العدسة – محمد العربي:

“عبارات جارحة مهينة” هكذا وصف محللون ومتابعون للشأن الإيراني تصريحات “بهرام قاسمي” المتحدث باسم الخارجیة الإيرانية، التي هاجم فيها دولة الإمارات العربية المتحدة ردا على تصريحات أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، فيما يتعلق بالربط بين استهداف ناقلة النفط السعودية وتهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز.

المسئول الإيراني طالب الإمارات بأن تتحدث على قدر حجمها في المنطقة، موجها حديثه للوزير الإماراتي قائلا” وزیر الخارجیة الإماراتي یطلق أحیانا کلمات غیر مترابطة بما یتجاوز حجمه”، مضيفا في تصريحات نقتلها وكالة الإنباء الإيرانية الرسمية: ” لیس هذا البلد في موقع یسمح له بأن تتلفظ بكلمات مسیئة سعیا وراء إلقاء اللوم علی الآخرین فیما یخص المشاکل التي خلقها هذا البلد وشریکه السعودي في الیمن”.

المحللون أكدوا أن المسئول الإيراني ظهر وكـأنه يُعَيِر الإمارات ويهددها بألا تلعب مع الكبار، في إشارة لضعف الموقف الإماراتي من احتلال بلاده لجزرها الثلاث، كما أنه أراد بهذا التصريح أن يكشف الغطاء عن الوجوه الحقيقية التي تقف وراء تصاعد الأحداث بالمنطقة الملتهبة.

قرقاش وفتح الملفات

الرد الإيراني الرسمي صاحبه تعليق آخر من “محمد عبد السلام” الناطق الرسمي لأنصار الله والذي أكد في تعليق عبر حسابه بتويتر “أنه في السياق القرقاشي الجيوسياسي فإن النظام الإماراتي أعجز من فتح معركة مع قرية يمنية ناهيك أن يغرق في حرب مع الشعب اليمني لولا أن الأمريكي يريد ذلك، هي علاقة بين المستعمِر وأحد ذيوله الإقليمية. وأضاف ” هذه الحرب العدوانية كشفت ما يراد أن يكون خافيا، أنكم بلا وزن إلا بأمريكا!”.

وكان وزير الدولة للشئون الخارجية بالامارات أنور قرقاش انتقد علاقة الحوثين بايران مؤكدا عبر صفحته بـ “تويتر” ” لا يمكن لنا في السياق الجيوسياسي إلا أن نفهم أن التهديدات الإيرانية بشأن مضيق هرمز مرتبطة بالإعتداءات الحوثية ضد الملاحة في البحر الأحمر، هي علاقة بين الموجّه والتابع.أدركنا طبيعة الخطر الحوثي وواجهناه”.

وطبقا لمسار الأحداث فإن إيران تعاملت على أرض الواقع مع تصريحات المسئول الإماراتي، بشكل مختلف عن التصريحات الساخرة، حيث بدأت إيران تتعامل مع فكرة تشكيل “ناتو” عربي اسرائيلي في المنطقة بشيء من الجدية، تمثل في تثبيت وجودها بمنطقة الخليج بتوقيع اتفاق بين الحرس الثوري الإيراني والقوات المسلحة العمانية لتعزيز التعاون الثنائي بين الجانبين في مجال الخدمات الطبية العسكرية، وهي التحركات التي اعتبرها موقع “ديبكا” الإسرائيلي بأن لها أهداف أخري، وأشار الموقع (قريب الصلة من الأجهزة الاستخباراتية) في تقرير نشره يوم الأثنين الماضي أن هناك حوارا غير مباشر بين إيران وأمريكا بواسطة عمانية للتوصل إلى اتفاق نووي جديد.

وطبقا للموقع فإن “علي خامنئي” مرشد الثورة الإيرانية أعطي توجهاته ببحث شروط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للتوصل لصفقة نووية جديدة، تجنب إيران العقوبات، خاصة بعد تحذيرات تلقاها خامنئي من مساعديه بأن طهران ستتأثر بشدة من الحظر الأمريكي على صادراتها النفطية، واستدل “ديبكا” بتصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، التي تحدي فيها العقوبات الأمريكية، والتي تزامنت بشكل متعمد مع زيارة وزير الدولة للشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي لواشنطن، ولقائه مع وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، وما صاحبها من الحديث عن جود وساطة عمانية بين واشطن وطهران.

إيران أم الإمارات

وبالعودة من أخري للاشتباكات الإعلامية بين مسئولين إيرانيين وآخرين إماراتين، فإن هناك العديد من التساؤلات تفرض نفسها عن مقاييس القوة بين الدولتين المتنازعتين في أرض أخري ثالثة وهي اليمن، وهل يمكن أن تواجه الإمارات التي تحتل المركز الثاني من حيث مشتريات الأسلحة الأمريكية بالمنطقة العربية وتحل في المرتبة الرابعة على مستوي العالم طبقا لدراسة حديثة لمعهد ستوكهولم لبحوث السلام عن مبيعات الأسلحة في الفترة بين 2008 و2017، وبين إيران التي تناطح منذ سنوات الإدارة الأمريكية وطورت من ترسانتها التسليحية.

التقارير تشير إلي أن إيران هي الأقوي في كل شيء، سواء في عدد السكان الذي بلغ 79 مليون نسمة بنهاية 2017، بينما يبلغ عدد سكان الإمارات، تسعة ملايين نسمة من بينهم مليون مواطن بينما الآخرين مقيمين، ويشترك كل منهما في أنهما من الدول المصدرة للبترول وإن كانت إيران تمثل إضافة قوية لمنظمة الأوبك.

