العدسة – معتز أشرف:

أجابت زيارتا رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وجاريد كوشنر، كبير مستشاري البيت الأبيض على التوالي للعاهل الأردني على أسئلة المراقبين الحائرة بعد مؤتمر مكة الذي صنّف بأنه يتضمن محاولات عديدة لشراء الأردن تتبناها السعودية والإمارات.

“صفقة القرن” كانت الإجابة الأبرز في الزيارتيين، ولكن مازالت عن أسئلة حائرة نحاول الإجابة عنها في هذا التقرير.

زيارة مشبوهة!

في زيارتين متتالتين في أقل من 24 ساعة، باتت العاصمة الأردنية “عمان” محط أنظار الصهاينة والأمريكان، حيث أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان الثلاثاء أنه اجتمع يوم الاثنين مع عاهل الأردن الملك عبد الله في عمان دون نشر صور الاجتماع لبحث سبل إحراز تقدم على صعيد السلام الإقليمي، ودفع عملية السلام والعلاقات الثنائية“، وزعم نتنياهو بحسب البيان التزام إسرائيل بالحفاظ على الوضع الراهن في المواقع المقدسة بالقدس.

وجاءت الزيارة قبل وصول جاريد كوشنر، كبير مستشاري البيت الأبيض وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى الأردن حيث اجتمع الثلاثاء مع العاهل الأردني الملك عبد الله وبحثا الوضع الإنساني في غزة ومساعي إدارة ترامب لإحلال السلام بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية طبقًا للمخطط الذي أُطلق عليه اسم “صفقة القرن” وذلك بمشاركة المبعوث الخاص للمفاوضات الدولية جيسون جرينبلات.

الملك الأردني من جانبه ووفق المعلن أكد ضرورة التوصل إلى السلام العادل والشامل في المنطقة الذي يمكن الشعب الفلسطيني من تحقيق تطلعاته المشروعة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

في المقابل جاء اللقاءان بالتزامن مع بيان، نسف مزاعمهما، من المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد حسين للتحرك العاجل لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك مما يتهدده من اعتداءات وممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي الخطيرة جدًا بحقه.

ودان الشيخ حسين، في بيان صدر عن دار الافتاء الثلاثاء، اقتحام قيادة شرطة الاحتلال في القدس المسجد الأقصى، والسماح للمستوطنين بتدنيسه، وإجراء عقود الزواج في باحاته تحت حمايتها، في الوقت الذي تمنع فيه المصلين المسلمين من أداء شعائرهم الدينية فيه، وتفرض إجراءات مشددة عليهم، مؤكدًا أن هذه الغطرسة والعنجهية التي تتبعها سلطات الاحتلال تتزامن مع الدعم غير المحدود من الإدارة الأمريكية للاحتلال، مشيرًا بهذا الخصوص إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ومنع إدانة سلطات الاحتلال عبر مجلس الأمن الدولي.

 

وبحسب الصحافة الصهيونية، اعتبر لقاء نتنياهو، مع العاهل الأردني، طيّ صفحة الخلاف الذي نشب بين الطرفين، وقطيعةٍ استمرّت أربعة أعوام، لكن اللقاء السري أعاد إلى الأذهان الاجتماع المشبوه الذي أقر به نتنياهو السنة الماضية بعقد لقاءٍ سريٍّ مع العاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بمبادرةٍ خاصّةٍ منه لدفع عملية السلام مع الفلسطينيين، في العقبة بالأردن مارس الماضي من العام 2016، وشملت المبادرة مقترحًا عربيًا نقله كيري لنتنياهو، يقضي باعترافٍ عربيٍّ بيهودية دولة إسرائيل مقابل التفاوض مع الفلسطينيين على أساس حلّ الدولتين.

 مؤتمر مكة ونتنياهو!

غداة عقد السعودية، على نحو مفاجئ اجتماعًا رباعيًا يضم السعودية والإمارات والكويت إلى جانب الأردن، لبحث سبل دعم الأخير للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها، توقع مراقبون أن الهدف الحقيقي للسعودية على وجه الخصوص، هو استغلال الأزمة الاقتصادية التي تواجهها عمان للضغط عليها من أجل تقديم تنازلات سياسية تحديدًا فيما يتعلق بموقفها من صفقة القرن والوصاية الهاشمية على الأماكن الدينية في القدس، مع ما يترتب على ذلك من كلفة سياسية قد لا تناسب مصالح الأردن والقضية الفلسطينية خاصة مع رفض العاهل الأردني طلبًا سعوديًا في وقت سابق بعدم المشاركة في قمة اسطنبول لدعم القدس في ديسمبر الماضي.

