارة إلى أن الأمور تتحرك أخيرًا فى الاتجاه الصحيح”.
وقد استحوذت حمى “مو صلاح” على مصر وتحديدًا منذ أكتوبر الماضي، عندما سجّل مهاجم ليفربول هدفين، أحدهما من ركلة جزاء كانت سببًا فى تأهل المنتخب المصري لنهائيات كأس العالم فى روسيا لأول مرة منذ عام 1990، وشعر المصريون بالغبطة بعد التأهل لدرجة أن بعضهم على وسائل التواصل الاجتماعي شبَّهه بفرحة “انتفاضة 25 يناير” التي أطاحت بالرئيس المصري محمد حسني مبارك، لكن التجربة الديموقراطية القصيرة فى مصر لم تدم طويلًا، كما كان مخططًا لها.
ومنذ ذلك الحين، عانت مصر من كساد اقتصادي هائل وانقلاب عسكري “مدعوم شعبيًا”، وفي الآونة الأخيرة، ارتفعت تكلفة السلع الأساسية؛ مما أدَّى إلى وقوع الكثير من المواطنين فى براثن الفقر، فيما ألقت الحكومة بأعداد ضخمة من النشطاء والصحفيين فى السجون.
وفى وقت مبكر من يوم الجمعة، الذي صادف عيد ميلاد النجم المصري محمد صلاح، دارت تكهنات فى القاهرة حول تعافي صلاح من إصابة الكتف- التي ألمَّت به خلال دوي أبطال أوروبا- ومشاركته أمام أوروجواي.
أصحاب المقاهي فى القاهرة استعدوا للمباراة بوضع كراسي إضافية للزبائن وشاشات تليفزيونية عملاقة، وقصاصات وصور وبوسترات للنجم المصري..
“محمد فؤاد” صاحب نصبة قهوة فى شارع جانبي فى وسط المدينة، يتجول وهو مُتبرّم بسبب الظل غير الكافي لشجرة السنط على الـ20 صفًا من الكراسي التي استأجرها للزبائن المتوقع حضورهم لمتابعة منتخب مصر، الذي تقام مباراته فى اليوم الأول من عيد الفطر.
“مدين إبراهيم”، 45 عامًا، جاء للقهوة ومعه زوجته وثلاثة من أبنائه ولدان وبنت، ليشاهدوا منتخب بلادهم يلعب لأول مرة منذ 28 عامًا فى كأس العالم.
وقال مدين إبراهيم “كان لدي شهور بأننا يجب أن يكون كافة أفراد الأسرة حاضرين من أجل هذا الحدث”، وأضاف الأب المصري، الذي قارن شعوره بالكرامة الوطنية بالمنتخب، بما سوف يشعر بابنه المكافح قائلًا “أنت فقط تريد أن تراه يفعل كل ما هو أفضل” .
وفى تمام الساعة الثانية بعد الظهر، تحوَّلت الضوضاء التقليدية المنبعثة من ميدان “طلعت حرب” إلى حالة من الصمت الغريب، ولم يتواجد فى شوارع وسط المدينة سوى القطط الضالة المتواجدة تحت السيارات المتوفقة .
وفى المقابل، وعلى قهوة بأحد أزقة وسط القاهرة، كان الوضع مختلفًا؛ حيث تواجدت حشود كبيرة من الناس، أمام القهوة التي اكتظت بالكراسي البلاستيكية لمشاهدة المباراة فى المدخل جدارية عملاقة لمحمد صلاح رسمت مؤخرًا بجوار أيقونات وطنية أخرى مثل ام كلثوم ونجيب محفوظ، وطالب أحد القائمين عليها المراسلين الأجانب بدفع 17 دولار على الأقل للحصول على إذن بالتقاط صور.
تشكيلة المباراة أظهرت عدم وجود صلاح فى قائمة اللاعبين الأساسيين وهو الأمر الذي قلّل من حماس المشجعين.
على مقهى ماكسيم فى حي المنيرة، الذي كان سكانه من الطبقة المتوسطة قبل بضع سنوات، قبل أن تبدأ علامات الفقر والإهمال تنتشر بسرعة، كانت الأمور أكثر قتامة.
ومع ذلك شعر المكان بالاحتفالية وتواجد عدد من السيدات خارج المقهى لمتابعة المباراة رغم أنَّ المقاهي فى الظروف العادية يقتصر روَّادها على الرجال فقط.
لكن بعدما أحرز خوسيه ماريا خيمينيز هدف منتخب أوروجواي المباغِت فى مرمي الحارس المصري المتألق محمد الشناوي، خيّم الصمت على الجميع، وبعد دقائق انفض الجميع بينما دخلت إحدى الفتيات فى نوبة من البكاء.
حسن إبراهيم (55 عامًا) يدير ورشة للتجهيزات المنزلية يرى أنَّ الأمل لصعود منتخب مصر إلى الدور الثاني فى المونديال لايزال قائمًا، حيث يتبقى لدى مصر مباراتان فى مجموعتها أمام روسيا والسعودية.
وقال حسن ابراهيم “من قبل لم يكن لدينا لاعب مثل محمد صلاح، والله جعل ذلك ممكنًا الآن، لذك ربما يجعل من الممكن بالنسبة لنا الفوز فى المباراتين القادمتين.
اضف تعليقا