العدسة – جلال إدريس
أثارت تغطية وسائل الإعلام العربية، وخصوصًا (المصرية والإماراتية والسعودية) للانتخابات التركية، موجةً من السخرية والجدل عبر مواقع التواصل؛ بسبب الهجوم الغريب الذي شنَّته تلك الوسائل والشخصيات على الانتخابات التركية بصورة تدعو للسخرية والجدل.
وتسبَّب فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ 52 % من أصوات الناخبين، في حالة جنون، لعدد من الإعلاميين العرب الموالين لحكوماتهم خصوصًا في مصر والإمارات والسعودية، الأمر الذي انعكس على كتاباتهم وتصريحاتهم الإعلامية.
وتخلت أغلب وسائل الإعلام العربية المؤيدة للأنظمة عن مهنيتها خلال تغطية الانتخابات التركية، وتقمص دور الإعلام التركي المعارض، بل تخطّت مرحلة المعارضة إلى مرحلة التشكيك في مجريات العملية الانتخابية ككل بداية من التصويت ووصلًا لإعلان النتيجة، وهو الأمر الذي لا يفعله الأتراك المعارضون أنفسهم.
“العدسة” ومن خلال التقرير التالي، حاولت تسليط الضوء على أبرز التغطيات العربية للانتخابات التركية، وأبرز التصريحات المثيرة للجدل في هذا الشأن:
لغة هجوم مشتركة
الملحوظة الأولى والأكثر وضوحًا خلال التغطية العربية للانتخابات التركية، هو وجود سيناريو متشابه، يبدو وكأنه متفق عليه مسبقًا، تعمد فيه الإعلاميون العرب الهجوم على الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، وتشويه صورته، والتقليل من نجاحه الساحق في الانتخابات التركية.
ولمجرد إعلان فوزه بولاية رئاسية جديدة في تركيا، وصفته أغلب الفضائيات التابعة للأنظمة العربية بأنَّه «دكتاتور»، قبل أن يتهموه بتزوير نتائج الانتخابات لصالحه.
وعبر تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبرامج فضائية، وأخبار في المواقع والصحف، اختلف الكتّاب في هجومهم على الانتخابات، فتارة يصفها البعض بأنها انتخابات «شبه نزيهة»، وصفها آخرون بأنها شابَهَا عمليات تزوير.
ذعر وجنون أحمد موسى
الإعلامي المصري القريب من السلطة أحمد موسى، كان أكثر الإعلاميين جنونًا من نتيجة الانتخابات التركية، وحاول اللعب على وتر أن الانتخابات تم تزويرها، وأطلق هاشتاجًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أسماه (أردوغان زوّر الانتخابات) ودعا أنصاره للتفاعل عليه والمشاركة فيه، وهو ما لم يحدث بعد.
وزعم موسى أنَّ الرئيس التركي أردوغان نشر نتائج فوزه في الصحف والوكالات قبل عقد الانتخابات، مستعينًا بصورة لوكالة الأناضول، قال: إنها نتائج انتخابات أعدَّها أرودغان بنفسه بالاستعانة بوكالة الأناضول، متجاهلًا تفنيد وكالة الأناضول لتلك الادعاءات؛ حيث كانت الوكالة قد أوضحت لمشتركيها مسبقًا بأنها ستبث بثًا تجريبيًا عن الانتخابات، يستند لنتائج آخر اقتراع شهدته البلاد في انتخابات ماضية.
لم يكتفِ أحمد موسى بذلك، لكنه ادَّعى أن المرشح الخاسر في الانتخابات التركية “محرم إنجه” هو الرئيس الشرعي لتركيا، وهو من فاز بالانتخابات، قبل أن تزوّر لصالح أردوغان بحسب زعمه، وذلك برغم اعتراف “إنجه” بهزيمته وبفوز أردوغان.
وادَّعى «أحمد موسى»، أن الانتخابات التركية «غير شرعية»، وأن الإخوان المصريين الموجودين في تركيا، واللاجئين السوريين، صوّتوا لصالح «أردوغان».
الأهرام تهاجم أردوغان
أما صحيفة «لأهرام المصرية» فقد شككت في الانتخابات التركية التي جرت، الأحد، وأظهرت فوز الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» بولاية رئاسية جديدة، وحصد تحالفه البرلماني معظم المقاعد، وقالت الصحيفة: إن حالة من التضارب والتشكيك سيطرت على النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التى جرت في عموم تركيا أمس وشابتها اتهامات بالتزوير.
وأبرزت الصحيفة عناوين القتل والتهديد والتزوير، وشككت في نتائج الانتخابات التركية، وقالت إنّ عمليات تصويت جماعي ومخالفات وقعت خلال عمليات الاقتراع، وأبرزت تشكيكات قيادات المعارضة الخاسرين في نتائج الانتخابات.
أكاذيب إماراتية
الإعلام الإماراتي ظل طوال تغطيته للانتخابات التركية يردّد أكاذيب وادعاءات تتعلق بتزوير الانتخابات في تركيا، وحاول جاهدًا تشويه العرس الديموقراطي التركي بشتى السبل والوسائل.
وعلى نفس المنوال سار الإعلاميون والكتاب الإماراتيون؛ حيث قام الأكاديمي الإماراتي ومستشار ولي عهد أبوظبي «عبدالخالق عبدالله»، بشن هجوم على أردوغان، وادَّعى فيه بأنه تلاعب في الانتخابات.
وقال “عبدالله” في تغريدة له عبر تويتر،: إن «أردوغان» فاز «بأغلبية بسيطة في انتخابات شبه نزيهة»، قبل أن يصفه بـ«الحاكم السلطوي المصاب بفيروس الغرور»، وأضاف: «مبروك لتركيا 7 سنوات عجاف».
