إبراهيم سمعان

قالت صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية، إن الكويت تمثِّل عقبة أمام خطة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لتشكيل جبهة موحدة بين دول الخليج وإسرائيل ضد إيران.

وأوضحت في مقال لـ”جوناثان سكانزر”، نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، و”فارشا كودوفايور”، المحلل البارز لشؤون دول الخليج العربي، أن الكويت لا تزال تقاوم بقوة هذا الاتجاه، لافتة إلى أن الدولة الخليجية لا تزال تحافظ على حيادها في هذا الصدد.

ونوَّهت في المقال الذي حمل عنوان “الأفضل للكويت أن تتجاوب أو أن تكون مستعدة لمواجهة غضب ترامب”، بأن الكويت ربما لديها نية في معارضة السعودية والإمارات والبحرين للتطبيع مع إسرائيل.

وتابعت: “لكن إذا تَمّ الإفراج عن خطة سلام “ترامب” الإقليمية في الأسابيع أو الأشهر المقبلة، فقد تقع الكويت في مرمى النيران المتبادلة، مضيفة: “إن تحدّي الولايات المتحدة يختلف تمامًا عن الحفاظ على الاستقلال في صراع داخلي لمجلس التعاون الخليجي، وليس هناك مجال محتمل لعدم الانحياز في استراتيجية “ترامب” لاحتواء إيران”.

وإلى نص المقال:

هناك عقبة جديدة في خطة الرئيس “ترامب” لتشكيل جبهة موحدة بين دول الخليج وإسرائيل ضد إيران.

انتقد سفير الكويت لدى الأمم المتحدة، هذا الشهر، إسرائيل، متهمًا الدولة اليهودية بـ”نشر ترسانة أسلحة واسعة ومتطورة ضد شعب غير مسلح”، كما نفى رجل دين كويتي، بعد أسابيع قليلة، وقوع المحرقة ووجود غرف الغاز، بدعوى أن الرقم الضخم كان مستحيلًا، متسائلًا: “كم عدد الأفران التي يحتاجها حرق 6 ملايين من البشر؟”.

بالطبع هذا استثناء ملحوظ لنمط دول الخليج العربية، التي زادت في الآونة الأخيرة من تواصلها مع إسرائيل، واعترف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضمنيًّا بحق إسرائيل في الوجود. وفي أبريل أرسلت الإمارات العربية المتحدة والبحرين فرقًا وطنية للتنافس في المرحلة الأولى من سباق الدراجات الرئيسي هذا الربيع في إسرائيل. وفي يونيو زار وفد إسرائيلي البحرين. وفي شهر مايو قام وزير الخارجية البحريني بالتغريد عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

الكويت لا تزال تقاوم بقوة هذا الاتجاه، إنها “دولة الخليج العربية المحافظة” التي ما زالت تشارك في الإدانة المنهجية لإسرائيل.

بالنسبة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، كل ذلك يعود إلى مخاوفهم المشتركة بشأن المغامرة الإيرانية والاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وكما قال محمد بن سلمان، فإنّ المرشد الإيراني الأعلى يجعل هتلر يبدو جيدًا، لذا فقد سعوا إلى إسرائيل، التي واجهت العدوان الإيراني، سواء من خلال ضرب الأصول الإيرانية في سوريا، أو سرقة أسرار نووية من إيران.

لكن الكويت تحافظ على حيادها مع إيران، ولا تحتاج إلى إسرائيل كشريك للاعتراض على العدوان الإقليمي للجمهورية الإسلامية، وتحاول إبقاء الأمر على هذا النحو.

إضافة إلى ذلك، فإنّ في النظام السياسي في الكويت، أن تكون معاديًا لإسرائيل فهذه سياسة جيدة، وفي أكتوبر، انتقد رئيس البرلمان الكويتي، مرزوق الغانم، عضوين في الكنيست الإسرائيلي، واصفًا إياهما بـ”المحتلين وقتلة الأطفال”، وسط تصفيق، وصرخ “الغانم” على الإسرائيليين: “امسكا بأمتعتكما واتركا هذه القاعة”، وعلى سبيل الشكر له، أطلق عليه الفلسطينيون لقب “شخصية العام لعام 2018″.

في مايو، انتقد النائب الإسلامي وليد الطبطبائي الإسرائيليين واصافًا إياهم بـ”كلاب صهيونية” بعد أن ضرب الجيش الإسرائيلي أهدافًا إيرانية في سوريا، قام “طبطبائي” بزيارة المتمردين السوريين في إدلب، وتَمّ تصويره وهو يرتدي زيًّا متمردًا، حاملًا بندقية، وفي أوائل يونيو، شكر عضو آخر الشعب الكويتي والأمير والحكومة على ردهم الدائم الحازم على الاحتلال الصهيوني.

يمكن أيضًا تفسير شعبية الهجوم على إسرائيل في النظام السياسي في الكويت من خلال انتشار السلفيين، بأن قوتهم السياسية مستمدة جزئيًّا من معارضتهم الشرسة لإسرائيل ومعاداة السامية الصارخة، لقد استقطب النظام الملكي الإسلاميين الكويتيين كحصن ضد معارضيه في أعقاب الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2011، فالأمير يلاعب السلفيين والإخوان المسلمين، في حين يشجع كليهما على العمل كقوة معارضة للمعارضة الداخلية.

قد يفسِّر النفوذ السلفي أيضًا سِجِل الكويت في مجال تمويل الإرهاب، وهناك 3 أفراد يخضعون حاليًا لعقوبات أمريكية لتمويل القاعدة هم أيضًا أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت التي تُموِّلها الدولة ويحققون مكاسب عامة، ولا تزال جمعية إحياء التراث الإسلامي- التي صنفتها وزارة الخزانة الأمريكية كمجموعة إرهابية في عام 2008، لتمويل شبكة القاعدة- تعمل في الكويت.

أصبحت معارضة الكويت لإسرائيل أكثر صلابةً منذ أن أصبحت عضوًا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أحبطت الكويت جهود الولايات المتحدة لانتقاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بسبب خطابه المعادي للسامية، وحالت دون إدانة الولايات المتحدة لهجمات حماس ضد إسرائيل من غزة، وتشير التقارير إلى أنّ “جاريد كوشنر”، الذي قوَّضته جهود الكويت، عقد اجتماعًا مقتضبًا وعاصفًا مع السفير الكويتي لدى واشنطن.

ومن الواضح أنّ الكويت تشير إلى نِيّتها في معارضة السعودية والإمارات والبحرين للتطبيع مع إسرائيل، ولكن إذا تَمّ الإفراج عن خطة سلام “ترامب” الإقليمية في الأسابيع أو الأشهر المقبلة، فقد تقع الكويت في مرمى النيران المتبادلة.

إن تحدي الولايات المتحدة يختلف تمامًا عن الحفاظ على الاستقلال في صراع داخلي لمجلس التعاون الخليجي، وليس هناك مجال محتمل لعدم الانحياز في استراتيجية “ترامب” لاحتواء إيران.