توقعات المحلليين والمراقبين تحققت، وجاءت في سياق متسق مع أهداف الزيارتيين؛ فوفقًا للتحالف الخليجي الأمريكي الإسرائيلي يجب اللعب مع النظام الأردني لعبة “حافة الهاوية”، فإما أن تسير كما نريد وإلا فإننا “نوقعك” أو على الأقل لا نساعدك”، خاصة أن صفقة القرن مرتبطة بأمرين، وفق مراقبين: “الأولى في سحب سلاح المقاومة في غزة ودفع الغزيين باتجاه سيناء لتخفيف العبء الديمجرافي الذي يتحول إلى هاجس أمني لإسرائيل. والثانية ترحيل الفلسطينيين من الضفة إلى الأردن لترتاح إسرائيل جغرافيًا”.

البند الأساسي بالنسبة للجانب الأردني على طاولة البحث مع بنيامين نتنياهو هو الدور الأردني في رعاية أوقاف القدس، وبحسب تقارير عربية فإنّ الموضوع الأساسي الذي بحثه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مع نتنياهو هو وقف الإجراءات التي تتخذها وتقررها حكومته داخل الحرم القدسي وفي محيطه.

لكن المثير الغامض، ما قاله مبعوث الرئیس الأمريكي للشرق الأوسط، جیسون غرینبلات، حيث أكد أن لقاء الملك عبدالله الثاني ورئیس الوزراء الإسرائیلي بنیامین نتنیاھو ھام جدًا، وأضاف في تغریدة على موقع التواصل الاجتماعي تویتر، أن اللقاء الذي جرى في العاصمة عمان الاثنین، ھام جدًا للمنطقة بأسرھا.

صحيفة” إسرائيل اليوم“، ألقت بدورها مزيدًا من الغموض مؤكدة أن لقاء نتنياهو وملك الأردن “مؤشر على أن خطة السلام الأمريكية تدخل مرحلة حاسمة”.

 الدعم القطري!

رغم هذه الوتيرة المتسارعة بعد مؤتمر مكة في زيارتي نتنياهو وجاريد كوشنر، كبير مستشاري البيت الأبيض، إلى الأردن، تقف مبادرة الدوحة بحسب مراقبين حجرة عثرة أمام الضغط المالي على الأردن، على الرغم من تخفيض الحكومة الأردنية علاقاتها مع نظيرتها القطرية، وسحب سفيرها من الدوحة، والطلب من السفير القطري في عمّان المغادرة مع اشتعال الأزمة الخليجية، في يونيو العام الماضي حيث وجّه أمير قطر بتوفير 10 آلاف فرصة عمل في دولة قطر لشباب وشابات المملكة الأردنية، بالإضافة إلى استثمار 500 مليون دولار في مشاريع البنية التحتية والسياحة في الأردن، الأمر الذي من شأنه إنعاش الاقتصاد الأردني والمساهمة في تنميته بشكل مستدام.

وأكدت الخارجية القطرية أنها تدعم الأردن بـ”مشروعات ذات طبيعة مستدامة” من أجل خلق قاعدة يستند عليها الاقتصاد الأردني لفترة طويلة قادمة، وأبرزت تركيزها على دعم الشباب الأردني، الذي وصفته بـ”أمل المستقبل والقوة الدافعة للإنتاج”.

ولفتت الدوحة إلى أن دعمها للأردن يستند إلى العلاقات “الأخوية التاريخية الوطيدة” بين البلدين، وأشارت إلى أنها تدعم “ثبات وصمود” الأردن في القضية الفلسطينية انطلاقًا من واجبها القومي والإسلامي، في إشارة لا تخفى على أحد إلى قراءة الدوحة لبواعث الدعم السعودي الإماراتي المقنن بشروط، قال كثيرون: إنها ترتبط بصفقة القرن، وهو ما يرشح إلى صمود أردني قد يستمر فترة في ظل استنادها إلى دعم قطري على المستوى الاستراتيجي.