وعلى نهج “عبد الخالق عبد الله” سار ضاحي خلفان، قائد شرطة دبي السابق، حيث هاجم “خلفان” في عدة تغريدات على حسابه في تويتر: “فوز أردوغان” قائلًا: “في وطن يحكمه أردوغان لا يفوز إلا أردوغان”، وتابع: “فوز أردوغان في الانتخابات بمناسبة انهيار الليرة التركية”.
وأضاف في تغريدة أخرى: “توددوا لأورغان. يا أيها الإخوان فأنتم خرفان.. الله المستعان”.
المغرد الإماراتي «حمد المزروعي» سار على نفس النهج في تغريدتين عبر حسابه بـ”تويتر”، حين زعم أنَّ «التزوير شغال في تركيا»، وأنه تم «إجبار المساجين في تركيا للتصويت لصالح أردوغان»، بحسب زعمه.
الإعلام السعودي وادعاءات التزوير
الإعلام السعودي لم يختلف كثيرًا عن الإعلام المصري والإماراتي، بل واصل هو الآخر هجومه الشديد على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخصوصًا قناة العربية.
فيما اتهم إعلاميون سعوديون الرئيس “أردوغان” بالتزوير، متجاهلين الحضور المكثف في الانتخابات والإشادات الدولية، والمراقبة المحكمة لعملية التصويت من قبل مختلف المنظمات.
البداية كانت مع الإعلامي البريطاني الجنسية السعودي الأصل «أمجد طه»؛ حيث نشر مقطع فيديو لاحتفالات بفوز «أردوغان»، وعلق عليها بالقول: «متطرفو نظام تركيا يرفعون علم قطر بمناسبة فوز مصطنع لأردوغان فيما يسمى بالانتخابات التركية التي شابها تزوير وتحالفات مع أحزاب كرتونية».
بينما غرد الإعلامي السعودي «منصور الخميس»، بالقول: إن «أردوغان لا يستحق الفوز بعد أن حارب منافسيه وزج بهم في السجون».
وفي السياق نفسه قال الباحث السعودي «بدر العامر»: «الحزب الذي يسخر إمكانيات الدولة وإعلامها وكوادرها لتحقيق مكاسبه السياسية وإرهاب خصومه ومنافسيه حتمًا سيفوز، ولكنه فوز على حساب مخادعة الناس بشعارات الديمقراطية والاختيار والتنافسية».
كما هاجم الكاتب السعودي «يحيى التليدي» الرئيس التركي، وقال: «كيف لا يفوز أردوغان بعدما سجن كل منافسيه وكل الصحفيين الذين طالبوا برحيله وجلب اللاجئين للتصويت له».
ماذا فعلت الصحف السعودية؟
أما الصحف السعودية الرسمية فقد تناولت فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكل خجول رغم مُضِيّ ساعات على إعلان فوزه رسميًا من قبل اللجنة العليا للانتخابات بنسبة تجاوزت الـ52% من إجمالي الأصوات.
وبينما نشرت بعض الصحف خبرًا مختصًا عن الحدث، تجاهلت صحف أخرى ذلك من أساسه ولم تورد شيئًا عن الحدث في صفحاتها.
وحرصت الصحف السعودية التي تناولت الخبر على إبراز ما قالت إنه تشكيك المعارضة بالنتائج، رغم وجود إعلان رسمي بفوز الرئيس أردوغان وتلقّيه التهنئة من مختلف زعماء وملوك العالم.
صحيفة المدينة اكتفت بنشر خبر صغير بعنوان “أردوغان يعلن فوزه.. والمعارضة: ليس بعد”، فيما نشرت صحيفة الجزيرة خبرًا مختصرًا أيضًا تحت عنوان “الأتراك يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية وبرلمانية”، رغم مرور نحو 12 ساعة على إعلان النتائج التي أظهرت فوز أردوغان.
فيما توسعت في تغطية النتائج من خلال تقرير نشرته في صفحاتها الداخلية، ووصفت فوز الرئيس أردوغان بـ”الضعيف”، ونقلت عن مصادر في المعارضة قولها إن “أحداث تزوير واعتداءات دامية” وقعت خلال العملية الانتخابية.
ونقلت الصحيفة التي درجت خلال الفترة الأخيرة على مهاجمة تركيا ورئيسها، عن مراقبين لم تسمِّهم قولهم إنّ “فوز أردوغان سيضع البلاد في المجهول بعد توسع صلاحياته، الأمر الذي يجعل مستقبل الديمقراطية على كف عفريت”، حسب وصفهم.
الجزيرة حاولت التغطية بمهنية
أما الإعلامي القطري، والمتمثل في قناة “الجزيرة القطرية” فقد حاول نقل الانتخابات التركية بحيادية ومهنية، وإن كانت لم تستطع إخفاء انحيازها خلال التغطية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولحزب العدالة والتنمية.
وعملت قناة الجزيرة، على تخصيص قناة الجزيرة مباشر، في نقل وقائع الانتخابات على مدار اليوم، من خلال شبكة مراسلين تابعين للقناة، وكذلك استضافة محللين أتراك للحديث عن مجريات الانتخابات والنتائج المتوقعة لها.
كما واصلت الجزيرة في نقل احتفالات الأتراك بفوز “أردوغان” وحزب العدالة والتنمية، بالانتخابات، كما احتفل مواطنون قطريون في العاصمة القطرية الدوحة وفي شوارع تركيا نفسها بفوز أردوغان رئيسًا لفترة ثانية.
اضف تعليقا