العدسة: محمد العربي
أعادت أزمة اللاعب المصري المحترف بنادي ليفربول الإنجليزي محمد صلاح مع مجلس إدارة اتحاد الكرة المصري، فتح ملف فضيحة مصر بنهائيات كأس العالم التي جرت في روسيا منذ أسابيع، إلا أن الأزمة هذه المرة أثارت العديد من التساؤلات حول أسباب موقف اللاعب الدولي، وهل المطالب التي دعا صلاح الاتحاد بتنفيذها قبل مشاركته في معسكر المنتخب المصري المقبل، تمثل تطورا في طبيعة تعامل اللاعب مع منتخب بلاده، خاصة بعد اعتراض ناديه الإنجليزي علي موعد استدعاء اللاعب لمعسكر المنتخب.
ولماذا تعامل مجلس اتحاد الكرة مع مطالب صلاح باعتبارها أوامر لا يمكن الاستجابة بها، متهمين اللاعب بأن الغرور أصبح مرادفا له، بعد تألقه مع ناديه الإنجليزي، وهل التعاطف الشعبي والإعلامي مع صلاح ناتج عن قناعة حقيقية بمطالبه، أم أنها نتيجة رفض تصرفات الاتحاد الذي تعامل مع هزائم المنتخب في كأس العالم بعدم اللامبالاة.
احترافية أم عشوائية
طبقا لتناول العديد من النقاد الرياضيين فإن صلاح تعامل مع مجلس الإدارة بشكل محترف، وبالتالي فإن ما مطالبه معمول بها في معظم المنتخبات المحترفة الأخري، وان اعتراض اتحاد الكرة ما هو إلا محاولة لـ “العكنكنة” علي اللاعب الذي شهدت علاقاته تأزما مع اتحاد الكرة قبل واثناء وبعد نهائيات كأس العالم، وبالتالي فإن صلاح تعامل باحترافية في الوقت الذي تعامل الاتحاد مع اللاعب ومطالبه بعشوائية.
ورغم التعاطف الكبير الذي حظي به صلاح خلال الساعات الماضية إلا أن فريقا أخرا تحدث هامسا بأنه كان يجب علي اللاعب الدولي أن يكون منطقيا في طلباته فهو في النهاية لاعبا ضمن مجموعة من اللاعبين حتي ولو كان أكثرهم شهرة وتألقا، ويري هذا الفريق أن اتحاد الكرة هو سبب الأزمة وأنه أراد استغلال مطالب صلاح لتشويه صورته وإظهاره بالتكبر والغرور، وهو ما كان يجب علي صلاح أن يفطن إليه خاصة وأنه يتعامل مع مجموعة من الفاسدين الذي يرفضون تحقيق نجاح بعيدا عن منظومتهم، وبالتالي فإن اللاعب من حقه أن يتعامل مع اتحاد بلاده ولكن كان عليه ألا يورط نفسه في مثل هذه المشكلات خاصة في ظل مطالب وكيل أعماله مجلس اتحاد الكرة بالاستقالة إذا لم يتم تنفيذ مطالب اللاعب الدولي الشهير.
نقطة نظام
وبين هذا الرأي وذاك، برز رأي ثالث ربما كان أكثر عقلانية، دعا أصحابه جميع أطراف الأزمة بالتعامل مع الموضوع من خلال واللوائح والقوانين المنظمة لعلاقة اللاعب باتحاد بلاده والعكس، وأن لجوء كل طرف من أطراف الأزمة لوسائل الإعلام في عرض وجهة نظره ما هو إلا محاولة لتجييش الرأي العام لصالح طرف علي حساب طرف آخر، وهي في النهاية تكاد تكون محسومة لصالح اللاعب الذي يتمتع بشعبية كبيرة ليست في مصر وحدها بل وعلي مستوي العالم كله.
ويمثل هذا الفريق الناقد الرياضي والكاتب الصحفي الشهير حسن المستكاوي الذي دعا في مقال له الاثنين 27 أغسطس الجاري بجريدة الشروق جميع الأطراف بالابتعاد عن وسائل الإعلام لحل الخلاف الدائر، مؤكدا أن هناك كم هائل من التعاطف مع صلاح، مشيرا إلي أنه لاعب محترف من واقع تجاربه، بينما اتحاد الكرة يعانى من غياب الاحتراف من واقع قرارات صدرت عنه، وخروج الخلافات فى الرأى والرؤى بين أعضاءه للنور ووسائل الإعلام، مؤكدا أن صلاح وباعتباره لاعبا محترفا وصاحب عقلية احترافية، كان يجب عليه أن يدرك أن المخاطبات الرسمية للاعبين مع اتحاداتهم تكون عبر القنوات الرسمية، سواء إيميل الاتحاد أو خطاب رسمى بتوقيعه، وبالمثل يجب أن يرد الاتحاد على ما يتعرض له أحد لاعبى المنتخب من مشكلات بصورة رسمية تفيد بما يحفظ حقه أو بتوضيح ما له وما عليه من التزامات وحقوق، وبالتالي ليس صحيحا أن التغريدات وسيلة خطاب رسمية.
