كتب- باسم الشجاعي:
يومًا بعد الآخر يتسع الدور التخريبي لدولة الإمارات في المنطقة، ويتعاظم دورها العدواني بحق تركيا ورئيسها “رجب طيب أردوغان”.
وعلى غرار ما حدث مع قطر وحصارها ومحاولة الاضرار بالعملة المحلية لها، تورطت الإمارات مع الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الاقتصادية التي تشنها على تركيا، وذلك بحسب ما كشف المغرد الإماراتي الشهير على تويتر “بوغانم”.
“بوغانم”، قال -في تغريدة له على موقع “تويتر”- إن “ولي عهد أبو ظبي “محمد بن زايد” قام بإيصال رسالة شفهية للرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” يعلمه فيها استعداد الإمارات استثمار مبلغ 3 مليارات دولار في تركيا مقابل الإفراج عن القس الأمريكي “أندرو برانسون”، وهو ما رفضه الرئيس التركي”.
تغريدة “بوغانم” التي كشفت انحياز الإمارات للجانب الأمريكي تأتي بعد أيام من التوتر الشديد في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، والتي أخذت منحى سيء عندما أمرت محكمة تركية بالابقاء على القس “برونسون”، في السجن بعد عامين من اعتقاله بتهم “الإرهاب”.
وفي وقت لاحق، طالب “ترامب”، تركيا بالافراج عن القس “فورا”، محذرا من أن الولايات المتحدة مستعدة لفرض “عقوبات هائلة على تركيا”.
وفي 10 أغسطس الجاري، أعلن “ترامب” مضاعفة الرسوم على واردات بلاده من الفولاذ والألمنيوم التركيين إلى 50% و20% على التوالي، وغرد على “تويتر” قائلا: “علاقاتنا مع تركيا ليست جيدة في هذا الوقت”.
وبعد ذلك، انخفض سعر الليرة، وخسرت 16% من قيمتها مقابل الدولار في يوم واحد.
ولكن بعدها بأيام حققت الليرة تقدما كبيرا أمام الدولار بعد التراجع الكبير الذي شهدته، بفعل التلاعب والمضاربات التي تقودها الولايات المتحدة بسبب الخلافات السياسية بين البلدين.
وارتفعت الليرة التركية بنسبة وصلت إلى 6% ووصل سعر صرف الليرة أمام الدولار إلى 6.43 للدولار الواحد.
لماذا رفض “أردوغان” عرض “ابن زايد”؟
وعلى الرغم من أن تركيا كانت في حاجة للدعم المادي وقتها، إلا أن العرض الذي قدمه “ابن زايد”، لم يرى أي قبول لدى الرئيس التركي.
ولعل الرفض التركي للعرض الإماراتي يأتي لعدة أسباب؛ أولها أن الأمر لم يتخطى كونه محاولة لكسب موقف أمام الإدارة الأمريكية، وليس حبا في تركيا، أو دعما للاقتصاد، وخاصة أن المبلغ “ضيئل”.
الأمر الآخر هو أن الإمارات متورطة فعيا في محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 من يوليو 2017؛ حيث سبق وأن كشفت صحيفة “ديلي صباح” أن أبوظبي انفقت ما يزيد عن 3 مليارات دولار للإطاحة بـ”أردوغان” والحكومة في تركيا.
كما أظهرت تسريبات البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن “يوسف العتيبة”، بينه وبين صحفي أمريكي في صحيفة “نيويورك تايمز”، في إبريل من العام 2017، قال فيه الأول: “لا نريد لتركيا كما قطر أن تكون قادرة على تشكيل قائمة طعام فضلاً عن القدرة على إدارة الملفات في الإقليم”، وهو ما اعتبره محللون، دليلا على تورط أبو ظبي في محاولة الانقلاب الفاشل بتركيا.
واستمرارا على نهجها العدائي، عمدت الإمارات لأخذ موقف مغاير لموقف أنقرة في استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق؛ والذي يعتبر تهديدا لأمن تركيا القومي.
ولم تخف الإمارات دعمها الكامل لانفصال إقليم كردستان عن العراق وتعهدت بتمويل الاستفتاء؛ حيث أفصحت مصادر كردية عن دور القنصل الإماراتي في أربيل “رشيد المنصوري” وسفير الإمارات في بغداد “حسن الشحي”، في دعم “مسعود البرزاني” وعائلته ودعم مشروع الانفصال من خلال أموال تقدمها الإمارات في هيئة مساعدات للحكومة، كما وقعت إدارة الإقليم مذكرة تفاهم مع رئيس مركز الإمارات للسياسات “ابتسام الكتبي” تساعد الإمارات بموجبه في تنظيم الاستفتاء.
ضف إلى ذلك الحملة التي شنتها الإمارات، بالتزامن مع الانتخابات التركية المبكرة التي أجريت في النصف الأول من العام الجاري؛ حيث سخرت أبوظبي وسائل الإعلام و”الذباب الإلكتروني” عبر موقع “تويتر” في حملات طالبت بمقاطعة السياحة والسفر إلى تركيا، في محاولة لضرب اقتصاد أنقرة.
ما سبب العداء الإماراتي؟
العداء الإماراتي لتركيا دائما ما يثير الكثير من التساؤلات حول أسبابه، بالرغم من أنها تبعد عنها آلاف الأميال، ولعل السبب الرئسي وراء ذلك الكره دعم أنقرة للربيع العربي والإسلام السياسي، وفي المقدمة منه جماعة الإخوان المسلمين.
والمراقب لسياسيات الإمارات يعلم جيدا بأنها تبني عقيدتها في الحكم على عداء الحركة السياسية الإسلامية الأكبر في العالم.
ويرى الأكاديمي الإماراتي“يوسف خليفة اليوسف”، أن “العداء الذي تكنه بعض الحكومات العربية في منطقة الخليج للتيار السني الوسطي يأتي بسبب كونه مقبول بين الشعوب، كما أنها تعادي تركيا لأنها تمثل نموذجا سنيا يقوم على الحرية ورفض الاستبداد”.
كما أن الإمارات تحاول لعب دور إقليمي أكبر من حجمها؛ وتراهن في ذلك على أمرين، والذي حددهما الكاتب والباحث الفلسطيني المقيم في واشنطن “أسامة أبو ارشيد“، في مقال حمل عنوان: “سياسات الإمارات التخريبية.. لماذا؟”.
الأمر الأول، يرجع لثراؤها، والذي تشتري به ذمما كثيرة ووكلاء وجنودا لها، كما مرتزقة “بلاك ووتر” الأميركية، فلا تملك الإمارات، من دون مرتزقة، القوة البشرية اللازمة لنشر الخراب في المنطقة، ولا حتى لحماية كراسي حكامها، خصوصا وهي تتنطح اليوم ضد دولتين إقليميتين كبريين، تركيا وإيران. ا
أما الأمر الثاني، يتمثل بمماهاة سياساتها مع السياسات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة، والتحوّل إلى خادم لترسيخ أجندتهما.
لو تناقضت السياسات الإماراتية مع الأجندة الأميركية والإسرائيلية لما أمكن لها أن تقوم بمعشار ما تقوم به، حتى مع وجود مرتزقتها، وحتى لو كانت السعودية معها على الخط نفسه.
اضف تعليقا