العدسة – معتز أشرف:

موجة جديدة من الكوليرا ، تضع كشف حساب حقيقي لما جناه اليمن الذي كان يسمى في يوم سعيدا ، ولكنه تحول على يد التحالف السعودي الإماراتي إلى بلد حزين ومنهك ولا يرى أملا في نهاية النفق المظلم.

“العدسة” يرصد خسائر أصحاب البلد والحق على يد من زعم تقديم العون لهم في أبوظبي والرياض.

الخسائر بالأرقام !

وفق  وزارة حقوق الإنسان التابعة لحكومة الإنقاذ بصنعاء، في تقرير حديث قبل شهور لقى  ٢٩٦٨٣٤ مصرعهم جراء الحرب بشكل غير مباشر، و توفى  247000 طفل بسبب سوء التغذية ووقعت 176٠0 حالة وفاة بسبب عدم القدرة على السفر للعلاج و 1200 حالة وفاة بسبب الفشل الكلوي و 2236 حالة وفاة بسبب الكوليرا و 450 حالة إجهاض، فيما توفى وجرح 2361  بسبب الأعمال الإجرامية للجماعات المدعومة من العدوان، أما عن الضحايا المدنيين بشكل مباشر نتيجة الحرب 3850٠ قتيل وجريح ومعاق منهم 2949 طفلا و 2060 امرأة، 8979 رجلا.

 

أما بالنسبة للخسائر المادية، فأشار التقرير إلى أن الحرب دمرت  271 مصنعا و19 مؤسسة إعلامية مقروءة ومسموعة ومرئية و28 مركز إرسال إذاعي وتلفزيوني وميكرويف، وتم تدمير 400 منشأة وشبكة اتصالات حكومية وخاصة و420 منشأه وشبكة ومحطة كهرباء و 450 منشأة ومحطة وناقلة نفطية وغازية و 85 منشأه رياضية، هذا بجانب تدمير 9 مطارات مدنية و 14 ميناء و 5000كم من الطرق و 95 جسر.

وأشار التقرير أن العمليات المباشرة من جانب التحالف دمرت 2641 منشأة تربوية وتعليمية منها 293 تدمير كلي و2348 تدمير جزئي ودمر 68 مرفقا إداريا تربويا، وتم قصف وتعطيل 23 جامعة حكومية وأهلية كليا وجزئيا وتدمير 60 معهدا وكلية مجتمع، وتشريد ٢.٥ مليون طالب لايذهبون للمدارس والجامعات نتيجة الحرب.

كما قُتل عشرات الصيادين واستهدف 93 مركز للإنزال السمكي وتدمير 4586 قارب صيد حرمان أكثر من 50 ألف صياد من ممارسة الصيد في البحرين الأحمر والعربي، واستهداف 4948 موقع ومنشأة زراعية بينها 660 مخزنا غذائيا و200 مصنعا للغذاء و3500 بيتا زراعيا و1010 حقلا زراعيا، كما استهدفت الحرب 1016 مزرعه للمحاصيل و535 سوقا مركزيا للمنتجات الزراعية و40 سوقا زراعيا ريفيا و81 سوقا فرعيا ومخزنا للتبريد و 8010 منشأة مائية و1090 مضخة مياه و10 وحدات طاقة شمسية، كما دمرت الأحداث 600 مسجدا و 291 منشأه سياحيه وتضرر 393 موقع أثري ومعلم تاريخي.

من جانبه كشف وزير التخطيط والتعاون الدولى اليمنى الدكتور محمد السعدي، في هذا الإطار أن حجم الأضرار والخسائر التى سيتحملها الاقتصاد والمجتمع جراء الحرب تتجاوز المائة مليار دولار.

انهيار صحي !

“اليمن  على شفا موجة ثالثة من وباء الكوليرا “، هكذا لخصت منظمة الصحة العالمية المشهد الصحي المتردي في اليمن ، بعد أن شهد اليمن موجتين من وباء الكوليرا، الأولى استمرت منذ أواخر سبتمبر 2016، وحتى فبراير 2017، أما الثانية فبدأت أواخر أبريل 2017 واستمرت حتى مطلع نوفمبر من العام نفسه، وتسبب المرض حينها في قرابة المليون إصابة، وأكثر من 2000 وفاة، في أزمة وصفت بأنها الأكبر في العصر الحديث.

 

 

المؤشرات رصدت خطر الكوليرا مجددا في محافظة الحديدة وقرب العاصمة صنعاء بسبب انتشار سوء التغذية وتردي الأوضاع الإنسانية، خاصة أنه قبل أيام أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الكوليرا أودت بحياة 1500 شخص في اليمن منذ أواخر أبريل الماضي، فيما قالت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسيف” إن عدد الحالات المشتبه بها بالكوليرا خلال الأشهر الـ 13 الأخيرة تجاوز مليون حالة إصابة بينها 2300 حالة وفاة.

وكانت منظمة الصحة العالمية قالت في مايو الماضي : “إن الأمراض المزمنة وسوء التغذية والأمراض التي يمكن الوقاية منها تتسبب في مقتل العديد من الناس أكثر مما يتسبب به الرصاص أو القنابل، وأضافت في تغريدة في حسابها الرسمي على “تويتر” أنه مع “دخول أسوأ أزمة إنسانية في العالم عامها الرابع لا يزال الوضع الصحي في اليمن يسير نحو الانهيار الوشيك”.

