العدسة – معتز أشرف:
لن يقبل الأميران محمد بن سلمان ومحمد بن زايد أي مبادرات تسوية سياسية على المدى القريب في اليمن.
هذا مخلص المشهد بحسب ما رصد العدسة” عقب ضرب مبادرة الحوثي الأخيرة بمجزرة سعودية إماراتية ضد ابناء اليمن ، وهو ما نستعرض مظاهره واسبابه.
كيف تفسد مبادرة ؟!
تزايدات المبادرات السياسية لحل الأزمة اليمنية ، وآخرها ما أعلنه الرجل الأول في جماعة أنصار الله محمد علي الحوثي في استجابة منه لمبادرة الشخصيات الإسلامية قبل أيام للعودة الى طاولة الحوار من خلال دعوة الجهات الرسمية اليمنية إلى التوجيه بإيقاف العمليات العسكرية البحرية لمدة محددة قابلة للتمديد، لتشمل جميع الجبهات إن قوبلت هذه الخطوة بالاستجابة، والقيام بخطوة مماثلة من قبل قيادة هذا التحالف.
مبادرة الحوثي واضحة المعالم تتبلور في “العودة لطاولة الحوار وتشكيل لجنة مصالحة وطنية والاحتكام لصندوق الانتخابات لانتخاب رئيس وبرلمان يمثل كل القوى باليمن، ووضع ضمانات دولية ببدء إعادة الاعمار ومنع اي اعتداء من دول اجنبية على اليمن وجبر الضرر وإعلان عفو عام وإطلاق المعتقلين لكل طرف ووضع اي ملف مختلف عليه للاستفتاء”.
وفي المقابل رحبت ما يسمى “وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء” ، بالمبادرة لوقف العمليات العسكرية البحرية في اليمن، تمهيدا لوقفها على جميع الجبهات إن قوبلت بخطوات مماثلة من جانب تحالف العدوان، وقال الحوثي في تغريدة عبر “تويتر” الثلاثاء “الهدنة التي تم الترحيب بها من وزراة الدفاع اليمنية ستبدأ من الساعة الثانية عشر لهذه الليلة، حتى الساعة الثانية عشر ليلا من يوم الأربعاء 3 ذو الحجة 1439 الموافق ليوم 15 أغسطس ، 2018، وهي “قابلة للتمديد إن قوبلت بخطوات من التحالف الأميركي السعودي وحلفائه كما هو معلن بالمبادرة”.
لكن طيران التحالف السعودي الاماراتي ارتكب مجزرة جديدة الخميس بقصفه مستشفى الثورة في مدينة الحديدة وميناء للصيد شمال غرب اليمن، ليوتر الاجواء من جديد ويفسد روح المبادرة لصالح أهدافه الاستعمارية الخاصة بحسب مراقبين ، حيث كشفت مصادر طبية يمنية بالحديدة أكدت ارتقاء أكثر من 40 شهيداً وإصابة 70 آخرين كحصيلة أولية للجريمة التي استهدفت بوابة المستشفى والميناء.
توكل كرمان الناشطة اليمنية الحاصة على جائزة نوبل للسلام وصفت ما حدث من التحالف في تغريدات متتابعة علي صحفتها الرسمية بالمجزرة الجديدة التي تهدف استمرار المستنقع اليمني كما هو إلى ما شاء الله ، مؤكدة أن “التحالف بحسب تقارير مفصلة للجان الخبراء الأمميين نجح في تحويل اليمن الى دويلات متصارعة، يسيطر على كل دويلة عدد من الميليشيات، والتي سيستمر صراعها الى ماشاء الله!!” مضيفة أن “هذا الفشل هو ما اراده التحالف وخطط له، منذ رعى الانقلاب عن طريق عميلهم المخلوع علي صالح وبطرق اخرى ، مرورا باعلان التحالف الحرب في اليمن، مدعياً أنها لاعادة الشرعية،لكنه ادارها بطريقة تكفل ان لاتعود ابداً!!
أطماع بن سلمان !
ولفهم الاصرار السعودي على ضرب أي خطوة لاقرار الاستقرار في اليمن ، كشف مراقبون ومتابعون للملف اليمني عن وقوف العديد من الاطماع السعودية في اليمن ، بشكل يجعل ولى عهدها الطامح للزعامة في أرض الحجاز مصرا على ابتزاز اليمن حتى آخر المطاف.
ولامتلاك اليمن، وخصوصاً محافظات مأرب والجوف وحضرموت، واحداً من أضخم الاحتياطيات النفطية والتي قدّرت أبحاث علمية وشركات عالمية للتنقيب أنه يفوق نفط الخليج بأكمله، خاضت السعودية العديد من الحروب على اليمن، ابتداءً من حرب عام 1934 التي انتهت باحتلال محافظات (جيزان، عسير ونجران) وحروب السبعينيات التي انتهت باحتلال الوديعة والشرورة، أما التحرك الحالي تحت لافتة التحالف فهدفه واضح: السيطرة على محافظة حضرموت بحسب المراقبين ، التي صرح البعض بضرورة منحها للسعودية مكافأة لأنها “وقفت إلى جانب الشرعية”.
وقدرت دراسة أجرتها الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اليمنية في 2013 أن الاحتياطي من مادة الذهب في وادي حضرموت يصل إلى نحو 678 ألف طن صخور بنسبة 15 جرام ذهب في كل طن صخور، فيما تقول تقارير إن الاحتياطي هناك يصل 962 ألف طن.
