العدسة –ياسين وجدي:
ما يزيد عن 12 عاما من الحصار الصهيوني لقطاع غزة ، عززه فرض الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس عقوبات على القطاع منذ أبريل 2017 ، ولكن لم تنجح العقوبات حتى تاريخه فيما فشل فيها الاحتلال وفق مراقبين.
“العدسة” يرصد ملامح فشل العقوبات في تنفيذ المراد منها بحسب المعلن من فريق “عباس”، والتي أدت إلى تعرية ابومازن أمام جماهير الشعب الفلسطيني في نهاية المطاف، وتأكيد أن “غزة” لا تركع.
فشل كبير !
ووفق مراقبين فإن أبرز الضربات التي قوضت فعالية العقوبات التي أصدرها الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس ضد القطاع ، وقوف مبررات واهية وراءها كشفته أمام جماهير القطاع .
“عباس” حاول في البداية القاء الكرة في ملعب حماس ، منذ بدء العقوبات في أبريل 2017، ولكن ردت الحركة الكرة إليه سريعا ، حيث ربط تلك الإجراءات بحل حركة حماس للجنتها الإدارية في غزة، فردت حماس بالمبادرة لحلها استجابة للرعاية المصرية والبدء في خطوات متقدمة نحو المصالحة كان منها تسليم الوزارات والمعابر لحكومة التوافق الوطني، وعودة موظفين مستنكفين للعمل.
أطراف عدة وعلى رأسها مصر خسرهم “عباس” ، عندما أعربوا عن استغرابهم من تعنت أبومازن ، وإصراره على إفشال جهود المصالحة بالعقوبات ، وهو ما أكده د حماد الرقب القيادي في حركة “حماس” الذي شدد على أن الحركة قدمت مرونة كبيرة نحو تحقيق المصالحة والكثير من التنازلات في جميع الملفات لأجل التوصل الي إنهاء الانقسام الفلسطيني ، إلا أن “ابو مازن” ما زال مٌصٍر على موقفه العدائي ضد غزة في محاولة لتجويع سكان غزة والنيل من المقاومة .
لم تفلح اللعبة ، هكذا ، فاتجه فريق رام الله إلى مزاعم جديدة ، حيث برر “عباس” العقوبات بأنها “من أجل المحافظة على المشروع الوطني والمصلحة الوطنية العليا” ولم يوضح أكثر من ذلك متجاهلا الإجماع الشعبي والفصائلي على رفض العقوبات والتحذير الأممي من تأثيرها على مجمل الحياة بالقطاع بالتزامن مع شن الأذرع الإعلامية لحركة فتح والسلطة في رام الله حملة ضد قطاع غزة تزعم خلالها أن رئيسها أبو مازن لا يفرض أي عقوبات على القطاع المحاصر، بل يصرف أكثر من نصف ميزانية السلطة عليه، في تناقض كبير.
وسقطت كل المبررات عمليا منذ أبريل الماضي مع مساس العقوبات بالجماهير ، ومنها : تقليص كمية الكهرباء، وخصم نحو نصف رواتب موظفي السلطة، وإحالات للتقاعد بالجملة، فضلاً عن تقليص التحويلات الطبية للمرضى ، مع منع التحويلات المالية كافة الى البنوك في قطاع غزة ، ومنع التجار من الخروج والدخول إلى غزة ،بالاضافة الى خصومات على الرواتب وضرائب جديدة ،و ايقاف دخول المساعدات والبضائع نهائياً،ومنع صدور جوازات السفر لاهالي القطاع.
حركة المقاومة الإسلامية حماس، أعلنت النتيجة وحسمت موقف القطاع ، مؤكدة أن “محمود عباس” لن ينجح فيما فشل فيه الاحتلال بتركيع غزة، مشددة على أنه من المعيب ان ينهي حياته السياسية بتمزيق الصف الوطني والشراكة مع الاحتلال في خنق غزة.
كسر قواعد اللعبة
حرصت فصائل المقاومة ، على التهديد بكسر قواعد اللعبة ، ووضع “عباس” في مواجهة الاحتلال مباشرة اذا استمرت العقوبات، وهو ما دفع إلى ضغوط كثيرة لتقويض عقوبات “عباس” عمليا .
القيادي بحركة حماس، سامي أبو زهري أطلق بالون الاختبار ، وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي هو من سيدفع الثمن، في حال استمرار العقوبات على غزة، أو زيادتها من طرف محمود عباس، مشددا على أن الاحتلال هو المسؤول عن إنهاء هذا الوضع الذي تم بتنسيقه وتشجيعه.