البحث عن مخرج
ووفقا لتطور الأحداث فإن اتحاد الكرة المصري وجد نفسه في مأزق مع الجماهير التي تعاطفت مع صلاح بشكل غير مسبوق، خاصة بعد الكلمة المتلفزة التي بثها اللاعب عبر حساباته علي مواقع التواصل الإجتماعي، ورد فيها علي ما جاء في المؤتمر الصحفي لاتحاد الكرة، وهو الفيديو الذي دعا شخصيات سياسية وبرلمانية لمعاقبة اتحاد الكرة، بسبب تصرفاته غير المسئولة، وطالب رئيس لجنة العلاقات الخارجية والشئون الدولية بالبرلمان المصري النائب طارق رضوان الاتحاد بالاستقالة، مؤكدا في بيان رسمي وصل “العدسة” نسخة منه أن اتحاد الكرة المصري الذي يستمد حصانته وقوته من الاتحاد الدولي لكرة القدم (fifa )، أصبح عبئًا ليس فقط على محمد صلاح بل على الدولة بالكامل، وأن الفشل المدوي الذي تعامل به الاتحاد في إدارة ملف مصر بكأس العالم، ما هو إلا انعكاس بسيط لحالة من التردي الإداري الذي وصلنا إليه.
وتساءل المسئول البرلماني قائلا “هل يستقيم التعامل مع ملف محمد صلاح بصفة خاصة وملف كأس العالم بصفة عامة بهذه الطريقة، والتي لا ترتقي إلا لمستوى الردح”.
وأمام هذا الهجوم وتزايد الحديث عن تدخل وزير الشباب والرياضة لحل الأزمة، لم يجد اتحاد الكرة إلا التراجع خطوات للوراء، وبدأوا في البحث عن مخرج من المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه، وبالفعل وجودوا المخرج في رامي عباس محامي ووكيل أعمال صلاح، والذي حمله الاتحاد مسئولية التوتر نتيجة طريقته الاستفزازية في مخاطبة الاتحاد، وانه سبب الوقيعة بين الاتحاد واللاعب.
وطبقا لعديد من الصحف المصرية فإن المراسلات التي سربها اتحاد الكرة لوكيل صلاح، اشتملت علي لغة تهديد واضحة تجاه الاتحاد وأنه خيَّر أعضاءه بين الاستجابة لمطالب صلاح أو تقديم استقالتهم، واعتبروا أن ذلك ليس من حق الوكيل أو اللاعب نفسه، مؤكدين في الوقت نفسه أن هناك توتر في العلاقة بين رئيس الاتحاد هاني أبو ريدة ووكيل صلاح بعد أزمة صورة اللاعب الشهيرة علي طائرة المنتخب في كأس العالم.
وأكد إعلاميون قريبون من أبو ريدة ان رئيس وأعضاء الاتحاد طالبوا صلاح بمعاقبة محاميه بسبب لهجته الحادة، إلا أن صلاح تنصل من الأمر وطلب إبقاءه بعيدا عن المشاكل والأزمات.
وهو ما دفع بعضو مجلس الاتحاد مجدي عبد الغني لشن هجوما عبر حسابه بتويتر وخلال العديد من المداخلات التليفزيونية، ضد وكيل أعمال صلاح وقال له اللفظ الشهير للرئيس الليبي السابق معمر القذافي ” من أنت .. حتي تطالب اتحاد الكرة بالاستقالة”.
تساؤلات إنجليزية
من جانبها انشغلت الصحافة الإنجليزية بأزمة صلاح مع اتحاد الكرة، ووجهت العديد من الصحف تساؤلات عن مصير هذه الأزمة وهل يمكن أن تدفع باللاعب للاعتزال الدولي، حفاظا علي حقوقه الإعلانية، وأشارت وكالة رويترز أن الأزمة ليست وليدة اللحظة حيث سبق لصلاح أن اعترض على استخدام صورته دون الحصول على إذن شخصي منه.
بينما ألمحت صحيفة ذا صن لاحتمالية اعتزال صلاح اللعب الدولي إذا لم يتم حل خلافاته مع اتحاد الكرة المصري، خاصة قبل مباراة مصر مع النيجر بتصفيات كأس الأمم الافريقية المقبلة وهي المباراة التي تجري مطلع سبتمبر المقبل.
وأعادت صحيفة جارديان الحديث عن أزمة صلاح مع اتحاد الكرة بعد نشر صورته علي الطائرة التي كانت تقل الفريق في نهائيات كأس العالم ضمن إعلان لشركة اتصالات محلية مملوكة للدولة، ولفتت الصحيفة أن هناك شكوكا بدأت تحيط باستمرار اللاعب ضمن منتخب بلاده، بينما توقعت صحيفة فوكس سبورتس بأن صلاح ربما يرفض اللعب خلال مباراة النيجر القادمة بسبب خلافاته مع اتحاد الكرة.
اضف تعليقا