العدسة _ إبراهيم سمعان

انتقدت مضاوي الرشيد، الأستاذة السعودية في مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، اعتقال سلطات المملكة لرجلي الدين؛ سفر الحوالي، وسلمان العودة.

ومضت تقول في مقال لها منشور بموقع “ميدل إيست آي”: “احتجز النظام السعودي مؤخرًا الشيخ المخضرم السلفي، سفر الحوالي ( 68 عامًا)، الذي يعاني من مشاكل صحية خطيرة. كما تم إيداع أعضاء آخرين من عائلته في السجن”، موضحة أن الحوالي انضم إلى رفيقه القديم في التسعينيات، الشيخ سلمان العودة، الذي كان محتجزًا منذ سبتمبر.

وأضافت: “كانا قادة لحركة معارضة أصبحت تعرف باسم الصحوة بعد التعبئة في عام 1990 عندما دعا النظام الولايات المتحدة والقوات الأجنبية والعربية الأخرى للدفاع عنها ضد غزو وشيك من قبل صدام حسين. لكن الشيخَيْن يختلفان بشكل كبير في تفسيراتهما للإسلام، والجنس، والسياسة، والعلاقات مع الغرب، ومستقبل الأمة الإسلامية”.

وتابعت: “في الوقت الذي يطمح فيه الحوالي إلى الرجوع إلى النموذج الأصلي للدولة السعودية الأولى المؤمِنة بشكل وثيق بمنهج مؤسس الوهابية، محمد بن عبد الوهاب، الذي يعود إلى القرن الثامن عشر، فإن العودة يطمح نحو نظام حكم إسلامي حديث يقوم على الدستور وحكومة تمثيلية. أحدهما قدمه في الماضي، والثاني عينه على المستقبل”.

وأردفت الرشيد بقولها: “من المحتمل أن يكون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نجح في اعتقال زملائهم الآخرين مثل عوض القرني وأولئك الأقل شهرة من الصحوة في إسكات المجال العام السعودي وكتم الأصوات المعارضة”.

ومضت تقول: “منذ أن أصبح وليًا للعهد، نشر الإرهاب عبر العديد من الدوائر- العائلة المالكة والنخبة الاقتصادية والليبراليين وغير الأيديولوجيين والشخصيات القبلية والناشطات. لكن بدلًا من تعزيز موقفه، يبدو أن هذا يتركه يقف على أرض مهتزة، غير قادر على تشكيل ائتلاف للحكم بالموافقة بدلًا من الإرهاب”.

وتابعت الأستاذة السعودية: “قد يشجع الكثيرون في الغرب احتجاز محمد بن سلمان للإسلاميين، الذين غالبًا ما يطلق عليهم الراديكاليون، بغض النظر عن تنوع تفسيراتهم واستراتيجياتهم لتحقيق أهدافهم الدينية والسياسية. هذا تأييد مضلل لسياسة عادت بنتائج عكسية في الماضي، لأنها لم تنتج سوى حلول قصيرة الأجل لمشكلة سياسية عميقة تخلق التطرف”.

ومضت تقول: “غالبًا ما تتضمن الأهداف الإسلامية عددًا كبيرًا من الطموحات، على سبيل المثال، الدولة الإسلامية أو الخلافة، وتطبيق الشريعة، وإضفاء الطابع الإسلامي على المجال العام، وتمكين المرأة وفقًا لأجندتها الخاصة، والسعي وراء سياسة خارجية إسلامية، والبحث عن الاقتصاد الإسلامي، وجعل الإسلام والإسلام فقط هو الإطار المرجعي لإجراء جميع شؤون الأمة الإسلامية تقريبًا”.

وأضافت: “سواء كنا نتفق مع هذه الأهداف أم لا، فإن احتجاز أولئك الذين يروّجون لها لن يؤدي إلا إلى زيادة شعبية هذه المشاريع، ودفعها إلى السرية، وجعلها تنفجر في وجوهنا عندما نفكر في أنه تم إخمادها”.

ومضت الرشيد في قولها: “على الرغم من هذه الطموحات الواسعة، فإن الإسلاميين يختلفون بينهم كثيرًا لدرجة أن اختلافاتهم الدينية والسياسية الداخلية واضحة جدًا إلى درجة لا يمكن التوفيق بينها”.

وتابعت: “بينما نحن معتادون على النظر إلى الفئات الدينية والعلمانية باعتبارهما فئتين منفصلتين ومختلفتين بشكل حاد، مما يجعل الإسلاميين نقيضًا للنشطاء العلمانيين، فإن الحقيقة هي أن العديد من الإسلاميين يقتربون بالتأكيد من العلمانيين أكثر من الجهاديين على سبيل المثال”.

وأردفت: “علاوة على ذلك، فإن الإرهاب الإسلامي المزعوم ليس أكثر إرهابية من بعض المشاريع العلمانية التي أدت إلى استئصال الأقليات، وسحق الحريات وإسكات المعارضة. فإذا كان تنظيم (داعش) أزال الأقليات العرقية والدينية في الشرق الأوسط، فقد ساهم القادة العلمانيون في التطهير العرقي والتمييز على أساس الانقسامات الطائفية والعرقية والوطنية”.

