الأيادي الخارجية

العدسة – إبراهيم سمعان
حذَّر البرلمان الأوروبي الإمارات والسعودية من أي محاولة لزعزعة استقرار الصومال، الذي يعانِي من ويلات الحرب، في سياق الأزمة الخليجية.

وقال “راديو فرنسا الدولي” على موقعه الإلكتروني: في قرار تَمَّ تمريره يوم الأربعاء الماضي، دافع البرلمانيون الأوربيون عن حياد الحكومة الفيدرالية الصومالية في النزاع القائم بين قطر وممالك الخليج الأخرى منذ أكثر من عام.

وأوضح الراديو أن البرلمانيين أدانوا تعليق المساعدات من المملكة السعودية والإمارات المتحدة إلى الرئيس الصومالي محمد عبد الله فارماجو.

وأشار إلى أنه منذ شهر يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات علاقاتهما مع قطر وفرضتا حصارًا عليها، متهمين إياها بدعم الجماعات الإسلامية المتطرفة، وزعزعة الاستقرار في المنطقة.

لكن قطر تنفي بشدة هذه الاتهامات، مؤكدة أن “هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة”.

وبيَّن أن الصومال أصبحت اليوم، بسبب موقعها الاستراتيجي، ساحة معركة بالنسبة لتلك القوى التي تحاول إثبات نفوذها، لكن بعد هذه الأزمة أعلن فارماجو الحياد وعدم تدخل الصومال فيها.

لكن الإمارات لم يرضِها ذلك الموقف، فراحت تتهم الرئيس فارماجو بالانحياز إلى دولة قطر، فيما ذكرت صحف صومالية أيضًا أن السعودية تمارس ضغوطًا على الحكومة لتغيير موقفها الحيادي حيال الحصار الذي فرضته بعض من الحكومات العربية على دولة قطر.

وفي مثال يوضّح التوترات بين الإمارات والصومال، أوقفت أبو ظبي التعاون العسكري مع مقديشو في أبريل الماضي، ردًا على استيلاء الحكومة الصومالية لما يقرب من 10 ملايين دولار في طائرة إماراتية كانت متوقفة في مطار مقديشو.

وبعد الحادث أعلن الصومال إنهاء برنامج التدريب العسكري الإماراتي، وقال وزير الدفاع الصومالي محمد مرسل شيخ عبد الرحمن: إن إدارة القوات التي دربتها دولة الإمارات تقع على عاتق الحكومة الفيدرالية التي ستتولى دفع أجور وتدريب الجنود المسجلين في البرنامج.

ويرجع هذا الموقف الإماراتي إلى التمويل المزعوم لحملة فارماجو الانتخابية من قبل الدوحة، وتواجد مؤيديها داخل الحكومة، وتأييد القضية القطرية، والنفوذ الاقتصادي المتنامي لقطر وتركيا في البلاد. ومن جانبه، يتهم الرئيس فارماجو الإمارات العربية المتحدة بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلاده.

عزّزت أبو ظبي بالفعل علاقاتها مع الدول الإقليمية الصومالية، الأمر الذي قد يشكل خطرًا على زعزعة استقرار الدولة الفيدرالية الضعيفة التي تعانِي من ويلات الحروب منذ سنوات.

ومن بين هذه الأمور- على سبيل المثال- توقيع شركة “موانئ دبي العالمية” الإماراتية عقدًا مع “أرض الصومال”، التي تعتبر نفسها مستقلة، لإدارة ميناء بربرة، ما أزعج بشدة حكومة مقديشو.

وأكد “راديو فرنسا” أن أزمة الخليج تُبرِز أيضًا- بشكل خطير- التوترات بين الصوماليين أنفسهم؛ الفصائل في العاصمة مقديشو، والدولة الفيدرالية، والولايات الإقليمية، وأرض الصومال.

ففي تقرير صدر مؤخرًا، تُشْعِر مجموعة الأزمات الدولية بالقلق من أنه إذا أصبح الصومال- الغارق في حرب أهلية مدمرة منذ 1991 ويشهد منذ 2007 تمردًا مسلحًا تقوده حركة الشباب- ساحة معركة للدول الغنية وذات النفوذ في المنطقة، فإنّ وقف إراقة الدماء لن يتحقق قريبًا.