الاثر جاء سريعا ، حيث كشف الموقع الإلكتروني العبري “واللا“، نقلا عن مصادره عن أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية، استشعرت خطر عقوبات “عباس” على الكيان الصهيوني بالت ، وعرضت على وزير العدوان الصهيوني أفيجدور ليبرمان، خلال جلسة تقدير موقف أمني أسبوعي مؤخرا.
الموقع الإلكتروني أكد أن قيادة الجيش الصهيوني ، تعتقد أنه وفي أعقاب قرارات وعقوبات أبو مازن الجديدة، قد تلجأ “حماس” إلى كسر قواعد اللعبة، والتوجه الى جولة صراع جديدة.
عمليا على الأرض ، يحذر المراقبون أن استمرار العقوبات قد يدفع الجماهير إلى كسر قواعد الصراع ، مع استمرار مزيد من العقوبات حيث ستتوقف الحركة الشرائية في أسواق غزة ما يدفع إلى انهيار اقتصادي كامل مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة لدرجات غير مسبوقة نتيجة الحصار الصهيوني وعقوبات السلطة معا ، فضلا عن ضرب الجهود الرامية لتحقيق المصالحة الوطنية.
وبحسب المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان فإن شعب غزة دفع ضريبة غالية على مدار 12 عاما، في مواجهة الحصار الصهيوني نتيجة أزمات إنسانية متكررة نتيجة لتقييد حركة السكان ونقص الأدوية والمعدات الطبية وقلة الوقود، إضافة إلى القيود المفروضة على دخول مواد البناء الأساسية.
قواعد اللعبة قد تتغير بيد حماس بطريقة أخرى ، حيث هدد القيادي البارز في حركة “حماس”، محمود الزهار، باتخاذ خطوات ضد “عباس ” في حال أصر على عقوباته المفروضة على غزة وأفشل جهود المصالحة، مؤكدا أنه “إذا لم يرغب عباس في أن يسير بهذا المسار فمن السهل تجاوزه، أموال المقاصة التي تأخذها سلطته ولا يدفعها لأصحابها ستدفع لغزة”
وتعتمد موازنة السلطة بشكلٍ أساسي على أموال المقاصة (المبلغ المتحصل من الجمارك، وضرائب القيمة المضافة على البضائع المستوردة، التي تكون جهتها النهائية قطاع غزة)، إذ توفر لخزينة السلطة من 80-100 مليون دولار شهرياً، وهو ما يشكل قرابة ملياري دولار في السنة (ما نسبته 60% من ميزانية السلطة السنوية).
الرفض الواسع !
الحراك العالمي ضد عقوبات السلطة علي غزة ، ساهم في سقوط الاقنعة عن “عباس” وقوض فاعلية العقوبات ضد غزة بحسب مراقبيين ، وهو ما لافتت له حركة حماس بقولها ان “الحراك العالمي ضد عقوبات السلطة علي غزة دليل علي أن سياسة الخداع والتضليل التي تمارسها قيادة فتح والسلطة لم تعد تقنع أحداً “.
هذا الحراك أبرزه تحذير المنسق الإنساني الأممي في الأراضي الفلسطينية المحتلة جيمي ماكجولدريك، الاربعاء 5 سبتمبر ، من أن “الوضع في غزة يبعث على اليأس”، مؤكدا قرب نفاد ما تبقّى من مخزون وقود الطوارئ للمنشآت الحيوية في قطاع غزة، والذي يوزَّع من خلال برنامج وقود الطوارئ الذي تيسِّره الأمم المتحدة، كما بعث ماكغولدريك برسالة إلى مجتمع المانحين، يطلب دعما فوريا للبرنامج، والذي يؤمِّن وقود الطوارئ “المنقِذ للحياة” لتشغيل مولدات الكهرباء الاحتياطية في حالات الطوارئ بالمراكز الصحية الحيوية، ومنشآت المياه والصرف الصحي في غزة، وهي التحذيرات التي أسقطت ورقة التوت عن عقوبات “عباس”.
فصائل المقاومة، برزت في واجهة الرفض الواسع في مواجهة محمود عباس حيث حذرت من استمرار اتخاذ أي إجراءات عقابية ضد قطاع غزة، تدفع لانفصال الضفة الغربية وتزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن المستهدف من هذه العقوبات هو رأس المقاومة وليس فصيلاً بعينه، وإفشال مسيرة العودة، كما تمثل “رصاصة الرحمة على المصالحة الفلسطينية وخدمة مجانية للاحتلال”.
اضف تعليقا