العدسة – معتز أشرف:

قدم فريق ولى عهد أبو ظبي محمد بن زايد معزوفة مضللة أمام مجلس الأديان التابع لوزارة الخارجية الأميركية عن تسامح اماراته في الداخل والخارج، وعملها على إقرار التسامح والتعايش السلمي المزعوم .
“العدسة” يسلط الضوء على حقيقة امارات بن زايد طبقا للشهادات الحقوقية المتواترة والدراسات الحديثة ومراقبين .

يكذب ويتجمل !

في مخالفة للواقع وتجمل زعمت الامارات التزامها الثابت بتشجيع التعايش السلمي والاندماج والتسامح وتوفير بيئة آمنة في الدولة وفي أرجاء منطقة الشرق الأوسط كافة ، وذلك خلال مشاركة الإمارات في الاجتماعات التي عقدها مجلس الأديان التابع لوزارة الخارجية الأميركية المختص بتعزيز الحريات الدينية يومي الأربعاء والخميس الماضيين، والذي يهدف رسميا لمناقشة الحلول الرامية لمكافحة الاضطهاد الديني وضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية لأفراد كافة الشعوب.

وفد الامارات قدم لنظرائه الأميركيين، استعراض موقف ، حول مزاعمهم في إشاعة التسامح الديني وجهود مكافحة التطرف، كما اجتمع الوفد مع خبراء من برنامج معالجة التطرف بجامعة جورج واشنطن ومن معهد الشرق الأوسط وجرت مناقشة مصالح دولة الإمارات المشتركة مع الولايات المتحدة في مكافحة التطرف، وأوضحوا لهم الجهود التي تبذلها الدولة في سبيل الترويج لرؤية إيجابية للمنطقة، وذلك بعد زيارة كاتدرائية واشنطن الوطنية.

امارات الاستباحة !

بحسب مراقبين غربيين ، فإن “تجليات انعدام مبدأ التسامح في الإمارات العربية المتحدة” متزايدة ، حيث تضيق السلطات الإماراتية الخناق على المعارضة، ويلقى العشرات منهم في السجون بعد محاكمات تفتقر للعدالة، وفي الوقت ذاته، يتعامل أصحاب العمل مع الموظفين بكل قسوة، وخارجيا ، فبحسب أحد التقارير الأمريكية، أسقطت الإمارات على اليمن، حتى الآن، قنابل تجاوزت قيمتها مليار دولار أمريكي، ومازال القصف مستمرا حيث تعتبر أبوظبي أهم شريك للرياض في الحرب اليمنية، ومسؤولة عن معاناة ملايين المدنيين في اليمن.

وفي تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش السنوي الأخير فإن الامارات لا تعرف طريق التعايش السلمي والتسامح ، مؤكدة استمرار العديد من الانتهاكات ومنها ما يخص العمالة في الداخل حيث يواجه عمال البناء الوافدين استغلالا خطيرا، كما وثق المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان الأوضاع السيئة والمهينة التي تشهدها العمالة في الإمارات، مؤكدا أن “مؤشرات حقوق العمال والعبودية الحديثة المعروفة عالمياً تصنف الإمارات بشكل سلبي”.
منظمة ” كوميتي فور جستس ” أكدت من جانبها أنه منذ الاستعراض الدوري الشامل لملف حقوق الانسان بالإمارات في 2013 لم تقم السلطات الإماراتية بتنفيذ تعهداتها من التوصيات التي قبلتها بشكل كامل او جزئي او التي أخذتها بعين الاعتبار.

مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وثقت كذلك تردى الوضع الحقوقي في الإمارات لا سيما لجهة قمع حرية التعبير، وتعذيب السجناء، وظلم العمال الأجانب، والتمييز ضد المرأة، واستغلال الأطفال، والتمييز العنصري، وتعذيب السجناء، وخنق الحريات.

شهود كثيرون !

ويعد حصار قطر بحسب المراقبين والمتابعين من أبرز الانتهاكات التي كشفت انعدام التسامح والتعايش السلمي الذي تزعمه امارات محمد بن زايد أمام المجتمع الغربي، وهو ما ادانت فيه محكمة العدل الدولية الإمارات مؤكدة حتمية لم شمل العائلات القطرية الإماراتية إلى حين صدور حكم نهائي في القضية التي رفعتها دولة قطر ضد الإمارات، بسبب الانتهاكات التي تعرّض لها المواطنون القطريون في الإمارات جراء الحصار.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان والعديد من اللجان و المنظمات الحقوقية وثقت جرائم الحصار ، وقال المرصد في تقرير حديث له : “إن الإمارات فرضت قيوداً على حرية التعبير وعمدت إلى تجريم أي محاولة للتعاطف مع قطر واعتقال أي مخالف لقرارها، إضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة، في انتهاك واضح للحق في حرية الرأي والتعبير” .

وأضاف أن تلك الانتهاكات التي كشفت عدم التسامح ، طالت حقوق الأسر في الخصوصية والحماية من التدخل التعسفي، وحرية التنقل، كما انتهكت حقوق الطفل رغم التغاضي عن الحالات التي لا تنطوي على عنف مباشر، في مخالفة واضحة لحقوق الأطفال المنصوص عليها في القانون الدولي بالاضافة إلى حملات التشهير وبث الكراهية عبر وسائل التواصل التقليدية والاجتماعية بحق دولة قطر، مؤكدة أن هذه الإجراءات “تمثل تهديداً للأمن والسلم المجتمعي

في منطقة الخليج”.

