كتب- باسم الشجاعي:
“الاعتذار للمشير طنطاوي والجيش المصري”.. هذا هو المقابل المطلوب دفعه من لاعب كرة القدم الدولي المصري “سابقًا”، “محمد أبو تريكة”، للعودة لمصر مجددًا، وإسدال الستار على كل الخلافات بينه وبين النظام الحالي، وفق ما أكَّد الإعلامي “وائل الإبراشي”.
وقال “الإبراشي”، خلال برنامج “العاشرة مساءً” المذاع على قناة “دريم” الفضائية، الأربعاء 4 يوليو: إنَّ هناك مفاوضات تمَّت منذ فترة بين “أبو تريكة” ومؤسسات الدولة وخاصة القوات المسلحة بعيدًا عن الوضع القانوني له حتى يعود لمصر مرة، إلا أنها فشلت”.
ولكن لم يصدر أي تعليق من اللاعب الدولي السابق، أو الجهات المعنية في البلاد، حتى كتابة تلك السطور.
وجاء حديث “الإبراشي” بعد قرار محكمة النقض المصرية (أعلى محكمة في البلاد)، بقبول الطعن المقدَّم من “أبو تريكة”، وإلغاء قرار محكمة الجنايات بإدراجه على قوائم الإرهاب.
إلا أنَّ القرار لن يغير من وضع “أبوتريكة” القانوني؛ إذ إنَّه لن يُسفر عنه رفع اسمه من على قوائم الإرهاب، لا سيما أنه ما زال مُدرجًا كإرهابي في قضية أخرى، وفق ما أكد “محمد عثمان”، المحامي الخاص بأمير القلوب.
ولعلَّ حديث “الإبراشي”، يعيد للأذهان تغريدة “محمد أبو تريكة”، على موقع التدوينات المصغرة “تويتر”، في مارس الماضي، والتي رفعت سقف التوقعات بعودته لمصر قريبًا، وكشف مدى تعلق اللاعب المصري للعودة إلى بلاده.
كلمة واحدة تضمنتها التغريدة التي كتبها “أمير القلوب” وقتها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” وهي كلمة “قريبًا”، والتي وضع إلى جوارها صورة لعلم مصر، لكنها كانت كافية لإثارة الجدل وفرض أجواء الترقب.
بداية القصة
وبعيدًا عن مصير عودة “أبو تريكة” لمصر من عدمه، كان للابدَّ أن نعرِّج على ملابسات وأسباب وقائع القصة الشهيرة التي رفض فيها “أمير القلوب” مصافحة رئيس المجلس العسكري في البلاد– آنذاك-، المشير “محمد حسين طنطاوي”، والتي أكّد الإعلامي الموالي للنظام “وائل الإبراشي” أنها السبب الحقيقي وراء العداء الذي يُكنّه النظام لـ”الماجيكو”.
فبعد مذبحة استاد بورسعيد الشهيرة والتي راح ضحيتها 74 مشجعًا من جماهير النادي الأهلى المصري، حرص “طنطاوي“ على استقبال بعثة الأحمر العائدة من بورسعيد مع ضحايا المذبحة، وبدأ الأخير في مصافحة لاعبي الأحمر وتقديم العزاء لهم، ليفاجئ “الماجيكو” الجميع ويرفض مصافحة “المشير”، تعبيرًا عن غضبه.
وعلق اللاعب على هذه الواقعة: “لن أصافح أحدًا، من يدير البلاد يقوم بذلك بيد مرتعشة”، متهمًا كل الأطراف المعنية بتنظيم المباراة.
ولم يكتفِ “الماجيكو” بهذه اللقطة بل امتنع عن التدريبات، وأعلن رغبته في اعتزال كرة القدم نهائيًا وشارك في مظاهرات شباب الأولتراس بهتاف “يانجيب حقهم يا نموت زيهم”.
ووقعت الأحداث داخل إستاد مدينة بورسعيد الساحلية شمال شرق مصر، مساء 1 فبراير 2012 عقب مباراة كرة قدم بين النادي المصري والأهلي، وراح ضحيتها 72 قتيلًا ومئات المصابين، بحسب ما أعلنت مديرية الشؤون الصحية في بورسعيد.
وتعدّ هذه الواقعة هي الأكبر في تاريخ الرياضة المصرية.
