كتب- باسم الشجاعي:

يسير ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سيمان” على خطى نظيره الإماراتي “محمد بن زايد”، وهو ما أثر سلبًا على الرياض اقتصاديا.

وباتت السعودية بفضل سياسات ولي العهد –الطامح لكرسي العرش-، في البلاد التى تسعى لبناء نموذج اقتصادي رأسمالي على النمط الغربي فيما يُعرف برؤية 2030، تمر بأسوأ اضطراب في تاريخها الحديث.

ويبدوا أن الإجراءات التي اتخذتها السعودية ضمن رؤية 2030، لسد عجز اقتصادها، تشير إلى أن الرياض تسير بخطى ثابته نحو أزمات اقتصادية كبيرة قد تحولها لمدينة أشباح، على غرار ما حدث بمدينة دبي على يد “أولاد زايد”.

فوفقا للتقارير التي أعلنتها الهيئة العامة السعودية للإحصاء ومكتب إدارة الدين العام في المملكة عن العام الماضي، فإن الأزمة الاقتصادية في البلاد أصبحت تنذر بخطورة الوضع؛ حيث إن الإنكماش السعودي بلغ ذروته في العامين الماضي والحالي.

كما كشفت هيئة الإحصاء بالمملكة عن أن الناتج المحلي الإجمالي قد إنخفض خلال الربعين الأولين من العام الماضي بنسبة 2.3% و3.7% على التوالي.

أرقام خيالية للديون

وفي خضم هذا التدهور المتواصل، فقد سجلت ديون القطاعين العام والخاص للبنوك في السعودية قفزات متتالية، خلال العام الجاري.

ومع نهاية مايو الماضي وصلت الديون  إلى 1.437 تريليون ريال (383.2 مليار دولار)، مقارنة بـ1.421 تريليون ريال (378.9 مليار دولار)، في ذات الشهر من عام 2017، وفقًا لتقرير صادر عن مؤسّسة النقد العربي السعودي “ساما”.

وكشف التقرير ذاته، عن ارتفاع حجم القروض المقدمة من البنوك والمصارف السعودية للقطاع الخاص، بنهاية مايو 2018، لتصل إلى 1.428 تريليون ريال (380 مليار دولار)، مقارنة بـ1.421 تريليون ريال (378 مليار دولار) بالفترة نفسها من العام 2017.

“التقرير”، أظهر أيضا ارتفاعًا ملحوظًا في حجم القروض العقارية من 211.499 مليار ريال (56.39 مليار دولار) مع نهاية 2017، لتصل إلى 217.265 مليار ريال (57.93 مليار دولار) مع نهاية 2018، وبلغت نسبة القروض الممنوحة للمؤسّسات الحكومية 45.6 مليار ريال (12.1 مليار دولار) بنهاية مايو.

وحققت الديون السعودية ارتفاعًا من 81.6 مليار دولار في العام 2014، لتصل إلى أكثر من 100 مليار دولار حتى نهاية عام 2017 (تمثل الديون الداخلية قرابة 65% منها).

فشل “السعودة”

الأوضاع الاقتصادية المؤلمة التي تشهدها البلاد من أزمة النفط في 2014،  سهلت الطريق أمام ولي العهد، لإطلاق رؤية 2030، والتي كانت من ضمنها إطلاق خطة “سعودة الوظائف” في 2017.

وتهدف “السعودة” لرفع نسب العمالة المحلية في الشركات العاملة في البلاد، وخفض نسبة البطالة بين المواطنين التي ارتفعت 12.9%، ولكن سرعان ما ظهر فشلها.

فقد رحل مئات الآلاف من العمالة الأجنبية عن البلاد، في الوقت الذي لا يوجد بديل محلي مؤهل لهم، مما دفع وزارة العمل للتراجع عن قرارات “السعودة” لـ12 نشاط ووظيفة، وذلك لصعوبة إيجاد الكفاءات المحلية.

ومازاد الطين بله، ما كشفته بيانات هيئة الإحصاء (حكومية)، عن أن معدل البطالة في الربع الأول من 2018 ارتفع إلى 12.9% -أي بعد عام من “السعودة”-، مقارنة بنسبة 12.8% في الربع الأخير من 2017، و12.3% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2016.