وفيما يتعلق بالعتاد العسكري تشير آخر إحصائية لوكالة تاس عن القوة العسكرية الإيرانية عام 2016، فإن القوات المسلحة الإيرانية تتكون في فترة السلم من بنيتين منفصلتين وهما الجيش الإيراني وفيلق حرس الثورة الإسلامية، ويبلغ العدد الإجمالي للقوات المسلحة الإيرانية (بدون قوات الأمن الداخلي) أكثر من 520 ألف شخص، بينما يبلغ عدد الاحتياط 350 ألف شخص.

وبالنسبة للأسلحة والمعدات فجزء منها من صنع أمريكي وبريطاني تم استيرادها قبل الثورة الإسلامية عام 1979، وفي النصف الأول من التسعينيات استوردت إيران من روسيا كميات كبيرة من السلاح والمعدات، وتوجد لدى القوات المسلحة الإيرانية نماذج مختلفة من الأسلحة السوفيتية والروسية، بما في ذلك الطائرات الحربية والمروحيات والغواصات التي تعمل بالكهرباء والديزل وكذلك الدبابات والمصفحات ونظم الدفاع الجوي الصاروخية والصواريخ الجوية وذخيرة. وتنتج إيران دبابات ” ت-72″ بترخيص من روسيا، وفي أبريل 2016 حصلت إيران من روسيا علي الدفعة الأولى من منظومات الدفاع الجوي الصاروخية “إس-300″، كما توجد بإيران 7 مجموعات صناعية تنتج الأسلحة والمعدات والذخيرة للجيش والحرس الثوري.

وتتألف القوات البرية من 350 ألف شخص منهم 220 ألف يؤدون الخدمة الإلزامية البالغة 21 شهرا، وتمتلك طهران 1600 دبابة بما في ذلك 480 من طراز “ت-72″ و150 من طراز ” М60А1″ الأمريكية وحوالي 100 من طراز شيفتن البريطانية وحوالي 540 دبابة سوفيتية(“ت-45″ و”ت-55″)، كما تمتلك القوات الإيرانية 600 عربة قتالية مدرعة ” ب م ب” و640 عربة نقل جنود مصفحة ” ب ت ر” وأكثر من 8700 مدفع وراجمة صواريخ، ولدي القوات البرية كذلك أكثر من 200 طائرة هليكوبتر من مختلف الطرازات والأنواع وحوالي 180 بطارية دفاع جوي سوفيتية وصينية وروسية، كما تضم القوة البرية لفيلق الحرس الثوري حوالي 100 ألف مقاتل، وخلال شهر يمكن تعبئة حوالي 3 ملايين شخص في قوات “باسيج” .

أما القوات البحرية فتضم 18 ألف عسكري بما في ذلك 2600 من مشاة البحرية. وفيها قيد الخدمة: 29 غواصة و69 سفينة سطح قتالية (فرقاطات وزوارق صاروخية وكاسحات ألغام وسفن إنزال) وتوجد لدى القوات البحرية مجموعة جوية.

وفيما يتعلق بالقوات الجوية الإيرانية فلديها 30 ألف عسكري بما في ذلك 12 ألف في قوات الدفاع الجوي، وتضم القوات الجوية 330 طائرة حربية منهم 180 مقاتلة أمريكية وسوفيتية وبريطانية و120 طائرة نقل عسكرية وقاذفات أمريكية وروسية وطائرات تدريب وأكثر من 30 مروحية قتالية.

القدرة الإماراتية

يعد الإنفاق العسكري الإماراتي من أعلى المعدلات في المنطقة، ويبلغ عدد قواتها البرية 65 ألف مقاتل وليس لديها احتياط، ويضم سلاح الجو الإماراتي 497 طائرة، ولديها 75 قطعة بحرية، وتمتلك 3085 دبابة، ورغم تفاوت القدرات العسكرية إلا أن الإمارات تعتمد على تطور قوتها العسكرية، مقابل توقف السلاح الإيراني عند محطة ما قبل فرض الحصار، بالإضافة لما يعانيه الجيش الإيراني من غياب قطع الغيار لكثير من الأسلحة الأمريكية التي امتلكها قبل فرض الحصار.

وطبقا للمراقبين فإن الإمارات تُعوِل كثيرا على تقدم أسلحتها من حيث التطور التكنولوجي، إلا أنهم أكدوا أيضا أن التعامل مع القوة العسكرية الإيرانية باعتبارها متراجعة أو متخلفة، لا يجب التعويل عليه كثيرا، في ظل استطاعة إيران من تطوير منظومتها العسكرية معتمدة في ذلك على طريقين الأول هو السوق السوداء التي مكنت طهران من مجاراة التطور التسليحي، أما الطريق الثاني فهو الاكتفاء الذاتي بتطوير المنظومة العسكرية ذاتيا، وهو ما حقق نجاحا في المواجهات الإسرائيلية مع المقاومة الفلسطينية التي تعتمد بشكل كبير على المعونات العسكرية الإيرانية، وكذلك الدعم العسكري الذي تقدمه للنظام السوري، وأخيرا التقدم الذي مازالت تحققه قوات الحوثي باليمن، وبالتالي كان إطلاق الصواريخ على مطار أبو ظبي والتصدي لشاحنة سعودية أمام الشواطئ اليمنية بالبحر الأحمر بمثابة إعلان إيراني بأن لديها الكثير من أسلحة المواجهة إذا استدعت الحاجة لذلك.