كما ظهر “محمد أبو تريكة”، في مظاهرة أهالي ضحايا مجزرة بورسعيد، والتقطت العدسات صورة له أثناء حمله من قِبل المشجعين.
وعندما انتقل إلى نادي بني ياس الإماراتي على سبيل الإعارة، اختار ارتداء القميص رقم 72، تكريمًا لشهداء الأهلي في مجزرة استاد بورسعيد.
وأثبت وفاءه للدماء التي سالت في بورسعيد، مرة أخرى، عندما رفع الشارة السوداء، حدادًا على شهداء الألتراس، عقب إحرازه هدفًا للنادي الأهلي في مرمى نادي الشباب الكويتي.
كما ظهر “أبو تريكة” بقميص دوَّن عليه “يوم ما أفرط في حقه هاكون ميت أكيد”، في إشارة للهتاف الشهير لرابطة أولتراس أهلاوي لضحايا استاد بورسعيد، خلال الإدلاء بصوته في انتخابات الإعادة في الانتخابات الرئاسية في 2012.
هل لـ”ثورة 25 يناير” علاقة أيضًا؟
إضافة لما سبق، يبدو أيضًا أن “أبو تريكة”، يُعاقب على مواقفه السياسية المؤيدة لثورة 25 يناير 2011؛ حيث كان “الماجيكو”، اللاعب الوحيد الذي تُلْتَقط له صور داخل ميدان التحرير– أيقونة الثورة المصرية- برفقة الثوار، بينما تهافت العشرات على ميدان “مصطفى محمود” لدعم الرئيس المخلوع “محمد حسني مبارك”.
وهنا وقف “أبوتريكة” أمام اختيار صعب؛ حيث أظهر اهتمامه بالسياسة صراحة للمرة الأولى، ليعلن بقوة انتماءه للشعب الثائر ضد حاشية النظام.
وكاد “أمير القلوب” أن يدفع ثمن مواقفه غاليًا في حال عدم نجاح الثورة في الإطاحة بمبارك، لكن نجا أبوتريكة وملايين المصريين الذين شاركوا في الثورة من مقصلة ما بعد الفشل.
فمنذ تولي المشير “طنطاوي” ومجلسه الحكم لمدة عام ونصف العام استطاعوا خلاله شيطنة ثورة 25 يناير وتفريق صف الثوار، وفق ما أكده خبراء.
دعم غزة
خلاف ذلك، فشخصية “أبوتريكة”، تجلّت في كثير من المواقف الإنسانية والسياسية التي تؤكّد أنه ليس مجرد لاعب كرة قدم وفقط، كما تخطت مواقفه مصر لتشمل القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها دولة فلسطين وتحديدًا قطاع غزة المحاصر.
وفي إحدى مباريات كأس الأمم الإفريقية بغانا 2008، قام “أبو تريكة”، برفع قميص “تضامنًا مع غزة” الذي ارتداه.
وفاجأ “أمير القلوب” الجميع بتأييده صمود أهل غزة ضد القصف الصهيوني، ومرَّت الواقعة مرور الكرام رغم تحذيرات الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” والمسؤولين الرياضيين في مصر، لكنها نبَّهت إلى وجود شخصية بارزة خارج المستطيل الأخضر.
كما أوصى نجم النادي الأهلي بوضع قميص “تعاطفًا مع غزة” في كفنه بعد وفاته.
ومن أرض الملاعب للفضاء الإلكتروني، أبدى أسطورة كرة القدم المصرية، تضامنه الكامل مع الفلسطينيين في الذكرى الـ70 للنكبة، واستنكاره لقرار نقل السفارة الأمريكية من “تل أبيب” إلى المدينة المقدسة، مشيرًا إلى أنَّ “التاريخ لن يرحم أحدًا”.
وقال “أبو تريكة”، في تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي الشهير “تويتر”: “فلسطين دائمًا المعاناة في الحاضر، تعطيك الأمل في المستقبل، بوصلة الأمة هناك، علينا جميعًا الوقوف معها في وجه كيان صهيوني محتل“.
علاوة على إظهاره قميص “نحن فداك يا رسول الله”؛ انتصارًا للرسول الكريم، وردًا على الرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها الصحف الدنماركية، في مشهد لا يزال عالقًا في أذهان عشاقه من الشعوب العربية والإسلامية.
اضف تعليقا