ويأتي ذلك على عكس ما خطط له “ابن سلمان”؛ حيث كانت تسعى السلطات في السعودية لتوفير 450 ألف فرصة عمل للشباب السعودي في القطاع الخاص بحلول 2020، وهو ما دفع بولي العهد السعودي لتسريع عملية هجرة العمال الأجانب الذين يشكلون نحو ثلث السكان.

وبحسب مراقبين فإن هناك مخاوف فعلية من أن العديد من الشركات السعودية قد تغلق، ففي خلال الأشهر الثلاثة الماضية سجلت 5000 غرامة على شركات انتهكت قواعد السعودة في قطاعات، منها الاتصالات والفندقة وتأجير السيارات.

على خطى دبي

وكما حدث في مدينة دبي التي تحولت لمدينة أشباح بفضل سياسات “أولاد زايد”، تكرر الأمر في الرياض، وعلى مايبدو أن الإفلاس بات يطارد السعودية –البلد الغنية بالنفط-.

فمؤخرا قامت “شركة مطاعم ومتنزهات الخليج”، التي تدير شركة “فورشيتا” والعديد من سلاسل المطاعم الأخرى، بفصل 5000 موظف في السنوات القليلة الماضية، ما أدى إلى تقليص عدد العاملين لديها إلى 700، بحسب مدير العمليات “ربيع غسطين”.

كما أغلقت الشركة حوالي 5 مطاعم كان بينها فرع “Forchetta” الجديد.

وكما الحال في قطاع العقارات في دبي، الذي بدأت في الإنهيار، ظهر الأمر أيضا في السوق العقارية السعودية.

فقد شهد السوق العقارية بداية من العام الجاري، انهيار كبير في القطاع، ليسجل انخفاضا قياسيا بلغ 87 % في  قيمة صفقات القطاع التجاري لتستقرعند مستوى 213 مليون دولار فقط.

هل تفلس السعودية؟

خبراء وتقارير اقتصادية دولية تؤكد أن الإجابة: “نعم”، وذلك اذا استمرت سياسة ولي العهد العهد السعودي على هذا المنوال، أو تدهور حال النفط.

ففي ظرف خمس سنوات قد تجد دول خليجية على رأسها السعودية نفسها غارقة في عجز مالي، بحسب تقرير سابق صدر عن صندوق النقد الدولي.

الأمر نفسه، أكده ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، في لقاء له مع وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية، الذي قال فيه إن “المملكة كانت ستصل إلى “الإفلاس التام” في أوائل العام 2017 لو لم تغير سياساتها الاقتصادية”.

ولكن السياسة التي ينتهجها ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، والتي أشار لها في لقائه وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية لم تؤتي ثمارها بعد، وأثبتت فشلها كما أوضحنا في بداية التقرير بالأرقام.

وتواجه السعودية ركودًا اقتصاديًا وسياسات تقشف غير مسبوقة، سحبت الرياض على إثرها أكثر من 230 مليار دولار من احتياطاتها المالية، في حين يتوقع ان يبلغ النمو الاقتصادي هذا العام 0.10% بحسب صندوق النقد الدولي، وهو أدنى معدل للنمو منذ 2009 عقب الازمة المالية العالمة.

وبلغة الارقام فقد دخلت المملكة العربية السعودية مرحلة اقتصادية صعبة مغايرة تمام لوعود رؤية 2030، التي أعلن عنها ولي العهد السعودي في 25 إبريل 2016.

وعلى نفس الطريق تسير الإمارات التي تنفق على حملات غسل سمعتها في أمريكا وأوروبا؛ حيث عادت أبوظبي إلى الاستدانة من الأسواق الدولية من جديد، لتعزيز الإيرادات المالية في الإمارة النفطية، وطرحت، سندات سيادية مؤخراً، في إطار إصدار لدين على ثلاث شرائح بقيمة 10 مليارات دولار، حسب ما ذكرت وكالة “بلومبيرغ”.