العدسة – معتز أشرف:

يعجبه بريق الإعلام، يسحره ظهوره المتكرر هنا وهناك، لذلك كان حريصًا على أن يكون على مقدمة منصات الجدل والاهتمام الاجتماعي، التي لم تعجبه رغم أنها كانت سببًا في فقد وظيفته التي يفهم فيها، فانتقل سريعًا الي منصة حصار قطر والتطبيع مع الكيان الصهيوني ليسطِّر عبارات أقل ما توصف أنها تعبر عن اختلال واضح.

نرصد قصة الصعود المشبوه للشرطي الإماراتي الفريق ضاحي خلفان إلى منصة الحصار والتطبيع.

فوبيا قطر

مع صمت تجاه قطر رصده مراقبون خلال شهر رمضان الماضي، أطلق الفريق ضاحي خلفان، قائد شرطة دبي السابق، الخيال لشطحاته وتخاريفه فور انتهاء الشهر الكريم حتى وصل إلى محطة أخيرة في خيالاته، ودعا الاثنين عبر تغريدات عبر حسابه على موقع “تويتر”، إلى حرمان قطر من عضوية جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، مشددًا على ضرورة طردها منهما بعدما وصفها بأنها “عدو الأمة”، في تخلٍّ واضح عن وصف الكيان الصهيوني بهذه الصفة المتلازمة معه في أوساط الأمة العربية منذ النكبة.

وزعم خلفان أنه “لم تعد قطر اليوم صالحة لكي تكون في إطار أمننا القومي العربي والخليجي.. أصبحت عدوًا للأمة”. وتساءل بالتزامن مع خطاب قطر أمام مجلس الأمن الدولي: “إلى متى هذه المجاملات؟”، ووصل خلفان في تغريداته إلى الزعم بأنّ “التغيير في نظام قطر مطلب قومي” دون أن يوضِّح معايير تقييمه.

وقدمت حكومة قطر قبيل منتصف شهر يونيو الجاري دعوى ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان نتيجة للحصار، حيث قادت الإمارات إجراءات أدَّت لتأثير مدمِّر على حقوق الإنسان بالنسبة للقطريين والمقيمين في قطر.

الرجل يعاني من فوبيا قطر بحسب ما يقول معارضون له، ويحاول تحت تأثير الهوس بمعاداتها إشراكها في أي أزمة بدون تقديم مبررات واضحة لحديثه، وآخره تأكيده أن إطلاق الحوثيين للصواريخ الباليستية على المملكة العربية السعودية، يقف وراءه قطر،؛ حيث زعم خلفان أن “الذي يطلق الصواريخ على الرياض توقع له الدوحة الشيكات على بياض”، وزاد قائلًا: “قطر تدعم الحوثي في حربه ضد المقدسات الإسلامية” دون أن يوضِّح كيف ذلك!.

وكان من آخر شطحات ضاحي خلفان دعوته لتحرير قطر قبل تحرير الحديدة اليمنية؛ حيث كتب “خلفان” في تغريدة  له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر. ” يفترض قبل تحرير الحديدة.. تحرر قطر من هذه العقليات الماسخة”، ليرد عليه العميد السابق في المخابرات القطرية شاهين السليطي قائلا: ”لعلمك فقط أن قطر فعلًا تحررت منذ 5 يونيو 2017 من العقليات الماسخة التي تعتلي السلطة وتغتصب كرامة المواطن في بلدك و دول الحصار .”

شرطي التطبيع!

ظهر “خلفان” في مضمار سباق التطبيع بصورة لافتة خلال الفترة الأخيرة على الأخص، وبدى مدافعًا عن الكيان الصهيوني بضراوة، ودافع عن الصهاينة بشكل مخالف لمبادئ الجامعة العربية، قائلًا إنهم يستحقون أن تكون لديهم دولة، وطالب بمنحهم دولة يعيشون فيها باعتبارهم دولة مسكينة، على حدّ تعبيره.

وفي ردِّه على تعليق بشأن سر العلاقة بينه وبين نتنياهو قال خلفان: “إننا أولاد عم.. لكن أنا رجل أمن ونتنياهو إرهابي”، وعرف ضاحي خلفان تميم بآرائه المناهضة للقضية الفلسطينية، حيث كانت له في وقت سابق تغريدات أخرى عن دولة فلسطين مثل أن اسم فلسطين مكون من “فلس” و”طين”، وإشارته إلى أن اسم “إسرائيل” أفضل، كما هاجم رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل، معتبرًا أنه أخطر على الفلسطينيين من نتنياهو، على حد زعمه، وقال في تغريدات له في وقت سابق إنه “بوجود خالد مشعل، تضمن إسرائيل عدم التوافق الفلسطيني الفلسطيني”، وإنه لو كان يشكل خطرًا على إسرائيل لقامت بالتخلص منه بسهولة، وأردف: “لكن هم عارفين تمام.. أحمد ياسين كان متوافقًا في المواقف مع فتح.. قتل!!”.