ومضت تقول: “من أتاتورك في تركيا إلى شاه إيران، والرؤساء العرب والملكيات العديدة، لدينا سلطوية متخفية كمشاريع علمانية لتحديث الأمم. ولكن في الواقع، كان الإرهاب شائعًا، وفي بعض الحالات، لا يمكن تحديد أي اختلاف كبير بين بعض المشاريع الدينية والعلمانية.”

وأضافت: “كان الهدف دائمًا هو الحكم دون مراعاة التنوع وحقوق الإنسان. يمكن لأحدث اللاعبين في هذه اللعبة، مثل محمد بن سلمان، أن يمنح النساء الحق في قيادة السيارات والسماح لهن بالذهاب إلى الحفلات الموسيقية والملاعب والمسارح، لكنه يستطيع أيضًا أن يضع الناشطات في السجن”.

وتابعت الكاتبة: “بينما يسعد الكثيرون بالمشاركة في الانتخابات والجلوس في برلمانات بلا أسنان، يسعى آخرون إلى تحول حقيقي في المؤسسات السياسية من الداخل لتتوافق مع نموذج إسلامي”.

وأضافت: “مع ذلك قد تسعى مجموعة أخرى للنضال المسلح بعد التخلي عن فعالية التعبئة السلمية والعمل الخيري والتعليم والوعظ. إنهم يدينون إخوانهم الذين ينخرطون فيما يعتبرونه استراتيجيات عقيمة وغير مجدية”.

ومضت تقول: “هؤلاء الإسلاميون الذين ينخرطون في الكفاح المسلح قد لا يبدأون بالضرورة كمتمردين يميلون إلى العنف. قد يتطورون لمرحلة تبني العنف العشوائي بعد الوصول إلى الاستنتاج بأن الدكتاتوريات أبعد ما تكون عن الإصلاح. والواقع أن أكثرهم عنفًا هم الذين لديهم خبرة مباشرة في المدى الذي يمكن أن تذهب إليه الدكتاتوريات في العنف ضد النشطاء، من التعذيب إلى الاغتصاب”.

وأردفت: “كثف العديد من السعوديين عنفهم وإرهابهم في 2003-2008 ضد النظام والأجانب بعد تعرضهم للتعذيب في السجون السعودية. هذا ليس لتبرير الإرهاب بل للإشارة إلى الظروف الخصبة التي يزرع فيها مثل هذا الإرهاب. كانت السجون دائمًا وستبقى حاضنات للعنف المستقبلي، رغم أنها يمكن أن تكون أماكن للخلاص وإعادة التفكير في المشاريع السياسية بين سجناء الرأي والمنشقين”.

وأوضحت أن تسمية كل الإسلاميين بالمتطرفين تسمية خاطئة، مشيرة إلى أنه ليس كل المتطرفين يميلون للعنف.

وتابعت: “يشهد التاريخ الأوروبي على كيفية تمكن المجتمعات والحكومات في عهد سابق من التسامح مع الأناركيين والمفكرين المتطرفين والأيديولوجيين الذين لا يلينون. وطالما أنهم لم يبشروا بالعنف كوسيلة لتحقيق الغاية، فقد سُمح لهم بمواصلة الحلم باليوتوبيا المتطرفة”.

 

وأضافت: “مع ذلك، يرفض محمد بن سلمان الاعتقاد بأن هناك رؤى غير تلك التي تعدها شركات الاستشارات الإدارية له. وبمجرد أن يتبنّاها كرؤى، تصبح مقدسة، ويصبح انتقادها عملًا من أعمال الخيانة ضد ملك المستقبل.”

وأوضحت “في مثل هذا الجو، من المؤكد أن كتاب سفر الحوالي الأخير (المسلمون والحضارة الغربية) سيكون أسوأ من أي بيان ثوري يتم توزيعه من قبل خلية سرية مصممة للإطاحة بالنظام”.

وأشارت إلى أن الكتاب مزيج من التفسيرات الدينية والتاريخ، واستقصاء العلاقات بين المسلمين والغرب، غير أن محمد بن سلمان مصمم على أن القضايا الشائكة لا ينبغي الكتابة عنها، وأنه من الأفضل إرسال الأشخاص الذين يناقشونها إلى السجن.

وتابعت: “لا يجب أن يعمي الغرب هذا الإرهاب غير المسبوق في السعودية. لن يحقق محمد بن سلمان رؤيته للاستقرار والأمن اللذين تعتقد الحكومات الغربية أن النظام السعودي قادر على تحقيقها”.

واختتمت مقالها بقولها: “سجن الأعمدة القديمة لدين دولته هو تطهير يكلفه هو وحلفاؤه ثمنًا باهظًا. لا بد أن يكون إسكات المعارضين على المدى القصير استراتيجية انتحارية على المدى الطويل. إن السماح للمتطرفين بتنفيس غضبهم في الكتب هو بالتأكيد أفضل من دفعهم لحمل السلاح”.