إبراهيم سمعان

سلطت صحيفة “الجارديان” البريطانية الضوء على الشكوك التي أثارها مؤتمر عقدته “مؤسسة النزاهة الرياضية” في العاصمة البريطانية لندن؛  حيث ركز المؤتمر على توجيه الاتهامات بممارسة دولة قطر الفساد في مساعيها السابقة للحصول على حق استضافة كأس العالم، في الوقت الذي رفض فيه القائمون على المؤتمر والمؤسسة الإفصاح عن مصادر تمويل المؤسسة أو تكاليف إقامة المؤتمر.

وقالت الصحيفة البريطانية، إنه بعد النجاح الكبير الذي حققته بطولة كأس العالم الأخيرة في روسيا، تحولت أعين العالم الرياضي إلى البلد المضيف التالي للبطولة وهي دولة “قطر”، مشيرة إلى أن مؤتمر لندن، أعطى  مؤشرًا لمدى “التدقيق” الذي ينتظر منظمي كأس العالم 2022، والظلال التي سوف تلقيها المعركة الدبلوماسية القائمة بين الدوحة من جانب والرياض وأبوظبي والمنامة من جانب آخر على البطولة.

وذكرت الصحيفة أن من بين ضيوف مؤتمر الإعلان عن تدشين “مؤسسة النزاهة الرياضية” والذي استضافه فندق فورسيزونز، لاعب مانشستر يونايتد السابق “لويس ساها”، ورئيس الاتحاد الإنجليزي السابق “جريج دايك”، و “داميان كولينز”،  رئيس لجنة الشؤون الرقمية بالبرلمان البريطاني، و”هوب سولو” حارسة مرمى المنتخب الأمريكي لكرة القدم للسيدات .

ولفتت الصحيفة إلى أن ما مَيّز المؤتمر- بجانب قائمة ضيوفه من أصحاب الجاذبية الإعلامية- كانت الأسئلة حول تمويل “مؤسسة النزاهة الرياضية” التي لم تكن معروفة من قبل، وكشفت عن نفسها، قبل وقت قصير من المؤتمر الفخم.

وأكدت الصحيفة أن العديد من الضيوف تلقوا مبالغ مادية تجاوزت آلاف الجنيهات الإسترلينية، وإقامة بفنادق فاخرة، كل ذلك من أجل غرض واحد وهو التشكيك الدائم في قرار منح قطر حق تنظيم كأس العالم 2022.

وأعلنت المؤسسة في بيانها التأسيسي: “نحن نؤمن أن الرياضة تنتمي إلى الشعب، ويجب أن ألا يتم استغلالها من قبل من هم في مراكز السلطة، سواء كانوا أفرادًا أو مسؤولين أو  شركات أو دولًا”، كما تعهدت بتمويل “البحث عن الفساد الرياضي والمسائل ذات الصلة، ودعم المُبلِّغين عن المخالفات.

وأشارت الصحيفة إلى أنَّ البيان التأسيسي صدر في شهر مايو، واليوم لا تزال هناك أسئلة حول مَن قام بتمويل مؤتمر الرياضة والسياسة والنزاهة، بالنظر إلى التزامها بالشفافية، وما إذا كانت مرتبطة بحروب الوكالة بين قطر ومنافسيها الإقليميين، بما في ذلك السعودية والإمارات في محاولة لتحويل وسائل الإعلام ضد مضيف مونديال 2022.

وأوضحت الصحيفة: رغم عدم وجود ما يشير إلى أنه من غير القانوني  رفض الكشف عن مصادر التمويل، لكن حتى “ستيف رابينوفيتش” وكيل الدعاية الذي يتخذ من واشنطن مقرًا له، والذي ساعد في حجز إقامة الضيوف، والترويج للحدث، سلط الضوء على المفارقة الواضحة، وأخبر الجارديان “أنها سخرية” أنهم (مؤسسة النزاهة الرياضية) جميعًا يريدون الشفافية في الرياضة، لكنهم لم يكونوا كذلك فيما يتعلق بتمويلهم.

وذكرت الصحيفة أن اثنين من المتحدثين خلال المؤتمر لم يأخذوا مقابلًا لقاء حديثهم، لكن الباقي حصل على مبالغ مالية، وحصلوا على درجة رجال أعمال خلال انتقالهم بالطائرة لحضور المؤتمر، وأقاموا في فنادق فاخرة، وقد تكلف ذلك مالًا كثيرًا.

ولفتت إلى أن المؤتمر كان برعاية “جيمي فولر”، وهو رجل أعمال أسترالي يقوم بحملات لإصلاح “فيفا”، ورفضت شركة “فولر” بشكل متكرر تحديد المصدر الرئيسي للتمويل، فيما لا توجد تفاصيل عن أمناء مؤسسته.

وعلى الرغم من غياب الشفافية، حظِي المؤتمر بتغطية كبيرة؛ ففي اليوم السابق للمؤتمر نشرت صحيفة صن البريطانية ملفًا حصريًا حصلت عليه من المنظمة، ورجَّحت أنه يجبر “فيفا” على إعادة النظر في قرار تنظيم قطر للبطولة، كما حظِي أيضًا بتغطية إخبارية مكثفة من قبل وسائل الإعلام في السعودية والإمارات.

وأوضحت الصحيفة أنّه على الرغم من أنَّ المؤسسة  تستهدف مراقبة الفساد في جميع الألعاب، ركزت مناقشات المؤتمر على أنشطة الدوحة، وشملت المواضيع المدرجة ممارسةَ الفساد، والذي ناقش اختيار روسيا وقطر كمضيفين لكأس العالم.

وقال  نيكولاس ماكجيهان، الباحث في حقوق العمال في الخليج: إنه عُرضت عليه مبالغ مالية من قبل “فولر” ليظهر ضمن المجموعة ” لقد طلبت تأكيدًا بأنها لم تكن أموالًا خليجية، لكن كان من الواضح أن هناك الكثير من المال وراء ذلك”.

وأبلغ ماكجيهان “المنظمين أنه سينتقد دول الخليج الأخرى وليس فقط قطر.. تم إعطاء تأكيدات لي بحقّي في ذلك، لكن وبعد يومين لم أكن ضمن قائمة المدعوين، ولم يتمكنوا من إعطاء  سبب لماذا لم أظهر، كل هذا بسبب المال السعودي والإماراتي.

وأثبتت الوثائق التي حصل عليها الصحفيون، أنَّ بعض الحجوزات في المؤتمر جاءت باسم شركة بريطانية تسمي  Akta Group، والتي تدير العمل فيها زوجة “خالد الهيل” وهو معارض قطري، وقد نظّم من قبل،  مؤتمر “قطر في منظور الأمن والاستقرار الدولي”، وكان في لندن أيضًا، تضمن المؤتمر مناقشة انقلاب غير دموي في وطنه، لكنه نفى تلقي تمويله من السعودية والإمارات.

ولم يعلق فولر بشكل مباشر إذا ما كان الهيل أو شركته قد ساعدا في تنظيم مؤتمره، لكنهم قالوا: إن جزءًا كبيرًا من المال جاء من مموّل فردي جعل من شروطه لتمويل الدعم عدم الكشف عن هويته.