العدسة – معتز أشرف:
قمع واسع لعلماء المسلمين المعتدلين، واحتفاء بالصهاينة، وتودُّد كبير إلى المسيحيين بعد طول تزمُّت وتمييز.
ومع التأكيد الصهيوني السعودي غير الرسمي على أنّ افتتاح سفارة للكيان الصهيوني في الرياض بات وشيكًا للغاية، وكذلك التعهد بإجراءات أكثر انفتاحًا مع كنائس المسيحيين.. نرصد المساواة في مملكة الأمير الطائش محمد بن سلمان.
“السفارة” قريبًا!
وفي العهد السلماني الجديد للسعودية باتت طلبات الكيان الصهيوني مجابة، وفق مراقبين، وفي مقدمتهم- ضمن برنامج التطبيع المشئوم بين السعودية وإسرائيل- فتح سفارة للكيان الصهيوني في أرض الحرمين، ورغم أن التأكيدات حول ذلك تتكرر إلا أنَّ في الساعات الأخيرة كان التأكيد أشدّ، حيث شدَّد الإعلامي الإسرائيلي والباحث الأكاديمي في “معهد بيجين- سادات للسلام” إيدي كوهين، على أنَّ فتح سفارة إسرائيلية في السعودية بات قريبًا جدًا.
وقال “كوهين” في تدوينة له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر ”، ردًا على مغرد سأله عن موعد افتتاح السفارة الإسرائيلية في السعودية: ”والذي بعث موسى وأخاه هارون بالحق إلى الطاغوت فرعون .. إنها لقريبة”.
قسم “كوهين” عزَّزه ترحيب الكاتب السعودي المتصهين دحام العنزي قبل أيام بدعوة عضو الكنيست الإسرائيلي، يوسي يونا، لولي العهد السعودي محمد بن سلمان لزيارة “إسرائيل”، وإلقاء خطاب في الكنيست كما فعل الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، فيما طالب في مقالته بافتتاح سفارة إسرائيلية في السعودية، وأخرى سعودية في “عاصمة إسرائيل القدس الغربية”- كما قال- مضيفًا: “سنفرح كثيرًا لرؤية ذلك” .
المثير أن حساب “إسرائيل بالعربية” عبر “تويتر” نشر المقالة وردّ على الكاتب المتصهين السعودي “العنزي” بالقول: “نرد عليه إن يد إسرائيل ممدودة للسلام مع كل دول الجوار”.
وفي هذا السياق أكد رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية مورتون كلاين نضج التماهي السعودي الصهيوني خلال جلسة استماع بمجلس النواب الأمريكي الأربعاء، مشددًا على أن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل يحظى بدعم ممن وصفهم بحلفاء أمريكا المعتدلين السعودية والإمارات والبحرين.
بدورها أكّدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أنه “ربما تكون المنطقة على وشك تطبيع تاريخي للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل”، مضيفة: “ربما لن يمر وقت طويل قبل أن نرى سفارة سعودية بالقدس”.
مغازلة المسيحيين!
وبالتزامن مع هذا التطبيع المتصاعد مع الصهانية، دشَّن الأمير السعودي محمد بن سلمان تطبيعًا مماثلًا مع الكنائس المسيحية في الفترة الأخيرة بعد طول انقطاع وتمييز وتحريض، لتشهد المملكة في الفترة الأخيرة علاقات دافئة مع المسيحيين، بحسب مراقبين.
وفي مايو الماضي كشف موقع تلفزيون روسيا اليوم باللغة العربية عن تقارير موثقة عن أن السعودية وقّعت اتفاقًا مع الفاتيكان يقضي ببناء كنائس للمصلين المسيحيين في المملكة، في أعقاب ما وصفته بـ”الانفتاح العالمي الثقافي والاجتماعي الواسع في السعودية”، وأرجعت الاتفاق “إلى دور الأديان والثقافات المهم في نبذ العنف، والتطرف، والإرهاب، ودوره في تحقيق الأمن والاستقرار في العالم”.
وفي هذا الإطار وقّع رجل محمد بن سلمان، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى اتفاقًا مع رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان الكاردينال الفرنسي للكنيسة الكاثوليكية جان لويس توران لتحقيق أهداف مشتركة بين الجانبين، فيما أكد الكاردينال الفرنسي، خلال لقائه الشيخ السعودي ضرورة المساواة في معاملة جميع المواطنين، بغضّ النظر عن انتمائهم الديني، بمن فيهم “المواطنون اللادينيون”!!، وفق ما أوردت صحيفة “لوبسرفاتوري رومانو”، وهي الصحيفة الإيطالية التي يصدرها الفاتيكان.
وفي أوائل شهر مارس الماضي، جاء اللقاء التاريخي لمحمد بن سلمان مع البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، خلال زيارته لمصر؛ حيث أشاد تواضروس بابن سلمان قائلًا: “سرور كبير بزيارة ولي العهد السعودي.. أعجبت كثيرًا بشخصيته وابتسامته ومعرفته وفهمه للتاريخ والأحداث الجارية.. إنه يمثل صورة منفتحة وحديثة للمملكة العربية السعودية”.