ولم تطرح الامارات في مجلس الاديان ملف العبودية الذي ترعاه في ليبيا والذي بات مثار ملاحقة دولية وتجريس عالمي ، حيث سلطت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات ومؤسسات وجاليات إفريقية عديدة الضوء على رعايتها للعبودية في ليبيا والاتجار بالمهاجرين الأفارقة ، عبر عدة أنشطة ووقفات احتجاج في فرنسا وبريطانيا وامريكا
وقال لايفز ماتر الناطق باسم الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات العربية المتحدة في هذا الاطار : إن ابو ظبي اصبح لها نصيب من الحراك العالمي المناهض للعنصرية ضد الأجانب والعمال والعبودية والاتجار بالبشر، مشيرا الي أن حملته تدعم بقوة اي مبادرة او أنشطة تستهدف مساعدة المهاجرين الأفارقة العالقين في ليبيا والتي تساهم الإمارات في معاناتهم اليومية بدعمها المستمر للعصابات التي تقوم بفتح سوق للعبيد.
وفي اليمن بات ملاحقة الامارات على جرائم ضد اليمنيين بارزة ، ووثّقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” حتى التقرير السنوي الأخير مطلع العام ، ما يقرب من 87 اعتداء غير قانوني ، بعضها على الأرجح جرائم حرب، قتل فيها نحو 1000 مدني منذ مارس 2015 في اليمن ، مؤكدة تورط الإمارات في الاعتداءات باليمن، بما فيه من خلال دعم القوات اليمنية المسيئة التي تنفذ حملات أمنية جنوب اليمن، كما تدير ما لا يقل عن مرفقين غير رسميين للاحتجاز في اليمن،بهما الكثير من الانتهاكات، فيما شكت المنظمة العربية لحقوق الإنسان الإمارات إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب باليمن، وقالت إن أبو ظبي استخدمت أسلحة محظورة.

ولجأت الامارات إلى أساليب الكراهية والتمييز والعنف واستخدام الانقلابات العسكرية للاطاحة بالحكومات المنتخبة بعد ثورات الربيع العربي ، ووفق دراسة حديثة ” دعمت دولة الإمارات باكرا قوى الثورة المضادة ممثلة أساسا في الأذرع المالية والأمنية والعسكرية والسياسية للأنظمة التي ضربتها أمواج الثورات، حيث آوت مبكرا عددا هائلا من القيادات التابعة للنظام القديم بدول الربيع، وشكلت بسرعة غرف عمليات معقّدة لإجهاض الثورات وضرب المسارات الانتقالية وإعادة المنظومات القديمة إلى سدة الحكم، ونجحت هذه الغرف في إجهاض أهم النماذج الثورية متمثلة في الثورة المصرية، كما عملت غرف الثورة المضادة أيضا على إنهاك المسارات الثورية الأخرى في ليبيا، حيث مثّل الدعم الإماراتي للجنرال الانقلابي خيارا مضادا يمنع الثورة الليبية من بلوغ منتهاها، وصناعة مسار انتقالي مدني يخلو من مغامرات العسكر ومن حلم بعث القذافي من جديد”.

تناقض واضح

التناقض الواضح بين المزاعم الرسمية والحقائق ، وثقته منظمة العفو الدولية في تقرير حديث لها حيث قالت : “الإمارات المتحالفة مع الغرب تقوم بتنفيذ مشروعات لتضفي البريق على صورتها، لكن تحت هذه الواجهة واقعٌ أقبح من ذلك بكثير، حيث أن النشطاء الذين يتجرؤون على تحدي السلطات أو يتحدثون عن مزيد من الديمقراطية ومساءلة الحكومة موجودون في السجن”.
وأضافت المنظمة أن هناك “فجوة هائلة بين الصورة العامة التي تسعى الإمارات إلى إظهارها من خلال مشروعات حديثة وقوة اقتصادية متنامية تضم فنادق فاخرة وناطحات سحاب ومراكز تسوق، والواقع المظلم للنشطاء الذين يتعرضون للاضطهاد بشكل روتيني والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة”.

الأوضاع في الامارات وفق تعبير سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، “خادعة” ، فهي “تحاول الحكومة وشركات العلاقات العامة المتعددة التي تمولها رسم الإمارات كدولة حديثة سائرة في طريق الإصلاح. ستظل هذه الرؤية الوردية خيالية طالما رفضت الإمارات إطلاق سراح الناشطين والصحفيين والمنتقدين الذين سُجنوا ظلما مثل أحمد منصور” مضيفة أنه “كلما أشادت الولايات المتحدة وغيرها بالإمارات لدعمها الحاسم في مكافحة الإرهاب في أماكن مثل اليمن، فإن ذلك يغطي واقعا أكثر قتامة يسوده الإخفاء والتعذيب وإساءة معاملة المحتجزين، ويؤكد تواطؤهم المحتمل في هذه الانتهاكات”.