العدسة – ياسين وجدي:

اهتمام وترقب كبيران ، حظي بهما تهديد دونالد ترامب الرئيس الأمريكي حتى وقت كتابة هذه السطور ، عندما قال  أن قرار عزله سيؤدي بالأمريكان إلى الفقر ويهدد الاقتصاد الأمريكي في مفارقة جديدة على الدولة الأمريكية العتيقة .

“العدسة ” يسلط الضوء من زواية مختلفة عن أهم 5 مكاسب للامريكان والعالم العربي والغربي في حال تمرير القرار بعزل ترامب وفق السيناريوهات المطروحة.

من أبرز المكاسب التي يحققها المجتمع الامريكي الحفاظ علي الصورة الذهنية للبلاد ، فهي بحسب المراقبين على المحك حيث ساهم دور ترامب في التلاعب بالانتخابات الامريكية في تهديد الصورة الذهنية للديمقراطية الامريكية ، وهو ما ترتب عليه اتخاذ اجراءات عديدة مست مصالح الولايات المتحدة نفسها.

محامي ترامب ، سهل الطريق على المجتمع الامريكي لتحسين صورته ، حيث كشف تحت القسم أنه تحرك بتعليمات منه بهدف “التأثير على الانتخابات” الأمريكية، وأقر في محكمة في نيويورك الثلاثاء بتهم تضمنت تسديد مبالغ بشكل غير قانوني في الحملة الانتخابية بالتزامن مع إدانَة المحكمة لبول مانفورت، رئيس حملة انتخاباته السَّابِق، بالاحتيال الضَّريبيّ والمَصرفيّ، والتَّورُّط في 12 قضيّة على الأقَل.

وكشف المحامي مايكل كوهين عن أن ترامب كان متواطئا معه في ذلك، كما اعترف كوهين بأنه دفع مبلغي 130 و150 ألف دولار لامرأتين تقولان إنهما أقامتا علاقة جنسية مع ترامب لقاء التزامهما الصمت، مؤكدا أن ذلك تم بطلب من المرشح ترامب وكان الهدف تفادي انتشار معلومات كانت ستسيء إليه كمرشح .

عمليا استطلاعات للرأي العام في أمريكا تتوافق على مناهضة ترامب ، وأظهر استطلاع للرأي العام عقب قمة الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي، أن ما يزيد عن نصف سكان الولايات المتحدة” 55 في المائة” لا يرحبون بأسلوب تعامل ترامب مع روسيا.

ووفقا لنتائج استطلاعات الرأي نشرتها صحيفة “يو إس إيه توداي” فإن ما يقرب من نصف الشعب الأمريكي لديهم اعتقاد قوي بأن دونالد ترامب لن يستطيع أن يكمل فترته الرئاسية التي تمتد لمدة اربع سنوات.

وحسب أستطلاع آخر، أجرته محطة ABC وصحيفة واشنطن بوست، فلقد حصل أداء ترامب بعد ستة أشهر من وصوله إلى البيت الأبيض على تأييد 36% من الأمريكيين، وهي أدنى نسبة ينالها رئيس أمريكي خلال سبعة عقود، في حين قال 58% من الأميركيين إنهم يعارضون سياسات الرئيس .

الاطاحة بخطر عالمي!

مراقبون بارزون يرون أن الاطاحة بترامب في هذا الاوقات ، فرصة لاستعادة الامن العالمي ، ووقف التهديدات المستمرة للديمقراطية والسلم الداخلي والخارجي .

الكاتب العربي الكبير عبد الباري عطوان قال في مقال له عقب شهادة محامي ترامب :” نَعتَرِف بأنّنا نَتحرَّق شَوقًا للإطاحةِ بهذا الرئيس الأمريكيّ العُنصريّ الكارِه لنا كعَربٍ ومُسلمين، ونَنتَظِر اليوم الذي يَخرُج فيه من البيت الأبيض ورَهطِه مُهانًا مَذلولاً وبقُوَّة القانون، لأنّ وجوده يعني زَعزَعَة أمن العالم واستقرارِه بإغراقِه في حُروبٍ وصِراعات مُدَمِّرة، وخاصَّةً في مِنطَقَة الشرق الأوسط” .

 

الناقد الأمريكي الشهير “نعوم تشومسكي” كان حذر مبكرا من التهديد النظامي الذي قد يسببه فوز «دونالد ترامب» بالرئاسة الأمريكية، بداية من حقوق الإنسان ومرورا بالبيئة والمناخ، مؤكدا أن الجنس البشرى بأكمله في خطر، وهو ما يرى مراقبون كثيرون حدوثه منذ تولي ترامب الرئاسة ، ومنه دعمه الانظمة القمعية وانسحابه من الاتفاق النووي الايراني وتلاعبه بدور الولايات المتحدة في اتفاقية المناخ.

آل جرين (Al Green) ممثل الحزب الديموقراطي عن ولاية تكساس، قدم شهادة قوية في هذا السياق عندما سعي في وقت مبكر بعد انتخاب ترامب بطلب سحب الثقة من ترامب، حيث عدد جرين في شهادته العديد من مخاطر بقاء ترامب في منصبه بقوله : “إنّ دونالد جون ترامب جلب بتصريحاته الازدراء والسخرية والعار لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وزرع الخلاف بين طوائف الشعب الأمريكي؛ وبهذا يثبت أنه غير قادر على أن يكون الرئيس، وقد خان ثقة الشعب الأمريكي به، وتسبب في أذى جلي لشعب الولايات المتحدة، كما أنه ارتكب مخالفات كبيرة في البيت الأبيض”.