الحديث اشتعل في أواخر العام الماضي، وتصدّر الوسم #افتتاح_كنيسة_في_الرياض ترند موقع “تويتر” بالسعودية حينها، وسط صمت مطبِق من السلطات السعودية حول القضية، ليكشف عنها السياسي اللبناني، وليد جنبلاط، يوم 25 نوفمبر 2017، وينهي حالة الجدل بخصوص بناء أو ترميم أول كنيسة في السعودية يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الرابع ميلادي، مؤكدًا أن الأنباء صحيحة وأن الخطوة جرئية من الأمير الشاب.
قمع علماء المسلمين!!
وفي المقابل، وفي ظل الاحتفاء السلماني بالتطبيع المجرم مع الكيان الصهيوني أو بالهيئات المسيحية بعد طول تزمُّت، تصاعدت حملات اعتقال وتشويه واسعة بحق أبرز علماء السعودية المعتدلين والمحسوبين على تيار الصحوة غير الوهابي، في خطوات مشهد تسوده بحسب المراقبين عدم المساواة بين الأديان الثلاثة في أرض الحرمين!، فيما يقول مراقبون: إن من ينتسبون لـ«التيار الليبرالي» في المملكة استطاعوا إقصاء خصومهم من «التيار الصحوي»، الذي يمثّل التيار الديني الصحوي في السعودية.
ويقبع العشرات من العلماء، حسب قائمة نشرها حساب “معتقلي الرأي”، في السجون السعودية وآخرهم العالم الكبير سفر الحوالي، وتقدّر أعداد العلماء، والمفكرين، والأكاديميين، والقضاة البارزين الذين تم اعتقالهم، بنحو 76 اسمًا في إحصائية نشرت فور الاعتقالات في أواخر العام الماضي، منهم الشيوخ: سلمان العودة، وعوض القرني، وعلي العمري، وفهد السنيدي، ومحمد عبد العزيز الخضيري، ومحمد بن موسى الشريف.
وتعليقًا على الاعتقال الأخير، قال الحساب: “حاولت السلطات كتم صوت الشيخ سفر الحوالي باعتقاله تعسفيًا، لكنها فشلت فها قد وصل صِيت كتابه “المسلمون والحضارة الغربية” إلى دول جنوب شرق آسيا، وها هي صحافتهم تتحدث عن اعتقاله “بسبب تقديمه نصحًا للحكومة في كتاب جديد”.
“الزج بهم في قضايا الخلاف السياسي” كان سبب تنديد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين باعتقالات العلماء، والذي دعا المملكة العربية السعودية لتغليب صوت الحكمة في التعامل مع تلك الأزمة الخليجية ومع هؤلاء العلماء وعدم الزجّ بهم في قضايا الخلاف السياسي”.
وفي 16 يوليو الجاري قررت السلطات السعودية إلغاء برامج التوعية الإسلامية في جميع المدارس الحكومية، حسب تعميم نشرته وسائل إعلام سعودية، ويطلب التعميم الصادر عن وزارة التعليم من جميع المدارس إلغاء برامج «فطن، وحصانة، والتوعية الإسلامية»، وجميع اللجان المرتبطة بها.
و”التوعية الإسلامية” بحسب صحيفة القدس العربي هو مشروع تأسس في عام 1969، وانتشر في مدارس المملكة، وأشرف على نشاطات إسلامية، ومراكز صيفية طوال الأعوام الماضية، وتخصص غالبية المدارس في السعودية غرفة للتوعية الإسلامية، يتجمع بها طلبة مهتمون بالنشاطات الدعوية.
وفي نفس السياق، الذي يجفّف منابع التدين في السعودية، أوقفت وزارة الشؤون الإسلامية الأنشطة الدعوية والمحاضرات والبرامج، والدورات التي انطلقت مع بداية الإجازة الصيفية،. وكان من المفترض أن تستمر غالبيتها حتى عيد الأضحى المبارك، وأعلنت جهات دعوية إيقاف جميع برامجها دون سابق إنذار، بناءً على توجيهات من الوزارة.
وبحسب مراقبين، فإنَّ “بن سلمان” لن يترك أحدًا يطالب بإصلاحات سياسية، من شأنها إضعاف الأسرة الحاكمة في السعودية، ويقول جان مارك ريكلي، رئيس المخاطر العالمية بمركز جنيف للسياسة الأمنية في هذا الإطار: “من المرجَّح للغاية أن يكون محمد بن سلمان الملك التالي، لكن أي أصوات معارضة يمكن أن تطعن في هذه الخلافة قد تعتبر أيضًا مزعزِعة للاستقرار من منظور النظام، وضعوا ذلك في سياق الخلاف مع قطر، ومن الصعب للغاية الآن في الخليج أن يكون هناك رأي لا يعتبر متحيزًا أو مخالفًا؛ لأن الوضع بالغ الاستقطاب على جميع الجهات”.
اضف تعليقا