وبحسب احصائيات أممية رسمية ، فإن أزمة التغذية سبب رئيسي في الإنهيار الصحي ، حيث يحتاج ما يقرب من 4.5 مليون شخص في اليمن، بما فيهم مليوني طفل، للخدمات الصحية المتعلقة بالوقاية من سوء التغذية أو معالجتها، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 150% منذ العام 2014،  وهناك ما يقرب من 462,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم وهم أكثر عرضة للمضاعفات الطبية المهددة للحياة مثل التهابات الجهاز التنفسي وفشل وظائف الأعضاء.

 

 

الحوثيون كذلك وثقوا الانهيار ، وقال نائب وزير الصحة في حكومة الحوثيين عبدالسلام المداني إن “العدوان السعودي” تسبب في خسائر بالقطاع الصحي تجاوزت 44 مليار ريال منها 8 مليار خسائر البناء و36 مليار خسائر التجهيزات، في وقت يحتاج فيه 21 مليون مواطن يمني إلى مساعدات إنسانية، منهم 700 ألف مصاب بالأمراض المزمنة ومليون و16 ألف مصاب بالإسهالات الحادة التي تسببت في وفاة 2236 حالة” مضيفا أن وفيات المصابين بالدفتيريا بلغت 44  حالة من أصل 439 حالة أصيبت بالمرض، في حين توفي 1200 مريض بالفشل الكلوي منذ بدء عدوان التحالف السعودي من أصل 6000 مريض، أشار إلى حاجة 95 ألف مريض للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج.

من جانبها حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من تعطل النظام الصحي في اليمن بسبب نقص الوقود ، فضلا عن أن المستشفيات تواجه صعوبات لوجستية للحفاظ على عملها بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية والوقود نتيجة الحرب والقيود المفروضة.

فقد السيادة !

ويرى مراقبون أن فقد السيادة من أكبر الخسائر اليمنية كذلك منذ تدخل التحالف السعودي الاماراتي في اليمن ، حيث ظهرت أطماع استعمارية وارادة احتلال واضحة من الدولتين ضد اليمن ، وهو ما تسبب في أزمات واسعة في حضرموت ، وسقطري ، وعدن.

لعبة الامارات والسعودية كانت فجة وفاضحة في اليمن ، ورصدتها صحيفة “إندبندنت” البريطانية مؤكدة أن “المغامرة العسكرية التي شنتها السعودية والإمارات، ضد جارتها اليمن الأكثر فقرًا والأقل استقرارًا سياسيًا ليس لها مثيل، وأنها كانت تهدف إلى إرسال إشارة حاسمة بأنها ستعارض التوسع الإيراني في عقر داره”.

 

وبحسب مراقبين فإن البعد الاقتصادي الاستعماري للسعودية والامارات ، هو الذي دفع الاخيرتين إلى إشعال الفوضى في الجنوب، بالذات في عدن، بعد تصاعد واتساع الرفض الشعبي الجنوبي للتواجد العسكري الإماراتي السعودي في محافظات الجنوب، بهدف إخضاعهم للاستجابة للوصاية الإماراتية السعودية للسيطرة على الجزر اليمنية، سقطرى وميون، وباب المندب، وبحر العرب، والبحر الأحمر، بهدف حماية مصالحها الاقتصادية في ظلّ المتغيرات القادمة في طرق حركة الملاحة الدولية؛ حيث يمتلك الجنوب موقعًا استراتيجيًا مهمًا في حركة الملاحة الدولية يؤهله في المدى القريب لأن يلعب دورًا مهمًا وأساسيًا، كشريك اقتصادي في حركة انتقال البضائع والتجارة الدولية بين مختلف قارات العالم، وهو الأمر الذي أخاف الإمارات.

سرقة النفط خصوصاً في محافظات مأرب والجوف وحضرموت، التي تمتلك أضخم الاحتياطيات النفطية، كان أحد أبرز الاهداف الاستعمارية للسعودية حتي حرضت بعض اليمنين على الحديث على ضرورة اعطاء حضرموت للسعودية مكافأة لأنها “وقفت إلى جانب الشرعية”، بالتزامن مع تحرك اماراتي فج لادارة اليمن بالوكالة وكسب اليد العليا في اليمن لتنفيذ خطة اقتصادية استعمارية واضحة لديها بحسب المراقبين ،

فشل التحالف

وفشل التحالف السعودي الاماراتي في تقديم العون لليمن على المستوي العسكري في مواجهة الانقلاب على الشرعية من جماعة الحوثي ،بحسب المراقبين ، الذين تحدثوا عن فشل عسكري متعمد لصالح ابقاء الاوضاع على ما هي عليه في اليمن دون حل خاصة بعد انحراف مسار الحرب عن أهدافها المعلنة من قبل التحالف وانشغالها بأهداف أخرى بعيدة كل البُعد عن مصلحة اليمن الذي يهدد مستقبله التقسيم والهيمنة الخارجية وإنشاء كيانات مسلحة غير حكومية تتبع قوى في التحالف تفرض هيمنتها بالقوة والمال.

 

ووفق تقدير موقف لمجموعة الأزمات الدولية فإنه “حتى وإن حققت القوات التي تقودها السعودية تقدما على ساحل البحر الأحمر، كما يبدو حاليا، فإن جبهة الحوثيين لن تنهار، وأكثر ما يمكن ان يأمل به السعوديون هو حرب عصابات طويلة في شمال اليمن حيث معاقل المتمردين وبينها صعدة”.