 وقف صفقة القرن !

يراهن الصهاينة علي وجود ترامب في استمرار نزيف القضية الفلسطينية ، وبخاصة ابرام صفقة القرن التي تعرف على نطاق واسع بأنها انهاء للقضية الفلسطينية ، ولهذا يراهن كثيرون من العرب والمسلمين على عزله لوقف استهداف الثوابت العربية في القدس وفلسطين.

 

المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، سامي أبو زهري، كشف في هذا السياق عن أن “هناك محاولة إسرائيلية لاستغلال وصول تيار متصهين إلى قيادة الإدارة الأمريكية من أجل تصفية القضية الفلسطينية”، مؤكدا أن الهدف الحقيقي من وراء صفقة القرن من طرف الإدارة الأمريكية هو “محو فلسطين” وأن “الشعب الفلسطيني مدرك لخطورة هذا المخطط، ومجمع على رفض صفقة دونالد ترامب”.

ووفق  صحيفة “ذا هيل” الأمريكية أن شعبية الرئيس دونالد ترامب في إسرائيل، كبيرة ، موضحة أن استطلاعات الرأي في الأراضي المحتلة أوضحت أن الصهاينة يعتقدون أن مصالح “إسرائيل” تتصدر قائمة أولويات ترامب، وأنه أصبح أكثر الشخصيات شعبية في إسرائيل، وبات في كل مكان هناك، حيث انتشرت ملصقات تؤيده على الجدران والأعمدة حول القدس الغربية، وهو ما ترجمه دونالد ترامب بقوله أن العلاقات بين بلاده وإسرائيل هي “أفضل من أي وقت مضى”.

كسب الاتحاد الاوروبي !

ومن أبرز المستفيدين من عزل ترامب كذلك بجانب استفادة الشعبين الامريكي والعربي ، الاتحاد الاوروبي ، الذي شهد مواجهة متصاعدة من الرئيس الامريكي ضد اعضائه منذ وصوله لسدة القرار ، واسفر مؤخرا عما سمي بالحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بعد فرض رسوم ضريبية على استيراد بعض البضائع من دول أوروبا، واتهامه الدول الأعضاء فى الناتو بعدم الإيفاء بالتزاماتها المالية لدعم الحلف.

 

رئيس المجلس الأوروبى، دونالد توسك، انتقد في وقت سابق مسلك ترامب ، قائلا :” الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة أفضل صديقين ومن يعتبرهما خصمين ينشر أخبارا مزيفة”  فى إشارة إلى تصريحات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب التي اعلن فيها اعتباره الاتحاد الأوروبي، وروسيا والصين، “خصوما” للولايات المتحدة.

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكدت كذلك أن الأوروبيين لا يرغبون في دخول حرب تجارية مع الولايات المتحدة ولكن الاتحاد الأوروبي سيرد بشكل مناسب على الإجراءات الأمريكية خاصة أنه حاول وحتى آخر لحظة من تجنب مواجهة تجارية بينه وبين الولايات المتحدة، إلا أن كل الجهود بات بالفشل على ما يبدو.

وسقط دونالد ترامب في حرب كلامية مؤخرا ضد الاتحاد الاوروبي وزعم أن واشنطن تتحمل 91 % من تكلفة أمن أوروبا، في اجهاض كامل للاستراتيجية الامريكية القديمة التي تؤكد أن “اوروبا أولا” بالنسبة للامريكان، وهو مايعني أن عزله هو تصحيح أمريكي لأخطاء ترامب مع الاتحاد الاوروبي.

انقاذ الاتفاقيات !

ومن ابرز المكاسب التي قد يحققها عزل ترامب عالميا ، انقاذ الاتفاقيات من تهور ترامب المستمر بحسب المراقبين ، وفي مقدمتها اتفاقتي المناخ والتعاون النووي مع ايران فضلا عن تصحيح العلاقة الامريكية مع المؤسسات الدولية .

وبحسب مراقبين فإن تصحيح انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران واتفاقية المناخ قد يساهم في مواجهة نقطتي عزلة كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية فضلا عن وقف تصعيد الغضب ضدها في أكثر من مكان.

 

ووفق تقدير موقف حديث من مركز المستقبل للدراسات والابحاث فإنه منذ  أن اعتمد  ترامب شعار “أمريكا أولا” وهذا الشعار وضع الولايات المتحدة في موقف متناقض مع العديد من المنظمات والاتفاقيات الدولية والمتعددة الأطراف التي يرى ترامب أنها تمثل قيودا على سيادة الولايات المتحدة، ويتم استغلالها من قبل أطراف أخرى ضد مصلحتها، ما جعل الشكوك تزيد حول أمريكا في عهد “ترامب ومدى جدية تواجدها في الإطارات الدولية.

وقد تساهم تصحيحات تداعيات الخروج من الاتفاق النووي مع ايران على استعادة مصداقية الولايات المتحدة نفسها في عقد الاتفاقات ، ووقف جر البيت الأبيض إلي مواجهة مفتوحة مع ايران ، اثارت انتقاد اقرب المتحالفين معه ، وهو ما رصده مراقبون موالون للبيت الأبيض مؤكدين أن قرار ترامب “يصب فى مصلحة المتشددين في طهران مع ابتزاز أوروبا لانتزاع امتيازات اقتصادية”.