غراس غزوان

سقط طائر رضيع من عشه، لكنه حين سقط ، أمسك بيده الدكتور محمد البرادعي، ليسقطه في حالة من الجدل الواسع والسخرية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر والسبب “رضاعة الطيور”.
لم يكتف البرادعي الذي شغل منصبا رفيعا بعد الانقلاب العسكري، بتغريدته التي بها سقطة علمية واضحة ، والتي قال فيها: ” الأسبوع الماضى سقط طَائِر رضيع من عشه قرب مكان أقيم به فى قرية أوروبية، وبعدها قامت الدنيا ولم تقعد بين الجيران لرعايته والعناية به حتى استطاع الطيران بمفرده بعد أسبوع. تابعت كل ما جرى وخواطر عديدة تتصارع فى ذهنى: كيف وصل البعض لهذا المستوى من رقى المشاعر وأين نحن من هذا؟”.

حاول البرادعي أن يظهر “العمق” في كتابته لهذه التغريدة، إلا أنه غرق فيها، ووقع في ذلة كبيرة حين وصف الطائر بـ “الرضيع” لتكشف لرواد موقع تويتر جهله بعالم الطيور، وبدلا من أن يصحح خطأه حاول تبريره.
الناشطون دونوا تحت هاشتاج “#الطائر_الرضيع” وقال حساب د. ريحانة “عاد #البرادعي الذي يحظر نصف تويتر، يغرد بتغريداته الغريبه عن #الطائر_الرضيع والإنسان يجب أن يكون انسان. يا د. برادعي تأثرت لطائر ولم تتأثر لألف ماتوا حرقا في #رابعة والعراق؟ أما آن الآوان أن تعتذر لآلاف الشباب التي خُدعت بك كرمز ثوري؟ واسالهم هذا الذي تريدونه أن يعود ويتصدر المشهد؟”.
أما صاحبة حساب “رحاب منيعم” فقد بعثت برسالة إلى البرادعي قالت فيها “عزيزي البرادعي.. تحية طيبة وبعد.. خالتي بتسلم عليك وبتقولك أن الطيور تبيض ولا تلد ولا ترضع وبتحلفك بغلاوة الست والدتك تنقطنا بسكاتك وتخليك مع عالم ناشيونال جيوجرافيك اللي انت عايش فيه”.
لم تتوقف التغريدات الساخرة ولم يتوقف البرادعي عن الرد فأجهد نفسه لساعات طويلة بحثا عن مخرج من المأزق الذي وقع فيه مع الطائر وبدلا من الاعتذار استغرق أكثر وأكثر في البحث عن مخرج يجعله أمام الناس “العالم العلامة” و “الفاهم الفهامة”، فخرج بتغريدة جديدة أشار فيها إلى وجود بحث علمي يتحدث عن “رضاعة الطيور” وقال في تغريديته: “بحث علمى عن بعض أنواع الطيور والرضاعة. أشفق على مدى الجهل الذى يعانى منه البعض”.
بعد هذه التغريدة”المستفزة” و “المتعالية” تصاعدت موجة السخرية أكثر فأكثر فكتب “عمر فياض” تغريدة على حسابه قال فيها “البرادعي حب يكتب تغريدة عميقة فغرق، قال إنه وجد عصفور “رضيع” المهم الناس استلموه، فبدلا من التصحيح؛ تعب نفسه وخرج ببحث عن أنواع الطيور التي ترضع! السلوك النفسي الذي دفعه للبحث عن حجة واتهام الناس بالجهل لتدليلهم على خطأه، هو ذات السلوك اللي خلاه مش شايف أنه شريك في إنقلاب عسكري”.
مقارنة أخرى بين موقف البرادعي من موجة السخرية التي اجتاحت تويتر وموقفه من النظام العسكري في مصر، كتبها صاحب حساب “أحمد سامي” وقال فيها ” البرادعي ماغلطش بكلمة في السيسي برغم كل البلاوي ولما احنا قلشنا على طائر رضيع قال علينا دواب وانحطاط خلقي وغيبوبة عقلية وتصحر قيمي ده بتاع الديموقراطية يا منى وتقبل الآخر ميرسي كتير يا دوك”.
يبدو من التغريدات التي رد فيها الناشطون على الدكتور محمد برادعي أن الكثير من الشباب الثائر كانوا يحلمون بأن يقوم البرادعي بدور في الخروج من الأزمة الراهنة التي جعلت مصر في مؤخرة دول العالم في المؤشرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية وغيرها من المؤشرات.
وظن الكثير أن البرادعي تعلم درسا كبيرا من الخطأ الذي وقع فيه خلال عام 2013 حين وقف في صف الانقلاب العسكري ضد أول تجربة ديمقراطية وليدة في مصر، لتخرج مصر لأول مرة من دائرة الحكم العسكري، لكنها لم تدم أكثر من عام واحد.
كما أن البرادعي لم يجهد نفسه بإعلان موقفه من أي مبادرة من المبادرات التي طرحت مؤخرا لكنه أجهد نفسه في البحث عن حل ل”إرضاع الطيور” ، ما جعل كثير من المراقبين يتساءل عن الدور الذي يفترض أن يلعبه رجل بثقل الدكتور محمد البرادعي في ظل الأزمة الحالية.
ربما خيب البرادعي آمال الكثير من الجماهير التي ناصرته خلال العقد الأخير وظنت فيه مخرجا لمصر من هيمنة العسكر واكتفى بالحديث مع العالم عبر “تويتر” والتركيز على الموضوعات التافهة التي لا تجدي نفعا.
وفي النهاية هل سيظل البرادعي حبيس “تويتر” يبحث عن “رضعة” لطائر مكسور الجناح؟ ، أم أنه سيعمل -مع أبناء وطنه- على الوصول إلى حل لبلد كُسِر قلبه وضاعت هيبته وقتل شبابه وشُردت أطفاله ؟ .