ويرى المتابعون أن تضخيم الاعلام السعودي من التصريحات الايرانية بشأن اغلاق مضيق هرمز، تمهيد للبدء بتنفيذ مشروع تحلم السلطات السعودية المتعاقبة من عشرات السنين، و هو مد أنبوب النفط عبر المناطق الشرقية اليمنية، وصولا إلى البحر العربي، بعد أن توسعت السعودية “42” ألف كيلو متر في محافظة حضرموت اليمنية، و باتت على مقربة من سواحل البحر العربي، فيما نشرت آلاف من جنودها في محافظة المهرة، و بدأ مهندسون و فرق فنية بإعداد دراسة ميدانية لمد أنبوب نفط من الأراضي السعودية إلى سواحل البحر العربي.
و في العام 2015 كشف مسئولون سعوديون عن مشروع قناة سلمان، و هي قناة مائية ستربط البحر العربي بالسواحل السعودية الشرقية على الخليج العربي، و هو المشروع الذي كشفت عنه وثيقة صادرة عن الخارجية السعودية، و التي بموجبها شكلت لجنة من الاستخبارات و الخارجية و الداخلية في العام 1998، بهدف الحصول على منفذ بحري على البحر العربي، وبحسب التقارير المتواترة ترى السلطات السعودية أن الوقت الحالي هو الأنسب لهذا المشروع، مستفيدة من تواجد قواتها العسكرية في اليمن و قيادتها للتحالف العسكري الذي يشن حربا على اليمن منذ العام 2015، و امكانية تمرير المشروع في ظل انشغال اليمنيين بالحرب، و ما خلفته الحرب من مشاكل اقتصادية على اليمن، عوضا عن وجود الحكومة التي يمكن تنفيذ ما يملى عليها، فيما يرى مراقبون أن ترك السعودية أمر الجنوب للإمارات يهدف إلى اشغال الجنوبيين بشكل خاص و اليمنيين بشكل عام عن ما تقوم به من اعمال انشائية لمد أنبوب النفط شرق البلاد، مستفيدة بالانشغال بالتوسع الاماراتي في عدن و شبوة و أبين و ساحل حضرموت و محافظات أخرى.
اطماع بن زايد !!
وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ، على درب ابن سلمان يمضى بحسب تقارير متعددة تحدثت عن اطماع اماراتية متزايدة في اليمن ، لن تتركه يمر من يديها بسهولة ، وهو ما رصدته مجلة ” فورين أفيرز الأمريكية” موضحة أن الإمارات تهدف لكسب اليد العليا في اليمن، كما أنها ترى في ذلك فرصة لتعزيز الأحزاب التي تريد أن تصدرها في تسوية سياسية في نهاية المطاف، مشيرة إلى أنه على الرغم من وعود التحالف العربي بتحقيق نصر سريع، لكن سرعان ما ركد القتال، وأخفقت الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية، ما أدى الى انهيار محادثات السلام الأخيرة في عام 2016، وفي الوقت نفسه، تدهور الوضع الإنساني بشكل كبير.
ولدى الامارات اجندة اقتصادية استعمارية واضحة بحسب المراقبين ، فقدت سعت لتدمير ميناء عدن لصالح موانئ دبي، وتمكنت من فرض أجندتها في السيطرة على الساحل العربي، وميناء عدن، والخليج العربي، وسقطرى ، وينظر لمحاولة الإمارات الضغط على هادي لتوقيع اتفاقية تأجير جزيرة سقطرى وموانئ عدن لـ99 عامًا، كدليل على الرغبة الاستعمارية الخفية لدى الاماراتيين إلا أنهما اختلفا على البنود والتفاصيل.
ويرصد المراقبون كذلك ما يقوم به الامارتيون اثناء تواجدهم العسكري في الاراضي اليمنيه حيث تقسيم اليمن الى دويلات واقامة اماراة سنية في الجنوب ذلك مراد النظام الاماراتي للسيطرة على الموانئ المائية، بالتزامن مع مشاريع خطيرة كتأسيس وحدات عسكرية خارج هيكلية الجيش والقوات الأمنية اليمنية، والتركيز على العنصرية في تشكيل هذه القوات كما هو الحال بالنسبة للحزام الأمني وغيره من التشكيلات التي يهيمن عليها الاماراتيون، ناهيك عن مايتسبب فيه التدخل الاماراتي في تأجيل حسم المعركة العسكريه في تعز وفي صنعاء وفي شبوه وفي بعض الجبهات ما تسبب بافشال الحل السياسي
المستقبل القريب
وبحسب مراقبين ، ستقف احلام ابنا سلمان وزايد حجرة عثرة في تسوية سياسية في اليمن ، حيث سيتم اعتماد سياسية ترحيل الازمات أو تضخيمها للبقاء لاطول فترة ممكنة في بلاد الثروات المتزايدة ، وهو ما أكده معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الأمريكي في تقدير موقف حديث حيث أكد أن الطريق إلى السلام في اليمن محفوف بالمخاطر.
تقدير الموقف نوه إلى ظهور تعقيدات إضافية وتحولت الولاءات بين الجماعات المختلفة ولطالما شملت الحرب رفقاء غرباء هم أكثر توافقاً حول الخصوم المشتركين من توافقهم حول المصالح المشتركة، ولكن حتى هذه الروابط الضعيفة قد تحطمت الآن في ظل وجود السعودية والامارات .
اضف تعليقا