إبراهيم سمعان

تواصل باريس والدوحة جهودهما لاستمرار العلاقة الجادة بين البلدين؛ إذ التقى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الجمعة في قصر الإليزيه، في ثالث لقاء بينهما منذ ديسمبر الماضي.

وقالت صحيفة “causeur” الفرنسية: بحثًا عن النفوذ في الشرق الأوسط، تقترب فرنسا من قطر، في ظلّ الصراع القائم مع المملكة السعودية التي تسعَى للحصول على دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فهذا اللقاء لن تتجاهله إيران.

وأوضحت أن هذه الزيارة دليل على العلاقات بين فرنسا وقطر الطويلة، التي تعود إلى استقلال إمبراطورية الغاز الصغيرة والقوية، ففي عام 1972، بعد عام من استقلال قطر، كانت فرنسا واحدة من أوائل الدول في العالم التي استضافت بعثة دبلوماسية قطرية.

وأشارت إلى أنّه في عام 1994 ومرة ​​أخرى في عام 1998، أبرم توقيع اتفاقيات الدفاع التعاون الفرنسي القطري، الذي عززه التدخل العسكري المشترك في ليبيا عام 2011، ومشاركة قطر في الضربات الجوية الدولية للتحالف في سوريا.

كما تَمَّ تأكيد هذا التعاون العسكري من خلال التوقيع في 7 ديسمبر على عِدّة عقود أسلحة قيمتها نحو 11 مليار يورو مع الدوحة، بما في ذلك طائرات “رافال” ومدرعات.

وتُنوِّه ” causeur” بأنَّ التعاون بين البلدين اقتصاديًا في المقام الأول؛ ففرنسا المورِّد الخامس لقطر في عام 2015، مع حصة سوقية بلغت 6.3٪ ، ووفقًا للسفارة الفرنسية بالدوحة كانت قطر ثانِي أكبر عملاء فرنسا في منطقة الخليج عام 2017  كما أنّها نشطة في مجالات الثقافة والرياضة والتعليم والأبحاث.

ويتضح ذلك من خلال وجود العديد من فروع الجامعات أو الكليات الفرنسية في المدينة التعليمية بالدوحة، أو الثقة في المهندس المعماري جان نوفيل لتخطيط المتحف الوطني في قطر، فضلًا عن تعيين دولة قطر عام 2012 بوصفها عضوًا منتسبًا للمنظمة الدولية الفرنكوفونية.

كما يجب أن نذكر انتخاب موزة بنت ناصر المسند، أم الأمير الحالي، في أكاديمية الفنون الجميلة، فضلًا عن الاستحواذ على نادي باريس سان جيرمان، أو نجاح النسخة الفرنسية من القناة الرياضية “بي إن سبورت”، التي أطلقتها مجموعة الجزيرة عام 2012، فهذا التاريخ المشترك الناجح يجعل قطر أفضل حليف لفرنسا في الشرق الأوسط، تشير الصحيفة.

 

وأكَّدت على أن تواتر اللقاءات والاتصالات بين إيمانويل ماكرون وتميم آل ثاني يتحدث عن نفسه، وفوق كل شيء، يدرك الدبلوماسيون الفرنسيون جيدًا أن السعودية تتجه إلى الولايات المتحدة، وأنَّ الرياض ستفضل دائمًا واشنطن على باريس.

 

ولَفَتت إلى التوقيع على الاتفاق الذي وقع في 14 فبراير 1945 على متن طراد “يو أس أس كوينسي” بين الملك عبد العزيز آل سعود مؤسِّس المملكة والرئيس فرانكلين روزفلت، لضمان حصول الولايات المتحدة على إمدادات الطاقة التي تحتاجها من المملكة، مقابل الحماية العسكرية في حالة العدوان.

 

وأوضحت الصحيفة أنه في الواقع أصبح استقرار السعودية جزءًا من “المصالح الحيوية” للعم سام، فضلًا عن الحماية غير المشروطة لعائلة سعود والقيادة الإقليمية للملكية النفطية.

والدليل على أنَّ هذه العلاقة مستمرة، تكتب الصحيفة، هو أن واشنطن تجنِي فوائد اقتصادية كبيرة، والرياض تستفيد من السوق الأمريكية الضخمة، وكذلك الأمن العسكري الذي يُقدِّمه الجيش الامريكي، كما أنّ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الإيرانية لا يمكن إلا أن يعزز العلاقة بين واشنطن والرياض.

وأشارت أيضًا إلى أنّه في سبتمبر الماضي، عندما استقبل أمير قطر، للمرة الأولى، أكّد ماكرون على  إرادة فرنسا الاحتفاظ بعلاقات الصداقة والثقة مع جميع الدول المشاركة في الأزمة. وحيث  إنَّ قطر يدعمها الإليزيه دون تحفُّظ، فقد دعا الرئيس الفرنسي في الوقت نفسه إلى رفع إجراءات الحصار التي تؤثر على السكان  القطريين، وخاصة العائلات والطلاب الذين يعيشون في البلدان المحاصرة المجاورة.

وأكّدت أن اللقاء الأخير الذي جمع بين رئيسي دولتين شابين يجب أن يسمح لنا بإلقاء نظرة عامة واستمرار العلاقة بعد انسحاب أمريكا من اتفاق إيران.