وفي يوليو 2017، قدم “ضاحي خلفان” هدية علي طبق من ذهب للاحتلال الصهيوني بتحريضه أهالي غزة على حركة حماس؛ إذ أشاد الكيان الصهيوني وقتها بتصريحات لـ”خلفان” قال فيها: إن بلاده مستعدة للوقوف مع شعب غزة ورفع معاناة أهلها بشرط طرد حركة “حماس” وقيادتها من القطاع، وأنّ ذلك يمكن أن ينقذ أهالي غزة مما أسماه “مخالب الإرهاب”، ويرسم لهم مستقبلًا مشرقًا.

وقبل أيام فجر “خلفان” مفاجأة بتأكيد قيامه بالتنسيق الأمني والعسكري بين الإمارات وتل أبيب لتنفيذ ضربات جوية لأهداف مختارة، وقال في حسابه على تويتر: “بلغت إسرائيل عن تواجد خرفان إيرانية شرق سوريا فغارت على القطيع ومسحت به الأرض… وإيران تتكتم على نتائج المذبحة.. جيش القدس سيرد على إسرائيل حتما”.

الصعود المشبوه

اسمه بالكامل ضاحي خلفان تميم المهيري من (مواليد دبي 1951)، وكان قائد عام شرطة دبي بين 1980 – 2013، وعضو المجلس التنفيذي في حكومة دبي، كما شغل منصب رئيس اتحاد الإمارات لألعاب القوى سابقًا، وبدأ حياته ضابطًا عاديًا في شرطة دبي، ثم مديرًا للشؤون الإدارية والمالية، وفي عام 1979 عين نائبًا لقائد عام شرطة دبي، ثم قائدًا لها عام 1980 حتى 2013، حيث خلفه قائد جديد لشرطة الإمارة وهو اللواء خميس مطر المزينة والذي لا صوت له ولا جدل حوله كخلفان، الذي تنسب له كذلك العديد من الأعمال الشرطية والعمل الأهلي والتطوعي، ويشغل العديد من المقاعد الحكومية في أكثر من مؤسسة محلية، ومنها المجلس البلدي لإمارة دبي.

ومن دائرة الحديث عن الشرطة والعمل التطوعي ظهر نجمه الإعلامي فجأة بعد وقوع عملية اغتيال محمود المبحوح القيادي في كتائب “عز الدين القسام” الفلسطينية في العام 2010 بفندق في مدينة دبي بعد صعقه كهربائيًا داخل غرفته وخنقه حتى استشهاده من دون أن تظهر أي اصابات على جسده، حيث وضع الفريق ضاحي خلفان في الواجهة، حيث إن الأخير هو المسؤول المباشر عن الأمن في إمارة دبي، ومن المفروض أن يكون المبحوح تحت حمايته، خصوصًا أن عملية الاغتيال نفذها 27 من رجال الموساد الذين تواروا عن الأنظار بعد تنفيذ العملية ما وضع الأمن الإماراتي في دائرة الشك والاتهام بالتواطئ، وهو ما ظهر لاحقًا في تغريدات الداعمة للكيان الصهيوني والمناهضة للمقاومة.

وكانت أولى تصريحاته المثيرة للانتباه هي “تحول الخليج إلى منطقة صراع مخابراتي بين إيران والغرب، وأن هناك العديد من الجواسيس الذين يعملون لمصلحة الموساد في الخليج، ويحملون جوازات سفر أوروبية”، والتي بدأت تتفاعل مع الجمهور العربي وتضعه في الواجهة، ومن بعدها، بدأ خلفان نشر التهديدات التي تلقاها من الموساد الإسرائيلي والتي ولدت رأيًا عامًا مساندًا له ولأدائه ولعمله وبدأ نجمه يسطع ويتتبع الكثيرون أخباره وإنجازاته.

لكن مع بدء انطلاق الربيع العربي، أشهر “خلفان” لسانه ضد مؤيدي الربيع العربي باعتبار أنها تقاد من الإخوان المسلمين “الذين يشكلون خطرًا على دول الخليج الفارسي وهم يسعون إلى إسقاط أنظمة الحكم في هذه الدول”، وهنا، وجد خلفان في “تويتر” خير طريق لمهاجمة “الإخوان” وعلا صوته داعمًا لإنهاء التجربة الديمقراطية التي أتت بمرشح الإخوان في مصر ودعم الانقلاب العسكري في مصر ووزير الدفاع المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي بالرئيس محمد مرسي، وهذا ما دفع محللين للقول: إن “خلفان” شريك في الانقلاب العسكري، كما هاجم اليمنيين على الحراك الثوري في 2011.

وكشفت آراؤه بالنسبة لسوريا تناقضات وشطحات؛ فمن مدح النظام إلى تحميل الجميع مسئولية الدمار الذي حلَّ بسوريا، أما ايران فقد حظيت باهتمام كبير لم يحظَ به الكيان الصهيوني في الهجوم، وقاد هجومًا حادًا على تونس وحزب حركة النهضة، وحدَّد خلفان مدة سنة ونصف لسقوط الحكومة التونسية، مغردًا ” سنة و نصف و ستنهار النهضة” داعيًا الشعب التونسي إلى الثورة، ولم يكن الحال أفضل بحسب المراقبين في ليبيا، فتناقضات خلفان وضعته أكثر من مرة في موقف محرج، ولكن لا حياة لمن تنادي أو بلغة خصومه السياسيين ” لا عقل لمن تنادي”.